أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 29 - صـ 809

جلسة 20 من نوفمبر سنة 1978

برياسة السيد المستشار محمد عبد الواحد الديب، وعضوية السادة المستشارين: محمد صلاح الدين الرشيدي، وعادل برهان نور، وشرف الدين خيري، ومحمد وهبه.

(167)
الطعن رقم 1430 لسنة 48 القضائية

(1) سرقة بإكراه. قتل عمد. فاعل أصلي. اشتراك. قصد جنائي. "القصد الاحتمالي". مسئولية جنائية. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مسئولية الفاعل أو الشريك عن جميع الجرائم المحتمل حصولها. ولو كانت غير ذلك التي قصد ارتكابها. متى وقعت بالفعل كنتيجة محتملة للجريمة التي اتفق على ارتكابها.
(2) قصد جنائي. "القصد الاحتمالي". إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير كون الجريمة الثانية. نتيجة محتملة للجريمة الأولى المتفق عليها. موضوعي. مثال.
(3) قصد جنائي. "القصد الاحتمالي". "سرقة بإكراه". قتل عمد. فاعل أصلي. اشتراك. مسئولية جنائية. إثبات. "بوجه عام".
- قصد القتل. أمر داخلي متعلق بالإرادة. تقدير توافره. موضوعي.
- اتفاق المتهمين على ارتكاب جريمة سرقة. ارتكاب أحدهم جناية قتل عمد. مساءلتهم جميعاً عن الجريمتين. متى تبين أن جناية القتل وقعت نتيجة محتملة لجريمة السرقة التي اتفق المتهمون على ارتكابها.
4 - قصد جنائي. عقوبة "تطبيقها". "العقوبة المبررة". ظروف مخففة. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
- عدم جدوى النعي على الحكم في استظهار قصد القتل. متى أوقع على الطاعن عقوبة السرقة بإكراه المسندة إليه بالإضافة لجريمة القتل عمداً. أساس ذلك؟
- تقدير العقوبة. في الحدود المقررة وتقدير قيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها. موضوعي.
5 - إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بالتحدث إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها. إغفال بعض الوقائع. مفاده إطراحها لها.
6 - نيابة عامة. إعدام. نقض. "ميعاده".
قبول عرض النيابة قضايا الإعدام. ولو تجاوزت الميعاد المقرر لذلك.
7 - حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد. إعدام.
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره.
1 - من المقرر في القانون أن الفاعل أو الشريك يتحمل مع فاعل الجريمة المسئولية الجنائية عن الجريمة التي يرتكبها هذا الأخير ولو كانت غير التي قصد ارتكابها وتم الاتفاق عليها متى كانت الجريمة التي وقعت بالفعل نتيجة محتملة للجريمة الأخرى التي اتفق الجناة على ارتكابها فاعلين كانوا أم شركاء، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثاني من اقتصار المسئولية عن النتائج المحتملة على الشريك دون الفاعل لا يكون سديداً في القانون.
2 - إن معيار الجريمة المحتملة هو أمر موضوعي متعلق بالوقائع تفصل فيه محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام حكمها يساير التطبيق السليم للقانون، وإذا ما كان الحكم قد استخلص في منطق سائغ أن جناية قتل المجني عليها كانت نتيجة محتملة لجناية السرقة بإكراه التي كانت مقصودة بالاتفاق وساهم المتهمون - ومن بينهم الطاعن الثاني - في ارتكابها، واستدل على ذلك بما أورده في مدوناته وفي تحصيله للواقعة من أن طعن المتهم الثالث للمجني عليها إنما كان على أثر استغاثتها حال ارتكاب الطاعنين جريمة السرقة لتحول دون وقوعها مما دفع الطاعن الثالث - خشية افتضاح الأمر - إلى قتلها، وهو ما يبين من تسلسل الوقائع على صورة تجعلها متصلة آخرها بأولها، ومن ثم يكون الحكم سديداً إذ آخذ الطاعن الثاني بجناية القتل على اعتبار أنها نتيجة محتملة لجريمة السرقة بإكراه وفقاً للمجرى العادي للأمور، إذ أنه مما تقضيه طبيعة الأمور أن من يحمل سلاحاً إنما يتوقع منه إذا أتي جريمة وأحس بانكشاف أمره ومحاولة الغير لضبطه أن يلجأ إلى التخلص من ذلك من طريق استعمال السلاح الذي يحمله، ومن ثم فإن مجادلة الطاعن الثاني فيما استخلصه الحكم من اعتبار جريمة القتل نتيجة محتملة للسرقة يكون في غير محله.
