أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 29 - صـ 916

جلسة 11 من ديسمبر سنة 1978

برياسة السيد المستشار محمد صلاح الدين الرشيدي، وعضوية السادة المستشارين: عادل برهان نور، وشرف الدين خيري، ومحمد وهبه، ومصطفى جميل مرسي.

(190)
الطعن رقم 580 لسنة 48 القضائية

(1) نقض. "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب". إجراءات. "إجراءات المحاكمة".
عدم إيداع أسباب الطعن في الميعاد. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) نيابة عامة. نقض. "ميعاده". إعدام.
قبول عرض النيابة قضايا الإعدام. ولو تجاوزت الميعاد المقرر لذلك.
(3) قتل عمد. قصد جنائي. سبق إصرار. جريمة. "أركانها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
اتفاق المتهمين مسبقاً على قتل المجني عليه ثم إعدادهما وسيلة تنفيذه. وقوع القتل نتيجة لذلك. تحقق نية القتل وسبق الإصرار قبلهما. مثال؟
(4) قتل عمد. قصد جنائي. سبق إصرار. إثبات. "قرائن".
قصد القتل. أمر داخلي. استخلاصه من الظروف المحيطة والأمارات والمظاهر التي تنبئ عنه.
استنتاج توافر سبق الإصرار من ظروف الدعوى وملابساتها. ما دام ذلك سائغاً.
(5) إثبات. "اعتراف". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات من سلطة محكمة الموضوع. حقها في الأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه.
6 - إثبات. "شهود". "اعتراف". "خبرة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تطابق أقوال الشاهد - أو اعترافات المتهم - والدليل الفني. ليس بلازم كفاية أن يكون الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني.
7 - قتل عمد. قصد جنائي. سبق إصرار. فاعل أصلي. مسئولية جنائية. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
ظهور المتهمين على مسرح الجريمة وتنفيذ كل منهما دوره في القتل عمداً المتفق عليه مسبقاً. مساءلتهما كفاعلين في القتل عمداً مع سبق الإصرار. صحيحة. أساس ذلك: المادة 39 عقوبات.
8 - حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد. إعدام. تسبيب حكم الإعدام.
1 - لما كان الطاعنان وإن قررا بالطعن بالنقض في الميعاد، إلا أنهما لم يقدما أسباباً لطعنيهما فيكون الطعن المقدم منهما غير مقبول شكلاً لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وإن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وإن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغنى عنه.
2 - لئن كانت النيابة العامة قد عرضت هذه القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم، عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، بعد ميعاد الأربعين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون وطلبت إقرار الحكم، إلا أن تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه. عدم قبول عرض النيابة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى - ما دام الحكم صادراً فيها حضورياً بالإعدام - بمجرد عرضها عليها وتفصل فيها لتستبين - من تلقاء نفسها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من أخطاء أو عيوب - يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
3 - لما كان الحكم قد استظهر نية القتل في حق المحكوم عليهما وتوافر سبق الإصرار لديهما في قوله "إن نية القتل متوفرة في حقهما وثابتة قبلهما من استعمالها مطرقة حديدية وموس لإحداث فعلهما وإزهاق روح المجني عليهما ذلك بأن توجه المتهمان إلى مسكن المجني عليهما قاصدين القتل عمداً......... وانهال المتهم الثاني على رأس المجني عليه الأول بالمطرقة بعنف على رأسه وهي مكان قاتل بطبيعته ثم قام المتهم الأول بإعمال موسه في رقبة المجني عليه سالف الذكر ثم توجه المتهمان إلى مكان المجني عليه الثاني بالحمام وانهال أيضاً المتهم الثاني بالمطرقة على رأسه بعنف ثم قام المتهم الأول بإعمال موسه في رقبة المجني عليه ولم يتركا المجني عليهما إلا بعد أن فارقا الحياة وتنفيذ جريمتهما بإزهاق روح المجني عليهما" - وفي قوله "إن المتهمين اتفقا على ارتكاب الحادث منذ ثلاثة أشهر سابقة وبدأ إعدادهما لارتكابها منذ هذا التاريخ بأن أعد كل منهما عدته لارتكابها وأخذ المتهم الأول في توثيق علاقة المتهم الثاني بالمجني عليه وتقديمه له والتردد على مسكنه ومراقبة المنزل من الخارج أملاً بالانفراد بالمجني عليه الأول ثم عزمهما بعد ذلك على قتل المجني عليه الأول وابنه ثم توجها يوم الحادث إلى المسكن حيث أجهزا عليهما بالصورة سالفة البيان - مما يدل على أن المتهمين قد ترويا وفكرا في جريمتهما ثم صمما عليها وأقدما على ارتكابها وهما هادئي النفس مطمئنا البال متحرران من تأثير الانفعالات النفسية". فإن ما أورده الحكم يكفي لاستظهار نية القتل ويتحقق به ظرف سبق الإصرار حسبما هو معرف به في القانون.
