أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 42 - صـ 312

جلسة 13 من فبراير سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين ناجي اسحق وفتحي خليفة نائبي رئيس المحكمة وإبراهيم عبد المطلب وأحمد عبد الباري سليمان.

(42)
الطعن رقم 159 لسنة 60 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. إيداعها".
عدم إيداع الطاعن أسباباً لطعنه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
(2) حريق عمد. تلبس. مأمورو الضبط القضائي "سلطاتهم". جناية. جنحة. تفتيش "التفتيش بغير إذن".
لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح المعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر القبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه. جواز إصدار أمر بضبطه وإحضاره عند عدم وجوده. أساس ذلك؟
(3) حريق عمد. تلبس. مأمورو الضبط القضائي "سلطاتهم". قبض. تفتيش "التفتيش بغير إذن". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفوع "الدفع ببطلان القبض".
التلبس صفة تلازم الجريمة لا شخص مرتكبها.
تقدير توافر حالة التلبس. لرجل الضبط بداءة. تحت رقابة سلطة التحقيق وإشراف محكمة الموضوع.
انتقال مأمور الضبط إلى محل الحادث بعد وقوعه بزمن. لا ينفي قيام حالة التلبس. ما دام قد بادر إلى الانتقال عقب علمه مباشرة وشاهد آثار الجريمة بادية.
صدور أمر بالقبض على المتهم ممن يملكه قانوناً. يوجب على رجال السلطة العامة جميعاً تنفيذه. مثال لتسبيب كاف لقيام حالة تلبس في جريمة حريق عمد.
(4) نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم قبول إثارة الطاعنين لأول مرة أمام محكمة النقض بطلان إقرارهما لمأمور الضبط بسبب استجوابه لهما. ما دام أياً منهما لم يثر ذلك أمام محكمة الموضوع.
(5) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إثبات "بوجه عام" "شهود" "أوراق".
الجدل في تقدير أدلة الدعوى. استقلال محكمة الموضوع به.
مثال.
(6) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
مثال لخطأ في الإسناد. لا يعيب الحكم.
(7) إثبات "شهود".
للمحكمة الأخذ بقول للشاهد في التحقيق الابتدائي وإن خالف قولاً آخر له في جلسة المحاكمة.
(8) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
(9) إثبات "شهود" "معاينة". إجراءات "إجراءات التحقيق" "إجراءات المحاكمة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حريق عمد.
تعيب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
ليس للطاعن أن ينعى على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه.
مثال.
(10) حريق عمد. فاعل أصلي. مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كفاية بيان الحكم أن الطاعنين قد أسهما في ارتكاب جناية الحريق العمد، كفاعلين أصليين فيها. بيان دور كل منهما فيها غير لازم.
1 - لما كان الطاعن........ وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه مما يتعين معه عدم قبول طعنه شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
2 - لما كانت المادتان 34، 45 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلتين بالقانون رقم 37 لسنة 1972 قد أجازتا لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح المعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر، أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه فإذ لم يكن حاضراً جاز للمأمور إصدار أمر بضبطه وإحضاره.
3 - من المقرر قانوناً أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها، وأن تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من الأمور الموضوعية البحت التي توكل بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وأنه لا ينفي قيام حالة التلبس كون مأمور الضبط قد انتقل إلى محل الحادث بعد وقوعه بزمن، ما دام أنه قد بادر إلى الانتقال عقب علمه مباشرة وما دام أنه قد شاهد آثار الجريمة بادية، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن الأول ببطلان القبض عليه لانعدام حالة التلبس ورد عليه بقوله "بأن حالة التلبس متوافرة في الجريمة إذ أنها حالة تلازم الجريمة ذاتها وكون انتقال ضابط الواقعة إلى محل الجريمة فور إبلاغه بحدوثها من شرطة النجدة ومشاهدته آثار حدوثها وآثار الحريق الحاصل في محل المجني عليه وقيامه بمعاينة ذلك بعد برهة يسيرة من إطفاء الحريق وتأكده من شخص مرتكبها من شهود الواقعة فإن المحكمة ترى أن ذلك يعد كافياً لقيام حالة التلبس التي تجيز له القبض على المتهمين ويكون ما قام به من إجراءات قبضه على المتهمين والتحفظ على مكان الجريمة وإخطار النيابة العامة لتولي التحقيق وعرض الأمر عليها مع شهود الواقعة قد تم صحيحاً ويصح ما يترتب عليه من إجراءات ومن ثم يكون الدفع قائم على غير سند من القانون والواقع" فإن ما أورده الحكم فيما تقدم رداً على الدفع ببطلان القبض وسلامة الإجراءات التالية له يكون سديداً في القانون - ولا ينال من ذلك ما يثيره الطاعن الأول من أن الضابط الذي قام بالقبض غير الذي انتقل إلى مكان الحادث فور الإبلاغ به - ما دام لا يدع بأن من قام بالقبض لم يكن مأموراً به من زميله الأمر الذي شاهد الجريمة في حالة تلبس، ولأن صدور أمر بالقبض على المتهم ممن يملكه قانوناً يوجب على رجال السلطة العامة جميعاً تنفيذه.
