أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 42 - صـ 277

جلسة 10 من فبراير سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ د. عادل عبد الحميد ومحمود البنا نائبي رئيس المحكمة وحسام عبد الرحيم والبشرى الشوربجي.

(37)
الطعن رقم 141 لسنة 60 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. عدم تقديمها".
التقرير بالطعن دون تقديم أسبابه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
(2) دستور. قانون "إلغاؤه" "الإلغاء الضمني للقانون".
الدستور هو القانون الوضعي الاسمي صاحب الصدارة. تعارض التشريعات الأدنى. معه. أثره؟
إيراد الدستور نصاً صالحاً بذاته للأعمال. يوجب إعماله من يوم العمل به واعتبار الحكم المخالف له منسوخاً ضمناً بقوة الدستور. دون حاجة إلى سن تشريع أدنى.
(3) دستور "تفسيره". تفتيش "تفتيش المساكن" "التفتيش بإذن". تلبس. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
للمساكن حرمة. عدم جواز دخولها أو تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقاً للقانون.
عدم استثناء حالة التلبس من ذلك. أساس ذلك ومؤداه؟
النص في المادة 44 من الدستور على صون حرمة المسكن وحظر دخوله أو تفتيشه إلا بأمر قضائي مسبب وفقاً للقانون وقابل للإعمال بذاته.
تعويل الحكم في إدانة الطاعن على الدليل المستمد من نتيجة التفتيش دون الرد على الدفع ببطلانه. قصور.
(4) طعن "أثر الطعن".
اتصال وجه الطعن بغير الطاعن يوجب نقض الحكم بالنسبة له لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.
1 - لما كان الطاعن الأول وأن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد، إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه، ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول الطعن المقدم منه شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة بالطعن وأن إيداع الأسباب التي بني عليها في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وإيداع الأسباب يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
2 - الدستور هو القانون الوضعي الاسمي، صاحب الصدارة فإن على ما دونه من التشريعات النزول عند أحكامه، فإذا ما تعارضت هذه وتلك وجب التزام أحكام الدستور وإهدار ما سواها، يستوي في ذلك أن يكون التعارض سابقاً أو لاحقاً على العمل بالدستور فإذا ما أورد الدستور نصاً صالحاً بذاته للأعمال بغير حاجة إلى سن تشريع أدنى، لزم إعمال هذا النص في يوم العمل به، ويعتبر الحكم المخالف له في هذه الحالة قد نسخ ضمناً بقوة الدستور نفسه.
3 - لما كان الدستور قد قضى في المادة 44 منه على أن "للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها أو تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقاً لأحكام القانون" وهو نص عام مطلق لم يرد عليه ما يخصصه أو يقيده مما مؤداه أن هذا النص الدستوري يستلزم في جميع أحوال تفتيش المساكن صدور الأمر القضائي المسبب، وذلك صوناً لحرمة المساكن التي تنبثق من الحرية الشخصية التي تتعلق بكيان الفرد وحياته الخاصة ومسكنه الذي يأوي إليه. وهو موضع سره وسكينته، ولذلك حرص الدستور على تأكيد حظر انتهاك حرمة المسكن سواء بدخوله أو بتفتيشه ما لم يصدر أمر قضائي مسبب دون أن يستثني في ذلك حالة التلبس التي لا تجيز - وفقاً لنص المادة 41 من الدستور - سوى القبض على الشخص وتفتيشه أينما وجد. لما كان ذلك وكان مفاد ما قضى به نص المادة 47 من قانون الإجراءات الجنائية من تخويل مأمور الضبط القضائي الحق في إجراء تفتيش مسكن المتهم في حالة التلبس بجناية أو جنحة دون أن يصدر له أمر قضائي مسبب ممن يملك سلطة التحقيق يخالف حكم المادة 44 من الدستور على النحو سالف البيان فإن حكم المادة 47 من قانون الإجراءات الجنائية يعتبر منسوخاً ضمناً بقوة الدستور نفسه منذ العمل بأحكامه دون تربص صدور قانون أدنى، ويكون دخول المسكن أو تفتيشه بأمر قضائي مسبب إجراء لا مندوحة عنه منذ ذلك التاريخ. لما كان ذلك، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه لا يبين منها أن تفتيش مسكن الطاعن الثالث كان بناءً على إذن تفتيش مسبب، وكان الحكم قد عول في قضائه بإدانة الطاعن - من بين ما عول - على الدليل المستمد من نتيجة التفتيش التي أسفرت عن المضبوطات التي عثر عليها بهذا المسكن والتي أكدت الطبيبة الشرعية وجود حيوانات منوية بها، دون أن يرد على إثارة الطاعن في شأن بطلانه مع أنه لو صح لما جاز الاستناد إليه كدليل في الدعوى، فإن الحكم يكون معيباً بالقصور الذي يبطله.