4 - إن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، كما أنه من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها، ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافى عقلاً مع ذلك الاستنتاج.
5 - من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها.
6 - من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشاهد - أو اعترافات المتهم - ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة.
7 - متى كان الثابت في حق المتهمين أنهما كانا على مسرح الجريمة وأعمل المتهم الأول موسه وأعمل المتهم الثاني مطرقته الحديدية..... تنفيذاً لقصدهما المشترك الذي بيتا النية عليه - فإن في هذا ما تتحقق به مسئولية المتهمين عن جناية قتل المجني عليهما عمداً كفاعلين أصليين فيها طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 39 من قانون لعقوبات. لما كان ذلك صحيحاً في القانون، وكان الحكم قد أثبت توافر ظرف سبق الإصرار في حق المتهمين مما يرتب في صحيح القانون تضامناً بينهما في المسئولية الجنائية فإن كلاً منهما يكون مسئولاً عن جريمة القتل العمد التي وقعت تنفيذاً لقصدهما المشترك الذي بيتا النية عليه باعتبارهما فاعلين أصليين طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات.
8 - لما كان الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دين المحكوم عليه بالإعدام بها وساق عليها أدلة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. وقد صدر الحكم بالإعدام وبإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية - وجاء خلواً من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين معه قبول عرض النيابة وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه الأول.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في ليلة منذ نحو يومين سابقين على يوم 8 فبراير سنة 1974 قتلا عمداً ومع سبق الإصرار...... وابنه..... بأن بيتا النية على قتلهما وأعدا لذلك آلة حادة وأخرى راضه "موس حلاقه كبير ومطرقة" وتوجها إلى مسكنهما لهذا الغرض وقاما بمهاجمتهما وانهال الثاني على رأسيهما ضرباً بالمطرقة حتى أفقدهما الوعي ثم أجهز عليهما الأول وقام بذبحهما بالموس قاصدين من ذلك قتلهما فأحدثا بهما الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتهما، وقد اقترنت هذه الجنائية بجناية أخرى هي أنهما في الزمان والمكان سالفي الذكر سرقا المبالغ والمستندات المبينة بالتحقيقات والمملوكة للمجني عليهما المذكورين حالة كونهما يحملان سلاحين ظاهرين. وطلبت من السيد مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات القاهرة بعد أن قررت إحالة الأوراق إلى فضيلة مفتي الجمهورية قضت في الدعوى حضورياً عملاً بالمواد 130 و231 و234 و316 و30 من قانون العقوبات والمادة الأولى من الأمر العسكري رقم 3 لسنة 1973 بإجماع الآراء بمعاقبة كل من...... و...... بالإعدام ومصادرة السلاح المضبوط، فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض عملاً بالمادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، وبتاريخ 8 ديسمبر سنة 1975 قضت المحكمة أولاً: بعدم قبول الطعن المقدم من المحكوم عليهما شكلاً. ثانياً: بقبول عرض النيابة العامة للقضية ونقض الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليهما وإحالة القضية إلى محكمة جنايات القاهرة لتفصل فيها من جديد مشكلة من قضاة آخرين ومحكمة جنايات القاهرة قضت في الدعوى للمرة الثانية حضورياً إحالة الأوراق إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء رأيه بالنسبة....... - الطاعن الأول وحددت للنطق بالحكم جلسة 26/ 11/ 1977 وفي هذه الجلسة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230 و231 و234 و316 و30 من قانون العقوبات بإجماع الآراء أولاً: بمعاقبة..... بالإعدام ثانياً: بمعاقبة...... بالأشغال الشاقة المؤبدة. ثالثاً: بمصادرة السلاح المضبوط، فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض. كما عرضت النيابة العامة القضية مشفوعة بمذكرة برأيها.