4 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعنين لم يثر شيئاً أمام محكمة الموضوع بخصوص بطلان إقرارهما لمأمور الضبط بالجريمة - لأنه كان وليد استجوابه لهما - فلا يقبل منهما طرح هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه قد حصل دفاع الطاعن الأول وما أثاره عن عدم وجود اسم شهرة له - وأن المجني عليه في إقراره المكتوب لم يسند له فيه أي اتهام ثم أطرح دلالتهما اطمئناناً منه لأدلة الثبوت التي أوردها، فإنه يكون قد واجه فحوى المستندين المقدمين للمحكمة بما يغني عن إيراد مؤدى كل منهما على استقلال، ويضحى ما يثيره الطاعن الأول بصدد ذلك بأن المحكمة أخطأت وصف ثانيهما ولم تناقش المجني عليه في مضمونه أو ترفع التناقض بين أقواله في التحقيقات مع ما ورد في الإقرار محض جدل في تقدير أدلة الدعوى مما تستقل به محكمة الموضوع.
6 - لا محل لتعييب الحكم فيما أورده عن وجود اسم شهرة للطاعن........ خلافاً للحقيقة لأنه - وبفرض خطأ الحكم في ذلك - غير مؤثم في منطقة ولا في النتيجة التي انتهى إليها ما دام الطاعن لا ينازع في أن الحكم أورد اسمه الأصلي الصحيح وذلك لما هو مقرر من أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة.
7 - من المقرر أن للمحكمة أن تأخذ بقول للشاهد في التحقيق الابتدائي وإن خالف قولاً آخر له في جلسة المحاكمة فإن نعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أخذه بأقوال........ بالتحقيقات - والتي لم تتناقض مع ما نقله الحكم عن معاينة النيابة يكون غير مقبول.
8 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد أقوال الشهود بما لا تناقض فيه، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير سديد.
9 - لما كان ما يثيره الطاعن الثاني في خصوص قعود النيابة عن إجراء تجربة للتحقق من أن مكان وقوف الشاهدة...... يسمح لها برؤية الحادث، والتحقق مما إذا كان ثمة فراغ أسفل محل المجني عليه يسمح بانسياب الوقود المشتعل إلى داخله لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن هذا الطاعن قد طلب إلى المحكمة تدارك هذا النقض فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود، ويضحى تعييب الحكم من بعد عن عدم معقولية شهادتهم وتعذر رؤية بعضهم للحادث وإنكار التهمة وتلفيقها مجرد جدل في تقدير أدلة الدعوى مما تستقل به محكمة الموضوع وحسبها ما اطمأنت إليه من أدلة سائغة تفيد ضمناً إطراحها كل هذا الدفاع.
10 - لما كان الحكم المطعون فيه قد بين أن الطاعنين قد أسهما في ارتكاب جناية الحريق العمد كفاعلين أصليين فيها، فإن منعاهما بعدم بيان دور كل منهما فيها وتعييب أمر الإحالة لإسناده - اسم شهرة خطأ للأول يكون غير مقبول.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم وضعوا النار عمداً في حانوت...... الغير مسكون بأن سكبوا كمية من سائل الجازولين (بنزين) على بابه وأشعلوا عود ثقاب وألقوه فوقه فامتد لهبه إليه وحدث الحريق المبين آثاره بالتحقيقات. وأحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 253 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر سنة عما أسند إليهم.
