أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 42 - صـ 527

جلسة 21 من مارس سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ د. عادل قورة وحسن عميره ومحمد حسام الدين الغرياني نواب رئيس المحكمة ومحمد طلعت الرفاعي.

(77)
الطعن رقم 80 لسنة 60 القضائية

(1) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل" حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". ضرب "أفضى إلى موت".
وزن أقوال الشاهد وتقديرها. موضوعي.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى.
(3) إثبات "بوجه عام" "قرائن". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير الدليل. موكول لمحكمة الموضوع. حقها في الأخذ من أي بينه أو قرينة ترتاح إليها دليلاً لحكمها.
قرائن الحال طريق أصلي في الإثبات في المواد الجنائية.
(4) إثبات "بوجه عام". استدلالات. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". ضرب "أفضى إلى موت".
تحريات الشرطة. قرينة معززة للأدلة الأساسية.
عدم إفصاح مأمور الضبط القضائي عن مصدر تحرياته أو عن وسيلته في التحري. لا عيب. تقدير أدلة الدعوى. موضوعي.
(5) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
الخطأ المادي الذي لم يكن بذي أثر على منطقه أو على سلامة النتيجة التي انتهى إليها. لا يعيبه.
مثال.
(6) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
مثال.
(7) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق أو الرد على دفاع لم يثر أمامها. غير مقبول. إثارة الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام النقض. غير جائز.
(8) حكم "وضعه والتوقيع عليه وإصداره" "حجيته" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إجراءات "إجراءات المحاكمة". محضر الجلسة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
العبرة فيما تقضي به الأحكام هي بما ينطق به القاضي في مجلس القضاء. وما هو ثابت في محضر الجلسة أو نسخة الحكم الأصلية المحررة من الكاتب والموقعة من القاضي إذ هي المرجع في أخذ الصورة التنفيذية وفي الطعن عليه من ذوي الشأن.
النعي بخلو مسودة الحكم من تحديد مدة العقوبة. عدم قبوله ما دام الثابت أن محضر الجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه ونسخة الحكم الأصلية تضمناً منطوق الحكم بحبس الطاعن مع الشغل لمدة سنتين.
1 - من المقرر أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي تؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
3 - من المقرر أن تقدير الدليل موكولاً لمحكمة الموضوع ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك، ومن سلطتها أن تأخذ من أي بينة أو قرينة ترتاح إليها دليلاً لحكمها، فلا تثريب عليها في استدلالها على مقارفة الطاعن للجريمة بأقوال المجني عليه وحده، كما أن لها في سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ بقرائن الأحوال وهي من طرق الإثبات الأصلية في المواد الجنائية.
4 - للمحكمة أن تعول على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقه من أدلة أساسية، ولا يعيب تلك التحريات ألا يفصح مأمور الضبط القضائي عن مصدرها أو عن وسيلته في التحري، وإذ كانت الأدلة والاعتبارات والقرائن التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها من ثبوت مقارفة الطاعن لجريمة الضرب المفضي إلى الموت التي دين بها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو وأن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع.
5 - لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المضبوطات عبارة عن سلاح ناري واحد وذخيرة وهي التي زعم الطاعن وشهوده أنها كانت بحوزة المجني عليه، فإن قول الحكم عند تحصيله لأقوال ضابط المباحث أن المجني عليه لا علاقة له بالسلاح والبندقية المضبوطين لا يعدو أن يكون خطأ مادياً لم يكن بذي أثر على منطقة أو سلامة النتيجة التي انتهى إليها.
6 - لما كان البين من الاطلاع على المفردات أن الإصابات التي ناظرها وكيل النيابة المحقق بالرجل اليسرى وبالكف اليمنى للمجني عليه ووصفها بأنها نارية قد تضمنها تقرير الصفة التشريحية وإنما وصفها الطبيب الشرعي بأنها إصابات قطعية حدثت من المصادمة بجسم طلب له حافة حادة وأكد أنها لا دخل لها في إحداث الوفاة، وكان الحكم قد اعتمد في بيان إصابات المجني عليه على ما تضمنه هذا التقرير الفني وحده فإن النعي عليه في هذا الشأن بدعوى مخالفته لما ارتآه وكيل النيابة المحقق ينحل إلى جدل في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه مما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض.
