أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 29 - صـ 695

جلسة 16 من أكتوبر سنة 1978

برياسة السيد المستشار محمد عبد الواحد الديب. وعضوية السادة المستشارين: محمد صلاح الدين الرشيدي، وعادل برهان نور، وشرف الدين خيري، ومحمد وهبة.

(137)
الطعن رقم 507 لسنة 48 القضائية

(1) تبديد. قصد جنائي. جريمة. "أركانها". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
إدانة المتهم لمجرد تصرفه فيما أودع لديه. دون الفصل في النزاع على ملكيته وانتفاء القصد الجنائي لديه وما يظاهره من مستندات. قصور وإخلال بحق الدفاع.
مجرد الإخلال بعقد الوديعة. لا يفيد وقوع جريمة التبديد.
(2) قانون "تطبيقه" تبديد. اختلاس أشياء محجوزة. جريمة. "أركانها".
كون الشيء المبدد غير مملوك لمرتكب الاختلاس. شرط لوقوع جريمة التبديد.
جريمة لمادة 342 عقوبات. استثناء من هذا الأصل. عدم جواز القياس عليه. أساس ذلك. لا جريمة ولا عقوبة بغير نص.
(3) تبديد. قصد جنائي. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
التفات الحكم عن المستندات التي قدمها الطاعن تمسكاً بدلالتها على انتفاء مسئوليته في جريمة التبديد. قصور. وإخلال بحق الدفاع.
1 - لما كان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة الاستئنافية أن الطاعنة قدمت مستندات تمسكت بدلالتها على ملكيتها للأنقاض موضوع التهمة وانتفاء القصد الجنائي لديها، وتمسكت في دفاعها بأن المدعية بالحق المدني - المطعون ضدها - لم تقدم سند ملكيتها وأن المحامي العام سلم الأنقاض للطاعنة، كما تضمن محضر تلك الجلسة أن المدافع عن الطاعنة قدم حافظة بها عقد إيجار محرر بين الطاعنة والمطعون ضدها تدليلاً على فساد دعوى هذه الأخيرة وبطلان منازعتها للطاعنة في الملكية. لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه دان الطاعنة لمجرد أنها تصرفت في الأنقاض التي أودعت لديها على سبيل الأمانة للمحافظة عليها، دون أن يفصل في النزاع على ملكيتها، ودون أن يعرض لمستندات الطاعنة ولا دفاعها القائم عليها بدعوى انتفاء القصد الجنائي لديها، وذلك بالرغم من أنه قد أشار إليه في مدوناته، لما كان ذلك، وكان مجرد إخلال الطاعنة بما فرضه عليها عقد الوديعة من التزامها بالمحافظة على الأنقاض التي تركت في حوزتها لحين الفصل في النزاع على الملكية لا يفيد بذاته ارتكابها جريمة التبديد، بل لا بد أن يثبت أن مخالفتها لهذا الأمر قد أملاه عليها سوء القصد ونجم عنه ضرر بالمجني عليها.
إن جريمة التبديد لا تتحقق إلا بتوافر شروط من بينها أن يكون الشيء المبدد غير مملوك لمرتكب الاختلاس، فلا عقاب على من بدد ماله لأن مناط التأثيم هو المساس والعبث بملكية المال الذي يقع الاعتداء عليه من غير صاحبه، ولم يستثن الشارع من ذلك إلا حالة اختلاس المال المحجوز عليه من مالكه، فاعتبرها جريمة خاصة نص عليها في المادة 342 من قانون العقوبات، وهو استثناء جاء على خلاف الأصل العام المقرر فلا يمتد حكمه إلى ما يجاوز نطاقه، كما لا يصح القياس عليه إذ لا جريمة ولا عقوبة بغير نص في القانون.
3 - لما كان البين من الاطلاع على الأوراق ومدونات الحكم على ما سلف ذكره أن الطاعنة تقدمت بمستندات تمسكت بدلالتها على نفي مسئوليتها عن جريمة التبديد وانتفاء القصد الجنائي لديها، وكان الحكم قد التفت عن تلك المستندات ولم يتحدث عنها مع ما قد يكون لها من دلالة على صحة دفاع الطاعنة ولو أنه عنى ببحثها وفحص الدفاع المؤسس عليها الجاز أن يتغير وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون مشوباً - فضلاً عن قصوره بالإخلال بحق الدفاع بما يبطله ويوجب نقضه.


