أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 29 - صـ 910

جلسة 10 من ديسمبر سنة 1978

برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينه، ودكتور أحمد رفعت خفاجي، وأحمد طاهر خليل، وصلاح الدين نصار.

(189)
الطعن رقم 1326 لسنة 48 القضائية

(1) سرقة. تلبس. إثبات. "بوجه عام". "قرائن".
تلبس. صفة تلازم الجريمة. تقدير المظاهر التي تنم عن وقوع الجريمة. موضوعي.
تقدير الزمن بين وقوع الجريمة واكتشافها لتبين حالة التلبس من عدمه. موضوعي.
(2) نقص. "أثر الطعن". محكمة الإعادة. "نظرها الدعوى والحكم فيها".
نقض الحكم يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بحالتها قبل صدور الحكم المنقوض لتفصل فيها من جديد. مخالفتها حكم الإعادة. لا يصلح بذاته وجهاً للطعن على قضائها ما لم يكن موضوع المخالفة موجباً لذلك. مثال.
(3) محكمة ثاني درجة. "الإجراءات أمامها". إجراءات. "إجراءات المحاكمة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
محكمة ثاني درجة عدم التزامها بإجراء تحقيق أو سماع شهود. إلا ما كان يجب على محكمة أول درجة إجراؤه. لو رأت هي لزوماً لذلك.
للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً. المادة 289 إجراءات.
عدم تمسك الدفاع عن الطاعن بسماع شهادة الشاهد الذي استدعته المحكمة للحضور كطلبه. مفاده. تنازله عن سماع شهادته.
التفات المحكمة عن طلب الطاعن إعادة الدعوى للمرافعة لإبداء ما أمسك عنه من دفاع بعد أن سمعت الدعوى في حضوره. لا إخلال بحق الدفاع.
1 - من المقرر قانوناً أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها، وأنه يكفي لقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة وأن تقدير الظروف المحيطة بالجريمة والمدة التي مضت من وقت وقوعها إلى وقت اكتشافها للفصل فيما إذا كانت الجريمة متلبساً أو غير متلبس بها موكول إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة. وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعن من عدم توافرها ومن بطلان القبض والتفتيش كاف سائغاً في الرد على الدفع ويتفق مع صحيح القانون، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
2 - من المقرر أن نقض الحكم يعيد الدعوى أمام محكمة الإعادة بحالتها الأولى قبل صدور الحكم المنقوض. لا يقيدها بشيء، فعلى فرض مخالفة محكمة الموضوع لقضاء محكمة النقض فإن ذلك لا يصلح اتخاذه وجهاً للطعن إلا إذا كان محل المخالفة المدعاة يصلح في ذاته لأنه يكون وجهاً للطعن على الحكم الجديد وإذ كان حكم النقض السابق صدوره في الدعوى لم يقض ببطلان التفتيش حسبما يزعم الطاعن في وجه الطعن وإنما أقام قضاءه على قصور الحكم المنقوض لعدم الرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش وكان الحكم المطعون فيه بريئاً من هذا العيب فإن منعى الطاعن في هذا الوجه يكون غير مقبول.
