أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 29 - صـ 677

جلسة 9 من أكتوبر سنة 1978

برياسة السيد المستشار محمد عبد الواحد الديب، وعضوية السادة المستشارين: محمد صلاح الدين الرشيدي، وعادل برهان نور، ومحمد وهبه، ومصطفى جميل مرسي.

(132)
الطعن رقم 483 لسنة 48 القضائية

(1) إخفاء أشياء مسروقة. جريمة. "أركانها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قصد جنائي. إثبات. "بوجه عام".
ركن العلم في جريمة إخفاء الأشياء المسروقة. نفسي. استفادته من ظروف الدعوى وملابساتها. عدم التزام المحكمة بالتحدث عنه صراحة.
(2) إخفاء أشياء مسروقة . جريمة. "أركانها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مجرد اتصال المتهم مادياً بالمضبوطات المسروقة يتحقق به ركن الإخفاء. عدم اشتراط أن يكون احتجازه بنية التملك.
(3) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة يتتبع المتهم في كل جزئية من دفاعه. كفاية إيراد الأدلة المنتجة التي صحت لديها.
1 - لما كان من المقرر أن العلم في جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة سرقة مسألة نفسية لا تستفاد فقط من أقوال الشهود بل لمحكمة الموضوع أن تتبينها من ظروف الدعوى وما توحي به ملابساتها ولا يشترط أن يتحدث الحكم عنه صراحة على استقلال ما دامت الوقائع كما أثبتها الحكم تفيد بذاتها توافره، وكان ما أورده الحكم فيما تقدم، بمقام التدليل على ثبوت ركن العلم في حق الطاعن سائغاً وكافياً لحمل قضائه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.
2 - لما كان الحكم قد حصل دفاع الطاعن بأنه تسلم المسروقات من المتهم الأول للتفكير في شرائها ثم أطرحه بما يبرر رفضه - على ما سلف بيانه - فإنه قد استظهر أن الطاعن قد اتصلت يده اتصالاً مادياً بالمضبوطات وأنه أخفاها لديه وهو ما يتحقق به ركن الإخفاء في حقه على ما هو معرف به في القانون، إذ يكفي مجرد تسلم المسروق لتوافر هذا الركن، ولا يشترط أن يكون احتجازه بنية تملكه.
3 - بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتتبعه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أخفى أشياء مسروقة مع علمه بسرقتها. وطلبت عقابه بالمواد 44 مكرراً و45/ 3 و150/ 1 و316 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح بلقاس الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة المتهم بالحبس ستة أشهر مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لإيقاف التنفيذ. فاستأنف المتهم هذا الحكم، ومحكمة المنصورة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم شهراً مع الشغل. فطعن الوكيل عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إخفاء أشياء مسروقة قد شابه الخطأ في تطبيق القانون، والقصور في التسبيب. ذلك بأن دفاع الطاعن قام على انتفاء علمه بسرقة الأشياء المضبوطة وعلى أنه لم يكن قد اشتراها بعد وإنما أخذها لمعاينتها، غير أن المحكمة لم تستظهر توافر ركن العلم ولم تتحدث عنه استقلالاً، كما التفتت عن الرد على دفاعه هذا بما يدفعه، مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي الذي اعتنق الحكم المطعون فيه أسبابه، بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد برر قضاءه بقوله "إن المتهم الأول اعترف بمقارفة السرقة مع الثاني وأنهما قد باعا المسروقات إلى المتهمين الثالث (الطاعن) والرابع والخامس وأضاف بأن أولئك الأخيرين كانوا يعلمون بأن الأشياء التي بيعت إليهم مسروقة وأنه قد اعتاد بيع ما يقوم بسرقته إلى المتهم الثالث (الطاعن)" كما عرض لدفاع الطاعن - والمتهمين الرابع والخامس - ورد عليه بأنه "لا يقدح في اعترافات الأخيرين قولهم بتحقيقات النيابة بعدم علمهم بمصدر ما بيع إليهم من المضبوطات لأن الثابت أن الثمن الذي دفعه الرابع والخامس نظير ما بيع إليهما بثمن بخس إلى درجة تقطع بعلمها بمصدره فضلاً عن علمهم جميعاً بأن المتهمين الأول والثاني من ذوي السوابق في السرقات، يدل على ذلك أيضاً تردد الثالث بتحقيقات النيابة بين القول بأن المتهم الأول يعرفه ثم عدوله إلى نفي ذلك وأنه قد استغل موقفه وأخذ ما أخذه (على فرجة)..... ورغم أن الثابت أن المتهم الثالث (الطاعن) موظف بشركة النيل العامة فإن الثابت كذلك من أقوالهم المتهم الأول أنه قد اعتاد بيع المسروقات إليه......". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن العلم في جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة سرقة مسألة نفسية لا تستفاد فقط من أقوال الشهود بل لمحكمة الموضوع أن تتبينها من ظروف الدعوى وما توحي به ملابساتها ولا يشترط أن يتحدث الحكم عنه صراحة على استقلال ما دامت الوقائع كما أثبتها الحكم تفيد بذاتها توافره، وكان ما أورده الحكم فيما تقدم، بمقام التدليل على ثبوت ركن العلم في حق الطاعن سائغاً وكافياً لحمل قضائه فإنه ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل دفاع الطاعن بأنه تسلم المسروقات من المتهم الأول للتفكير في شرائها ثم اطرحه بما يبرر رفضه - على ما سلف بيانه - فإنه يكون قد استظهر أن الطاعن قد اتصلت يده اتصالاً مادياً بالمضبوطات وأنه أخفاها لديه وهو ما يتحقق به ركن الإخفاء في حقه على ما هو معرف به في القانون، إذ يكفي مجرد تسلم المسروق لتوافر هذا الركن، ولا يشترط أن يكون احتجازه بنية تملكه. لما كان ذلك، وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتتبعه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها فإن كل ما يثيره الطاعن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
ولما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.