أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 29 - صـ 619

جلسة 12 من يونيه سنة 1978

برياسة السيد المستشار محمد عبد الواحد الديب، وعضوية السادة المستشارين: دكتور أحمد رفعت خفاجي، وإسماعيل محمود حفيظ، ومحمد صفوت القاضي، ومحمد عبد الحميد صادق.

(120)
الطعن رقم 311 لسنة 48 القضائية

(1) مواد مخدرة. أسباب الإباحة وموانع العقاب. "موانع العقاب". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مناط الإعفاء وفقاً للمادة 48 من القانون 182 لسنة 1960: مشروط بتعدد المساهمين في الجرائم المعينة فاعلين كانوا أو شركاء. وورود الإبلاغ على غير المبلغ بقصد تمكين السلطات من وضع يدها على مرتكبي الجرائم الخطرة. عدم تحقق صدق الإبلاغ. انتفاء موجب الإعفاء.
(2) إجراءات. "إجراءات التحقيق". نيابة عامة. بطلان. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إيجاب المادة 123 إجراءات على المحقق أن يثبت من شخصية المتهم وأن يحيطه علماً بالتهمة المنسوبة إليه. عدم إيجابها إفصاح المحقق عن شخصيته.
حق المحكمة الأخذ باعتراف المتهم أمام النيابة ولو لم يفصح وكيلها من شخصيته.
(3، 4) إثبات. "اعتراف". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
3 - الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال. للمحكمة كامل الحرية في تقديره. أخذ المحكمة به. مفاده: إطراح جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لعدم الأخذ به.
4 - عدم جدوى قول الطاعن بإحراز آخر لبعض من المخدر المضبوط. طالما كان فيما اعترف بإحرازه ما يكفي لحمل قضاء الحكم.
1 - جرى قضاء محكمة النقض على أن مناط الإعفاء الذي تتحقق به حكمة التشريع وفقاً للمادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 هو تعدد الجناة المساهمين في الجريمة فاعلين كانوا أو شركاء، وورود الإبلاغ على غير المبلغ بما مفاده أنه حتى يتوافر موجب الإعفاء يتعين أولاً أن يثبت أن عدة جناه قد ساهموا في اقتراف الجريمة المبلغ عنها فاعلين كانوا أو شركاء، وأن يقوم أحدهم بإبلاغ السلطات العامة بها فيستحق بذلك منحه الإعفاء المقابل الذي قصده الشارع وهو تمكين السلطات من وضع يدها على مرتكبي الجرائم الخطرة التي نص عليها القانون فإذا لم يتحقق صدق الإبلاغ بأن لم يثبت أصلاً أن هناك آخرين ساهموا مع المبلغ في الجريمة فلا إعفاء لانتفاء مقوماته وعدم تحقق حكمة التشريع بعدم بلوغ النتيجة التي يجزي القانون عنها بالإبلاغ عنها وهو تمكين السلطات من الكشف عن تلك الجرائم الخطرة، وإذ كان يبين مما ساقه الحكم المطعون فيه أنه اعتنق هذا النظر وخلص بحق - مما له معينه من الأوراق - إلى رفض الطلب تمتع الطاعن بالإعفاء المشار إليه لانتفاء مقوماته والحكمة من تشريعه فليس له من بعد التذرع بنص المادة 48 سالفة الذكر وإعفائه من العقاب.
2 - لما كان النعي بخطأ الحكم في الإسناد حين رد على الدفاع ببطلان الاعتراف لصدوره قبل أن يكشف وكيل النيابة المحقق عن شخصيته بما يناقض هذا الثابت بالأوراق، مردوداً بأن الفقرة الأولى من المادة 123 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "عند حضور المتهم لأول مرة في التحقيق يحب على المحقق أن يثبت شخصيته ثم يحيطه علماً بالتهمة المنسوبة إليه ويثبت أقواله في المحضر" ومفاد ذلك أن المحقق هو الذي يتثبت من شخصية المتهم ولم يترتب القانون واجباً على المحقق أن ينبئ المتهم عن شخصيته كما لم يرتب بطلاناً لإغفاله ذلك، طالما أن الذي أجرى التحقيق هو وكيل النيابة المختص وهو ما لا يماري فيه الطاعن، ومن ثم فلا يجديه رمي الحكم بالخطأ في الإسناد في هذا المقام إذ أن من المقرر أنه يعيب الحكم الخطأ في الإسناد - بفرض صحته - طالما أنه لا أثر له في منطقه ولا في النتيجة التي انتهى إليها.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أخذ باعتراف الطاعن في تحقيقات النيابة لبراءته مما يشوبه واطمئناناً من المحكمة إلى صحته وإن عدل عنه بعد ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ومتى خلصت إلى سلامة الدليل المستمد من الاعتراف فإن مفاد ذلك أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ به، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله.
