أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 42 - صـ 284

جلسة 11 من فبراير سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى طاهر وحسن حمزة نائبي رئيس المحكمة وحامد عبد الله ومصطفى كامل.

(38)
الطعن رقم 61338 لسنة 59 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام"، محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير الأدلة في الدعوى الجنائية موضوعي. كفاية الشك في توافر ركن من أركان الجريمة أو في صحة إسناده إلى المتهم سنداً للبراءة. متى أحاطت المحكمة بالدعوى عن بصر وبصيرة.
(2) إتلاف أموال عامة. عقوبة "تطبقيها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
العقوبة المقررة لجريمة إتلاف موظف عام أموال عامة عمداً هي الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة ودفع قيمة الأموال التي أتلفها. المادة 117 مكرراً عقوبات.
(3) عقوبة "العقوبات الأصلية والتكميلية" "جب العقوبة". ارتباط. إتلاف أموال عامة عمداً. استيلاء على مال للدولة. نقض "حالات الطعن بالنقض. الخطأ في تطبيق القانون".
عقوبة الجريمة الأشد تجب العقوبات الأصلية لما عداها من الجرائم المرتبطة دون العقوبات التكميلية أساس ذلك؟
إغفال الحكم القضاء بإلزام المتهم بدفع قيمة الأموال التي أتلفها المنصوص عليها في المادة 117 مكرراً عقوبات مع عقوبة الجريمة الأشد خطأ في تطبيق القانون يوجب تصحيحه.
خلو الأوراق من قيمة الأموال التي أتلفها المتهم يوجب نقض الحكم والإحالة.
1 - من المقرر أن تقدير الدليل في الدعوى من شأن محكمة الموضوع، فما اطمأنت إليه أخذت به، وما لم تطمئن إليه أعرضت عنه دون أن تسأل حساباً عن ذلك ما دامت قد تشككت في توافر ركن من أركان الجريمة أو في صحة إسناده إلى المتهم، إذ ملاك الأمر يرجع إلى وجدان قاضيها، ما دام الظاهر أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة وأقام قضاءه على أسباب تكفي لحمله كالحال في الدعوى.
2 - لما كانت المادة 117 مكرراً من قانون العقوبات تنص على أن "كل موظف عام خرب أو أتلف أو وضع النار عمداً في أموال ثابتة أو منقولة أو أوراق أو غيرها للجهة التي يعمل بها أو يتصل بها بحكم عمله أو للغير متى كان معهوداً بها أي تلك الجهة يعاقب بالعقوبة المقيدة للحرية المشار إليها بهذا النص، كما يحكم على الجاني في جميع الأحوال بدفع قيمة الأموال التي خربها أو أتلفها أو أحرقها.
3 - لما كان الأصل أن العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة تجب العقوبات الأصلية المقررة لما عداها من جرائم دون أن يمتد هذا الجب إلى العقوبات التكميلية التي تحمل في طياتها فكرة رد الشيء إلى أصله أو التعويض المدني للخزانة أو كانت ذات طبيعة وقائية كالمصادرة ومراقبة البوليس والتي هي في واقع أمرها عقوبات نوعية يراعى فيها طبيعة الجريمة ولذلك يجب توقيعها مهما تكن العقوبة المقررة لما يرتبط بتلك الجريمة من جرائم أخرى والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد. لما كان ذلك، وكان مما يصدق عليه هذا النظر عقوبة دفع قيمة الأموال التي خربها الجاني أو أتلفها المنصوص عليها في المادة 117 مكرراً من قانون العقوبات فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بإلزام المطعون ضده الأول بدفع قيمة الأموال التي أتلفها إعمالاً لنص المادة سالفة البيان يكون قد خالف القانون. وإذ كان يبين من مطالعة المفردات التي أمرت المحكمة بضمها أن قيمة الأموال التي أتلفها المطعون ضده الأول غير محددة فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ مما يتعين معه أن يكون مع النقض الإحالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 - ...... (طاعن) 2 - ....... بأنهما أولاً: المتهم الأول: بصفته موظفاً عاماً "كاتب بدائرة الأحوال المدنية بالقليوبية أتلف عمداً أموالاً منقولة مملوكة لجهة عمله سالفة الذكر بإتلاف الجزء المعدني بباب المخزن المعد لوضع القفل الذي يحكم إغلاقه به "رزه" لمقر دائرة الأحوال المدنية بالقليوبية وكان ذلك بقصد تسهيل استيلائه بغير حق على مال عام والأوراق المملوكة لتلك الجهة وتوصل بذلك إلى الاستيلاء دون حق على مبلغ 940 جنيهاً، 250 نموذج لبطاقة شخصية بيضاء، 50 نموذجاً لبطاقات عائلية والمملوكة لجهة عمله سالفة الذكر. ثانياً: المتهم الثاني: أخفى أوراقاً متحصلة من جناية بأن أخفى المطبوعات المبينة بالبند أولاً مع علمه بأنها متحصلة من الجناية المسندة إلى المتهم الأول. وأحالتهما إلى محكمة أمن الدولة العليا بنها لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 113/ 1، 117 مكرراً، 118، 119/ 1، 119 مكرراً أ/ 3 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون: أولاً: بمعاقبة المتهم الأول بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ تسعمائة وأربعون جنيهاً ورد مبلغ أربعون جنيهاً وعزله من وظيفته عما أسند إليه. ثانياً: ببراءة المتهم الثاني مما أسند إليه.