الوقائع

أقامت المدعية بالحق المدني دعواها بالطريق المباشر ضد الطاعنة بأنها بددت المنقولات المسلمة إليها بمقتضى قرار من السيد المحامي العام الأول حتى يفصل في النزاع القائم بينهما قضائياً. وطلبت عقابها بالمادة 341 من قانون العقوبات وبإلزامها بأن تؤدي لها مبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة مركز إمبابة الجزئية قضت في الدعوى حضورياً بحبس المتهم شهراً مع الشغل وعشرة جنيهات لوقف التنفيذ وبإلزامها بأن تؤدي للمدعية بالحق المدني مبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. فاستأنفت المحكوم عليها الحكم. ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت في الدعوى غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فعارضت وقضى في معارضتها بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة التبديد قد شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المحكمة لم تعرض المستندات التي قدمتها الطاعنة تدليلاً على ملكيتها للأنقاض موضوع تهمة التبديد المسندة إليها، والتي تمسكت بدلالتها على انتفاء القصد الجنائي لديها، إذ أنها لم تقصد إضافة قيمة الأنقاض إلى مالها الخاص، وإنما قامت ببيعها خشية تعرضها للتلف والضياع خاصة وأن منازعة المطعون ضدها لها في الملكية لا تعدو أن تكون دعوى مرسلة لا تتسم بطابع الجد بعد أن عجزت عن تقديم الدليل على صحتها.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة الاستئنافية المؤرخ 21/ 10/ 1975 أن الطاعنة قدمت مستندات تمسكت بدلالتها على ملكيتها للأنقاض موضوع التهمة وانتفاء القصد الجنائي لديها. وتمسكت في دفاعها بأن المدعية بالحق المدني - المطعون ضدها - لم تقدم سند ملكيتها وأن المحامي العام سلم الأنقاض للطاعنة، كما تضمن محضر تلك الجلسة أن المدافع عن الطاعنة قدم حافظة بها عقد إيجار محرر بين الطاعنة والمطعون ضدها تدليلاً على فساد دعوى هذه الأخيرة وبطلان منازعتها للطاعنة في الملكية. لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه دان الطاعنة لمجرد أنها تصرفت في الأنقاض التي أودعت لديها على سبيل الأمانة للمحافظة عليها، دون أن يفصل في النزاع على ملكيتها، ودون أن يعرض لمستندات الطاعنة ولا دفاعها القائم عليها بدعوى انتفاء القصد الجنائي لديها، وذلك بالرغم من أنه قد أشار إليه في مدوناته. لما كان ذلك، وكان مجرد إخلال الطاعنة بما فرضه عليها عقد الوديعة من التزامها بالمحافظة على الأنقاض التي تركت في حوزتها لحين الفصل في النزاع على الملكية لا يفيد بذاته ارتكابها جريمة التبديد، بل لا بد أن يثبت أن مخالفتها لهذا الأمر قد أملاه عليها سوء القصد ونجم عنه ضرر بالمجني عليها، كما أن جريمة التبديد لا تتحقق إلا بتوافر شروط من بينها أن يكون الشيء المبدد غير مملوك لمرتكب الاختلاس، فلا عقاب على من بدد ماله لأن مناط التأثيم هو المساس والعبث بملكية المال الذي يقع الاعتداء عليه من غير صاحبه، ولم يستثن الشارع من ذلك إلا حالة اختلاس المال المحجوز عليه من مالكه، فاعتبرها جريمة خاصة نص عليها في المادة 342 من قانون العقوبات، وهو استثناء جاء على خلاف الأصل العام المقرر فلا يمتد حكمه إلى ما يجاوز نطاقه، كما لا يصح القياس عليه إذ لا جريمة ولا عقوبة بغير نص في القانون. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على الأوراق ومدونات الحكم على ما سلف ذكره أن الطاعنة تقدمت بمستندات تمسكت بدلالتها على نفي مسئوليتها عن جريمة التبديد وانتفاء القصد الجنائي لديها وكان الحكم قد التفت عن تلك المستندات ولم يتحدث عنها مع ما قد يكون لها من دلالة على صحة دفاع الطاعنة ولو أنه عنى ببحثها وفحص الدفاع المؤسس عليها الجاز أن يتغير وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون مشوباً - فضلاً عن قصوره - بالإخلال بحق الدفاع بما يبطله ويوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث أوجه الطعن الأخرى.