أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 42 - صـ 261

جلسة 6 من فبراير سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي اسحق وفتحي خليفة وسرى صيام نواب رئيس المحكمة وأحمد عبد الباري.

(35)
الطعن رقم 131 لسنة 60 القضائية

(1) تزوير "تزوير الأوراق الرسمية". جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الضرر في تزوير المحررات الرسمية. مفترض. علة ذلك؟
لا يلزم في التزوير المعاقب عليه أن يكون متقناً. كفاية أن يكون من الممكن انخداع بعض الناس به.
مثال.
(2) تزوير "تزوير الأوراق الرسمية". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وضع صورة شخص آخر مزورة على المحرر الرسمي. طريقاً للتزوير إضافة القانون 9 لسنة 1984 إلى طريق التزوير التي عددها نص المادة 211 عقوبات.
عدم تمييز الشارع بين طريقة وأخرى من طرق التزوير. كفاية كل منها لترتيب المسئولية ولو لم تتوافر الطرق الأخرى.
(3) تزوير "تزوير الأوراق الرسمية". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قعود المتهم عن إبداء دفاعه الموضوعي أمام محكمة الموضوع يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض. علة ذلك؟
مثال.
(4) نقض "المصلحة في الطعن". ارتباط. عقوبة "العقوبة المبررة". تزوير "التزوير في محرر رسمي". العثور على شيء فاقد واحتباسه. نصب.
عدم جدوى نعي الطاعن على الحكم بشأن جريمتي العثور على شيء فاقد واحتباسه بنية تملكه والنصب. ما دام الحكم قد دانه بالجرائم الأربعة المنسوبة إليه وعاقبه بعقوبة الجريمة الأشد وهي تزوير محرر رسمي واستعماله. عملاً بالمادة 32 عقوبات.
1 - لما كان من المقرر أن الضرر في تزوير المحررات الرسمية مفترض لما في التزوير من تقليل الثقة بها على اعتبار أنها من الأوراق التي يعتمد عليها في إثبات ما بها، وكان لا يلزم في التزوير المعاقب عليه أن يكون متقناً بحيث يلزم لكشفه دراية خاصة بل يستوي أن يكون واضحاً لا يستلزم جهداً لكشفه أو متقناً يتعذر على الغير أن يكشفه، ما دام تغيير الحقيقة في الحالتين يجوز أن ينخدع به بعض الناس، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن البطاقة المزورة قد انخدع بها بعض الناس فعلاً إذ تمكن الطاعن بموجبها من استئجار "جهاز فيديو وشريطين" بعد أن قدمها للمؤجر إثباتاً لشخصيته، فإن ما يثيره بشأن افتضاح التزوير وانعدام الضرر يكون غير سديد. ولا يغير من ذلك ما ذهب إليه الطاعن بأسباب طعنه من أن المؤجر طلب توقيع آخر كضامن له، إذ أن ذلك - بفرض صحته - لا يعدو أن يكون قصداً من المؤجر إلى ضمان حقه ولا يفيد البتة عدم اعتداده بالبطاقة المقدمة من الطاعن.
2 - لما كان الشارع قد أضاف بمقتضى القانون رقم 9 لسنة 1984 إلى طرق التزوير التي عددها نص المادة 211 من قانون العقوبات طريقاً آخر هو وضع صورة شخص آخر مزورة على المحرر الرسمي، وكان من المقرر أن طرق التزوير التي نص عليها القانون تندرج تحت مطلق التعبير بتغيير الحقيقة التي يعاقب عليها القانون ولم يميز الشارع بين طريقة وأخرى من هذه الطرق بل سوى بينها جميعاً، وكانت كل طريقة من طرق التزوير تكفي لترتيب المسئولية ولو لم تتوافر الطرق الأخرى، فإن ما ينعاه الطاعن من أن الحكم المطعون فيه قد اكتفى في إدانته بلصق صورته على البطاقة بدلاً من صورة صاحبها والتفتت عن صور التزوير الأخرى، يكون غير سديد.