3 - لما كانت نية القتل من الأمور الموضوعية التي يستظهرها القاضي في حدود سلطته باعتبارها أمراً داخلياً متعلقاً بالإرادة ويرجع تقدير توافره إلى سلطة قاضي الموضوع وحريته في تقدير الوقائع، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على قيام نية القتل في حق مقترفها يكفي لحمل قضائه، وكان الحكم قد أثبت بالأدلة السائغة التي أوردها أن الطاعنين الثلاثة قد اتفقوا على ارتكاب جريمة السرقة التي وقعت جريمة القتل نتيجة محتملة لها، ودلل على توافر نية القتل في حق الطاعن الثالث باعتباره الفاعل الأصلي في جريمة القتل العمد فذلك حسبه، إذ ينعطف حكمه على من اتفق معه على ارتكاب جريمة السرقة مع علمه باحتمال وقوع جريمة القتل نتيجة محتملة لها بغض النظر عن مقارفته هذا الفعل بالذات أو عدم مقارفته ما دامت المحكمة قد دللت تدليلاً سليماً على أن جريمة القتل وقعت نتيجة محتملة لجريمة السرقة التي اتفق الطاعنون الثلاثة على ارتكابها.
4 - لا يجدي الطاعن النعي بدعوى القصور في استظهار نية القتل بالنسبة له أو عدم الرد على دفاعه بانتفائها لديه، ولا التحدي بطلب تطبيق المادة 235 من قانون العقوبات، لانتفاء مصلحته منه ذلك بأن البين من مدونات الحكم أنه أوقع عليه عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة عن الجريمتين المسندتين إليه - جريمة القتل العمد وجريمة السرقة بإكراه الذي ترك بالمجني عليه أثر جروح - وهي العقوبة المقررة لهذه الأخيرة بنص الفقرة الثانية من المادة 314 من قانون العقوبات كما أنها مبررة بنص المادة 235 من ذات القانون. ولا يغير من ذلك أن تكون المحكمة قد أخذته بقسط من الرأفة في نطاق ما يجري به نص المادة 17 من قانون العقوبات، إذ أنها لم تنزل بالعقوبة إلى حدها الأدنى الذي تجيزه تلك المادة، مما مفاده أنها قدرت تناسب العقوبة المقضى بها مع الواقعة الثابتة لديها. لما كان ذلك، وكان النعي بأن المحكمة لم تعامله بمزيد من الرأفة مردوداً بما هو مقرر من أن تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانوناً وتقدير قيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل حساباً عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته، وكانت العقوبة التي أنزلها الحكم بالطاعن - على ما سلف بيانه - تدخل في نطاق العقوبة المقررة قانوناً للجريمة التي دانه بها، فإن مجادلته في هذا الخصوص لا تكون مقبولة.
من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، وفي إغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمناً إطراحها لها، واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم لإغفاله الوقائع التي أشار إليها بأسباب طعنه، وهي بعد وقائع ثانوية يريد الطاعن لها معنى لم تسايره فيه المحكمة فأطرحتها.
6 - إنه وإن كانت النيابة العامة قد عرضت القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم عملاً بنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بعد ميعاد الأربعين يوماً المنصوص عليه في المادة 34 من هذا القانون، إلا أن تجاوز الميعاد المذكور لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، ذلك لأن الشارع إنما أراد بتحديده مجرد وضع قاعدة تنظيمية وعدم ترك الباب مفتوحاً إلى غير نهاية والتعجيل بعرض الأحكام الصادرة بالإعدام على محكمة النقض في كل الأحوال متى صدر الحكم حضورياً، وعلى أي الأحوال فإن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها طبقاً للمادة 46 سالفة الذكر وتفصل فيها لتستبين عيب الحكم من تلقاء نفسها سواء قدمت النيابة مذكرة برأيها أو لم تقدم وسواء قدمت هذه المذكرة قبل فوات الميعاد المحدد للطعن أو بعده.
