أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 42 - صـ 324

جلسة 14 من فبراير سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم البنا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين عبد الوهاب الخياط وعبد اللطيف أبو النيل نائبي رئيس المحكمة وعمار إبراهيم وبهيج حسن القصبجي.

(43)
الطعن رقم 71 لسنة 60 القضائية

اختصاص "الاختصاص النوعي". محكمة الجنايات "اختصاصها" "الإجراءات أمامها". إجراءات "إجراءات المحاكمة". معارضة. ارتباط. نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون" "نظر الطعن والحكم فيه". محكمة النقض "سلطتها". طعن "الصفة في الطعن".
شمول التحقيق أكثر من جريمة واحدة من اختصاص محاكم من درجات مختلفة. إحالتها جميعاً إلى المحكمة الأعلى درجة.
غياب المتهم بجنحة مقدمة إلى محكمة الجنايات. وجوب اتباع الإجراءات المعمول بها أمام محكمة الجنح في شأنه. مؤدى ذلك: قابلية الحكم الصادر فيها للمعارضة.
صدور حكم غيابي ببراءة المتهم من جناية وبإدانته عن جنحة مرتبطة بها. أثره: أن تكون المعارضة هي السبيل الوحيد لإعادة نظر الدعوى أمام المحكمة. علة ذلك؟
الأصل أن المحكمة لا تنظر في طعن لم يرفعه صاحبه.
تصدي محكمة الجنايات للفصل في جنحة صدر فيها حكم غيابي دون الطعن فيها بالمعارضة خطأ في القانون - يؤذن لمحكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها. أساس ذلك؟
لما كانت الفقرة الرابعة من المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية وأن قررت قاعدة عامة أصلية من قواعد تنظيم الاختصاص مؤداها أنة إذا شمل التحقيق أكثر من جريمة واحدة من اختصاص محاكم من درجات مختلفة تحال جميعاً إلى المحكمة الأعلى درجة تغليباً لاختصاص الأخيرة على غيرها من المحاكم الأدنى منها درجة، إلا أنه من المقرر أيضاً طبقاً لنص المادة 397 من القانون ذاته أنه إذا غاب المتهم بجنحة مقدمة إلى محكمة الجنايات تتبع في شأنه الإجراءات المعمول بها أمام محكمة الجنح ويكون الحكم الغيابي الصادر فيها قابلاً للمعارضة، ومن ثم فإنه إذا رفعت الدعوى بجناية وجنحة مرتبطة بها - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - وصدر حكم غيابي ببراءة المتهم من الجناية وبإدانته عن الجنحة فإنه لا تبقى سوى الأخيرة ويزول عنها حكم الارتباط فلا يسقط الحكم الغيابي الصادر فيها لمجرد القبض على المتهم، ويكون هذا الحكم قابلاً للطعن فيه بطريق المعارضة، ويكون الطعن بهذا الطريق هو السبيل الوحيد لإعادة نظر الدعوى أمام المحكمة، وذلك لما هو مقرر طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 454 من قانون الإجراءات الجنائية من أنه إذا صدر حكم في موضوع الدعوى الجنائية، فلا يجوز إعادة نظرها إلا بالطعن في هذا الحكم بالطرق المقررة في القانون، وإذ كان الثابت من الاطلاع على المفردات المضمومة أن الطاعن لم يقرر بالمعارضة في الحكم الغيابي الصادر ضده عن جنحة التهريب. وكان الأصل في الطعون عامة أن المحكمة لا تنظر في طعن لم يرفعه صاحبه. فإنه ما كان يجوز للمحكمة وقد سعى بالدعوى إلى ساحتها بغير الطريق القانوني أن تعود إلى نظرها ويكون اتصالها بها في هذه الحالة معدوماً قانوناً فلا يحق لها أن تتعرض لموضوعها. وإذ كانت المحكمة قد تصدت للدعوى وقضت على الطاعن بالعقوبة الواردة بالحكم المطعون فيه فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون ويكون حكمها لغواً لا يعتد به، مما يؤذن لهذه المحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها طبقًا لنص الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 - ...... 2 - ..... 3 - ..... (طاعن) 4 - ...... 5 - ...... 6 - ...... 