7 - لما كان الثابت من محاضر جلسات المحكمة أن الطاعن لم يدع أن من جرى سؤاله بالمستشفى لم يكن هو المجني عليه بل كان قصارى ما أثاره هو أن المجني عليه تعمد إخفاء اسمه الحقيقي، كما يبين منها أن المدافع عن الطاعن وأن أثار أمر التعارض في وصف بعض إصابات المجني عليه بين ما جاء بتحقيق النيابة وبين ما أثبته تقرير الصفة التشريحية بشأنها إلا أنه لم ينازع في أن الجثة التي جرى تشريحها هي جثة المجني عليه ولم يطلب إجراء تحقيق في هذا الأمر، ومن ثم فلا يقبل منه النعي على المحكمة أنها لم ترد على دفاع لم يثره لديها أو أن يثير هذا الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض.
8 - لما كانت العبرة فيما تقضي به الأحكام هي بما ينطق به القاضي في وجه الخصوم بمجلس القضاء، وبما هو ثابت عن ذلك في محضر الجلسة وفي نسخة الحكم الأصلية المحررة من الكاتب والموقعة من القاضي والتي تحفظ في ملف الدعوى وتكون المرجع في أخذ الصورة التنفيذية وفي الطعن عليه من ذوي الشأن، وكان يبين من مراجعة كل من محضر الجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه ونسخة الحكم الأصلية أن كلاً منهما تضمن منطوق الحكم على الطاعن بالحبس مع الشغل لمدة سنتين، فإن النعي بخلو مسودة الحكم من تحديد مدة العقوبة - بفرض صحته - يكون غير منتج.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضرب...... بآلة صلبة راضة فأحدث به الجروح الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى إلى موته، وأحالته إلى محكمة جنايات بني سويف لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنتين عما نسب إليه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد شابه البطلان والقصور في التسبيب والخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال. ذلك بأنه اعتنق تصويراً للحادث على غير مؤدى أقوال الشهود المؤيدة لرواية الطاعن من أن المجني عليه وآخرين كانوا يسرقون من برج للحمام خاص بالطاعن وأن زملاء المجني عليه هم الذين اعتدوا على الأخير وأحدثوا به الإصابات التي أودت بحياته، وعول في إدانة الطاعن على تحريات المباحث وحدها رغم أن ضابط المباحث أمسك - بغير مبرر - عن الكشف عن مصدرها، كما عول على ما قرره الأخير من أن المجني عليه أفضى إليه بأقواله قبل وفاته في حين أن المستشفى أفاد بعدم إمكان استجوابه ونسب الحكم للمجني عليه أنه قرر بأن الطاعن هو الذي اعتدى عليه خلافاً للثابت بالأوراق، كما أشار إلى ضبط أكثر من سلاح بينما الذي ضبط سلاح ناري واحد، ولم تحفل المحكمة بدفاعه بشأن خلو تقرير الصفة التشريحية من الإشارة إلى الإصابات النارية التي وصفتها النيابة العامة بجثة المجني عليه وبشأن اختلاف الجثة التي ناظرتها النيابة العامة عن تلك التي جرى تشريحها وأن المجني عليه أشير إليه في الأوراق بأسماء مختلفة، وأخيراً فقد خلت مسودة الحكم المطعون فيه من تحديد مدة العقوبة المقضى بها وكل ذلك مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مجمله أن الطاعن وجد المجني عليه نائماً بالقرب من برج للحمام مملوك له واعتقد أنه قد أتى بقصد السرقة فاعتدى عليه بآلة صلبة راضة فأحدث به الإصابات التي أفضت إلى موته. وبعد أن أورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة مستمدة من أقوال المجني عليه بمحضر جمع الاستدلالات ومن أقوال ضابط المباحث ومن تقرير الصفة التشريحية وهي أدلة سائغة مؤدية إلى ما رتب عليها، عرض إلى دفاع الطاعن من أن المجني عليه لم يكن في حالة تسمح له بالتحدث إلى ضابط المباحث ورد عليه بقوله: "وحيث إنه بالنسبة لما قرره المجني عليه بمحضر جمع الاستدلالات فإن ضابط المباحث أثبت أنه تقابل مع طبيب أو المستشفى واستفسر منه عما إذا كانت حالة المجني عليه تسمح بسؤاله فأفاد بأن حالته تسمح بذلك، وأنه لا يوجد ما يجعل ضابط المباحث يقرر ذلك دون موافقة