أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 42 - صـ 252

جلسة 6 من فبراير سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي اسحق وفتحي خليفة وسرى صيام نواب رئيس المحكمة وأحمد عبد الباري.

(34)
الطعن رقم 11681 لسنة 59 القضائية

(1) وكالة. محاماة. إثبات "إقرار". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم جواز تصدي المحكمة لعلاقة الخصوم بوكلائهم. إلا إذا أنكر صاحب الشأن وكالة وكيله. علة ذلك؟
صحة مباشرة المحامي للإجراء قبل استصدار توكيل ممن كلفه بالعمل. ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.
الإقرار اللاحق في حكم التوكيل السابق.
(2) إثبات "أوراق رسمية". وكالة. حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الجدل الموضوعي. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
مثال.
(3) وكالة. محاماة. حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
انطواء الحكم على تقريرات قانونية خاطئة. لا يعيبه. ما دامت لا تمس جوهر قضائه ولا تؤثر في النتيجة التي انتهى إليها.
(4) حكم "إصداره". محكمة ثاني درجة "نظرها الدعوى والحكم فيها".
إيجاب إجماع آراء قضاة محكمة ثاني درجة عند إلغاء الحكم الصادر في الدعوى المدنية التبعية برفضها أو بعدم قبولها والقضاء بالتعويض. لا ينصرف إلى مخالفة الحكم الابتدائي للقانون. علة ذلك؟
(5) محكمة ثاني درجة "نظرها الدعوى والحكم فيها". دعوى مدنية. نقض "حالات الطعن. مخالفة القانون" "نظر الطعن والفصل فيه". محكمة النقض.
إلغاء الحكم المستأنف القاضي بعدم قبول الدعوى المدنية وبقبولها. وجوب إعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها. حتى لا تفوت إحدى درجتي التقاضي على المدعى عليه بالحقوق المدنية. أساس ذلك؟
إغفال المحكمة ذلك وتصديها لموضوع الدعوى المدنية والفصل فيه ابتداءً بإلزام الطاعن بالتعويض. مخالفة للقانون. لا تملك محكمة النقض نقض الحكم في هذا الخصوص لمصلحة الطاعن من تلقاء نفسها. علة ذلك؟
1 - لما كان قضاء محكمة النقض قد جرى على أنه لا يجوز أن تتصدى المحكمة لعلاقة الخصوم بوكلائهم إلا إذا أنكر صاحب الشأن وكالة وكيله لأن في ذلك تجاوز في الاستدلال ضار بحقوق الناس، فإذا باشر المحامي إجراء قبل أن يستصدر توكيلاً له من ذي الشأن الذي كلفه بالعمل فلا يعترض عليه بأن التوكيل لاحق على تاريخ الإجراء ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استدل على صحة توكيل المطعون ضده - المدعي بالحقوق المدنية - محاميه من إقرار الأول بذلك أمام القنصل المصري في واشنطن، وكان الإقرار اللاحق في حكم التوكيل السابق، فإن الحكم يكون قد صح استدلاله وتكون منازعة الطاعن في صفة رافع الدعوى وسلامة التوكيل الصادر له وأثر الإجازة اللاحقة عليه على غير أساس.
2 - لما كان ما نقله الحكم عن الشهادة الصادرة من مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية، أن البيانات المتاحة لديها عن تحركات المواطنين سفراً ووصولاً هي عن المدة من أول يناير سنة 1983 حتى 8 من فبراير سنة 1986 - تاريخ تحرير الشهادة - وأنه لم يستدل فيها على بيانات خاصة بالمطعون ضده - المدعي بالحقوق المدنية - لا يقطع بأن الأخير كان في تاريخ تحرير التوكيل في 21 أغسطس سنة 1983 مقيماً خارج البلاد، وهو ما انتهى إليه الحكم. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم أن الأصل تيقن الموثق من شخصية الموكل، هو تقرير صحيح لا يفسد استدلاله، فإن الحكم يكون قد استقام تدليله، وينحل ما يدعيه الطاعن من مخالفة حجية الشهادة الرسمية والتعويل على افتراض قابل لحصول عكسه إلى محض جدول موضوعي في استخلاص عقيدة المحكمة لا يجوز أمام محكمة النقض.
3 - لما كان الحكم قد أقام قضاءه على أسباب سائغة تؤدي إلى ما خلص إليه من صحة التوكيل الصادر من المطعون ضده - المدعي بالحقوق المدنية - إلى محاميه فإنه لا يعيبه ما استطرد إليه - من بعد - من تقرير قانوني خاطئ مفاده أن إثارة أمر تزوير التوكيل ذاك لا يكون إلا بالادعاء بالتزوير بتقرير في قلم الكتاب يبين فيه كل مواضع التزوير المدعى بها، لما هو مقرر من أنه لا يؤثر في سلامة الحكم أن يكون قد انطوى على تقريرات قانونية خاطئة ما دامت لم تمس جوهر قضائه وكانت النتيجة التي خلص إليها صحيحة وتتفق والتطبيق القانوني السليم.