فطعن المحكوم عليه الأول والأستاذ/ ....... نيابة عن المحكوم عليهما الثاني والثالث في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن...... وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه مما يتعين معه عدم قبول طعنه شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
ومن حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة الحريق العمد قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه عول على اعترافهما في محضر الضبط رغم أنه جاء نتيجة استجواب لا يملكه مأمور الضبط القضائي ووليد قبض باطل لأن الجريمة لم تكن في حالة تلبس ولأن الضابط الذي قام بالقبض في اليوم التالي لوقوع الحادث غير الذي انتقل إلى مكانه فور الإبلاغ له، إلا أن الحكم رد على الدفع ببطلان هذا القبض بما لا يصلح رداً، ولم يورد فحوى المستندين الذي قدمهما الطاعن....... للتدليل على أنه ليس له اسم شهرة - خلافاً لما أثبته الحكم - يغاير اسم الشهرة الوارد في أمر الإحالة، وعلى أن المجني عليه قد أقر باستبعاده من الاتهام، واكتفى في رده على هذا الدفاع باطمئنان المحكمة إلى أقوال المجني عليه في التحقيقات دون مناقشة ما جاء بالإقرار - الذي وصفه الحكم خطأ بأنه محضر صلح - ولم يرفع التناقض بين ما ورد فيه - وبين شهادة المجني عليه في التحقيقات، وعول الحكم على أقوال....... بالتحقيقات - دون أقوالها بجلسة المحاكمة - رغم تناقض هذه الأقوال مع المعاينة التي أثبتت استحالة رؤيتها للحادث وقت وقوعه من مكان وقوفها - ولم تحقق المحكمة هذا الدفاع الذي قعدت النيابة عن تحقيقه، كما لم تحقق المحكمة ما أغفلته معاينة النيابة بخصوص ما إذا كان يوجد أسفل باب المحل المحترق فراغ يسمح بتسرب الوقود المشتعل إلى داخله، كما عول الحكم على أقوال المجني عليه رغم تناقضها مع أقوال الشاهد..... في خصوص وقت حضور المتهمين لمكان الحادث، ورغم عدم معقولية ما قرره هذا الشاهد عن مناداة المتهمين للمجني عليه وهو غائب وسكبهم الوقود على محله المغلق، وعدم إبلاغ المجني عليه عن تهديد المتهمين له عندما رفض أن يخرج لهم محله السيدة التي لم يعرف اسمها والتي كانت تصفف في محله شعرها، ولا إمكان سماع ما يدور بداخل المحل من خارجه، هذا إلى تناقض الشهود عموماً وتلفيق الاتهام بدلالة الصلح الموثق وعدم تعرف الشاهدة بالجلسة على أحد من المتهمين - الذي لم يكشف الحكم عن دور كل منهم في الجريمة ووجه مساهمته فيها فاعلاً أصلياً كان أو شريكاً مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الحريق العمد التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال المجني عليه..... و...... و..... و..... بالتحقيقات، واعتراف المتهمين بالاستدلالات ومعاينة النيابة لمكان الواقعة وتقرير المعمل الجنائي وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكانت المادتان 34، 35 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلتين بالقانون رقم 37 لسنة 1972 قد أجازتا لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح المعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر، أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه فإذ لم يكن حاضراً جاز للمأمور إصدار أمر بضبطه وإحضاره، وكان من المقرر قانوناً أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها، وأن تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من الأمور الموضوعية البحت التي توكل بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وأنه لا ينفي قيام حالة التلبس كون مأمور الضبط قد انتقل إلى محل الحادث بعد وقوعه بزمن، ما دام أنه قد بادر إلى الانتقال عقب علمه مباشرة وما دام أنه قد شاهد آثار الجريمة بادية، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن الأول ببطلان القبض عليه لانعدام حالة التلبس ورد عليه بقوله "بأن حالة التلبس متوافرة