أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 42 - صـ 569

جلسة 1 من إبريل سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي منتصر ومقبل شاكر نائبي رئيس المحكمة وفتحي الصباغ ومصطفى كامل.

(82)
الطعن رقم 274 لسنة 60 القضائية

(1) تفتيش "إذن التفتيش. بياناته" "إصداره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
توقيع مصدر إذن التفتيش. شرط لقيامه. التوقيع على الصفحة الأخيرة يغني عن التوقيع على باقي الصفحات إن تعددت. أساس ذلك؟
(2) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". إثبات "بوجه عام". استدلالات. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
المجادلة في ذلك أمام النقض. غير مقبولة.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". تفتيش "التفتيش بإذن". إثبات "بوجه عام". قصد جنائي. استدلالات. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
أخذ الحكم بالتحريات مسوغاً للإذن بالتفتيش لا يمنعها من عدم الأخذ بها في خصوص قصد الاتجار.
(4) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة.
مجادلة المتهم بإحراز مخدرات فيما اطمأنت إليه المحكمة من أن المخدر المضبوط هو الذي جرى تحليله. جدل في تقدير الدليل. إثارته أمام محكمة النقض. غير مقبول.
(5) مصادرة. قانون "تفسيره" "تطبيقه". عقوبة "العقوبة التكميلية". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عقوبة المصادرة المقررة بالمادة 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960. نطاقها؟
مصادرة السيارة المضبوطة التي أثبت الحكم أن الطاعن قد استخدمها في نقل المواد المخدرة. صحيح.
1 - من المقرر أنه يتعين أن يكون إذن التفتيش مكتوباً وموقعاً عليه ممن صدر عنه لأن التوقيع هو السند الوحيد الذي يشهد بصدوره عمن صدر عنه على الوجه الذي صدر به، وبنائه على الأسباب التي أقيم عليها، وكان التوقيع على صفحته الأخيرة وهو المعتبر - يغني عن توقيع باقي صفحاته إن تعددت، إذ أن القانون لم يوجب هذا، فإن الحكم المطعون فيه وقد قضى بصحة إذن التفتيش تأسيساً على كفاية توقيع وكيل النيابة الذي أصدره على صفحته الأخيرة، يكون قد أصاب صحيح القانون.
2 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وكانت المحكمة قد اقتنعت - على السياق المتقدم - بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسوغ إجرائه، فإن مجادلة الطاعن في ذلك أمام محكمة النقض تكون غير مقبولة.
3 - ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في التحريات ما يسوغ الإذن بالتفتيش ولا ترى فيها ما يقنعها بأن حيازة الجوهر المخدر كان بقصد الاتجار دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها.
4 - من المقرر أن جدل الطاعن والتشكيك في انقطاع الصلة بين طرب الحشيش المضبوطة المثبتة بمحضر الشرطة عن تلك المقدمة للنيابة والتي أجرى عليها التحليل إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال رجال مكتب مكافحة المخدرات وفي عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع، فلا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في عقيدتها في تقدير الدليل وهو من إطلاقاتها.
5 - إن الفقرة الأولى من المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها تقضي بوجوب الحكم في جميع الأحوال بمصادرة الجواهر المخدرة أو النباتات المضبوطة وكذلك الأدوات ووسائل النقل المضبوطة التي تكون قد استخدمت في ارتكاب الجريمة، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن السيارة المضبوطة قد استخدمها الطاعن في نقل المواد المخدرة فإن قضائه بمصادرة هذه السيارة لا يكون قد جانب التطبيق القانوني الصحيح.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه حاز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات الجيزة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38/ 1، 48 من القانون 182 لسنة 1960 بالسجن لمدة خمس سنوات وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المخدرات والسيارة المضبوطة وذلك باعتبار أن الإحراز مجرد من القصود.