3 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه، لم يثر شيئاً بشأن اختلاف اسم صاحب البطاقة المزورة في تحقيقات الشرطة عنه في باقي مراحل التحقيق، فإن ما ينعاه في هذا الصدد يكون غير مقبول، لما هو مقرر من أن قعود المتهم عن إبداء دفاعه الموضوعي أمام محكمة الموضوع يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض نظراً لما يحتاجه من تحقيق يخرج عن وظيفتها.
4 - لا يجدي الطاعن ما ينعاه على الحكم المطعون فيه بشأن جريمتي العثور على شيء فاقد واحتباسه بنية تملكه والنصب، ما دام الحكم قد دانه بالجرائم الأربع المسندة إليه وقضى بمعاقبته بعقوبة الجريمة الأشد وهي التزوير في محرر رسمي واستعماله وذلك إعمالاً لنص المادة 32 من قانون العقوبات لجامع الارتباط بين تلك الجرائم، فإن نعيه في هذا الشأن يكون غير مقبول.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو البطاقة الشخصية رقم...... سجل مدني....... الخاصة بالمواطن....... وذلك بوضع صورة شخص آخر مزورة، بأن انتزع الصورة الخاصة بصاحب البطاقة ووضع صورته هو مكانها. ثانياً: استعمل المحرر المزور سالف الذكر مع علمه بتزويره بأن قدمه لـ..... صاحب محل تأجير أجهزة الفيديو إثباتاً لشخصيته عند تأجيره أحد الأجهزة. ثالثا: عثر على البطاقة الشخصية رقم..... سجل مدني...... والخاصة بالمواطن...... ولم يردها إلى صاحبها أن يسلمها للشرطة خلال الموعد القانوني واحتبسها لنفسه بنية تملكها. رابعاً: توصل إلى الاستيلاء على جهاز الفيديو والمبين وصفاً وقيمة بالتحقيقات المملوك لـ...... وكان ذلك باستعمال طرق احتيالية وانتحال اسم كاذب وجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويره بأن طلب من المجني عليه أن يسلمه جهاز فيديو على سبيل الإيجار وقدم ضماناً لذلك أوراق مزورة هي البطاقة الشخصية المزورة موضوع التهمة الأولى والخاصة بشخص آخر هو....... بعد أن وضع عليها صورته هو وانتحل اسم صاحبها فسلمه المجني عليه الجهاز المذكور بناءً على هذه الوسائل من الإيهام. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاًَ للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 211، 212، 214، 321 مكرراً، 336/ 1 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 من القانون ذاته بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم التزوير في محرر رسمي واستعماله والعثور على شيء فاقد واحتباسه بنية تملكه والنصب قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وأخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه ثبت من التحقيق وجود عبث بتاريخ وجهة إصدار البطاقة المدعى بتزويرها وهو ما يجعل التزوير مفضوحاً ويستحيل وقوع ضرر منه بدلالة أن مالك الجهاز المؤجر لم يعتد بها وطلب توقيع آخر كضامن للطاعن، والتفتت المحكمة عن صور التزوير التي شابت البطاقة واكتفت في الإدانة بواقعة لصق الصورة عليها، وقد أثبت اسم صاحب البطاقة بتحقيقات الشرطة على نحو يغاير ما أثبت بجميع مراحل التحقيق، كما أن ما شاب البطاقة من عبث يفقدها شكلها القانوني ويبطلها وبالتالي تنتفي جريمة العثور على شيء فاقد واحتباسه بنية تملكه، هذا فضلاً عن أن الواقعة - لو صحت - لا تمثل سوى جريمة شروع في نصب تختص بها محكمة الجنح، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله أنه "بتاريخ 4/ 4/ 1988 استأجر المتهم....... جهاز فيديو