7 - ....... المتهمان الأول والثاني أولاً: بصفتهما موظفين عامين الأول معاون صرف بمصلحة الجمارك والثاني مندوب أمن بمراقبة الأمن الجمركي بها سهلاً للمتهمين من الثالث إلى السابع الاستيلاء بغير حق على الرسوم الجمركية المملوكة للدولة والمستحقة على البضائع المبينة بالتحقيقات والبالغ قيمتها 128687.490 جنيه. ثانياً: بصفتهما السالفة أضرا عمداً بأموال مصلحة الجمارك التي يعملان بها بأن مكنا باقي المتهمين من تهريب البضائع سالفة الذكر دون سداد الرسوم الجمركية المستحقة عليها وأضاعا على الدولة تحصيل تلك الرسوم والبالغ قيمتها 128687.490 مليمجـ. المتهمون من الثالث إلى السابع: اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الأول والثاني في ارتكاب الجريمتين موضوع التهمتين السالفتين بأن اتفقوا معهما على ارتكابهما وقاموا باستيراد البضاعة من الخارج وأعدوا سيارة لتهريبها من الباب الجمركي الذي يتولى المتهمان المراقبة عليه وقاموا بتحميلها بها وإخراجها من الدائرة الجمركية. فوقعت الجريمتان بناءً على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. المتهمون جميعاً أيضا: هربوا البضائع الجمركية آنفة البيان والبالغ قيمتها 91670 جنيه بأن أخفوها عن رجال الجمارك دون سداد الرسوم الجمركية المستحقة عليها. وأحالتهم إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت مصلحة الجمارك مدنياً قبل المتهمين بمبلغ 257374.980 مليمجـ على سبيل التعويض. والمحكمة المذكورة قضت غيابياً للثالث (الطاعن) وحضورياً للباقين عملاً بالمواد 40/ 2، 3، 41، 113/ 1، 116/ 1 مكرراً، 118، 118 مكرراً، 119/ أ، 119/ أ مكرراً من قانون العقوبات والمواد 1، 2، 3، 4، 121، 122، 124/ 1، 124 مكرراً من القانون رقم 63 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980 بمعاقبة أولاً: الأول والثالث بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات وبتغريم كل منهما عشرين ألف جنيه وبإلزامهما متضامنين بأن يدفعا إلى مصلحة الجمارك تعويضاً قدره 257374.980 مليمجـ وبمصادرة البضائع موضوع التهريب وذلك عن جريمة التهريب الجمركي التي تضمنتها التهمة الأخيرة الواردة بأمر الإحالة وبراءتهما من باقي ما أسند إليهما. ثانياً: ببراءة باقي المتهمين مما أسند إليهما. وإذ قبض على المتهم الثالث وأعيدت إجراءات محاكمته قضي عملاً بالمواد 45، 47 من قانون العقوبات و1، 2، 3، 4، 121، 122، 124/ 1، 124 مكرراً من القانون 63 لسنة 1966 المعدل بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ألف جنيه وإلزامه بأن يؤدي لمصلحة الجمارك 257374.980 مليمجـ وبمصادرة البضائع موضوع التهريب. باعتبار أنه شرع في تهريب البضائع الأجنبية المبينة بالتحقيقات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن الدعوى الجنائية رفعت ضد كل من 1 - ...... 2 - ..... 3 - ..... (الطاعن) 4 - ..... 5 - ...... 6 - ...... 7 - ....... بوصف أنهم في يوم 25 من مايو سنة 1982 بدائرة قسم المينا - محافظة الإسكندرية المتهمان الأول والثاني: أولاً: بصفتهما موظفين عامين الأول معاون صرف بمصلحة الجمارك والثاني مندوب أمن بمراقبة الأمن الجمركي بها سهلاً للمتهمين من الثالث إلى السابع الاستيلاء بغير حق على الرسوم الجمركية المملوكة للدولة والمستحقة على البضائع المبينة بالتحقيقات والبالغ قيمتها 128687.490 مليمجـ. ثانياً: بصفتهما السالفة أضرا عمداً بأموال مصلحة الجمارك التي يعملان بها بأن مكنا باقي المتهمين من تهريب البضائع سالفة الذكر دون سداد الرسوم الجمركية المستحقة عليها وأضاعا على الدولة تحصيل تلك الرسوم والبالغ قيمتها 128687.490 مليمجـ، المتهمون من الثالث إلى السابع: اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الأول والثاني في ارتكاب الجريمتين موضوع التهمتين السالفتين بأن اتفقوا معهما على ارتكابهما وقاموا باستيراد البضاعة من الخارج وأعدوا سيارة لتهريبها من الباب الجمركي الذي يتولى المتهمان المراقبة عليه وقاموا بتحميلها