أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 42 - صـ 459

جلسة 7 من مارس سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم البنا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الوهاب الخياط وعبد اللطيف أبو النيل نائبي رئيس المحكمة وعمار إبراهيم ومحمد حسين مصطفى.

(65)
الطعن رقم 22592 لسنة 59 القضائية

(1) نقض "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام".
صدور الحكم نهائياً بالنسبة إلى متهم. عدم توقف قبول طعنه بالنقض على الفصل في المعارضة التي قد يرفعها متهم آخر محكوم عليه غيابياً.
(2) نقض "الصفة في الطعن".
الطعن بطريق النقض ممن لم يكن طرفاً في الحكم المطعون فيه. غير جائز.
(3) حكم "إصداره. إجماع الآراء". معارضة "نظرها والحكم فيها". نقض "حالات الطعن. مخالفة القانون" "أثر الطعن". محكمة النقض "سلطتها".
القضاء ابتدائياً ببراءة المتهمين ورفض الدعوى المدنية. عدم جواز إلغائه استئنافياً والقضاء بالتعويض إلا بإجماع الآراء. علة ذلك؟
تخلف النص في الحكم الصادر في المعارضة الاستئنافية على الإجماع. خطأ في القانون. أساس ذلك؟
حق محكمة النقض أن تنقض الحكم من تلقاء نفسها متى كان قد بني على مخالفة للقانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله.
من لم يكن طرفاً في الحكم المنقوض لا يمتد إليه أثر الطعن.
1 - من المقرر أنه متى كان الحكم قد صدر حضورياً نهائياً بالنسبة إلى الطاعن فإن مركزه في الدعوى يكون قد حدد بصفة نهائية بصدور ذلك الحكم فلا يتوقف قبول طعنه على الفصل في المعارضة التي قد يرفعها متهم آخر معه في الدعوى محكوم عليه غيابياً.
2 - لما كان الطعن بطريق النقض لا يكون إلا ممن كان طرفاً في الحكم المطعون فيه. وكانت الطاعنة الأولى قد ورد طعنها على الحكم الصادر في المعارضة الاستئنافية المرفوعة من الطاعنين الآخرين، والذي لم تكن هي طرفاً فيه، فإنه يتعين الحكم بعدم جواز طعنها.
3 - لما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن حكم الفقرة الثانية من المادة 417 من قانون الإجراءات الجنائية يسري أيضاً على استئناف المدعي بالحقوق المدنية للحكم الصادر برفض دعواه بناءً على براءة المتهم بعدم ثبوت الواقعة سواء استأنفته النيابة العامة أو لم تستأنفه، فمتى كان الحكم الابتدائي قد قضى ببراءة المتهمين وبرفض الدعوى المدنية المرفوعة عليها من المدعي بالحقوق المدنية كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإنه لا يجوز إلغاء هذا الحكم الصادر في الدعوى المدنية والقضاء فيها استئنافياً بالتعويض إلا بإجماع آراء قضاة المحكمة كما هو الشأن في الدعوى الجنائية، نظراً للتبعية بين الدعوتين من جهة، ولارتباط الحكم بالتعويض بثبوت الواقعة الجنائية من جهة أخرى، ولا يكفي في ذلك أن يكون الحكم الغيابي الاستئنافي القاضي إلغاء الحكم برفض الدعوى المدنية، قد نص على صدوره بإجماع آراء القضاة، لأن المعارضة في الحكم الغيابي من شأنها أن تعيد القضية لحالتها الأولى بالنسبة إلى المعارض، بحيث إذا رأت المحكمة أن تقضي في المعارضة بتأييد الحكم الغيابي الصادر بإلغاء رفض الدعوى المدنية، فإنه يكون من المتعين عليها أن تذكر في حكمها أنه صدر بإجماع آراء القضاة، ولأن الحكم في المعارضة وإن صدر بتأييد الحكم الغيابي الاستئنافي، إلا أنه في حقيقته قضاء منها بإلغاء الحكم الصادر برفض الدعوى المدنية من محكمة أول درجة، وإذا كان الحكم المطعون فيه قد قضى على خلاف ذلك فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. لما كان ذلك، وكان لهذه المحكمة طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين مما هو ثابت فيه أنه مبنى على مخالفة للقانون أو على خطأ في تطبيقه أو في تأويله فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وتأييد الحكم المستأنف الصادر برفض الدعوى المدنية وذلك بالنسبة للطاعنين الثاني والثالثة دون الطاعنة الأولى - التي قضى بعدم جواز طعنها - لأنها لم تكن طرفاً في الحكم المطعون فيه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم أتلفوا عمداً الأموال الثابتة والمزروعات المبينة بالأوراق المملوكة....... والبالغ قيمتها خمسمائة جنيه على النحو المبين بالأوراق. وطلبت عقابهم بالمواد 361، 367/ 1، 3 من قانون العقوبات. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت ومحكمة جنح مركز دمياط قضت حضورياً ببراءة المتهمين مما أسند إليهم ورفض الدعوى المدنية استأنف المدعي بالحقوق المدنية، ومحكمة دمياط الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً للأولى وغيابياً للثاني والثالثة بإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة للدعوى المدنية وإلزام المستأنف ضدهم متضامنين بأن يؤدوا للمستأنف مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت عارض المحكوم عليهما الثاني والثالثة وقضي في معارضتهما بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إنه يبين من الأوراق أن النيابة العامة اتهمت الطاعنين بارتكاب جريمة إتلاف عمدي وادعى المجني عليه مدنياً طالباً إلزامهم بتعويض مؤقت. ومحكمة أول درجة قضت ببراءتهم مما أسند إليهم وبرفض الدعوى المدنية، فاستأنف المدعي بالحقوق المدنية، ومحكمة ثاني درجة قضت بتاريخ 25 من يونيه سنة 1987 حضورياً للطاعنة الأولى وغيابياً للطاعنين الثاني والثالثة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى المدنية وبإلزام الطاعنين متضامنين بأن يؤدوا للمدعي بالحقوق المدنية واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ولم تطعن المحكوم عليها الأولى في هذا الحكم بطريق النقض بينما عارض فيه المحكوم عليهما الثاني والثالثة وقضي في معارضتهما بتاريخ 10 من مارس سنة 1988 بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فطعن المحكوم عليهم الثلاثة في الحكم الأخير بطريق النقض.
ومن حيث إن من المقرر أنه متى كان الحكم قد صدر حضورياً نهائياً بالنسبة إلى الطاعن فإن مركزه في الدعوى يكون قد حدد بصفة نهائية بصدور ذلك الحكم فلا يتوقف قبول طعنه على الفصل في المعارضة التي قد يرفعها متهم آخر معه في الدعوى محكوم عليه غيابياً. لما كان ذلك، وكان الطعن بطريق النقض لا يكون إلا ممن كان طرفاً في الحكم المطعون فيه. وكانت الطاعنة الأولى قد ورد طعنها على الحكم الصادر في المعارضة الاستئنافية المرفوعة من الطاعنين الآخرين، والذي لم تكن هي طرفاً فيه، فإنه يتعين الحكم بعدم جواز طعنها وإلزامها المصروفات المدنية مع مصادرة الكفالة.
ومن حيث إن الطعن المقدم من الطاعنين الثاني والثالثة قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بتأييد الحكم الغيابي الاستئنافي والقاضي بإلغاء الحكم المستأنف الصادر برفض الدعوى المدنية دون أن يذكر الحكم المطعون فيه أنه صدر بإجماع آراء القضاة. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن حكم الفقرة الثانية من المادة 417 من قانون الإجراءات الجنائية يسري أيضاً على استئناف المدعي بالحقوق المدنية للحكم الصادر برفض دعواه بناءً على براءة المتهم بعدم ثبوت الواقعة سواء استأنفته النيابة العامة أو لم تستأنفه، فمتى كان الحكم الابتدائي قد قضى ببراءة المتهمين وبرفض الدعوى المدنية المرفوعة عليها من المدعي بالحقوق المدنية كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإنه لا يجوز إلغاء هذا الحكم الصادر في الدعوى المدنية والقضاء فيها استئنافياً بالتعويض إلا بإجماع آراء قضاة المحكمة كما هو الشأن في الدعوى الجنائية، نظراً للتبعية بين الدعويين من جهة، ولارتباط الحكم بالتعويض بثبوت الواقعة الجنائية من جهة أخرى ولا يكفي في ذلك أن يكون الحكم الغيابي الاستئنافي القاضي بإلغاء الحكم برفض الدعوى المدنية، قد نص على صدوره بإجماع آراء القضاة، لأن المعارضة في الحكم الغيابي من شأنها أن تعيد القضية لحالتها الأولى بالنسبة إلى المعارض بحيث إذا رأت المحكمة أن تقضي في المعارضة بتأييد الحكم الغيابي الصادر بإلغاء رفض الدعوى المدنية، فإنه يكون من المتعين عليها أن تذكر في حكمها أنه صدر بإجماع آراء القضاة، ولأن الحكم في المعارضة وإن صدر بتأييد الحكم الغيابي الاستئنافي، إلا أنه في حقيقته قضاء منها بإلغاء الحكم الصادر برفض الدعوى المدنية من محكمة أول درجة، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى على خلاف ذلك فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. لما كان ذلك، وكان لهذه المحكمة طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين مما هو ثابت فيه أنه مبنى على مخالفة للقانون أو على خطأ في تطبيقه أو في تأويله فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وتأييد الحكم المستأنف الصادر برفض الدعوى المدنية وذلك بالنسبة للطاعنين الثاني والثالثة دون الطاعنة الأولى - التي قضى بعدم جواز طعنها - لأنها لم تكن طرفاً في الحكم المطعون فيه، وذلك بغير حاجة لبحث وجه الطعن المقدم من الطاعنين مع إلزام المطعون ضده المصاريف المدنية.