أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 42 - صـ 590

جلسة 4 من إبريل سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم البنا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الدكتور علي فاضل حسن وعبد اللطيف أبو النيل نائبي رئيس المحكمة وعمار إبراهيم وبهيج القصبجي.

(86)
الطعن رقم 11542 لسنة 59 القضائية

(1) طعن "نطاقه". قانون "تفسيره". محكمة الإعادة، نقض "أثر الطعن" "نظره والحكم فيه". محكمة النقض "سلطتها". دعوى مدنية.
الأصل في الطعون. أن المحكمة لا تنظر في طعن لم يرفعه صاحبه ولا تجاوز موضوع الطعن في النظر.
قاعدتي استقلال الطعون والأثر النسبي للطعن. مفادهما: أن لا يفيد من الطعن إلا من رفعه.
تدخل المدعي بالحقوق المدنية أمام محكمة الإعادة مرة أخرى: غير جائز متى كان القضاء برفض دعواه المدنية قد صار نهائياً بعدم الطعن عليه.
نقض الحكم لغير الطاعن. شرطه. أن تعين محكمة النقض في حكمها من يتعدى إليه أثر النقض.
تصدي محكمة الإعادة لما لم ينقل إليها. خطأ في القانون. يجيز لمحكمة النقض أن تنقض الحكم من تلقاء نفسها. أساس ذلك؟
اقتصار العيب الذي شاب الحكم على الخطأ في تطبيق القانون. يوجب تصحيحه.
مثال.
(2) دعوى مدنية "اختصاص المحاكم الجنائية بنظرها" "التعويض" تعويض. مسئولية مدنية. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "الطعن لثاني مرة".
رفع دعاوى الحقوق المدنية أمام المحاكم الجنائية. شرطه أن يكون الحق المدعى به ناشئاً عن الجريمة.
الحكم بالتعويض عن الضرر المادي رهن بوجود إخلال بمصلحة مالية للمضرور.
لا تثريب على الحكم القاضي بالتعويض عدم بيان عناصر الضرر. متى كان قد أحاط بأركان المسئولية التقصيرية.
نقض الحكم لثاني مرة. وجوب تحديد جلسة لنظر الموضوع. أساس ذلك؟
مثال لتسبيب معيب لحكم بالتعويض.
1 - لما كان الأصل في الطعون بعامة أن المحكمة المطعون أمامها لا تنظر في طعن لم يرفعه صاحبه، ولا تجاوز موضوع الطعن في النظر، وأنه لا يفيد من الطعن إلى من رفعه ولا يتعدى أثره إلى غيره، وذلك كله طبقاً لقاعدة استقلال الطعون وقاعدة الأثر النسبي للطعن، وكانت الدعوى المدنية - بالنسبة لـ...... المدعي بالحقوق المدنية الثاني - قد انحسم الأمر فيها برفضها طبقاً لحكم المحكمة الاستئنافية بتاريخ....... وصيرورة هذا القضاء نهائياً بعدم الطعن عليه من المدعي بالحقوق المدنية الثاني بطريق النقض فإنه لا يكون له حق التدخل أمام المحكمة الاستئنافية مرة أخرى عند إعادة الدعوى إليها بموجب الحكم الذي أصدرته محكمة النقض في....... بناءً على طعن المدعي بالحقوق المدنية الأول وحده، ذلك أن نقض الحكم بالنسبة للطاعن وإلى غيره إذا اتصل بهم وجه الطعن ولو لم يقدموا طعناً مشروط بأن تعين محكمة النقض في حكمها من الذي يتعدى إليه أثر النقض لأنها هي وحدها التي يكون لها تقدير مدى ما تعرضت له من الحكم المطعون فيه، وخلو الحكم الصادر من محكمة النقض من النص على امتداد النقض إلى غير الطاعن - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - مفاده اقتصار نظر الدعوى في مرحلة الإعادة على هذا الطاعن وحده، ومن ثم فإنه ما كان يجوز لمحكمة الإعادة أن تتصدى للدعوى المدنية بالنسبة للمدعي بالحقوق المدنية الثاني الذي لا يستفيد من طعن المدعي بالحقوق المدنية الأول - وأن تحكم له بطلباته، إذ هي بذلك تكون قد تصدت لما لا تملك القضاء فيه، وفصلت فيما لم ينقل إليها ولم يطرح عليها مما يخالف القانون ويؤذن لهذه المحكمة - بغير حاجة لبحث أوجه الطعن - أن تنقض الحكم من تلقاء نفسها لمصلحة الطاعنين عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، وذلك بالنسبة لما قضى به الحكم في دعوى المدعي بالحقوق المدنية، لما كان ذلك، وكان الطعن لثاني مرة، إلا أنه إزاء اقتصار العيب الذي شاب هذا الشق من الحكم على الخطأ في تطبيق القانون، فإنه يتعين عملاً بالقاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من القانون سالف الذكر أن تصحح المحكمة الخطأ وتحكم بمقتضى القانون، وذلك بإلغاء ما قضى به الحكم المطعون فيه من تعويض للمدعي الثاني بالحقوق المدنية مع إلزامه مصاريف دعواه، دون حاجة لإعمال حكم المادة 45 من القانون آنف البيان بتحديد جلسة لنظر الموضوع في هذا الشق.
2 - لما كان من المقرر أن الأصل في دعاوى الحقوق المدنية التي ترفع استثناءً للمحكمة الجنائية بطريق التبعية للدعوى الجنائية أن يكون الحق المدعى به ناشئاً عن ضرر للمدعي من الجريمة المرفوعة بها الدعوى، كما أنه يشترط للحكم بالتعويض عن الضرر المادي أن يكون هناك إخلال بمصلحة مالية للمضرور وأن يكون هذا الضرر محققاً، وأنه وإن كان لا تثريب على الحكم القاضي بالتعويض المدني إن هو لم يبين عناصر الضرر الذي قدر على أساسه مبلغ التعويض إلا أن ذلك مشروط بأن يكون الحكم قد أحاط بأركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية وأن يكون ما أورده في هذا الخصوص مؤدياً إلى النتيجة التي انتهى إليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بالتعويض دون أن يبين البتة أساس قضائه به، إذ لا يبين منه عناصر الخطأ الذي وقع من الطاعنين فضلاً عن أنه خلا من بيان ركن الضرر الذي لحق بالمدعي بالحقوق المدنية، ومن ثم فإنه يكون قد قضى في الدعوى المدنية دون أن يحيط بعناصرها، مما يعيبه بالقصور الذي يوجب نقضه وذلك دون حاجة لبحث سائر أوجه الطعن، ولما كان الطعن مقدماً لثاني مرة فإنه يتعين تحديد جلسة لنظر الموضوع في هذا الشق من الدعوى وذلك إعمالاً لحكم المادة 45 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض السالف الإشارة إليه.


