أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 29 - صـ 883

جلسة 7 من ديسمبر سنة 1978

برياسة السيد المستشار محمد كمال عباس نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عثمان الزيني، ويعيش رشدي، وحسن جمعة، وأبو بكر الديب.

(183)
الطعن رقم 1290 لسنة 48 القضائية

(1) نقض. "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام". إثبات. قوة الأمر المقضي". طعن. قوة الأمر المقضي.
اقتصار الحكم المطعون فيه. على القضاء بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه بعد الميعاد. يمتنع معه توجيه أي نعي متعلق بالموضوع. علة ذلك؟
(2) استئناف. "ميعاده". "نظره والحكم فيه". نظام عام. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ميعاد الاستئناف. تعلقه بالنظام العام. جواز الفصل فيه في أية حالة كانت عليها الدعوى.
تأجيل المحكمة الدعوى لتقديم مستندات. لا يمنعها. عند إصدار حكمها. من القضاء بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد.
(3) نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". معارضة. شهادة مرضية. إجراءات. "إجراءات المحاكمة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم اطمئنان محكمة النقض لعذر الطاعن. في التخلف عن حضور الجلسة التي أجلت لها معارضته الاستئنافية وصدر فيها الحكم المطعون فيه برفض المعارضة، رغم علمه بها، أثره: صحة إجراءات المحاكمة.
1 - متى كان الحكم المطعون فيه لم يفصل إلا في شكل الاستئناف بعدم قبوله، فلا يقبل الطعن فيه بأية أوجه خاصة بالموضوع لأن هذه الأوجه لا تكون موجهة إلا إلى حكم محكمة الدرجة الأولى، وهو ما لا يجوز لمحكمة النقض أن تعرض لما شابه من عيوبه بعد أن حاز قوة الأمر المقضي.
2 - من المقرر أن الميعاد المقرر لرفع الاستئناف من الأمور المتعلقة بالنظام العام، وللمحكمة أن تفصل فيه في أية حالة كانت عليها الدعوى. ولما كان ما يثيره الطاعن من أنه كان يتعين على المحكمة الاستئنافية ألا تقضي برفض معارضته قبل تنفيذ قرارها السابق بإعلان المجني عليه وتكليفه بتقديم سند الأمانة، هذا القول إنما يكون محل اعتبار إذا كان الاستئناف المقدم منه جائزاً ومقبولاً حتى يتسنى للمحكمة الاستئنافية أن تتصل عن طريقه بالموضوع وتجري فيه ما تراه من أوجه التحقيق. وإذن فإذا كانت المحكمة عند نظرها المعارضة الاستئنافية عن حكم صدر بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه بعد الميعاد، قد أجلت الدعوى لإعلان المجني عليه وتكليفه بتقديم سند الأمانة تحقيقاً لمنازعة المتهم في شأنه من غير أن تكون قد فصلت في أمر الاستئناف من حيث الشكل، فإن ذلك منها لا يعتبر فصلاً ضمنياً في شكل الاستئناف ولا يمنعها قانوناً عند إصدار حكمها من النظر من جديد في شكل الاستئناف وأن تقضي بتأييد الحكم المعارض فيه فيما قضى به من عدم قبول الاستئناف شكلاً بعد أن ثبت أن تاريخ التقرير به قد جاوز الميعاد القانوني - ولا جناح على المحكمة في هذه الحالة إن هي عدلت عن قرارها السابق بإعلان المجني عليه لمناقشته بعد أن انغلق أمامها سبيل التصدي للموضوع بقعود المتهم عن رفع الاستئناف خلال الميعاد المقرر في القانون.