بها وإخراجها من الدائرة الجمركية. فوقعت الجريمتان بناءً على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. المتهمون جميعاً: أيضاً هربوا البضائع الجمركية آنفة البيان والبالغ قيمتها 91670 جنيه بأن أخفوها عن رجال الجمارك دون سداد الرسوم الجمركية المستحقة عليها. وطلبت النيابة العامة معاقبتهم طبقاً للمواد 40/ 2، 3، 41، 113/ 1، 116/ 1 مكرراً، 118، 118 مكرراً، 119/ أ، 119/ أ مكرراً من قانون العقوبات والمواد 1، 2، 3، 4، 121، 122، 124/ 1، 124 مكرراً من القانون رقم 63 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980 ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت بتاريخ 15 من أبريل سنة 1987 غيابياً للمتهم الثالث - الطاعن وحضورياً للباقين: أولاً: بمعاقبة كل من المتهمين الأول والثالث بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات وبتغريم كل منهما عشرين ألف جنيه وبإلزامهما متضامنين بأن يدفعا إلى مصلحة الجمارك تعويضاً قدره 257374.980 جنيه وبمصادرة البضائع موضوع التهريب وذلك عن جريمة التهريب الجمركي التي تضمنتها التهمة الأخيرة الواردة بأمر الإحالة وألزمتهما بالمصاريف الجنائية وببراءتهما من باقي ما أسند إليهما. ثانياً: ببراءة باقي المتهمين مما أسند إليهم. وإذ قبض على الطاعن فإن المحكمة مستندة لنص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية - قد أعادت نظر الدعوى بالنسبة فقط لجنحة التهريب الجمركي التي سبق أن دانه الحكم الغيابي بها وحدها وبعد تبرئته من الجناية التي ارتبطت بها. وانتهت المحكمة من ذلك إلى إصدار حكمها المطعون فيه. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الرابعة من المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية وإن قررت قاعدة عامة أصلية من قواعد تنظيم الاختصاص مؤداها أنة إذا شمل التحقيق أكثر من جريمة واحدة من اختصاص محاكم من درجات مختلفة تحال جميعهاً إلى المحكمة الأعلى درجة تغليباً لاختصاص الأخيرة على غيرها من المحاكم الأدنى منها درجة، إلا أنه من المقرر أيضاً طبقاً لنص المادة 397 من القانون ذاته أنه إذا غاب المتهم بجنحة مقدمة إلى محكمة الجنايات تتبع في شأنه الإجراءات المعمول بها أمام محكمة الجنح ويكون الحكم الغيابي الصادر فيها قابلاً للمعارضة، ومن ثم فإنه إذا رفعت الدعوى بجناية وجنحة مرتبطة بها - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - وصدر حكم غيابي ببراءة المتهم من الجناية وبإدانته عن الجنحة فإنه لا تبقى سوى الأخيرة ويزول عنها حكم الارتباط فلا يسقط الحكم الغيابي الصادر فيها لمجرد القبض على المتهم، ويكون هذا الحكم قابلاً للطعن فيه بطريق المعارضة، ويكون الطعن بهذا الطريق هو السبيل الوحيد لإعادة نظر الدعوى أمام المحكمة، وذلك لما هو مقرر طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 454 من قانون الإجراءات الجنائية من أنه إذا صدر حكم في موضوع الدعوى الجنائية، فلا يجوز إعادة نظرها إلا بالطعن في هذا الحكم بالطرق المقررة في القانون، وإذ كان الثابت من الاطلاع على المفردات المضمومة أن الطاعن لم يقرر بالمعارضة في الحكم الغيابي الصادر ضده عن جنحة التهريب. وكان الأصل في الطعون بعامة أن المحكمة لا تنظر في طعن لم يرفعه صاحبه. فإنه ما كان يجوز للمحكمة وقد سعى بالدعوى إلى ساحتها بغير الطريق القانوني أن تعود إلى نظرها ويكون اتصالها بها في هذه الحالة معدوماً قانوناً فلا يحق لها أن تتعرض لموضوعها. وإذ كانت المحكمة قد تصدت للدعوى وقضت على الطاعن بالعقوبة الواردة بالحكم المطعون فيه فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون ويكون حكمها لغواً لا يعتد به، مما يؤذن لهذه المحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959 وذلك بغير حاجة للتعرض لأوجه الطعن المقدمة من الطاعن.