4 - من المقرر أنه لا يجوز إلغاء الحكم الصادر في الدعوى المدنية التبعية برفضها أو بعدم قبولها والقضاء بالتعويض إلا بإجماع آراء القضاة، ألا أن النظر في استواء حكم القانون لا يحتاج إلى إجماع، وهو الحال في الدعوى، إذ خالف الحكم الابتدائي القانون حين تصدى لعلاقة المطعون ضده - المدعي بالحقوق المدنية - وبوكيله بغير أن ينكر صاحب الشأن هذه الوكالة وعول على ذلك في قضائه بعدم قبول الدعوى المدنية وقد اقتصر الحكم المطعون فيه على تطبيق القانون تطبيقاً سليماً في هذا النطاق، وهو بذلك لم يكن بحاجة إلى صدوره بإجماع آراء قضاة المحكمة.
5 - لما كانت المحكمة الاستئنافية، وقد قضت - في الاستئناف المرفوع إليها من المطعون ضده - المدعي بالحقوق المدنية - بإلغاء الحكم المستأنف القاضي بعدم قبول الدعوى المدنية وبقبولها، فقد كان يتعين عليها أن تعيد القضية إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها حتى لا تفوت إحدى درجتي التقاضي على الطاعن - المدعى عليه بالحقوق المدنية - وذلك إعمالاً لحكم المادة 419/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، أما وهي لم تفعل وتصدت لموضوع الدعوى المدنية وفصلت فيه فصلاً مبتدأ بإلزام الطاعن بالتعويض فإنها تكون قد خالفت القانون بيد أن هذه المحكمة لا تستطيع أن تنقض الحكم لمصلحة الطاعن من تلقاء نفسها طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 لأن هذا النعي لا ينصرف إلا إلى مخالفة القانون الموضوعي سواء أكان قانون العقوبات والقوانين المكملة له أو قانون الإجراءات الجنائية فيما تضمنه من قواعد موضوعية، وليس ذلك شأن المادة 419/ 2 من القانون الأخير.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعوييه بطريق الادعاء المباشر ضد الطاعن بوصف أنه أعطى له شيكين لا يقابلهما رصيد قائم وقابل للسحب. وطلب عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت بعدم اختصاصها محلياً بنظر الدعوتين وأحالتهما بحالتهما إلى محكمة جنح مصر القديمة المختصة وإذا أحيلت الدعويين لمحكمة جنح مصر القديمة قررت المحكمة ضم الدعويين للارتباط ليصدر فيهما حكم واحد ثم قضت حضورياً عملاً بالمادتين 320/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، والمادة 187 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 أولاً: برد وبطلان التوكيل رقم..... لسنة..... توثيق عام روض الفرج المنسوب صدوره من...... إلى الأستاذ/ ...... ثانياً: بقبول الدفع المبدى من المتهم بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية استأنف المدعي بالحقوق المدنية ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء حكم محكمة أول درجة فيما قضى به في الدعوى المدنية وإلزام المدعى عليه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن الأستاذ/ ....... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم قبول الدعوى المدنية وبقبولها وإلزام الطاعن التعويض قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه فساد في الاستدلال، ذلك بأنه أقام قضاءه على عدم جواز التصدي لعلاقة الخصوم بوكلائهم مع أن المنازعة في نيابة الوكيل عن الأصيل (المطعون ضده) هي منازعة في الصفة تنطوي على دفع بعدم قبول الدعوى يجوز للطاعن التمسك به، وعول على إقرار المطعون ضده - المدعي بالحقوق المدنية أمام القنصل المصري في واشنطن بصحة التوكيل الصادر منه لوكيله في حين أنه إقرار لاحق لا يسبغ الشرعية على التوكيل المزور الذي رفعت الدعوى بموجبه، كما أنه يخالف ما تفيده الشهادة الرسمية الصادرة من مصلحة وثائق السفر والجنسية أن المطعون ضده لم يكن موجوداً في البلاد في تاريخ صدور ذلك التوكيل، وخلص بغير تدليل إلى أن الشهادة تلك لا تجزم بإقامة المطعون ضده خارج البلاد في التاريخ ذاك مع أنها شهادة رسمية تعتبر حجة على الناس كافة، وعاب على الحكم الابتدائي فساد افتراضه وجود المطعون ضده في الخارج لأن الأصل في موثق التوكيل تثبته من شخصية الموكل رغم أنه ليس ثمة ما يمنح الموثق من مخالفة هذا الأصل، وأورد أن الادعاء بالتزوير يجب أن يكون بتقرير في قلم الكتاب تبين فيه مواضع التزوير مع أن الطعن بالتزوير في أوراق الدعوى جائز لسائر الخصوم في أية حالة كانت عليها وأن دفع الطاعن بعدم قبول الدعويين المدنية والجنائية استناداً إلى تزوير التوكيل هو وسيلة دفاع تجوز بغير سلوك ذلك السبيل. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن قضاء محكمة النقض قد جرى على أنه لا يجوز أن تتصدى المحكمة لعلاقة الخصوم بوكلائهم إلا إذا أنكر صاحب الشأن وكالة وكيله لأن في ذلك تجاوز في الاستدلال ضار بحقوق الناس، فإذا باشر المحامي إجراء قبل أن يستصدر توكيلاً له من ذي الشأن الذي كلفه بالعمل فلا يعترض عليه بأن التوكيل لاحق على تاريخ الإجراء ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استدل على صحة توكيل المطعون ضده - المدعي بالحقوق المدنية - محاميه من إقرار الأول بذلك أمام القنصل المصري في واشنطن، وكان الإقرار اللاحق في حكم التوكيل السابق، فإن الحكم يكون قد صح استدلاله وتكون منازعة الطاعن في صفة رافع الدعوى وسلامة التوكيل الصادر له وأثر الإجازة اللاحقة عليه على غير أساس. لما كان ذلك، وكان ما نقله الحكم عن الشهادة الصادرة من مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية، أن البيانات المتاحة لديها عن تحركات المواطنين سفراً ووصولاً هي عن المدة من أول يناير سنة 1983 حتى 8 من فبراير سنة 1986 - تاريخ تحرير الشهادة - وأنه لم يستدل فيها على بيانات خاصة بالمطعون ضده - المدعي بالحقوق المدنية - لا يقطع بأن الأخير كان في تاريخ تحرير التوكيل في 21 أغسطس سنة 1983 مقيماً خارج البلاد، وهو ما انتهى إليه الحكم. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم أن الأصل تيقن الموثق من شخصية الموكل، هو تقرير صحيح لا يفسد استدلاله، فإن الحكم يكون قد استقام تدليله، وينحل ما يدعيه الطاعن من مخالفة حجية الشهادة الرسمية والتعويل على افتراض قابل لحصول عكسه إلى محض جدل موضوعي في استخلاص عقيدة المحكمة لا يجوز أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أقام قضاءه على أسباب سائغة تؤدي إلى ما خلص إليه من صحة التوكيل الصادر من المطعون ضده - المدعي بالحقوق المدنية - إلى محاميه، فإنه لا يعيبه ما استطرد إليه - من بعد - من تقرير قانوني خاطئ مفاده أن إثارة أمر تزوير التوكيل ذاك لا يكون إلا بالادعاء بالتزوير بتقرير في قلم الكتاب يبين فيه كل مواضع التزوير المدعى بها، لما هو مقرر من أنه لا يؤثر في سلامة الحكم أن يكون قد انطوى على تقريرات قانونية خاطئة ما دامت لم تمس جوهر قضائه وكانت النتيجة التي خلص إليها صحيحة وتتفق والتطبيق القانوني السليم. لما كان ما تقدم، فإن أسباب الطعن برمتها تكون على غير أساس.
ومن حيث إنه ولئن كان من المقرر أنه لا يجوز إلغاء الحكم الصادر في الدعوى المدنية التبعية برفضها أو بعدم قبولها والقضاء بالتعويض إلا بإجماع آراء القضاة، إلا أن النظر في استواء حكم القانون لا يحتاج إلى إجماع، وهو الحال في الدعوى، إذ خالف الحكم الابتدائي القانون حين تصدى لعلاقة المطعون ضده - المدعي بالحقوق المدنية - بوكيله بغير أن ينكر صاحب الشأن هذه الوكالة وعول على ذلك في قضائه بعدم قبول الدعوى المدنية وقد اقتصر الحكم المطعون فيه على تطبيق القانون تطبيقاً سليماً في هذا النطاق، وهو بذلك لم يكن بحاجة إلى صدوره بإجماع آراء قضاة المحكمة.
ومن حيث إن المحكمة الاستئنافية، وقد قضت - في الاستئناف المرفوع إليها من المطعون ضده - المدعي بالحقوق المدنية - بإلغاء الحكم المستأنف القاضي بعدم قبول الدعوى المدنية وبقبولها، فقد كان يتعين عليها أن تعيد القضية إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها حتى لا تفوت إحدى درجتي التقاضي على الطاعن - المدعى عليه بالحقوق المدنية - وذلك إعمالاً لحكم المادة 419/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، أما وهي لم تفعل وتصدت لموضوع الدعوى المدنية وفصلت فيه فصلاً مبتدأ بإلزام الطاعن بالتعويض فإنها تكون قد خالفت القانون بيد أن هذه المحكمة لا تستطيع أن تنقض الحكم لمصلحة الطاعن من تلقاء نفسها طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 لأن هذا النعي لا ينصرف إلا إلى مخالفة القانون الموضوعي سواء أكان قانون العقوبات والقوانين المكملة له أو قانون الإجراءات الجنائية فيما تضمنه من قواعد موضوعية، وليس ذلك شأن المادة 419/ 2 من القانون الأخير. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين رفض الطعن موضوعاً ومصادرة الكفالة وإلزام الطاعن المصاريف المدنية.