3 - متى كانت هذه المحكمة (محكمة النقض) لا تطمئن ولا يرتاح وجدانها للشهادة الطبية المقدمة من الطاعن تبريراً لتخلفه عن الحضور في الجلسة المحددة لنظر المعارضة الاستئنافية بعد إذ ثبت لديها أنه لم يمثل في أية جلسة من جلسات المحاكمة الابتدائية مع علمه بها وأنه قد تجاوز في التقرير بالاستئناف الميعاد المقرر دون أن يقدم للمحكمة أي عذر يبرر به مسلكه فإذا أتاحت له المحكمة الفرصة لتقديم الدليل على عذره إذ به يعود إلى سيرته الأولى في التغيب عن الحضور بجلسات المحاكمة دون عذر مقبول مما لا يعين على الاقتناع بجدية العذر الذي راح يتعلل به مؤخراً ليتخذه سبباً للطعن على الحكم. لما كان ذلك، وكان الطاعن لا ينازع في سبق علمه بالجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، فإن إجراءات المحاكمة تكون قد تمت صحيحة ويكون النعي على الحكم بالبطلان والإخلال بحق الدفاع على غير أساس.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: بدد المبلغ المبين قدراً وقيمة بالمحضر، المملوك لـ....... والذي كان قد سلم إليه على سبيل الوكالة لتوصيله لآخر فاختلسه لنفسه إضراراً بمالكه. وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح باب شرقي الجزئية قضت غيابياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم شهراً واحد مع الشغل وكفالة ثلاثة جنيهات لوقف التنفيذ. فعارض، وقضي في معارضته اعتبارها كأن لم تكن. فاستأنف، ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً اعتبارياً بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد فعارض وقضي في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فطعن الوكيل عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن حاصل الوجه الأول من وجهي الطعن هو الإخلال بحق الدفاع ذلك أن محكمة ثاني درجة كانت قد أجلت نظر المعارضة غير مرة لإعلان المجني عليه وتكليفه بتقديم سند الأمانة تحقيقاً لمنازعة الطاعن في شأنه إلا أنها عادت فقضت برفض المعارضة قبل تنفيذ هذا القرار ولم تبين علة عدولها عنه مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن هذا الوجه من الطعن مردود بأن الحكم المطعون فيه وإن جري منطوقه خطأ بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف إلا أنه قد صدر في حقيقة وصفه وطبقاً للثابت بمحاضر جلسات المعارضة الاستئنافية بقبول المعارضة شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم المعارض فيه فيما قضى به من عدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه بعد الميعاد المقرر. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه إذا كان الحكم المطعون فيه لم يفصل إلا في شكل الاستئناف بعدم قبوله - كما هو الحاصل في الدعوى - فلا يقبل الطعن فيه بأية أوجه خاصة بالموضوع لأن هذه الأوجه لا تكون موجهة إلا إلى حكم محكمة الدرجة الأولى - وهو ما لا يجوز لمحكمة النقض أن تعرض لما شابه من عيوب بعد أن حاز قوة الأمر المقضي، وكان ما يثيره الطاعن من أنه كان يتعين على المحكمة الاستئنافية ألا تقضي برفض معارضته قبل تنفيذ قرارها السابق بإعلان المجني عليه وتكليفه بتقديم سند الأمانة - هذا القول إنما يكون محل اعتبار إذا كان الاستئناف المقدم منه جائزاًَ ومقبولاً حتى يتسنى للمحكمة الاستئنافية أن تتصل عن طريقه بالموضوع وتجري فيه ما تروم من أوجه التحقيق، وإذن فإذا كانت المحكمة عند نظرها المعارضة الاستئنافية في حكم صدر بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه بعد الميعاد - قد أجلت الدعوى لإعلان المجني عليه وتكليفه بتقديم سند الأمانة تحقيقاً لمنازعة المتهم في شأنه من غير أن تكون قد فصلت في أمر الاستئناف من حيث الشكل، فإن ذلك منها لا يعتبر فصلاً ضمنياً في شكل الاستئناف، ولا يمنعها قانوناً عند إصدار حكمها من النظر من جديد في شكل الاستئناف وأن تقضي بتأييد الحكم المعارض فيه فيما قضى به من عدم قبول الاستئناف شكلاً بعد أن ثبت أن تاريخ التقرير به قد جاوز الميعاد القانوني لما هو مقرر من أن الميعاد المقرر لرفع الاستئناف من الأمور المتعلقة بالنظام العام وللمحكمة أن تفصل فيه في أية حالة كانت عليها الدعوى - ولا جناح على المحكمة في هذه الحال إن هي عدلت عن قرارها السابق بإعلان المجني عليه لمناقشته بعد أن انغلق أمامها سبيل التصدي للموضوع بقعود المتهم عن رفع الاستئناف خلال الميعاد المقرر في القانون. لما كان ذلك، فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون مقبولاً.