في الجريمة إذ أنها حالة تلازم الجريمة ذاتها وكون انتقال ضابط الواقعة إلى محل الجريمة فور إبلاغه بحدوثها من شرطة النجدة ومشاهدته آثار حدوثها وآثار الحريق الحاصل في محل المجني عليه وقيامه بمعاينة ذلك بعد برهة يسيرة من إطفاء الحريق وتأكده من شخص مرتكبها من شهود الواقعة فإن المحكمة ترى أن ذلك يعد كافياً لقيام حالة التلبس التي تجيز له القبض على المتهمين ويكون ما قام به من إجراءات قبضه على المتهمين والتحفظ على مكان الجريمة وإخطار النيابة العامة لتولي التحقيق وعرض الأمر عليها مع شهود الواقعة قد تم صحيحاً ويصح ما يترتب عليه من إجراءات ومن ثم يكون الدفع قائم على غير سند من القانون والواقع". فإن ما أورده الحكم فيما تقدم رداً على الدفع ببطلان القبض وسلامة الإجراءات التالية له يكون سديداً في القانون - ولا ينال من ذلك ما يثيره الطاعن الأول من أن الضابط الذي قام بالقبض غير الذي انتقل إلى مكان الحادث فور الإبلاغ به - ما دام لا يدع بأن من قام بالقبض لم يكن مأموراً به من زميله الآمر الذي شاهد الجريمة في حالة تلبس، ولأن صدور أمر بالقبض على المتهم ممن يملكه قانوناً يوجب على رجال السلطة العامة جميعاً تنفيذه. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعنين لم يثر شيئاً أمام محكمة الموضوع بخصوص بطلان إقرارهما لمأمور الضبط بالجريمة - لأنه كان وليد استجوابه لهما - فلا يقبل منهما طرح هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل دفاع الطاعن الأول وما أثاره عن عدم وجود اسم شهرة له - وأن المجني عليه في إقراره المكتوب لم يسند له فيه أي اتهام ثم أطرح دلالتهما اطمئناناً منه لأدلة الثبوت التي أوردها، فإنه يكون قد واجه فحوى المستندين المقدمين للمحكمة بما يغني عن إيراد مؤدى كل منهما على استقلال، ويضحى ما يثيره الطاعن الأول بصدد ذلك وأن المحكمة أخطأت وصف ثانيهما ولم تناقش المجني عليه في مضمونه أو ترفع التناقض بين أقواله في التحقيقات مع ما ورد في الإقرار محض جدل في تقدير أدلة الدعوى مما تستقل به محكمة الموضوع، كما لا محل لتعييب الحكم فيما أورده عن وجود اسم شهرة للطاعن........ خلافاً للحقيقة لأنه - بفرض خطأ الحكم في ذلك - فإنه غير مؤثر في منطقة ولا في النتيجة التي انتهى إليها ما دام الطاعن لا ينازع في أن الحكم أورد اسمه الأصلي الصحيح وذلك لما هو مقرر من أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة، لما كان ذلك وكان للمحكمة أن تأخذ بقول للشاهد في التحقيق الابتدائي وإن خالف قولاً آخر له في جلسة المحاكمة فإن نعي الطاعن على الحكم المطعون فيه أخذه بأقوال....... بالتحقيقات - والتي لم تتناقض مع ما نقله الحكم عن معاينة النيابة يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد أقوال الشهود بما لا تناقض فيه، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن الثاني في خصوص قعود النيابة عن إجراء تجربة للتحقق من أن مكان وقوف الشاهدة...... يسمح لها برؤية الحادث، والتحقق مما إذا كان ثمة فراغ أسفل محل المجني عليه يسمح بانسياب الوقود المشتعل إلى داخله لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن هذا الطاعن قد طلب إلى المحكمة تدارك هذا النقض فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود، ويضحى تعييب الحكم من بعد عن عدم معقولية شهادتهم وتعذر رؤية بعضهم للحادث وإنكار التهمة وتلفيقها مجرد جدل في تقدير أدلة الدعوى مما تستقل به محكمة الموضوع وحسبها ما اطمأنت إليه من أدلة سائغة تفيد ضمناً إطراحها كل هذا الدفاع. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين أن الطاعنين قد أسهما في ارتكاب جناية الحريق العمد كفاعلين أصليين فيها، فإن منعاهما بعدم بيان دور كل منهما - فيها وتعييب أمر الإحالة لإسناده - اسم شهرة خطأ للأول يكون غير مقبول ويكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.