أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 29 - صـ 805

جلسة 20 من نوفمبر سنة 1978

برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الواحد الديب، ومحمد صلاح الدين الرشيدي، وشرف الدين خيري، ومحمد وهبه.

(166)
الطعن رقم 630 لسنة 48 القضائية

(1) غش. مياه غازية. جريمة. "أركانها". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
إدانة المتهم في جريمة صنع وعرض مواد غذائية مغشوشة. تستوجب أن يكون قد ارتكب الغش. أو أن تكون صناعتها قد تمت تحت إشرافه ورقابته مع علمه بغشها.
(2) غش. جريمة. "أركانها". قصد جنائي. نيابة عامة. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". إثبات. "قرائن".
القرينة التي افترض بها الشارع العلم بالغش إذا كان المخالف من المشتغلين بالتجارة. قصد بها رفع عبء إثبات العلم عن كاهل النيابة. قابليتها لإثبات العكس دون اشتراط أدلة معينة ودون مساس بضرورة توافر الركن المعنوي.
(3) غش. جريمة. "أركانها". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
دفع المتهم مسئوليته عن الغش بأنه موظف بالشركة المنتجة للسلعة. إدانته دون بيان مسئوليته عن الجريمة ومدى إشرافه وعلمه اليقيني بالغش. إخلال بحق الدفاع وقصور في التسبيب.
1 - من المقرر أنه لا يكفي لإدانة المتهم في جريمة صنع وعرض مياه غازية مغشوشة للبيع أن يثبت أن المياه الغازية قد صنعت في مصنع الشركة التي يعمل فيها المتهم، بل لا بد أن يثبت أنه هو الذي ارتكب فعل الغش أو أن تكون المياه الغازية قد صنعت تحت إشرافه ورقابته مع علمه بغشها وفسادها.
2 - إن القرينة المنشأة بالتعديل المدخل بالقانونين رقمي 522 لسنة 1955 و80 لسنة 1961 على المادة الثانية من القانون رقم 48 لسنة 1941 والتي افترض بها الشارع العلم بالغش إذا كان المخالف من المستغلين بالتجارة رفع بها عبء إثبات العلم عن كاهل النيابة دون أن ينال من قابليتها لإثبات العكس، وبغير اشتراط نوع من الأدلة لدحضها، ودون أن يمس الركن المعنوي في جنحة الغش والذي يلزم توافره حتماً للعقاب.
3 - متى كان البين من محاضر جلسة المحاكمة أمام محكمة الدرجة الثانية أن الطاعنين دفعاً التهمة على لسان محاميها بأنهما مجرد موظفين بالشركة المنتجة للمياه الغازية وأنهما لم يعرضا الزجاجة المغشوشة للبيع، وأن المسئول عنها هو صاحب الكشك الذي عرضها للبيع بعيداً عن رقابة وإشراف الشركة المنتجة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإدانتهما دون أن يبين مسئوليتهما عن الجريمة المسندة إليهما ومدى إشرافهما وعلمهما اليقيني بالغش ولم يحقق دفاعهما رغم أنه جوهري ومؤثر في مصير الدعوى مما كان يقتضي من المحكمة أن تمحصه لتقف على مبلغ صحته أو ترد عليه بما يبرر رفضه أما وهي لم تفعل فإنه يكون مشوباً بالإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما عرضا للبيع شيئاً من أغذية الإنسان (سي كولا) مغشوشة مع علمها بذلك. وطلبت عقابهما بمواد القانون رقم 10 لسنة 1961 وقرار الصحة. ومحكمة جنح النزهة الجزئية قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بحبس كل منهما شهرين مع الشغل وكفالة خمسة جنيهات لكل لإيقاف التنفيذ. عارضاً، وقضي في معارضتهما بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم المعارض فيه. فاستأنف المحكوم عليهما هذا الحكم، ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم كل من المتهمين عشرة جنيهات والمصادرة. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة عرض مياه غازية مغشوشة للبيع قد شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه لم يعرض لدفاعهما الجوهري تحقيقاً له ورداً عليه بأنهما غير مسئولين عن هذه الجريمة لأن زجاجة المياه الغازية المغشوشة لم تضبط في حوزتهما ولا في حيازة الشركة المنتجة لها وإنما ضبطت بعيداً عن المصنع، وأن المسئول عنها صاحب الكشك الذي باعها ووجدت الزجاجة المغشوشة في حوزته بعيداً عن رقابة وإشراف الشركة المنتجة التي يعملان بها مما ينفي صلتهما بالغش أو علمهما به.
وحيث إنه يبين من محضر جلسة المحاكمة أمام محكمة الدرجة الثانية أن الطاعنين دفعا التهمة على لسان محاميهما بأنهما مجرد موظفين بالشركة المنتجة للمياه الغازية وأنهما لم يعرضا الزجاجة المغشوشة للبيع، وأن المسئول عنها هو صاحب الكشك الذي عرضها للبيع بعيداً عن رقابة وإشراف الشركة المنتجة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه اكتفى بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه دون أن يعرض لهذا الدفاع تحقيقاً أو رداً ولما كان من المقرر أنه لا يكفي لإدانة المتهم في جريمة صنع وعرض مياه غازية مغشوشة للبيع أن يثبت أن المياه الغازية قد صنعت في مصنع الشركة التي يعمل فيها المتهم، بل لا بد أن يثبت أنه هو الذي ارتكب فعل الغش أو أن تكون المياه الغازية قد صنعت تحت إشرافه ورقابته مع علمه بغشها وفسادها، أما القرينة المنشأة بالتعديل المدخل بالقانونين رقمي 522 لسنة 1955 و80 لسنة 1961 على المادة الثانية من القانون رقم 48 لسنة 1941 والتي افترض بها الشارع العلم بالغش إذا كان المخالف من المستغلين بالتجارة، فقد رفع بها عبء إثبات العلم عن كاهل النيابة دون أن ينال من قابليتها لإثبات العكس، وبغير اشتراط نوع من الأدلة لدحضها، ودون أن يمس الركن المعنوي في جنحة الغش والذي يلزم توافره حتماً للعقاب، وكان الطاعنان قد نفيا ارتكابهما لفعل الغش أو علمهما به، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإدانتهما دون أن يبين مسئوليتهما عن الجريمة المسندة إليهما ومدى إشرافهما وعلمهما اليقيني بالغش ولم يحقق دفاعهما رغم أنه جوهري ومؤثر في مصير الدعوى مما كان يقتضى من المحكمة أن تمحصه لتقف على مبلغ صحته أو ترد عليه بما يبرر رفضه، أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون مشوباً بالإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه والإحالة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.