فطعن الأستاذ...... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة جوهر مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي، قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال، ذلك بأن الحكم رفض بغير سبب سائغ الدفع ببطلان إذن التفتيش لخلو صفحته الأولى من توقيع وكيل النيابة الذي أصدره، ولعدم جدية التحريات مع أنه نفى عن الطاعن قصد الاتجار الذي تضمنته هذا ولم تستجب المحكمة لطلب الطاعن سماع شهود الإثبات بحجة تنازله عن ذلك في حين أنه كان بقصد التنازل عن سماع شهود النفي اللذين طلب سماعهم في الجلسة الأولى للمحاكمة. كما رد الحكم على دفاع الطاعن بشأن تغاير الكتابة المدونة على طربتين من طرب الحشيش المضبوطة بين ما أثبت في محضر الضبط وتحقيق النيابة بما لا يصلح. وقضى بمصادرة سيارته على غير موجب قانوني وكل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستقاة من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير المعامل الكيماوية لما كان ذلك. وكان من المقرر أنه يتعين أن يكون إذن التفتيش مكتوباً وموقعاً عليه ممن صدر عنه لأن التوقيع هو السند الوحيد الذي يشهد بصدوره عمن صدر عنه على الوجه الذي صدر به، وبناءً على الأسباب التي أقيم عليها، وكان التوقيع على صفحته الأخيرة وهو المعتبر - يغني عن توقيع باقي صفحاته إن تعددت، إذا أن القانون لم يوجب هذا، فإن الحكم المطعون فيه وقد قضى بصحة إذن التفتيش تأسيساً على كفاية توقيع وكيل النيابة الذي أصدره على صفحته الأخيرة، يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أطرح الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات في قوله "بأن الثابت من محضر التحريات أنه عين اسم المتهم صحيحاً، وفصل عنوان مسكنه وحدد رقم سيارته وأوصافها، الأمر الذي تطمئن معه إلى جدية التحريات، وتقر سلطة التحقيق على تصرفها في هذا الشأن". وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وكانت المحكمة قد اقتنعت - على السياق المتقدم - بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه، فإن مجادلة الطاعن في ذلك أمام محكمة النقض تكون غير مقبولة، ولا ينال من ذلك أن الحكم لم يتقيد بتلك التحريات في شأن قصد الاتجار الذي نفاه عن الطاعن، لأنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في التحريات ما يسوغ الإذن بالتفتيش ولا ترى فيها ما يقنعها بأن حيازة الجوهر المخدر كان بقصد الاتجار دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها - لما كان ذلك، وكان الثابت من مطالعة محضري جلستي المحاكمة أن المدافع عن الطاعن طلب في الأولى سماع شهود الإثبات فحسب، فقررت المحكمة تأجيل نظر الدعوى لجلسة تالية تنازل فيها عن طلب سماع الشهود وترافع في الدعوى طالباً الحكم ببراءة الطاعن، مما مفاده أن تنازله قد انصرف أثره إلى شهود الإثبات وليس إلى شهود نفي لم يطلب سماعهم ومناقشتهم ولم يذكر عنهم أمراً ما في مرافعته كما يزعم في أسباب طعنه، ومن ثم فإنه منعاه في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما أثاره الطاعن بشأن تغاير الكتابة المدونة على طربتين من طرب الحشيش المضبوطة بقوله "وحيث إنه عن النعي بأن محرر محضر الضبط لم يذكر الطربتين ماركة نخلة الوادي فإن حسب المحكمة أن باقي الطرب قد أخذت منها عينات ثبت أنها لمخدر الحشيش وهو ما يكفي لإقامة الاتهام قبل المتهم وإدانته خاصة وإن عدد الطرب المضبوطة هو عشرين طربة وجاء وزنها مماثلاً تقريباً للوزن الذي أقرته النيابة" وهو رد سائغ أوضح به الحكم اطمئنان المحكمة إلى سلامة كمية المخدر المضبوط دون حدوث أي عبث بها، هذا فضلاً عن أن جدل الطاعن التشكيك في انقطاع الصلة بين طرب الحشيش المضبوطة المثبتة بمحضر الشرطة عن تلك المقدمة للنيابة والتي أجرى عليها التحليل إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال رجال مكتب مكافحة المخدرات وفي عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع، فلا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في عقيدتها في تقدير الدليل وهو من إطلاقاتها. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الأولى من المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها تقضي بوجوب الحكم في جميع الأحوال بمصادرة الجواهر المخدرة أو النباتات المضبوطة وكذلك الأدوات ووسائل النقل المضبوطة التي تكون قد استخدمت في ارتكاب الجريمة، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن السيارة المضبوطة قد استخدمها الطاعن في نقل المواد المخدرة فإن قضائه بمصادرة السيارة لا يكون قد جانب التطبيق القانوني الصحيح. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.