المحكمة

من حيث إن الطاعنين وإن قررا بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنهما لم يقدما أسباباً لطعنيهما فيكون الطعن المقدم منهما غير مقبول شكلاً لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغنى عنه.
وحيث إن النيابة العامة ولئن كانت النيابة العامة قد عرضت هذه القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم، عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، بعد ميعاد الأربعين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون وطلبت إقرار الحكم، إلا أن تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه. عدم قبول عرض النيابة، بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى - ما دام الحكم صادراً فيها حضورياً بالإعدام - بمجرد عرضها عليها وتفصل فيها لتستبين - من تلقاء نفسها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من أخطاء أو عيوب - يستوي في ذلك. أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
وحيث إن الحكم بين واقعة الدعوى بما مجمله أن المتهم الأول...... استدان من المجني عليه الأول....... وحرر له سندات بدينة ورهن له محل الحلاقة الخاص به، ولما ازدادت ضائقته المالية باع المحل وارتحل وفتح محلاً آخر للحلاقة في منطقة أخرى بحي العمرانية محافظة الجيزة إلا أن المجني عليه تمكن من العثور عليه وظل يلاحقه حتى ضاق به وأثناء ذلك افتتح المتهم الثاني........ محلاً للبقالة بجوار محل المتهم الأول وتوطدت بينهما الصداقة وأفضى الأول إلى الثاني بضائقته فاتفقا على قتل المجني عليه حتى يتمكن المتهم الأول من استرداد المستندات الدالة على مديونيته بينهما يستولي الثاني على ما قد يجده بمسكن المجني عليه من نقود - وأخذا يعدان العدة فترددا على مسكن المجني عليه حيث يقم معه ابنه المجني عليه الثاني - ........ - للتودد لهما ووعد المتهم الثاني المجني عليه الثاني بعلاج ما يشكو منه من تساقط شعر رأسه. وأخذاً يراقبان المسكن لتحين الفرصة للانفراد بالمجني عليه الأول فلما تبين لهما أن ابنه المجني عليه الثاني يلازمه عزما على قتلهما معاً وأعد المتهم الأول موس من أمواس الحلاقة بينما أعد الثاني مطرقة حديدية تزن حوالي كيلو جرامين وتوجها ليلية الحادث إلى مسكن المجني عليه وطلب المتهم الأول من المجني عليه الأول أن يستعد لحلاقة شعره بالموس كعادته وطلبا من ابنه أن يتوجه إلى الحمام لغسل رأسه - لعلاجها بالدواء المانع لسقوط الشعر ولما جلس المجني عليه الأول على المقعد وظهره لهما انهال المتهم الثاني على رأسه بالمطرقة الحديدية التي كان يحملها مخبأة في معطفه وأجهز عليه المتهم الأول بأحداث جروح ذبحية بالموس في رقبته ثم انتقلا على حمام المسكن وعاجل المتهم الثاني المجني عليه الثاني من الخلف بضربة بالمطرقة على مؤخر رأسه وأجهز عليه الأول بجروح ذبحية أحدثها في رقبته ثم أخذ المتهمان يبحثان - بعد أن ارتديا جوربين في أيديهما لإخفاء بصماتها - فعثر المتهم الأول على ملف مستندات دينه وأخذها بينما عثر الثاني على مبلغ 10 ج و400 م في ملابس المجني عليه الأول فاستولى عليها وغادروا المسكن بعد أن أغلقا بابه يقفل كانا قد وجداه داخل المسكن وحمل المتهم الثاني مطرقته بينما غفل المتهم الأول عن الموس فتركه بمكان الحادث على مكتب المجني عليهما. وقد ساق الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة مستمدة من اعتراف المتهم الأول اعترافاً تفصلياً بالتحقيقات، ومن العثور على الموس الذي استعمله في