أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 29 - صـ 645

جلسة أول أكتوبر سنة 1978

برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينة، ودكتور أحمد رفعت خفاجي، وأحمد طاهر خليل، ومحمد حلمي راغب.

(125)
الطعن رقم 448 لسنة 48 القضائية

(1، 2) قتل خطأ. خطأ. إثبات. "بوجه عام". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
(1) استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(2) حسب الحكم تدليلاً على تحقق جريمة القتل الخطأ. ثبوت توافر صورة من صور الخطأ المبينة بالمادة 238 عقوبات. ولو انتفت صورة أخرى. مثال؟
1 - لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - لما كان ذلك وكان الحكم قد أثبت الخطأ في حق الطاعن في قوله "إنه وهو مقدم على السير في طريق منحنى فقد كان يتعين عليه تحوطاً وتحسباً لثمة ما يقابله بالاتجاه المقابل أن يهدئ من سرعته إلا أن الثابت من الماديات أن المتهم الأول (الطاعن) لم يهدئ من السرعة ولم يأخذ جانب الحيطة وهو يسير في منحنى له مخاطره وأدى اندفاعه الاصطدام بالسيارة قيادة المتهم الثاني واصطدامه بها بجانبها الأيمن مما يقطع في شدة اندفاعه وانحرافه عن يمين اتجاهه...... وأن المتهم الثاني عمل على مفاداته بالانحراف إلى أقصى اليسار" وكان ما حصله الحكم من أقوال المتهم الثاني يفيد أنه انحراف يساراً بما تنتفي معه قالة الخطأ في الإسناد. فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل إذ لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً.
2 - لما كان الحكم قد خلص مما أورده من أدلة سائغة على ثبوت خطأ الطاعن المتمثل في قيادته السيارة بسرعة شديدة وعدم احتياطه حال سيره في منحنى وانحرافه عن يمين اتجاهه، وكان من المقرر أنه لا يلزم للعقاب عن جريمة القتل الخطأ أن يقع الخطأ الذي يتسبب عنه الإصابة بجميع صوره التي أوردتها المادة 238 من قانون العقوبات بل يكفي لتحقق الجريمة أن تتوافر صورة واحدة منها، ومن ثم فلا جدوى للمتهم من التحدي بأن العطل بفرامل السيارة كان نتيجة الحادث وليس سابقاً عليه ما دام أن الحكم قد أثبت توافر ركن الخطأ في حقه استناداً إلى الصور التي أوردها والتي منها السرعة الشديدة وعدم الاحتياط على الوجه بادي الذكر وهو ما يكفي وحدة لإقامة الحكم وبالتالي فلا تثريب على المحكمة إذا هي لم تحقق هذا الدفاع غير المنتج في الدعوى أو أغفلت الرد عليه ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه (أولاً) تسبب بخطئه في موت..... وإصابة كل من..... و..... و...... وآخرين بالإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه وعدم مراعاته للقوانين واللوائح بأن قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر على حياة الجمهور وممتلكاته فصدم السيارة قيادة المتهم الثاني ونشأ عن ذلك وفاة الأول وإصابة المجني عليهم الآخرين. (ثانياً) قبل ركاباً يزيدون عن العدد المقرر. (ثالثاً) قاد سيارة بسرعة تجاوز الحد المقرر قانوناً. (رابعاً) لم يهدئ السرعة أثناء السير وقاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر. وطلبت معاقبته بالمادتين 238/ 1 و244 من قانون العقوبات ومواد القانون رقم 66 لسنة 1973. وادعى ورثة المجني عليه الأول (المتوفى) مدنياً قبل المتهم والمؤسسة العامة لاستزراع وتنمية الأراضي (المسئولة عن الحقوق المدنية) بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة كوم حمادة الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم (الطاعن) سنة مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات عن التهم الأولى والثالثة والرابعة وتغريمه مائة قرش عن التهمة الثانية وإلزامه والمسئولة عن الحقوق المدنية متضامنين بأن يدفعا للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف. فاستأنف. ومحكمة دمنهور الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل والإصابة الخطأ وقيادة سيارة بحالة ينجم عنها الخطر قد شابه خطأ في الإسناد وفساد في الاستدلال كما انطوى على قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه إذ أخذ بتصوير المتهم الآخر للحادث وأسند إليه أنه كان ملتزماً يمين الطريق، مع مخالفة ذلك لما قرره الأخير في التحقيق من أنه انحرف بسيارته يساراً وهو ما يؤكد صحة تصوير الطاعن للحادث من أن المتهم الآخر هو الذي تسبب بانحرافه يساراً في حصول التصادم بين السيارتين، كما عول الحكم في قضائه على ما ورد بتقرير المهندس الفني من وجود عطل بفرامل سيارة الطاعن دون أن يرد على ما أبداه من دفاع بأن هذا العطل جاء نتيجة للحادث ولم يكن سابقاً عليه ودون أن يستجيب إلى مناقشة المهندس الفني في هذا الشأن مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من الأوراق من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت الخطأ في حق الطاعن في قوله "أنه وهو مقدم على السير في طريق منحنى فقد كان يتعين عليه تحوطاً وتحسباً لثمة ما يقابله بالاتجاه المقابل أن يهدئ من سرعته إلا أن الثابت من الماديات أن المتهم الأول (الطاعن) لم يهدئ من السرعة ولم يأخذ جانب الحيطة وهو يسير في منحنى له مخاطره وأدى اندفاعه الاصطدام بالسيارة قيادة المتهم الثاني واصطدامه بها بجانبها الأيمن مما يقطع في شدة اندفاعه وانحرافه عن يمين اتجاهه........ وعن المتهم الثاني عمل على مفاداته بالانحراف إلى أقصى اليسار"، وكان ما حصله الحكم من أقوال المتهم الثاني يفيد أنه انحراف يساراً بما تنتفي معه قالة الخطأ في الإسناد، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل إذ لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً. لما كان ذلك، وكان الحكم قد خلص مما أورده من أدلة سائغة على ثبوت خطأ الطاعن المتمثل في قيادته السيارة بسرعة شديدة وعدم احتياطه حال سيره في منحنى وانحرافه عن يمين اتجاهه، وكان من المقرر أنه لا يلزم للعقاب عن جريمة القتل الخطأ أن يقع الخطأ الذي يتسبب عنه الإصابة بجميع صوره التي أوردتها المادة 238 من قانون العقوبات بل يكفي لتحقق الجريمة أن تتوافر صورة واحدة منها، ومن ثم فلا جدوى للمتهم من التحدي بأن العطل بفرامل السيارة كان نتيجة الحادث وليس سابقاً عليه ما دام أن الحكم قد أثبت توافر ركن الخطأ في حقه استناداً إلى الصور التي أوردها والتي منها السرعة الشديدة وعدم الاحتياط على الوجه بادي الذكر وهو ما يكفي وحدة لإقامة الحكم وبالتالي فلا تثريب على المحكمة إذا هي لم تحقق هذا الدفاع غير المنتج في الدعوى أو أغفلت الرد عليه، ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن غير سديد، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.