7 - متى كان يبين من الاطلاع على أوراق القضية أن الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان بها المحكوم عليه بالإعدام، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق. ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها على ما سلف بيانه في معرض التصدي لأوجه الطعن المقدمة من الطاعن الثاني، كما أن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً للقانون وإعمالاً لما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون 107 لسنة 1962 من استطلاع رأي مقتي الجمهورية قبل إصدار الحكم بالإعدام وصدوره بإجماع آراء أعضاء المحكمة، وقد خلا الحكم من عيب مخالفة القانون أو خطأ في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات، فيتعين لذلك قبول عرض النيابة وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم قتلوا عمداً........ بأن اتفقت إرادتهم على سرقة محتويات مسكن زوجها...... فتوجهوا لتنفيذ السرقة وتمكنوا من دخول المسكن وعندما حاولت المجني عليها الاستغاثة طعنها المتهم الثالث بآلة حادة (مدية) في أجزاء مختلفة من جسمها قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وكانت جريمة القتل نتيجة محتملة لجريمة السرقة وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنهم في الزمان والمكان سالفي الذكر سرقوا مبلغ خمسين جنيهاً ومنقولات مملوكة......... وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع عليه بأن أوثقوا يديه وقدميه وطعنه أحدهم بمدية في رقبته فشلوا بذلك مقاومته وتمكنوا بهذه الوسيلة من الإكراه من إتمام السرقة وقد ترك الإكراه بالمجني عليه أثر الجروح المبينة بالتقرير الطبي. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قررت بإحالة أوراق المتهم........ إلى مفتي الجمهورية لإبداء الرأي وحددت جلسة للنطق بالحكم ثم قضت حضورياً وعملاً بالمادتين 43 و234/ 1 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من القانون ذاته بالنسبة للمتهمين الأول والثاني أولاً - وبإجماع الآراء بمعاقبة...... بالإعدام. ثانياً - بمعاقبة كل من...... و...... بالأشغال الشاقة المؤبدة. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنين الأول والثالث وأن قررا بالطعن في الميعاد القانوني إلا أنهما لم يقدما أسباباً لطعنيهما ومن ثم فإن الطعن المقدم من كل منهما يكون غير مقبول شكلاً لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم الأسباب يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الثاني قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الطعن المقدم من الطاعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانه بجناية القتل العمد المقترن بجناية سرقة بإكراه ترك أثر الجروح قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب، ذلك بأن الحكم وإن انتهى إلى أن الطاعن فاعل أصلي في جريمة السرقة إلا أنه ساءله أيضاً عن جريمة القتل التي اقترفها الطاعن الثالث وحده باعتبارها نتيجة محتملة لجريمة السرقة المتفق عليها مع أن المسئولية عن النتيجة المحتملة لا تقوم طبقاً لنص المادة 43 من قانون العقوبات إلا في مواجهة الشريك وقد حجبه هذا الخطأ عن بيان مدى توافر أركان الاشتراك المبينة في المادة 40 من ذات القانون في حقه، كما أنه لم يتوقع عقلاً وبحسب المجرى العادي للأمور، اقتراف القتل الذي انفرد به المتهم الثالث، فضلاً عن انقطاع الصلة بين قتل المجني عليها في حجرة نومها وبين السرقة التي تمت، وأن كل ما يمكن مساءلته عنه هو الاشتراك في جناية الضرب المفضي إلى الموت والسرقة بالإكراه، كما أخطأ الحكم إذ اعتبره فاعلاً أصلياً في جريمة القتل