ارتكاب الحادث بمنزل المجني عليهما وكذلك عقد رهن محتويات مخلة بمسكن المجني عليهما، ومما قرره الثاني في محضر ضبطه المحرر بمعرفة العقيد......... بارتكاب الحادث على نحو ما جاء باعتراف المتهم الأول ومن اعتراف المتهم الثاني في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة بتواجده على مسرح الجريمة - ومن أقوال الشهود الذي أورد الحكم ذكرهم وتقرير الصفة التشريحية وحصل الحكم مؤدى هذه الأدلة تحصيلاً سيما له أصله الثابت في الأوراق - وعلى ما تبين من الاطلاع على المفردات - ثم خلص إلى إدانة المتهمين بوصفهما فاعلين أصليين في ارتكاب جريمة قتل المجني عليه الأول عمداً مع سبق الإصرار المقترنة بجناية قتل المجني عليه الثاني عمداً مع سبق الإصرار واقترنت الجنايتان بجناية سرقة مع حمل سلاح وأنزل عليهما العقاب المنصوص عليه في المواد 230، 231 و234 و316 من قانون العقوبات. ولما كان الحكم قد استظهر نية القتل في حق المحكوم عليهما وتوافر سبق الإصرار لديهما في قوله "إن نية القتل متوفرة في حقهما وثابتة قبلهما من استعمالهما مطرقة حديدية وموس لإحداث فعلهما وإزهاق روح المجني عليهما ذلك بأن توجه المتهمان إلى مسكن المجني عليهما قاصدين القتل عمداً..... وانهال المتهم الثاني على رأس المجني عليه الأول بالمطرقة بعنف على رأسه وهي مكان قاتل بطبيعته ثم قام المتهم الأول بإعمال موسه في رقبة المجني عليه سالف الذكر ثم توجه المتهمان إلى مكان المجني عليه الثاني بالحمام وانهال أيضاً المتهم الثاني بالمطرقة على رأسه بعنف ثم قام المتهم الأول بإعمال موسه في رقبة المجني عليه ولم يتركا المجني عليهما إلا بعد أن فارقا الحياة وتنفيذ جريمتهما بإزهاق روح المجني عليهما - وفي قوله. "أن المتهمين اتفقاً على ارتكاب الحادث منذ ثلاثة أشهر سابقة وبدأ إعدادهما لارتكابها منذ هذا التاريخ بأن أعد كل منهما عدته لارتكابها وأخذ المتهم الأول في توثيق علاقة المتهم الثاني بالمجني عليه وتقديمه له والتردد على مسكنه ثم مراقبة المنزل من الخارج ملا بالانفراد بالمجني عليه الأول ثم عزمهما بعد ذلك على قتل المجني عليه الأول وابنه ثم توجها يوم الحادث إلى المسكن حيث أجهزا عليهما بالصورة سالفة البيان - مما يدل على أن المتهمين قد ترويا وفكرا في جريمتهما ثم صمما عليها وأقدما على ارتكابها وهما هادئا النفس مطمئنا البال متحرران من تأثير الانفعالات النفسية. ولما كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، كما أنه من المقر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها، ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافى عقلاً مع ذلك الاستنتاج. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم فيما سلف يكفي في استظهار نية القتل ويتحقق به ظرف سبق الإصرار حسبما هو معرف به في القانون. لما كان ذلك، وكان الحم قد عرض لما دفع به المدافع عن المحكوم عليه المذكور من أن اعترافه جاء باطلاً لأنه وليد إكراه بقوله: "وحيث إن الحاضر مع المتهم الأول سبق أن دفع ببطلان اعترافه لأنه كان وليد إكراه. بدلالة أن هذا الاعتراف يتعارض مع ما أثبته التقرير الطبي الشرعي من أن الوفاة منذ ثلاثة أيام بخلاف ما قرره المتهم وهذا الدفع مردود بأن الاعتراف الصادر من المتهم المذكور قد أدلى به المتهم تفصيلاً أمام النيابة العامة ولم يسبق أن أثار المتهم مثل هذا الدفاع في أي دور من أدوار التحقيق ولا أثر لهذا الإكراه في الأوراق - فضلاً عن أن ما يثيره المتهم من أن اعترافه يتعارض مع ما جاء بتقرير الصفة