الوقائع

أقام المدعيان بالحقوق المدنية دعواهما بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح الزقازيق ضد كل من - 1 - .....، 2 - ..... طاعن، 3 - ...... طاعن بوصف أنهم امتنعوا عن تنفيذ قرار غرفة المشورة وقرار رئيس نيابة الزقازيق، وطلبا عقابهم بالمادة 123 من قانون العقوبات وإلزامهم بأن يؤدوا إليهما مبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح قسم أول الزقازيق قضت حضورياً للأول وحضورياً اعتبارياً للثاني والثالث بمعاقبتهم بالحبس لمدة ثلاث أشهر مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً لوقف التنفيذ وإلزامهم بدفع مبلغ مائة جنيه للمدعيين بالحقوق المدنية على سبيل التعويض المؤقت استأنف المحكوم عليهم ومحكمة الزقازيق الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهمين ورفض الدعوى المدنية.
فطعن المدعي بالحقوق المدنية الأول في هذا الحكم بطريق النقض وهذه المحكمة قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة الزقازيق الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى في خصوص الدعوى المدنية ومحكمة الإعادة (بهيئة استئنافية أخرى) قضت بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلزام ورثة المستأنف ضده الأول والمستأنف ضدهما الثاني والثالث والمسئول عن الحقوق المدنية بأن يؤدوا للمدعيين بالحقوق المدنية مبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن الأستاذ....... المحامي نيابة عن المحكوم عليهما الثاني والثالث والأستاذ....... المحامي عن المسئول عن الحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن كلاً من...... ،...... أقاما دعواهما بالطريق المباشر أمام محكمة جنح قسم أول الزقازيق ضد كل من...... (الطاعن الأول) و(الطاعن الثاني) بوصف أنهم امتنعوا عن تنفيذ قرار غرفة المشورة وطلبا عقابهم بالمادة 123 من قانون العقوبات وبإلزامهم بأن يدفعوا لهما مبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول وحضورياً اعتبارياً للثاني والثالث بمعاقبتهم بالحبس ثلاثة أشهر مع الشغل وإلزامهم بدفع مبلغ مائة جنيه للمدعيين بالحقوق المدنية، فاستأنف المحكوم عليهم ومحكمة ثاني درجة قضت حضورياً بتاريخ...... بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف، وبراءة المتهمين ورفض الدعوى المدنية فطعن - المدعي بالحقوق المدنية الأول - في هذا الحكم بطريق النقض بينما لم يطعن عليه المدعي بالحقوق المدنية الثاني، أو النيابة العامة، وقضت محكمة النقض بتاريخ..... بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى للمحكمة الاستئنافية لتحكم فيها من جديد مشكلة من هيئة أخرى في خصوص الدعوى المدنية، ولدى إعادة نظر الدعوى أمام المحكمة الاستئنافية تدخل المدعي بالحقوق المدنية الثاني مع المدعي بالحقوق المدنية الأول وقضت المحكمة الاستئنافية بحكمها المطعون فيه بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلزام ورثة..... و...... و...... والمسئول عن الحقوق المدنية بأن يؤدوا للمدعيين بالحقوق المدنية مبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض المؤقت. لما كان ذلك، وكان الأصل في الطعون بعامة أن المحكمة المطعون أمامها لا تنظر في طعن لم يرفعه صاحبه، ولا تجاوز موضوع الطعن في النظر، وأنه لا يفيد من الطعن إلا من رفعه ولا يتعدى أثره إلى غيره، وذلك كله طبقاً لقاعدة استقلال الطعون وقاعدة الأثر النسبي للطعن، وكانت الدعوى المدنية - بالنسبة لـ....... المدعي بالحقوق المدنية الثاني قد انحسم الأمر فيها برفضها طبقاً لحكم المحكمة الاستئنافية بتاريخ....... وصيرورة هذا القضاء نهائياً بعدم الطعن عليه من المدعي بالحقوق المدنية الثاني