العمد الاحتمالية وطبق في حقه نص المادة 234/ 2 من قانون العقوبات مع أنه في صحيح القانون يعد شريكاً فيها مما كان يوجب معاملته بمقتضى المادة 235 من ذات القانون التي تنص على عقوبة مخففة بالنسبة للشريك إذا حكم على فاعل هذه الجريمة بالإعدام بالإضافة إلى حسن معاملته لزوج المجني عليها، وأنه اقترف الجريمة وهو في سن العشرين، غير أن الحكم لم يأخذه بالرأفة وعاقبه بالأشغال الشاقة المؤبدة، هذا إلى أن ما ساقه الحكم في بيان نية القتل لا يكفي لإثبات توافرها بصفة عامة فضلاً عن اقتصاره في ذلك على المتهم الثالث وحده، ملتفتاً بذلك عن دفاعه هو بانتفاء هذه النية لديه كما أوجز الحكم في سرد واقعة الدعوى حيث أغفل واقعة حضور....... وطرقه باب مسكن المجني عليهما، وإرشاد المجني عليه حينذاك المتهمين إلى طريق الهروب من السطح واستطاعته فك وثاق نفسه بنفسه. وعدم إنجابه من زوجته القتيلة ومرضها الغير قابل للشفاء فجاءت الوقائع مبتسرة لا يبين منها وجه الحق في الدعوى. كل ذلك يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين وقعة الدعوى في قوله: "إن المتهم الثالث........ - الطاعن الثالث المحكوم بإعدامه - كان يعمل في متجر للبقالة واعتاد التردد على منزل المجني عليهما...... و....... لتوصيل ما يطلبان شراءه من هذا المتجر ونظراً لكبر سنهما ولاعتقاد هذا المتهم في ثرائهما فقد اتفق مع المتهمين الأول........ - الطاعن الأول والثاني........ - الطاعن الثاني - على سرقة محتويات مسكنهما، وفي يوم 6/ 7/ 1976 وتنفيذاً لهذا الاتفاق توجه ثلاثتهم إلى مسكن المجني عليهما الواقع بشارع كورنيش النيل بدائرة قسم بولاق مسلحين بالمطاوي وسكين كبير وقرعوا جرس الباب ففتح لهم المجني عليه..... فطالبه أحدهم بسداد مستحق عليه فلما حاول غلق الباب دونهم قاموا بدفعه إلى الداخل وتمكنوا من الدخول حيث ألقوه أرضاً وأوثقوه من يديه وقدميه وكمموا فاه وطعنه أحدهم بمطواة في رقبته وأحدث به الإصابتين المبينتين بالتحقيقات وتمكنوا بهذا الوسيلة من الإكراه من شل مقاومته وسرقة مبلغ خمسين جنيهاً كانت بجيب المجني عليه ومنقولات أخرى كانت بالمنزل، وفي ذلك الوقت كانت زوجته المجني عليها........ التي تبلغ من العمر حوالي خمسين عاماً ترقد طريحة الفراش لمرضها في حجرة نومها واقتحم عليها المتهم الثالث الغرفة وانهال عليها طعناً بمطواة في مختلف أجزاء جسمها قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية لمجرد محاولتها الاستغاثة، وتعرف المجني عليها...... على المتهمين الأول والثاني في عملية عرض قانونية كما اعترف المتهمون الثلاثة في تحقيقات النيابة وردد كل من المتهم الأول والثاني اعترافه عند إجراء المعاينة وأصر عليه المتهم الأول بإحدى جلسات المحاكمة وضبطت بعض المسروقات بإرشاد المتهمين الأول والثاني، وثبت من تقرير الصفة التشريحية أن المجني عليها....... مصابة بأحد عشر جرحاً طعنياً حيوياً بمختلف أجزاء جسمها تحدث من آلة صلبة ذات حافة حادة أياً كان نوعها كسكين أو مطواة، وأن بعض هذه الإصابات في مقتل ونشأت عنها الوفاة، وكانت هذه الجريمة نتيجة محتملة لجناية السرقة بإكراه التي ارتكبها المتهمون الثلاثة". وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذا النحو في حق الطاعنين أدلة مستمدة من أقوال المجني عليه والرائد....... ومن اعترافات المتهمين الثلاثة ومن عملية العرض وضبط المسروقات بإرشاد المتهمين الأول والثاني وما ثبت من تقرير الصفة التشريحية، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر في القانون أن الفاعل أو الشريك يتحمل مع فاعل الجريمة المسئولية الجنائية عن الجريمة التي يرتكبها هذا الأخير ولو كانت غير التي قصد ارتكابها وتم