4 - إن القول بعدم مطابقة اعتراف الطاعن للواقع لأنه لم يكن يحرز سوى بعض من المخدر المضبوط. وأن متهماً آخر كان يحرز شطراً منه، هو بفرض صحته - لا يجدي الطاعن لأن في البعض الذي يعترف بإحرازه ما يكفي لحمل قضاء الحكم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيشاً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1 و2 و34/ أ و36 و42 من القانون رقم 182 سنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 سنة 1966 والبند 12 من الجدول رقم 1 المرافق. ومحكمة جنايات الزقازيق قضت في الدعوى حضورياً بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة مدة ثلاث سنوات وبتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة الجوهر المخدر المضبوط. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز جوهر مخدر - حشيش - بقصد الاتجار قد أخطأ في تطبيق القانون وفي الإسناد وشابه القصور في التسبيب، ذلك بأن اعترافه يرشح لتمتعه بالإعفاء من العقاب المقرر بنص المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 لأنه تضمن الإبلاغ عن متهم آخر تم ضبطه، وقد رفض الحكم ذلك رغم وجوبه، وخالف الثابت بالأوراق في مقام الرد على بطلان اعترافه للإدلاء به قبل أن يحيطه وكيل النيابة المحقق علماً بشخصه، حين استند إلى نقيض ذلك، كما أمسك الحكم عن الرد على ما أثاره مدافع الطاعن من بطلان اعترافه لعدم مطابقته للواقع، إذ جرى اعترافه بإحرازه للمخدر المضبوط في حين أن شطراً منه قد ضبط مع متهم آخر. كل ذلك يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز المخدر بقصد الاتجار التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما أثاره الطاعن بشأن تمتعه بالإعفاء المنصوص عليه في المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 ورد عليه في قوله "إن الثابت من الأوراق أن المتهم إذ تم ضبطه محرزاً مخدراً واعترف بحيازته، نسب الحصول عليه من شخص سماه للمحقق".
وحيث إن هذا القول لا يعتبر دليلاً قبل الآخر ولم يوصل بالتالي كما هو ثابت بالأوراق إلى ضبط ذلك الشخص محرزاً أو حائزاً لمخدر ومن ثم فإن ما أثاره المتهم لا يتوافر معه شروط انطباق المادة المذكورة اللازمة لإعفاء المبلغ من العقاب والتي توجب في حالة الإبلاغ بعد علم السلطات العامة بالجريمة أن يوصل هذا الإبلاغ فعلاً إلى ضبط الجناة، وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن مناط الإعفاء الذي تتحقق به حكمة التشريع وفقاً للمادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 هو تعدد الجناة المساهمين في الجريمة فاعلين كانوا أو شركاء، وورود الإبلاغ على غير المبلغ بما مفاده أنه حتى يتوافر موجب الإعفاء يتعين أولاً أن يثبت أن عدة جناة قد ساهموا في اقتراف الجريمة المبلغ عنها فاعلين كانوا أو شركاء، وأن يقوم أحدهم بإبلاغ السلطات العامة بها فيستحق بذلك منحه الإعفاء المقابل الذي قصده الشارع وهو تمكين السلطات من وضع يدها على مرتكبي الجرائم الخطرة التي نص عليها القانون فإذا لم يتحقق صدق الإبلاغ بأن لم يثبت أصلاً أن هناك جناة آخرين ساهموا مع المبلغ في الجريمة فلا إعفاء لانتفاء مقوماته وعدم تحقق حكمة التشريع بعدم بلوغ النتيجة التي يجزي القانون عنها بالإبلاغ عنها وهو تمكين السلطات من الكشف عن تلك الجرائم الخطرة، وإذ كان يبين مما ساقه الحكم المطعون فيه فيما سلف أنه اعتنق هذا النظر وخلص بحق - مما له معينه من الأوراق - إلى رفض الطلب تمتع الطاعن بالإعفاء المشار إليه لانتفاء مقوماته والحكمة من تشريعه، فليس له من بعد التذرع بنص المادة 48 سالفة الذكر وإعفائه من العقاب. لما كان ذلك، وكان النعي بخطأ الحكم في الإسناد حين رد على الدفاع ببطلان الاعتراف لصدوره قبل أن يكشف وكيل النيابة المحقق عن شخصيته بما يناقض هذا الثابت بالأوراق، مردوداً بأن الفقرة الأولى من المادة 123 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "عند حضور المتهم لأول مرة في التحقيق يحب على المحقق أن يثبت شخصيته ثم يحيطه علماً بالتهمة المنسوبة إليه ويثبت أقواله في المحضر"، ومفاد ذلك على المحقق هو الذي يتثبت من شخصية المتهم ولم يترتب القانون واجباً على المحقق أن ينبئ المتهم عن شخصيته كما لم يرتب بطلاناً لإغفاله ذلك، طالماً أن الذي أجرى التحقيق هو وكيل النيابة المختص وهو ما لا يمارى فيه الطاعن، ومن ثم فلا يجديه رمي الحكم بالخطأ في الإسناد في هذا المقام، إذ أن من المقرر أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد - بفرض صحته - طالما أنه لا أثر له في منطقه ولا في النتيجة التي انتهى إليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ باعتراف الطاعن في تحقيقات النيابة لبراءته مما يشوبه واطمئناناً من المحكمة إلى صحته وإن عدل عنه بعد ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ومتى خلصت إلى سلامة الدليل المستمد من الاعتراف فإن مفاد ذلك أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ به، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله، هذا إلى أن بعدم مطابقة اعترافه للواقع لأنه لم يكن يحرز سوى بعضاً من المخدر المضبوط، وأن متهماً آخر كان يحرز شطراً منه، هو - بفرض صحته - لا يجدي الطاعن لأن في البعض الذي يعترف بإحرازه ما يكفي لحمل قضاء الحكم. ولما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.