أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 42 - صـ 382

جلسة 21 من فبراير سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ د. عادل قوره ومحمد زايد ومحمد حسام الدين الغرياني نواب رئيس المحكمة وأحمد عبد الرحمن.

(52)
الطعن رقم 7828 لسنة 58 القضائية

قانون "تفسيره". بلاغ كاذب. جريمة "أركانها". مسئولية جنائية.
البلاغ الكاذب. لا عقاب عليه إذا لم يتضمن أمراً مستوجباً لعقوبة فاعله.
إسناد المتهم إلى المدعي بالحقوق المدنية أنه اشترى منه كمية من قطع غيار السيارات لم يسدد له باقي ثمنها. منازعة مدنية. سريان أحكام البيع المنصوص عليها في المادة 418 وما بعدها من القانون المدني عليها. عدم انطواء ذلك على أية جريمة.
مثال لحكم بالبراءة صادر من محكمة النقض في جريمة بلاغ كاذب.
من المقرر أن القانون لا يعاقب على البلاغ الكاذب إذا لم يتضمن أمراً مستوجباً لعقوبة فاعله، وكان ما أسنده المتهم إلى المدعي بالحقوق المدنية من أنه اشترى منه كمية من قطع غيار السيارات لم يسدد له باقي ثمنها بالكامل لا ينطوي على أية جريمة تستوجب معاقبته جنائياً، إذ لم يتعد بلاغه المطالبة بباقي ثمن المبيع وهي منازعة مدنية تسري عليها أحكام البيع المنصوص عليها في المادة 418 وما بعدها من القانون المدني الأمر الذي تنتفي معه تهمة البلاغ الكاذب، ومن ثم تكون المعارضة الاستئنافية في محلها ويتعين تبعاً لذلك القضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية مع إلزام رافعها مصروفاتها عن الدرجتين ومقابل أتعاب المحاماة عملاً بالمواد 304/ 1، 309، 320 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 184/ 1 من قانون المرافعات.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح الأزبكية ضد الطاعن بوصف أنه أبلغ ضده كذباً على النحو المبين بالصحيفة، وطلب عقابه بالمادة 305 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يدفع له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً اعتبارياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة مائة جنيه لوقف التنفيذ وألزمته بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض وقضي في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض، وهذه المحكمة قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى. ومحكمة الإعادة قضت غيابياً بقبول المعارضة الاستئنافية شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المستأنف المعارض فيه.
فطعن الأستاذ..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية) وقضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة لنظر الموضوع... إلخ.


المحكمة

حيث إن هذه المحكمة قضت بنقض الحكم المطعون فيه وحددت جلسة لنظر الموضوع إعمالاً للمادة 45 من القانون 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
وحيث إن المعارضة أقيمت من المتهم في الميعاد عن حكم قابل لها فهي مقبولة شكلاً.
وحيث إن الوقائع - حسبما تبينتها المحكمة - تتحصل في أن المدعي بالحقوق المدنية أقام الدعوى بطريق الادعاء المباشر بعريضة أورد فيها أن المتهم المعارض - باع له كمية كبيرة من قطع غيار السيارات وأنه قام بدفع ثمنها له بالكامل. إلا أنه فوجئ بعد ذلك بالمتهم يتوجه إلى نيابة الأزبكية وقدم ضده شكوى قرر فيها بأنه لم يدفع له ثمن المبيع كاملاً وأخذ يماطله في دفع باقي الثمن الأمر الذي يكون في حق المتهم الجريمة المنصوص عليها في المادتين 303، 305 من قانون العقوبات وطلب عقابه بهما مع إلزامه بأن يدفع له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت مقابل الضرر الذي لحق به من جراء تلك الجريمة فضلاً عن المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وركن في إثبات دعواه إلى ما تضمنه المحضر رقم..... لسنة..... إداري الأزبكية.
وحيث إن البين من الاطلاع على صورة الشكوى رقم..... لسنة...... إداري الأزبكية أن محرر محضر جمع الاستدلالات أثبت به ما لا يخرج عما جاء بعريضة المدعي بالحقوق المدنية آنفة البيان.
وحيث إن المتهم أنكر ما أسند إليه وطلب محاميه القضاء ببراءته ورفض الدعوى المدنية تأسيساً على أنه تقدم بشكوى مطالباً بحقه في نزاع مدني وكان صادقاً فيما أبلغ به.
وحيث إن من المقرر أن القانون لا يعاقب على البلاغ الكاذب إذا لم يتضمن أمراً مستوجباً لعقوبة فاعله، وكان ما أسنده المتهم إلى المدعي بالحقوق المدنية من أنه اشترى منه كمية من قطع غيار السيارات لم يسدد له باقي ثمنها بالكامل لا ينطوي على أية جريمة تستوجب معاقبته جنائياً، إذ لم يتعد بلاغه المطالبة بباقي ثمن المبيع وهي منازعة مدنية تسري عليها أحكام البيع المنصوص عليها في المادة 418 وما بعدها من القانون المدني الأمر الذي تنتفي معه تهمة البلاغ الكاذب ومن ثم تكون المعارضة الاستئنافية في محلها ويتعين تبعاً لذلك القضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية مع إلزام رافعها مصروفاتها عن الدرجتين ومقابل أتعاب المحاماة عملاً بالمواد 304/ 1، 309، 320 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 184/ 1 من قانون المرافعات.