الاتفاق عليها متى كانت الجريمة التي وقعت بالفعل نتيجة محتملة للجريمة الأخرى التي اتفق الجناة على ارتكابها فاعلين كانوا أم شركاء، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثاني من اقتصار المسئولية عن النتائج المحتملة على الشريك دون الفاعل لا يكون سديداً في القانون. أما القول بأن ظروف ارتكاب جريمة القتل التي قارفها المتهم الثالث وحده في حجرة نوم المجني عليها لم تكن لتهئ إلى إمكان توقع ارتكابها - فمردود بأن معيار الاحتمال هو أمر موضوعي متعلق بالوقائع تفصل فيه محكمة الموضوع بغير معقب ما دام حكمها يساير التطبيق السليم للقانون وإذ كان الحكم قد استخلص في منطق سائغ أن جناية قتل المجني عليها........ كانت نتيجة محتملة لجناية السرقة بإكراه التي كانت مقصودة بالاتفاق وساهم المتهمون - ومن بينهم الطاعن الثاني - في ارتكابها، واستدل على ذلك بما أورده في مدوناته وفي تحصيله للواقعة من أن طعن المتهم الثالث للمجني عليها إنما كان على أثر استغاثتها حال ارتكاب الطاعنين جريمة السرقة لتحول دون وقوعها مما دفع الطاعن الثالث خشية افتضاح الأمر إلى قتلها، وهو ما يبين من تسلسل الوقائع على صورة تجعلها متصلة آخرها بأولها، ومن ثم يكون الحكم سديداً إذ آخذ الطاعن الثاني بجناية القتل على اعتبار أنها نتيجة محتملة لجريمة السرقة بإكراه وفقاً للمجرى العادي للأمور، إذ أنه مما تقتضيه طبيعة الأمور أن من يحمل سلاحاً إنما يتوقع منه إذا أتى جريمة وأحس بانكشاف أمره ومحاولة الغير لضبطه أن يلجأ إلى التخلص من ذلك عن طريق استعمال السلاح الذي يحمله، ومن ثم فإن مجادلة الطاعن الثاني فيما استخلصه الحكم من اعتبار جريمة القتل نتيجة محتملة للسرقة يكون في غير محله، لما كان ذلك وكان الحكم قد استظهر نية القتل في قوله "وحيث إنه عن نية القتل وإزهاق روح المجني عليها..... فقد توافر الدليل على ثبوتها وقيامها لدى المتهمين من ذهابهم إلى محل الحادث يعمل كل منهم آلة حادة قاتلة مطواة أو سكين ومبادرة المتهم الثالث المجني عليها بالطعن بالمطواة وإحداثه بها إحدى عشر إصابة في مختلف أجزاء جسمها بعضها في مقتل لمجرد محاولتها الاستغاثة وهي مريضة طريحة الفراش لا تستطيع حراكاً أو دفاعاً عن نفسها وذلك كله لا يمكن أن يكون عفواً أو اعتباطاً بل كان قصداً وتصميماً على إزهاق روحها. ومن حيث إن جناية القتل العمد التي ذهبت ضحيتها المجني عليها....... نتيجة محتملة لجناية السرقة بإكراه ومن ثم يكون المتهمون الثلاثة مسئولين عن الجنايتين معاً". ولما كانت نية القتل من الأمور الموضوعية التي يستظهرها القاضي في حدود سلطته باعتبارها أمراً داخلياً متعلقاً بالإرادة ويرجع تقدير توافره إلى سلطة قاضي الموضوع وحريته في الوقائع، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على قيام نية القتل في حق مقترفها يكفي لحمل قضائه، وكان الحكم قد أثبت بالأدلة السائغة التي أوردها أن الطاعنين الثلاثة قد اتفقوا على ارتكاب جريمة السرقة التي وقعت جريمة القتل نتيجة محتملة لها، ودلل على توافر نية القتل في حق الطاعن الثالث باعتباره الفاعل الأصلي في جريمة القتل العمد فذلك حسبه، إذ ينعطف حكمه على من اتفق معه على ارتكاب جريمة السرقة مع علمه باحتمال وقوع جريمة القتل نتيجة محتملة لها بغض النظر عن مقارفته هذا الفعل بالذات أو عدم مقارفته ما دامت المحكمة قد دللت تدليلاً سليماً على أن جريمة القتل وقعت نتيجة محتملة لجريمة السرقة التي اتفق الطاعنون الثلاثة على ارتكابها، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن الثاني على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد، هذا إلى أنه لا يجدي هذا الطاعن النعي بدعوى القصور في استظهار نية القتل