وحيث إن حاصل الوجه الثاني من الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ قضى في غيبة الطاعن برفض معارضته الاستئنافية قد شابه بطلان وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك أنه لم يتخلف عن حضور الجلسة المحددة لنظر معارضته إلا لعذر قهري قام به هو مرضه الثابت بالشهادة الطبية المرفقة بأسباب الطعن مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن البين من الرجوع إلى محاضر جلسات المحاكمة في درجتي التقاضي أن الطاعن لم يمثل في أية جلسة من جلسات المحاكمة أمام محكمة أول درجة إلى أن صدر عليه الحكم غيابياً فبادر بالمعارضة فيه ثم تخلف دون عذر عن الحضور في الجلسة المحددة لنظر معارضته. فقضي باعتبار المعارضة كأن لم تكن وبالرغم من صدور هذا الحكم بتاريخ 17/ 5/ 1975 فإنه لم يقرر باستئنافه إلا بعد قرابة شهر من تاريخ صدوره ولم يبد أمام محكمة ثاني درجة أي عذر يبرر به مسلكه، بل اقتصر على طلب التأجيل لتمكينه من السداد فأجلت المحكمة نظر الاستئناف ليقدم لها دليلاً على العذر الذي حال بينه وبين التقرير بالاستئناف في الميعاد، ومع علم الطاعن بالقرار الذي أصدرته المحكمة في مواجهته وبتاريخ الجلسة التي تأجلت لها الدعوى، فقد تخلف عن المسئول أمام المحكمة دون عذر فقضت المحكمة حضورياً اعتبارياً بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه بعد الميعاد فإذا بالطاعن يعود إلى المعارضة في هذا الحكم ويستأجل نظر المعارضة للسداد ثم في جلسة أخرى ينازع في صحة توقيعه على سند الأمانة، وأخيراً يتخلف عن الحضور بجلسة المرافعة التي تأجلت لها المعارضة بالرغم من علمه بها، فتقضى المحكمة برفض معارضته. لما كان ذلك، وكانت هذه المحكمة لا تطمئن ولا يرتاح وجدانها للشهادة الطبية المقدمة من الطاعن تبريراً لتخلفه عن الحضور في الجلسة المحددة لنظر المعارضة الاستئنافية بعد أن ثبت لديها أنه لم يمثل في أية جلسة من جلسات المحاكمة الابتدائية مع علمه بها وأنه قد تجاوز في التقرير بالاستئناف الميعاد المقرر دون أن يقدم للمحكمة أي عذر يبرر به مسلكه فإذا أتاحت له المحكمة الفرصة لتقديم الدليل على عذره إذ به يعود إلى سيرته الأولى في التغيب عن الحضور بجلسات المحاكمة دون عذر مقبول مما لا يعين على الاقتناع بجدية العذر الذي راح يتعلل به مؤخراً ليتخذه سبباً للطعن على الحكم. لما كان ذلك، وكان الطاعن لا ينازع في سبق علمه بجلسة 11/ 11/ 1976 التي صدر فيها الحكم المطعون فيه - فإن إجراءات المحاكمة تكون قد تمت صحيحة ويكون النعي على الحكم بالبطلان والإخلال بحق الدفاع على غير أساس. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون في غير محله مستوجباً للرفض.