التشريحية مردود بأن التشريح قد تم في 8/ 2/ 1974 وأن اكتشاف جثتي كل من..... و..... قد تم بتاريخ 7/ 2/ 1974 وأن الواقعة قد ثبتت على المتهمين إلى أنهما في يوم خلال الأسبوع السابق على 7/ 2/ 1974 قد قتلا ومع سبق الإصرار المجني عليهما سالفى الذكر، كل ذلك يدل على عدم وجود تعارض ما بين ما جاء بأقوال المتهم الأول بتقرير الصفة التشريحية الذي أثبت أنه كان قد مضى على الوفاة لحين إجراء الكشف التشريحي مدة حوالي يومين ونصف - بل أن تقرير الصفة التشريحية جاء مؤكداً اعتراف المتهم الأول - إذ أن تقرير الصفة التشريحية أوري أن وفاة المجني عليهما جاءت طبقاً لما قرره المتهم الأول "لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ومتى تحقق أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها. كما أنه من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشاهد - أو اعترافات المتهم - ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكانت المحكمة بما أوردته فيما سلف قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أن اعتراف المتهم الأول إنما كان عن طواعية واختيار ولم يكن نتيجة أي إكراه واقتنعت بصحته، فإن قالة أنه وليد إكراه تكون على غير أساس، كما أنها قد أوضحت انتفاء الخلاف المدعى به بين الدليلين القولي والفني - فإن ردها على ما دفع به المدافع عن المحكوم عليه الأول في هذا الشأن كاف وسائغ بما لا شائبة معه تشوب الحكم - لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض كذلك إلى ما أثاره المدافع عن المحكوم عليه الأول - من أنه لم يعمل موسه في المجني عليهما إلا بعد أن فارقا الحياة - بما أورده من أن "الثابت بتقرير الصفة التشريحية أن وفاة المجني عليه الأول ترجع إلى الكسور المنخسفة بالجمجمة...... ثم أجهز عليه بجرح العنق الذبحي....... وأن وفاة المجني عليه الثاني تعزي أساساً إلى الإصابة الرضية الجسيمة وما أحدثته من تهشم بعظام الجمجمة...... ثم أجهز على المذكور بالجروح....... الذبحية بالعنق..... فضلاً عن ذلك فإن الثابت في حق المتهمين أنهما كانا على مسرح الجريمة وأعمل المتهم الأول - موسه وأعمل المتهم الثاني مطرقته الحديدية....... تنفيذاً لقصدهما المشترك الذي بيتا النية عليه - فإن في هذا ما تتحقق به مسئولية المتهمين عن جناية قتل المجني عليهما عمداً كفاعلين أصليين فيها طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 39 من قانون لعقوبات" لما كان ذلك صحيحاً في القانون، وكان الحكم قد أثبت توافر ظرف سبق الإصرار في حق المتهمين مما يرتب في صحيح القانون تضامناً بينهما في المسئولية الجنائية فإن كلاً منهما يكون مسئولاً عن جريمة القتل العمد التي وقعت تنفيذاً لقصدهما المشترك الذي بيتا النية عليه باعتبارهما فاعلين أصليين طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات ومن ثم فلا محل أثاره المدافع عن المحكوم عليه الأول في هذا الشأن. لما كان ما تقدم، وكان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من القانون رقم 57 سنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دين المحكوم عليه بالإعدام بها وساق عليها أدلة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. وقد صدر الحكم بالإعدام وبإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية - وجاء خلواً من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين معه قبول عرض النيابة وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه الأول.