بالنسبة له أو عدم الرد على دفاعه بانتفائها لديه، ولا التحدي بطلب تطبيق المادة 235 من قانون العقوبات، لانتفاء مصلحته منه ذلك بأن البين من مدونات الحكم أنه أوقع عليه عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة عن الجريمتين المسندتين إليه - جريمة القتل العمد وجريمة السرقة بإكراه الذي ترك بالمجني عليه أثر جروح - وهي العقوبة المقررة لهذه الأخيرة بنص الفقرة الثانية من المادة 314 من قانون العقوبات كما أنها مبررة بنص المادة 235 من ذات القانون. ولا يغير من ذلك أن تكون المحكمة قد أخذته بقسط من الرأفة في نطاق ما يجري به نص المادة 17 من قانون العقوبات، إذ أنها لم تنزل بالعقوبة إلى حدها الأدنى الذي تجيزه تلك المادة، مما مفاده أنها قدرت تناسب العقوبة المقضى بها مع الواقعة الثابتة لديها. لما كان ذلك، وكان النعي بأن المحكمة لم تعامله بمزيد من الرأفة مردوداً بما هو مقرر من أن تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانوناً وتقدير قيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل حساباً عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته، وكانت العقوبة التي أنزلها الحكم بالطاعن - على ما سلف بيانه - تدخل في نطاق العقوبة المقررة قانوناً للجريمة التي دانه بها، فإن مجادلته في هذا الخصوص لا تكون مقبولة. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد ساقت من أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها ما يكفي لحمل قضائها، وكان من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، وفي إغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمناً إطراحها لها، واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم لإغفاله الوقائع التي أشار إليها بأسباب طعنه، وهي بعد وقائع ثانوية يريد الطاعن لها معني لم تسايره فيه المحكمة فأطرحتها. ولما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
وحيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم عملاً بنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بعد ميعاد الأربعين يوماً المنصوص عليه في المادة 34 من هذا القانون، إلا أن تجاوز الميعاد المذكور لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، ذلك لأن الشارع إنما أراد بتحديده مجرد وضع قاعدة تنظيمية وعدم ترك الباب مفتوحاً إلى غير نهاية والتعجيل بعرض الأحكام الصادرة بالإعدام على محكمة النقض في كل الأحوال متى صدر الحكم حضورياً، على أي الأحوال فإن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها طبقاً للمادة 46 سالفة الذكر وتفصل فيها لتستبين عيوب الحكم من تلقاء نفسها سواء قدمت النيابة مذكرة برأيها أو لم تقدم وسواء قدمت هذه المذكرة قبل فوات الميعاد المحدد للطعن أو بعده. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على أوراق القضية إن الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان بها المحكوم عليه بالإعدام، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها على ما سلف بيانه في معرض التصدي لأوجه الطعن المقدمة من الطاعن الثاني، كما أن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً للقانون وإعمالاً لما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون 107 لسنة 1962 من استطلاع رأي مقتي الجمهورية قبل إصدار الحكم بالإعدام وصدوره بإجماع آراء أعضاء المحكمة، وقد خلا الحكم من عيب مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله، وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات، فيتعين لذلك قبول عرض النيابة وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.