فطعن كل من المحكوم عليه الأول والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بتبرئة المطعون ضده الثاني..... من تهمة إخفاء أشياء متحصلة من جناية ودان المطعون ضده الأول بجريمتي الاستيلاء بغير حق على أموال عامة وإتلاف أموال عامة عمداً قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأن الحكم أسس قضاءه بالبراءة على انتفاء علم المطعون ضده الثاني بأن المطبوعات متحصلة من جناية مستدلاً على ذلك بمبادرته بتقديمها إلى الضابط فور طلبها على الرغم من أن ذلك لا يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها سيما وأن المطبوعات غير مسموح بتداولها خارج السجل المدني، كما أنه - الحكم المطعون فيه - عندما دان المطعون ضده الأول وأوقع عليه عقوبة الجريمة الأشد للارتباط أغفل القضاء بإلزامه بدفع قيمة الأموال التي أتلفها المنصوص عليها بالمادة 117 مكرراً من قانون العقوبات كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن عرض لتهمة إخفاء أشياء متحصلة من جناية المسندة إلى المطعون ضده الثاني، خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى انتفاء علمه بأن المضبوطات متحصلة من جناية استيلاء على الأموال العامة المسندة إلى المطعون ضده الأول - وبالتالي تخلف القصد الجنائي لديه، لما كان ذلك وكان من المقرر أن تقدير الدليل في الدعوى من شأن محكمة الموضوع، فما اطمأنت إليه أخذت به، وما لم تطمئن إليه أعرضت عنه دون أن تسأل حساباً عن ذلك ما دامت قد تشككت في توافر ركن من أركان الجريمة أو في صحة إسناده إلى المتهم، إذ ملاك الأمر يرجع إلى وجدان قاضيها، ما دام الظاهر أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة وأقام قضاءه على أسباب تكفي لحمله كالحال في الدعوى. فإنه يتعين رفض الطعن بالنسبة له موضوعاً.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان المطعون ضده الأول بهما قضى بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ تسعمائة وأربعون جنيهاً ورد مبلغ أربعون جنيهاً وعزله من وظيفته عما أسند إليه، لما كان ذلك، وكانت المادة 117 مكرراً من قانون العقوبات تنص على أن "كل موظف عام خرب أو أتلف أو وضع النار عمداً في أموال ثابتة أو منقولة أو أوراق أو غيرها للجهة التي يعمل بها أو يتصل بها بحكم عمله أو للغير متى كان معهوداً بها أي تلك الجهة يعاقب بالعقوبة المقيدة للحرية المشار إليها بهذا النص، كما يحكم على الجاني في جميع الأحوال بدفع قيمة الأموال التي خربها أو أتلفها أو أحرقها، ولما كان الأصل أن العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة تجب العقوبات الأصلية المقررة لما عداها من جرائم دون أن يمتد هذا الجب إلى العقوبات التكميلية التي تحمل في طياتها فكرة رد الشيء إلى أصله أو التعويض المدني للخزانة أو كانت ذات طبيعة وقائية كالمصادرة ومراقبة البوليس والتي هي في واقع أمرها عقوبات نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة ولذلك يجب توقيعها مهما تكن العقوبة المقررة لما يرتبط بتلك الجريمة من جرائم أخرى والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد. لما كان ذلك، وكان مما يصدق عليه هذا النظر عقوبة دفع قيمة الأموال التي خربها الجاني أو أتلفها المنصوص عليها في المادة 117 مكرراً من قانون العقوبات فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بإلزام المطعون ضده الأول بدفع قيمة الأموال التي أتلفها إعمالاً لنص المادة سالفة البيان يكون قد خالف القانون. وإذ كان يبين من مطالعة المفردات التي أمرت المحكمة بضمها أن قيمة الأموال التي أتلفها المطعون ضده الأول غير محددة فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ مما يتعين معه أن يكون مع النقض الإحالة. بالنسبة إلى المطعون ضده الأول...... ودون حاجة لبحث أوجه الطعن المقدمة منه.