بطريق النقض فإنه لا يكون له حق التدخل أمام المحكمة الاستئنافية مرة أخرى عند إعادة الدعوى إليها بموجب الحكم الذي أصدرته محكمة النقض في...... بناءً على طعن المدعي بالحقوق المدنية الأول وحده، ذلك أن نقض الحكم بالنسبة للطاعن وإلى غيره إذا اتصل بهم وجه الطعن ولو لم يقدموا طعناً مشروط بأن تعين محكمة النقض في حكمها من الذي يتعدى إليه أثر النقض لأنها هي وحدها التي يكون لها تقدير مدى ما تعرضت له من الحكم المطعون فيه، وخلو الحكم الصادر من محكمة النقض من النص على امتداد النقض إلى غير الطاعن - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - مفاده اقتصار نظر الدعوى في مرحلة الإعادة على هذا الطاعن وحده ومن ثم فإنه كان يجوز لمحكمة الإعادة أن تتصدى للدعوى المدنية بالنسبة للمدعي بالحقوق المدنية الثاني - الذي لا يستفيد من طعن المدعي بالحقوق المدنية الأول - وأن تحكم له بطلباته، إذ هي بذلك تكون قد تصدت لما لا تملك القضاء فيه، وفصلت فيما لم ينقل إليها ولم يطرح عليها مما يخالف القانون ويؤذن لهذه المحكمة - بغير حاجة لبحث أوجه الطعن - أن تنقض الحكم من تلقاء نفسها لمصلحة الطاعنين عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، وذلك بالنسبة لما قضى به الحكم في دعوى المدعي الثاني بالحقوق المدنية، لما كان ذلك، وكان الطعن لثاني مرة، إلا أنه إزاء اقتصار العيب الذي شاب هذا الشق من الحكم على الخطأ في تطبيق القانون، فإنه يتعين عملاً بالقاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من القانون سالف الذكر أن تصحح المحكمة الخطأ وتحكم بمقتضى القانون، وذلك بإلغاء ما قضى به الحكم المطعون فيه من تعويض للمدعي الثاني بالحقوق المدنية مع إلزامه مصاريف دعواه، دون حاجة لإعمال حكم المادة 45 من القانون آنف البيان بتحديد جلسة لنظر الموضوع في هذا الشق.
ومن حيث إن ما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ ألزمهم بتعويض المطعون ضده الأول، قد شابه القصور في التسبيب ذلك بأنه لم يورد أسباباً لقضائه واقتصر على إيراد أسباب الحكم الصادر من محكمة النقض الذي أعيد بمقتضاه الفصل في الدعوى المدنية، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اقتصر في بيانه لواقعة الدعوى على نقل فقرات من الحكم الصادر من محكمة النقض في الطعن المقدم لأول مرة، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأصل في دعاوى الحقوق المدنية التي ترفع استثناء للمحكمة الجنائية بطريق التبعية للدعوى الجنائية، أن يكون الحق المدعى به ناشئاً عن ضرر للمدعي من الجريمة المرفوعة بها الدعوى، كما أنه يشترط للحكم بالتعويض عن الضرر المادي أن يكون هناك إخلال بمصلحة مالية للمضرور وأن يكون هذا الضرر محققاً، وأنه وإن كان لا تثريب على الحكم القاضي بالتعويض المدني إن هو لم يبين عناصر الضرر الذي قدر على أساسه مبلغ التعويض إلا أن ذلك مشروط بأن يكون الحكم قد أحاط بأركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية وأن يكون ما أورده في هذا الخصوص مؤدياً إلى النتيجة التي انتهى إليها، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بالتعويض دون أن يبين البتة أساس قضائه به، إذ لا يبين منه عناصر الخطأ الذي وقع من الطاعنين فضلاً عن أنه خلا من بيان ركن الضرر الذي لحق بالمدعي بالحقوق المدنية، ومن ثم فإنه يكون قد قضى في الدعوى المدنية دون أن يحيط بعناصرها، مما يعيبه بالقصور الذي يوجب نقضه وذلك دون حاجة لبحث سائر أوجه الطعن، ولما كان الطعن مقدماً لثاني مرة فإنه يتعين تحديد جلسة لنظر الموضوع في هذا الشق من الدعوى وذلك إعمالاً لحكم المادة 45 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض السالف الإشارة إليها.