وشريطين له لمدة أربع وعشرين ساعة مقابل مبلغ ثلاثة وعشرين جنيهاً من محل مخصص لذلك مملوك للمدعو....... وقدم المتهم إثباتاً لشخصيته البطاقة الشخصية رقم...... سجل مدني شبرا ملصقاً عليها صورته رغم أنها صادرة باسم....... ووقع المتهم على الأوراق الخاصة باستلام الأشياء المؤجرة له باسم صاحب هذه البطاقة التي يحملها والتي انخدع بها المؤجر ووثق بالمتهم وبعد أن تسلم المتهم جهاز الفيديو وشريطيه توجه لبيعه بميدان العتبة حيث تم ضبطه" وساق للتدليل على ثبوتها في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال........ و........ وما أفادت به إدارة التسجيل المدني للبطاقات واعتراف المتهم بتحقيقات النيابة العامة وهي أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الضرر في تزوير المحررات الرسمية مفترض لما في التزوير من تقليل الثقة بها على اعتبار أنها من الأوراق التي يعتمد عليها في إثبات ما بها، وكان لا يلزم في التزوير المعاقب عليه أن يكون متقناً بحيث يلزم لكشفه دراية خاصة بل يستوي أن يكون واضحاً لا يستلزم جهداً لكشفه أو متقناً يتعذر على الغير أن يكشفه، ما دام تغيير الحقيقة في الحالتين يجوز أن ينخدع به بعض الناس، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن البطاقة المزورة قد انخدع بها بعض الناس فعلاً إذ تمكن الطاعن بموجبها من استئجار "جهاز فيديو وشريطين" بعد أن قدمها للمؤجر إثباتاً لشخصيته، فإن ما يثيره بشأن افتضاح التزوير وانعدام الضرر يكون غير سديد. ولا يغير من ذلك ما ذهب إليه الطاعن بأسباب طعنه من أن المؤجر طلب توقيع آخر كضامن له، إذ أن ذلك - بفرض صحته - لا يعدو أن يكون قصداً من المؤجر إلى ضمان حقه ولا يفيد البتة عدم اعتداده بالبطاقة المقدمة من الطاعن. لما كان ذلك، وكان الشارع قد أضاف بمقتضى القانون رقم 9 لسنة 1984 إلى طرق التزوير التي عددها نص المادة 211 من قانون العقوبات طريقاً آخر هو وضع صورة شخص آخر مزورة على المحرر الرسمي، وكان من المقرر أن طرق التزوير التي نص عليها القانون تندرج جميعها تحت مطلق التعبير بتغيير الحقيقة التي يعاقب عليها القانون ولم يميز الشارع بين طريقة وأخرى من هذه الطرق بل سوى بينها جميعاً، وكانت كل طريقة من طرق التزوير تكفي لترتيب المسئولية ولو لم تتوافر الطرق الأخرى، فإن ما ينعاه الطاعن من أن الحكم المطعون فيه قد اكتفى في إدانته بلصق صورته على البطاقة بدلاً من صورة صاحبها والتفتت عن صور التزوير الأخرى، يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه، لم يثر شيئاً بشأن اختلاف اسم صاحب البطاقة المزورة في تحقيقات الشرطة عنه في باقي مراحل التحقيق، فإن ما ينعاه في هذا الصدد يكون غير مقبول، لما هو مقرر من أن قعود المتهم عن إبداء دفاعه الموضوعي أمام محكمة الموضوع يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض نظراً لما يحتاجه من تحقيق يخرج عن وظيفتها. لما كان ذلك، وكان لا يجدي الطاعن ما ينعاه على الحكم المطعون فيه بشأن جريمتي العثور على شيء فاقد واحتباسه بنية تملكه والنصب، ما دام الحكم قد دانه بالجرائم الأربع المسندة إليه وقضى بمعاقبته بعقوبة الجريمة الأشد وهي التزوير في محرر رسمي واستعماله وذلك إعمالاً لنص المادة 32 من قانون العقوبات لجامع الارتباط بين تلك الجرائم، فإن نعيه في هذا الشأن يكون غير مقبول. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.