4 - وجوب نقض الحكم بالنسبة لباقي الطاعنين بما فيهم الطاعن الأول الذي لم يقدم أسباباً لطعنه لوحدة الواقعة واتصال وجه النعي بهم وحسن سير العدالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين و"آخرين قضي ببراءتهما" في قضية الجناية بأنهم أولاً: خطفوا بالإكراه المجني عليها...... وقد اقترنت بهذه الجناية جناية مواقعة المخطوفة بغير رضاها وذلك بأن اتفق المتهمون الأربعة الأول فيما بينهم على خطف واغتصاب أية أنثى تقابلهم في الطريق تنفيذاً لهذا الاتفاق استقل المتهمون الثلاثة الأول سيارة أجرة قيادة متهم مجهول وأخذوا يتجولون بها إلى أن تقابلوا مع المجني عليها وهي تقف بالطريق العام فقام كل من المتهمين الأولين بإشهار مطواة قرن غزال مهددين المجني عليها وأرغموها على استقلال السيارة حتى هبطوا منها بإحدى الكازينوهات ثم أرغموها على السير معهم تحت تهديد المطواة إلى شقة المتهم الثالث حيث قام المتهم الأول بتهديدها بالمطواة التي كان يحملها وخلع عنها ملابسها عنوة وتجرد هو من ملابسه وجثم فوقها وأولج قضيبه في فرجها ثم قام كل من المتهمين الثاني والثالث والرابع بإتيان مثل هذه الأفعال معها كرهاً عنها. ثانياً: أحرزوا بغير ترخيص سلاحاً أبيض (مطاوي) قرن غزال. وأحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة وادعت المجني عليها مدنياً قبل المتهمين بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 290 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25/ 1 مكرراً، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم 10 من الجدول رقم 1 الملحق مع تطبيق المادتين 17، 32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر سنة وإلزامهم متضامنين بأن يؤدوا للمدعية بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت ومصادرة السلاح المضبوط.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن الأول وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد، إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه، ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول الطعن المقدم منه شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة بالطعن وأن إيداع الأسباب يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن الثالث على الحكم المطعون فيه إذ دانه مع آخرين بجريمتي خطف أنثى بالإكراه ومواقعتها بغير رضاها قد شابه قصور في التسبيب ذلك بأن المدافع عنه دفع ببطلان تفتيش مسكنه لحصوله بغير إذن من النيابة العامة إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل البتة الرد على هذا الدفع، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن الثالث دفع ببطلان تفتيش مسكنه لحصوله بغير إذن من النيابة العامة. لما كان ذلك، وكان الدستور هو القانون الوضعي الاسمي، صاحب الصدارة فإن على ما دونه من التشريعات النزول عند أحكامه، فإذا ما تعارضت هذه وتلك وجب التزام أحكام الدستور وإهدار ما سواها، يستوي في ذلك أن يكون التعارض سابقاً أو لاحقاً على العمل بالدستور فإذا ما أورد الدستور نصاً صالحاً بذاته للأعمال بغير حاجة إلى سن تشريع أدنى، لزم إعمال هذا النص في يوم العمل به، ويعتبر الحكم المخالف له في هذه الحالة قد نسخ ضمناً بقوة الدستور نفسه. لما كان ذلك، وكان الدستور قد قضى في المادة 44 منه على أن "للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها أو تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقاً لأحكام القانون" وهو نص عام مطلق لم يرد عليه ما يخصصه أو يقيده مما مؤداه أن هذا النص الدستوري يستلزم في جميع أحوال تفتيش المساكن صدور الأمر القضائي المسبب، وذلك صوناً لحرمة المساكن التي تنبثق من الحرية الشخصية التي تتعلق بكيان الفرد وحياته الخاصة ومسكنه الذي يأوي إليه. وهو موضع سره وسكينته، ولذلك حرص الدستور على تأكيد حظر انتهاك حرمة المسكن سواء بدخوله أو بتفتيشه ما لم يصدر أمر قضائي مسبب دون أن يستثنى في ذلك حالة التلبس التي لا تجيز - وفقاً لنص المادة 41 من الدستور - سوى القبض على الشخص وتفتيشه أينما وجد. لما كان ذلك وكان مفاد ما قضى به نص المادة 47 من قانون الإجراءات الجنائية من تخويل مأمور الضبط القضائي الحق في إجراء تفتيش مسكن المتهم في حالة التلبس بجناية أو جنحة دون أن يصدر له أمر قضائي مسبب ممن يملك سلطة التحقيق يخالف حكم المادة 44 من الدستور على النحو سالف البيان فإن حكم المادة 47 من قانون الإجراءات الجنائية يعتبر منسوخاً ضمناً بقوة الدستور نفسه منذ العمل بأحكامه دون تربص صدور قانون أدنى، ويكون دخول المسكن أو تفتيشه بأمر قضائي مسبب إجراء لا مندوحة عنه منذ ذلك التاريخ. لما كان ذلك، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه لا يبين منها أن تفتيش مسكن الطاعن الثالث كان بناءً على إذن تفتيش مسبب، وكان الحكم قد عول في قضائه بإدانة الطاعن - من بين ما عول - على الدليل المستمد من نتيجة التفتيش التي أسفرت عن المضبوطات التي عثر عليها بهذا المسكن والتي أكدت الطبيبة الشرعية وجود حيوانات منوية بها، دون أن يرد على أثاره الطاعن في شأن بطلانه مع أنه لو صح لما جاز الاستناد إليه كدليل في الدعوى، فإن الحكم يكون معيباً بالقصور الذي يبطله ويوجب نقضه والإعادة بالنسبة له ولباقي الطاعنين بما فيهم الطاعن الأول الذي لم يقدم أسباباً لطعنه لوحدة الواقعة واتصال وجه النعي بهم وحسن سير العدالة، وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.