أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 42 - صـ 290

جلسة 11 من فبراير سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين مصطفى طاهر وحسن حمزة نائبي رئيس المحكمة ومجدي الجندي وحامد عبد الله.

(39)
الطعن رقم 145 لسنة 60 القضائية

(1) دعوى جنائية "تحريكها". نيابة عامة. إعلان. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مجرد التأشير من النيابة بتقديم الدعوى إلى المحكمة. أمر إداري لا تعد الدعوى مرفوعة به التكليف بالحضور هو الإجراء الذي يتم به رفع الدعوى ويترتب عليه كافة الآثار القانونية.
عدم دخول الدعوى حوزة المحكمة. رهن بإعلان التكليف.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تكوين عقيدتها مما ترتاح إليه من أقوال الشهود. أخذها بشهادة شاهد. مؤداه: أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
تناقض أقوال الشهود. لا يعيب الحكم. ما دام أنه استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه.
(3) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق المحكمة في الأخذ بأقوال شهود الإثبات والإعراض عن قالة شهود النفي دون بيان العلة.
(4) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعي. لا يستأهل رداً صريحاً.
(5) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير. موضوعي.
(6) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في الجزم بما لا يجزم به الخبير في تقريره. حد ذلك؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
1 - من المقرر قانوناً - على ما جرت به نصوص قانون الإجراءات الجنائية في شأن رفع الدعوى من النيابة العامة أمام محاكم الجنح والمخالفات - أن الدعوى الجنائية لا تعتبر مرفوعة بمجرد التأشير من النيابة العامة بتقديمها إلى المحكمة لأن التأشير بذلك لا يعدو أن يكون أمراً إدارياً لإعداد ورقة التكليف بالحضور، وأن التكليف بالحضور هو الإجراء الذي يتم به رفع الدعوى ويترتب عليه كافة الآثار وبدون إعلان هذا التكليف لا تدخل الدعوى في حوزة المحكمة.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تكوين عقيدتها مما ترتاح إليه من أقوال الشهود، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان التناقض في أقوال الشاهد - بفرض وجوده - لا يعيب الحكم ما دام أنه قد استخلص الإدانة منها استخلاصا سائغاً لا تناقض فيه كما هو الشأن في الدعوى المطروحة.
3 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول على أقوال شهود الإثبات وأن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به دون بيان العلة.
4 - من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً صريحاً، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله.
5 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها.
6 - الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل المستمد من تقرير الطبيب الشرعي مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحدث عمداً بـ........ الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلفت عنها لديه من جرائها عاهة مستديمة هي استئصال الخصية اليسرى. وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ خمسة آلاف جنية تعويضاً نهائياً والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ ألفي جنيه تعويضاً.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الضرب الذي نشأت عنه عاهة مستديمة قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك أن الطاعن تمسك ببطلان إحالة الدعوى إلى محكمة الجنايات بعد سابقة رفعها إلى محكمة الجنح وقبل الفصل فيها إلا أن الحكم أطرح هذا الدفع بما لا يتفق وصحيح القانون، وقد عول الحكم في الإدانة على أقوال المجني عليه برغم تناقضها ودون أن يبين علة إطراحه أقوال الشهود الذين نفوا صحة الاتهام أو يعرض لدفاع الطاعن بشأن تلفيقه كما أنه اعتمد على التقرير الطبي الشرعي - دون التقرير الطبي الابتدائي - مع أنه جاء لاحقاً على تغير معالم إصابة المجني عليه بالتداخل الجراحي مما يتناقض مع ما انتهى إليه من تحديد سببها بأنه الاعتداء على المجني عليه فضلاً عن أن مبنى التقرير هو مجرد الجواز لا الجزم، كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها مستمدة من أقوال المجني عليه وما أثبته التقرير الطبي الشرعي. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أطرح الدفع المبدى من الطاعن ببطلان إجراءات إحالته إلى محكمة الجنايات بعد سبق تقديمه إلى محكمة الجنح وقبل أن تفصل هذه الأخيرة في الدعوى تأسيساً على أن النيابة العامة كانت قد أمرت بتقديمه إلى محكمة الجنح عن جريمة الضرب البسيط ثم تبين لها قبل إعلانه بالجلسة المحددة لنظر الدعوى أمامها تخلف عاهة مستديمة بالمجني عليه مما يخولها الحق في إعادة رفع الدعوى - بعد تحقيقها - أمام محكمة الجنايات عن جناية العاهة لعدم اتصال محكمة الجنح بها، وإذا كان من المقرر قانوناً - على ما جرت به نصوص قانون الإجراءات الجنائية في شأن رفع الدعوى من النيابة العامة أمام محاكم الجنح والمخالفات - أن الدعوى الجنائية لا تعتبر مرفوعة بمجرد التأشير من النيابة العامة بتقديمها إلى المحكمة لأن التأشير بذلك لا يعدو أن يكون أمراً إدارياً لإعداد ورقة التكليف بالحضور، وأن التكليف بالحضور هو الإجراء الذي يتم به رفع الدعوى ويترتب عليه كافة الآثار وبدون إعلان هذا التكليف لا تدخل الدعوى في حوزة المحكمة، فإن الحكم المطعون فيه إذ التزم هذا النظر في رفض الدفع المبدى من الطاعن يكون قد طبق القانون على واقعة الدعوى تطبيقاً صحيحاً، ويكون النعي في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تكوين عقيدتها مما ترتاح إليه من أقوال الشهود، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان التناقض في أقوال الشاهد - بفرض وجوده - لا يعيب الحكم ما دام أنه قد استخلص الإدانة منها استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه كما هو الشأن في الدعوى المطروحة. كما وأن من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول على أقوال شهود الإثبات وأن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به دون بيان العلة، وكان الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً صريحاً، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت أن إصابة المجني عليه التي نشأت عنها العاهة حدثت من الاعتداء عليه بالركل أخذاً بما جاء بالتقرير الطبي الشرعي الذي اطمأن إليه في حدود سلطته التقديرية، وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها، وما دامت قد اطمأنت إلى التقرير الطبي الشرعي فهي غير ملزمة من بعد أن تعرض لغيره من التقارير التي لم تأخذ بها، كما أن الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل المستمد من تقرير الطبيب الشرعي مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.