3 - لما كان يبين من محاضر الجلسات أن الدفاع عن الطاعن طلب بجلسة 18 مارس سنة 1976 سماع شهادة الضابط شاهد الإثبات فكلفت المحكمة النيابة العامة بإعلانه للجلسة التي أجلت نظر الدعوى إليها، وفيها حضر الشاهد ولم تناقشه المحكمة ولا الطاعن، وأجلت الدعوى لإعلان باقي المتهمين، ولم يحضر الشاهد بعد ذلك، وبجلسة 3 نوفمبر سنة 1972 سرد المدافع الحاضر مع الطاعن وقائع الدعوى ثم طلب بجلسة 22 ديسمبر سنة 1977 حجز الدعوى للحكم مع التصريح له بتقديم مذكرة، فقررت المحكمة الحكم في الدعوى بجلسة 26 يناير سنة 1978 وصرحت بتقديم مذكرات خلال ثلاثة أسابيع، وفي 14 يناير سنة 1978 قدم الطاعن مذكرة بدفاعه انتهى فيها إلى طلب براءته من التهمة المسندة إليه ولما كان الأصل أن المحكمة الاستئنافية تحكم في الدعوى على مقتضى الأوراق ما لم تر لزوماً لإجراء تحقيق معين أو سماع شهادة شهود إلا ما كان يجب أن تجريه محكمة أول درجة وكانت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 113 لسنة 1957 تخول المحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، ويستوي أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه. وإذ كان الدفاع عن الطاعن على ما سلف بيانه - قد سكت عن طلب سماع الضابط الشاهد بجلسة 3 نوفمبر سنة 1977 والجلسة التالية، ولم يتمسك بهذا الطلب في ختام مرافعته عنه وليس له أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تنازل عنه - لما كان ذلك وكان الثابت بمحاضر الجلسات أن الطاعن مثل ومعه محاميه أمام المحكمة الاستئنافية - ولم يقف في دفاعه عند الدفع ببطلان القبض والتفتيش بل تناول في المرافعة موضوع الدعوى وقد مذكرة بدفاعه خلال الأجل الممنوح له في فترة حجز القضية للحكم أشار فيها إلى أنه يحتفظ بحقه في إبداء دفاعه الموضوعي - وإذ كانت المحكمة لم تحل دون إتمامه لدفاعه أو تحدد نطاقه أو تجزئه عليه فلا عليها إن التفتت عن هذا الذي أشار إليه بمذكرة دفاعه بعد أن سمعت الدعوى وأمرت بقفل باب المرافعة، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من دعوى الإخلال بحق الدفاع يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه وآخرين سرقوا الحديد المبين الوصف والقيمة بالمحضر والمملوك لشركة مصانع النحاس. وطلبت عقابهم بالمادة 317/ 5 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح الرمل الجزئية قضت غيابياً عملاً بمادة الاتهام بحبس كل من المتهمين سنة مع الشغل والنفاذ عارض المحكوم عليهم وقضي في معارضة الثالث والرابع والخامس منهم باعتبارها كأن لم تكن، ثم قضى في معارضة الباقين الأول والثاني والسادس بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض بلا مصروفات جنائية فاستأنف المحكوم عليهم هذا الحكم ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً اعتبارياً للمتهمين الثالث والرابع وحضورياً للباقين بحبس كل من المتهمين ستة شهور مع الشغل بلا مصاريف جنائية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة إلى الطاعن وباقي المحكوم عليهم عدا...... وإحالة القضية إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية لتفصل فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى، ومحكمة الإعادة قضت حضورياً للأول وغيابياً للباقين بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس كل من المتهمين ثلاثة أشهر مع الشغل. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة سرقة قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه إخلال بحق الدفاع، ذلك أنه استند في قضائه برفض الدفع المبدى من الطاعن ببطلان القبض عليه وتفتيش محله إلى توافر التلبس مع أن ظروف الواقعة تنفي قيام هذه الحالة، فضلاً عن أن محكمة الإعادة إذ خلصت إلى صحة التفتيش تكون قد خالفت قضاء محكمة النقض الذي أخال إليها الدعوى للفصل فيها مجدداً هذا إلى أنها التفتت عن سماع أقوال الضابط شاهد الإثبات رغم سبق تقريرها إعلانه للحضور أمامها كما لم تتح للطاعن إبداء دفاعه الموضوعي وقد احتفظ بحقه فيه بالمذكرة التي قصرها على الدفع ببطلان القبض والتفتيش، وكل هذا مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة السرقة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، عرض للدفع المبدي من الطاعن ببطلان إجراءات القبض والتفتيش ورد عليه بما مؤداه أن تحريات الشرطة دلت على وقوع الجريمة وأعقبها بفترة قصيرة سؤال اثنان آخران من المحكوم عليهم فاعترفا بارتكابها وأرشداً عن الطاعن باعتباره فاعلاً لها معهما، وعن مكان المسروقات حيث تم ضبطها، وخلص من ذلك إلى توافر حالة التلبس التي تجيز لمأمور الضبط القضائي القبض على الطاعن وتفتيشه، ولما كان من المقرر قانوناً أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها، وأنه يكفي لقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة وأن تقدير الظروف المحيطة بالجريمة والمدة التي مضت من وقت وقوعها إلى وقت اكتشافها للفصل فيما إذا كانت الجريمة متلبساً أو غير متلبس بها موكول إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة. وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعن من عدم توافرها ومن بطلان القبض والتفتيش كاف سائغاً في الرد على الدفع ويتفق مع صحيح القانون، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن نقض الحكم يعيد الدعوى أمام محكمة الإحالة بحالتها الأولى قبل صدور الحكم المنقوض ولا يقيدها بشيء، فعلى فرض مخالفة محكمة الموضوع لقضاء محكمة النقض. فإن ذلك لا يصلح اتخاذه وجهاً للطعن إلا إذا كان محل المخالفة المدعاة يصلح في ذاته لأنه يكون وجهاً للطعن على الحكم الجديد. وإذ كان حكم النقض السابق صدوره في الدعوى لم يقض ببطلان التفتيش حسبما يزعم الطاعن في وجه الطعن وإنما أقام قضاءه على قصور الحكم المنقوض لعدم الرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش وكان الحكم المطعون فيه بريئاً من هذا العيب، فإن منعي الطاعن في هذا الوجه يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان يبين من محاضر الجلسات أن الدفاع عن الطاعن طلب بجلسة 18 مارس سنة 1976 سماع شهادة الضابط شاهد الإثبات فكلفت المحكمة النيابة العامة بإعلانه للجلسة التي أجلت نظر الدعوى إليها، وفيها حضر الشاهد ولم تناقشه المحكمة ولا الطاعن، وأجلت الدعوى لإعلان باقي المتهمين، ولم يحضر الشاهد بعد ذلك، وبجلسة 3 نوفمبر سنة 1977 سرد المدافع الحاضر مع الطاعن وقائع الدعوى ثم طلب بجلسة 22 ديسمبر سنة 1977 حجز الدعوى للحكم مع التصريح له بتقديم مذكرة، فقررت المحكمة الحكم في الدعوى بجلسة 26 يناير سنة 1978 وصرحت بتقديم مذكرات خلال ثلاثة أسابيع، وفي 14 يناير سنة 1978 قدم الطاعن مذكرة بدفاعه انتهى فيها إلى طلب براءته من التهمة المسندة إليه، ولما كان الأصل أن المحكمة الاستئنافية تحكم في الدعوى على مقتضي الأوراق ما لم تر لزوماً لإجراء تحقيق معين أو سماع شهادة شهود إلا ما كان يجب أن تجريه محكمة أول درجة وكانت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 113 لسنة 1957 تخول المحكمة الاستفتاء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، ويستوي أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياًً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه. وإذ كان الدفاع عن الطاعن على ما سلف بيانه - قد سكت عن طلب سماع الضابط الشاهد بجلسة 3 نوفمبر سنة 1977 والجلسة التالية، ولم يتمسك بهذا الطلب في ختام مرافعته عنه وليس له أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تنازل عنه - لما كان ذلك وكان الثابت بمحاضر الجلسات أن الطاعن مثل ومعه محاميه أمام المحكمة الاستئنافية - ولم يقف في دفاعه عند الدفع ببطلان القبض والتفتيش بل تناول في المرافعة موضوع الدعوى وقد مذكرة بدفاعه خلال الأجل الممنوح له في فترة حجز القضية للحكم أشار فيها إلى أنه يحتفظ بحقه في إبداء دفاعه الموضوعي - وإذ كانت المحكمة لم تحل دون إتمامه لدفاعه أو تحدد نطاقه أو تجزئه عليه فلا عليها إن التفتت عن هذا الذي أشار إليه بمذكرة دفاعه بعد أن سمعت الدعوى وأمرت بقفل باب المرافعة، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من دعوى الإخلال بحق الدفاع يكون غير سديد. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.