الطبيب المختص لانتفاء الغرض من ذلك" وما أورده الحكم من ذلك سائغ في العقل والمنطق ويكفي للرد على دفاع الطاعن في هذا الشأن. لما كان ذلك وكان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي تؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها وكان الثابت من مراجعة المفردات أن أقوال المجني عليه تتفق في جملتها مع ما حصله الحكم منها، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان تقدير الدليل موكولاً لمحكمة الموضوع متى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك، ومن سلطتها أن تأخذ من أي بينة أو قرينة ترتاح إليها دليلاً لحكمها، فلا تثريب عليها في استدلالها على مقارفة الطاعن للجريمة بأقوال المجني عليه وحده، كما أن لها في سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ بقرائن الأحوال وهي من طرق الإثبات الأصلية في المواد الجنائية، وأن تعول على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية، ولا يعيب تلك التحريات ألا يفصح مأمور الضبط القضائي عن مصدرها أو عن وسيلته في التحري، وإذ كانت الأدلة والاعتبارات والقرائن التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها من ثبوت مقارفة الطاعن لجريمة الضرب المفضي إلى الموت التي دين بها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو وأن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المضبوطات عبارة عن سلاح ناري واحد وذخيرة وهي التي زعم الطاعن وشهوده أنها كانت بحوزة المجني عليه، فإن قول الحكم عند تحصيله لأقوال ضابط المباحث أن المجني عليه لا علاقة له بالسلاح والبندقية المضبوطين لا يعدو وأن يكون خطأً مادياً لم يكن بذي أثر على منطقه أو سلامة النتيجة التي انتهى إليها. لما كان ذلك وكان البين من الاطلاع على المفردات أن الإصابات التي ناظرها وكيل النيابة المحقق بالرجل اليسرى وبالكف اليمنى للمجني عليه ووصفها بأنها نارية قد تضمنها تقرير الصفة التشريحية وإنما وصفها الطبيب الشرعي بأنها إصابات قطعية حدثت من المصادمة بجسم طلب له حافة حادة وأكد أنها لا دخل لها في إحداث الوفاة، وكان الحكم قد اعتمد في بيان إصابات المجني عليه على ما تضمنه هذا التقرير الفني وحده فإن النعي عليه في هذا الشأن بدعوى مخالفته لما ارتآه وكيل النيابة المحقق ينحل إلى جدل في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه مما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض. لما كان ذلك وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدع أن من جرى سؤاله بالمستشفى لم يكن هو المجني عليه بل كان قصارى ما أثاره هو أن المجني عليه تعمد إخفاء اسمه الحقيقي، كما يبين منها أن المدافع عن الطاعن وإن أثار أمر التعارض في وصف بعض إصابات المجني عليه بين ما جاء بتحقيق النيابة وبين ما أثبته تقرير الصفة التشريحية بشأنها إلا أنه لم ينازع في أن الجثة التي جرى تشريحها هي جثة المجني عليه ولم يطلب إجراء تحقيق في هذا الأمر، ومن ثم فلا يقبل منه النعي على المحكمة أنها لم ترد على دفاع لم يثره لديها أو أن يثير هذا الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكانت العبرة فيما تقضي به الأحكام هي بما ينطق به القاضي في وجه الخصوم بمجلس القضاء، وبما هو ثابت عن ذلك في محضر الجلسة وفي نسخة الحكم الأصلية المحررة من الكاتب والموقعة من القاضي والتي تحفظ في ملف الدعوى وتكون المرجع في أخذ الصورة التنفيذية وفي الطعن عليه من ذوي الشأن، وكان يبين من مراجعة كل من محضر الجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه ونسخة الحكم الأصلية أن كلاً منهما تضمن منطوق الحكم على الطاعن بالحبس مع الشغل لمدة سنتين، فإن النعي بخلو مسودة الحكم من تحديد مدة العقوبة - بفرض صحته - يكون غير منتج. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.