أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 29 - صـ 793

جلسة 19 من نوفمبر سنة 1978

برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينه، وأحمد طاهر خليل، وصلاح الدين نصار، وجمال الدين منصور.

(163)
الطعن رقم 196 لسنة 48 القضائية

تبديد. قصد جنائي. أسباب الإباحة وموانع العقاب. "حق الحبس". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". مسئولية جنائية. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جريمة اختلاس المحجوزات. قوامها: الاعتداء على السلطة العامة التي أوقعت الحجز قضائية كانت أو إدارية.
استخلاص حصول التبديد من عناصر الدعوى. موضوعي.
تمسك الحارس بانتفاء مسئوليته عن تهمة تبديد محجوزات تأسيساً على حقه في حبسها وفقاً للمادة 246 مدني. عدم جدواه. متى ثبت تبديدها.
لما كان الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه - أورد واقعة الدعوى مما مجمله أن الطاعن عين حارساً على ماشية محجوز عليها حجزاً تحفظياً وسلمت إليه بمقتضى هذه الصفة ثم صدر حكم باستبداله بحارس آخر وأقام الطاعن إشكالاً في تنفيذ هذا الحكم قضت المحكمة برفضه والاستمرار في التنفيذ وعندما توجه المحضر لتنفيذ الحكم تبين عدم وجود المحجوزات واعتراف الطاعن في محضر الضبط بتبديدها بأن قام ببيعها، واستدل الحكم من ذلك على سوء نية الطاعن وخلص إلى توافر أركان جريمة التبديد في حقه باعتبار أنه تسلم الماشية المحجوز عليها على سبيل الوديعة وهي عقد من عقود الأمانة المنصوص عليها في المادة 341 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الشارع إنما قصد من النصوص التي وضعها للعقاب على جريمة اختلاس الأشياء المحجوز عليها أن يجعل منها جريمة من نوع خاص قوامها الاعتداء على السلطة العامة التي أوقعت الحجز قضائية كانت أو إدارية والغرض من العقاب عليها وهو وجوب احترام أوامر السلطة المذكورة، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع مطلق الحرية في تكوين عقيدتها في حصول التبديد وأن تستدل على ذلك بأي عنصر من عناصر الدعوى، فإن ما انتهى إليه الحكم تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة التبديد التي دان الطاعن بها وقد أورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، لما كان ذلك. وكان ما يثيره الطاعن بدعوى انتفاء القصد الجنائي لديه استناداً إلى حقه في الامتناع عن رد المحجوزات حتى يستوفى ما هو مستحق له مما أنفقه على الماشية، مردوداً بأنه وإن كان من المقرر أن حق الحبس المقرر بمقتضى المادة 246 من القانون المدني يبيح للطاعن الامتناع عن رد الشيء - الماشية موضوع الجريمة - حتى يستوفي ما هو مستحق له ما أنفقه عليها وهو ما من شأنه - إن صح وحسنت نيته - انعدام مسئوليته الجنائية بالتطبيق لأحكام المادة 60 من قانون العقوبات، إلا أن محل هذا الدفع أن تكون الأشياء المحجوزة موجودة ولم تبدد، ولما كان الحكم المطعون فيه قد دلل تدليلاً سائغاً على سوء نية الطاعن وقصده الإضرار بالحاجز وعلى أنه بدد الماشية المحجوز عليها وأفصح الحكم عن عدم اطمئنانه إلى الإجراءات اللاحقة التي قام بها الطاعن للتدليل على وجود المحجوزات - هو ما يدخل في سلطة محكمة الموضوع - فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدد الأشياء المبينة الوصف والقيمة بالمحضر، والمملوكة لـ....... والتي سلمت إليه لحراستها وتقديمها في اليوم المحدد للبيع فاختلسها لنفسه إضراراً بالمجني عليه. وطلبت معاقبته بالمادتين 341 و342 من قانون العقوبات. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ 390 جنيهاً على سبيل التعويض. ومحكمة جنح كفر سعد الجزئية قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم شهراً مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ 390 جنيهاً على سبيل التعويض. فاستأنف المحكوم عليه، ومحكمة دمياط الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً في الدعوى الجنائية بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وفي الدعوى المدنية بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المتهم بأن يدفع للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ 68 ج و500 م والمصاريف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة تبديد ماشية محجوز عليها قضائياًَ قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأن الطاعن لم يتسلم الماشية بمقتضي عقد من عقود الأمانة كما أن امتناعه عن تسليمها للحارس الجديد لا ينبئ عن توافر القصد الجنائي لديه فضلاً عن ثبوت بيع الماشية جبراً بما يفيد وجودها دون تبديد. هذا وقد تمسك الطاعن بحقه في حبي هذه الماشية حتى يستوفي ما أنفقه عليها غير أن الحكم أعرض عن هذا الدفاع لأسباب غير سائغة، وعول في قضائه بالإدانة على اعتراف منسوب للطاعن في محضر الضبط رغم أن هذا الاعتراف جاء وليد إكراه معنوي إذ أدلى به الطاعن تخلصاً من تدخل النيابة العامة لتنفيذ حكم استبدال حارس آخر به، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه - أورد واقعة الدعوى بما مجمله أن الطاعن عين حارساً على ماشية محجوزاً عليها حجزاً تحفظياً وسلمت إليه بمقتضى هذه الصفة ثم صدر حكم باستبداله بحارس آخر وأقام الطاعن إشكالاً في تنفيذ هذا الحكم قضت المحكمة برفضه والاستمرار في التنفيذ وعندما توجه المحضر لتنفيذ الحكم تبين عدم وجود المحجوزات واعتراف الطاعن في محضر الضبط بتبديدها بأن قام ببيعها، واستدل الحكم من ذلك على سوء نية الطاعن وخلص إلى توافر أركان جريمة التبديد في حقه باعتبار أنه تسلم الماشية المحجوز عليها على سبيل الوديعة وهي عقد من عقود الأمانة المنصوص عليها في المادة 341 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الشارع إنما قصد من النصوص التي وضعها للمعاقبة على جريمة اختلاس الأشياء المحجوز عليها أن يجعل منها جريمة من نوع خاص قوامها الاعتداء على السلطة العامة التي أوقعت الحجز قضائية كانت أو إدارية والغرض من العقاب عليها وهو وجوب احترام أوامر السلطة المذكورة، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع مطلق الحرية في تكوين عقيدتها في حصول التبديد وأن تستدل على ذلك بأي عنصر من عناصر الدعوى، فإن ما انتهى إليه الحكم تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة التبديد التي دان الطاعن بها وقد أورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن بدعوى انتفاء القصد الجنائي لديه استناداً إلى حقه في الامتناع عن رد المحجوزات حتى يستوفي ما هو مستحق له مما أنفقه على الماشية، مردوداً بأنه وإن كان من المقرر أن حق الحبس المقرر بمقتضي المادة 246 من القانون المدني يبيح للطاعن الامتناع عن رد الشيء - الماشية موضوع الجريمة - حتى يستوفي ما هو مستحق له ما أنفقه عليها وهو ما من شأنه - إن صح وحسنت نيته - انعدام مسئوليته الجنائية بالتطبيق لأحكام المادة 60 من قانون العقوبات، إلا أن محل هذا الدفع أن تكون الأشياء المحجوزة موجودة ولم تبدد، ولما كان الحكم المطعون فيه قد دلل تدليلاً سائغاً على سوء نية الطاعن وقصده الإضرار بالحاجز وعلى أنه بدد الماشية المحجوز عليها وأفصح الحكم عن عدم اطمئنانه إلى الإجراءات اللاحقة التي قام بها الطاعن للتدليل على وجود المحجوزات - هو ما يدخل في سلطة محكمة الموضوع - فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بأن اعترافه كان وليد إكراه وقع عليه، فإنه لا يكون له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها، ولا يقبل منه التحدي بذلك الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض، ويضحى منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.