أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 29 - صـ 602

جلسة 12 من يونيه سنة 1978

برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صلاح الدين الرشيدي، وإسماعيل محمود حفيظ، ومحمد عبد الحميد صادق، ومحمد يونس ثابت.

(116)
الطعن رقم 1654 لسنة 47 القضائية

(1) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام" حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تساند الأدلة في المواد الجنائية. منها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة.
(2) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام". "شهود". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
اطمئنان المحكمة إلى أقوال المجني عليه مفاده إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
(3) دفوع. "الدفع بتعذر الرؤية". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بتعذر الرؤية. موضوعي.
(4) ضرب. "أحداث عاهة". "ضرب بسيط". عقوبة "العقوبة المبررة". نقض. "أسباب الطعن، ما لا يقبل منها".
عدم جدوى النعي على الحكم بشأن جريمة العاهة المستديمة. طالما كانت العقوبة المقضي بها تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجريمة الضرب البسيط التي لا نعي عليها.
1 - العبرة في المحاكمة الجنائية هي باقتناع  قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها متجمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ولما كان الحكم المطعون فيه قد بين بإفاضة وتفصيل واقعة الدعوى والأدلة القائمة فيها - ومن بينها ما لا حظه المحقق من وجود إصابة بالطاعن بالشقة العليا ثبت من الكشف الطبي أنها خدش ظفر حدثت في تاريخ يتفق مع الواقعة وليست حالة مرضية كما زعم الطاعن - وكان وجه استدلال الحكم بإصابة الطاعن هو لنفي دفاعه بوجوده بعيداً عن مسرح الجريمة فإن النعي على الحكم بدعوى القصور في هذا الصدد لا يكون له محل.
2 - لمحكمة الموضوع بما لها من سلطة تقدير الأدلة أن تأخذ بما ترتاح إليه منها، وفي اطمئنانها إلى أقوال المجني عليه ما يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها إذ أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها بشهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع ولا يجوز الجدل في ذلك أمام محكمة النقض.
3 - إن الدفع بتعذر الرؤية وتحديد الضارب من الدفوع الموضوعية ومن ثم فإن منازعة الطاعن في القوة التدليلية لأقوال المجني عليه بدعوى تعذر رؤيته لضاربه من الخلف ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
4 - لا مصلحة للطاعن فيما يثيره بشأن جريمة العاهة طالما أن العقوبة المقضى بها عليه - وهي الحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة مقررة لجريمة الضرب البسيط المنطبق على المادة 242/ 1 من قانون العقوبات ولجريمة الضرب العمد الأخرى المرتبطة التي دين الطاعن بها ولم تنصب عليها أسباب طعنه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: (أولاً) ضرب عمداً...... بمطواة في ظهره فأحدث به الإصابة المبينة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلفت لديه من جرائها عاهة مستديمة هي ضعف شديد بحركات التنفس بالصدر مما يقلل من كفاءته على العمل بنحو عشرين في المائة. (ثانياً) أحدث عمداً بـ......... الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أعجزته عن أعماله الشخصية مدة تزيد على عشرين يوماً. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام، فقرر ذلك. وادعى....... مدنياً قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 240/ 1 و241/1 و32/ 2 و17 من قانون العقوبات. بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وإلزامه أن يدفع للمدعي بالحق المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات المدنية وعشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحداث العاهة المستديمة والضرب العمد جاء مشوباً بقصور في التسبيب وفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، ذلك بأنه استند - ضمن ما استند إليه في قضائه - إلى ما لاحظه المحقق من إصابة الطاعن بخدش ظفري بالشفة العليا دون بيان وجه استدلاله بذلك في إدانته، وعول على أقوال المجني عليه بالعاهة مع أن مفاد ما قرره من وقوع الاعتداء عليه من الخلف ومن أكثر من شخص أنه لم ير ضار به. هذا وقد ذهب الحكم إلى أن إصابة العاهة قد حدثت من طعنة في الظهر على خلاف ما جاء بالتقرير الطبي الشرعي من حدوثها عن إصابة الصدر، مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة مستقاة من أقوال المجني عليهما وما جاء بالتقارير الطبية الشرعية. لما كان ذلك، وكانت العبرة في المحاكمة الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها متجمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ولما كان الحكم المطعون فيه قد بين بإفاضة وتفصيل واقعة الدعوى والأدلة القائمة فيها - ومن بينها ما لا حظه المحقق من وجود إصابة بالطاعن بالشقة العليا ثبت من الكشف الطبي أنها خدش ظفر حدثت في تاريخ يتفق مع الواقعة وليست حالة مرضية كما زعم الطاعن - وكان وجه استدلال الحكم بإصابة الطاعن هو لنفي دفاعه بوجوده بعيداً عن مسرح الجريمة، فإن النعي على الحكم بدعوى القصور في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع بما لها من سلطة تقدير الأدلة أن تأخذ بما ترتاح إليه منها، وفي اطمئنانها إلى أقوال المجني عليه ما يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها إذ وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها بشهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع ولا يجوز الجدل في ذلك أمام محكمة النقض، وإذ كان الدفع بتعذر الرؤية وتحديد الضارب من الدفوع الموضوعية، فإن منازعة الطاعن في القوة التدليلية لأقوال المجني عليه بدعوى تعذر رؤيته لضاربه من الخلف ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا مصلحة للطاعن فيما يثيره بشأن جريمة العاهة طالما أن العقوبة المقضى بها عليه - وهي الحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة - مقررة لجريمة الضرب البسيط المنطبق على المادة 242/ 1 من قانون العقوبات ولجريمة الضرب العمد الأخرى المرتبطة التي دين الطاعن بها ولم تنصب عليها أسباب طعنه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.