أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 29 - صـ 955

جلسة 18 من ديسمبر سنة 1978

برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الواحد الديب، ومحمد صلاح الدين الرشيدي، وعادل برهان نور، ومصطفى جميل مرسي.

(198)
الطعن رقم 1388 لسنة 48 القضائية

(1) إجراءات. "إجراءات المحاكمة". إثبات. "شهود". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق المحكمة في الاستغناء عن سماع شهود الإثبات بقبول المتهم أو المدافع عنه ذلك. صراحة أو ضمناً.
(2) إجراءات. "إجراءات المحاكمة". محاماة. وكالة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
ندب المحكم محامياً عن المتهم لغياب محاميه الموكل. عدم اعتراض المتهم على هذا الإجراء وعدم تمسكه بالتأجيل لحضور محاميه. لا إخلال بحق الدفاع.
(3) محاماة. وكالة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
استعداد المدافع أو عدم استعداده، أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يوحي به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته.
(4) محضر الجلسة. دفوع. "الدفع ببطلان القبض والتفتيش". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم جواز إثارة الدفع ببطلان النقض والتفتيش لأول مرة أمام النقض. ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته. علة ذلك؟
(5) مواد مخدرة. قصد جنائي. جريمة. "أركانها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التزام المحكمة بالتحدث استقلالاً عن العلم بالجوهر المخدر. غير لازم. طالما كان ما أورده في حكمها من وقائع يكفي للدلالة على توافره.
(6) مواد مخدرة. جلب. قصد جنائي. جريمة "أركانها".
الجلب في حكم القانون 182 لسنة 1960 معناه؟
(7) مواد مخدرة. إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إخفاء المتهم للمخدر بحذائه ومخبأين داخل ردائه ودخوله ميناء القاهرة الدولي. يتحقق به معنى الجلب.
1 - من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث وكان الثابت في محضر جلسة المحاكمة أن النيابة والدفاع اكتفيا بأقوال الشاهدين الواردين بالتحقيقات والمحكمة أمرت بتلاوتها وتليت ولم يثبت أن الطاعن قد اعترض على ذلك فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماعهما.
2 - لما كان الثابت بمحضر الجلسة أن المحكمة ندبت محامياً للدفاع عن الطاعن وترافع المحامي مدافعاً عنه بما هو مدون في محضر الجلسة ولم يثبت أن الطاعن اعترض على ذلك أو أبدى طلباً ما في هذا الشأن وكان من المقرر أنه إذا لم يحضر المحامي الموكل عن المتهم وندبت المحكمة محامياً آخر ترافع في الدعوى، فإن ذلك لا يعد إخلالاً بحق الدفاع ما دام لم يبد المتهم اعتراضاً على هذا الإجراء ولم يتمسك أمام المحكمة بطلب تأجيل نظر الدعوى حتى يحضر محاميه الموكل فإن ما يثيره الطاعن بطعنه في هذا الشأن لا يكون له محل.
3 - لا وجه لما يتحدى به الطاعن من أن المحامي المنتدب لم يكن عالماً بوقائع الدعوى إذ أن استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يوحي به ضميره واجتهاده تقاليد مهنته.
4 - لما كان من المقرر أن الدفع ببطلان القبض والتفتيش إنما هو من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا يجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم يكن قد دفع بها أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم تحمل مقوماته نظراً لأنه يقتضي تحقيقاً تنأي عنه وظيفة محكمة النقض. وإذ كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع بما يثيره في طعنه من بطلان تفتيشه وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام ذلك البطلان فإنه لا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
5 - إن المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن العلم بالجوهر المخدر طالما كان ما أوردته في حكمها من وقائع وظروف يكفي للدلالة على توافره، وكان ما ساقه الحكم المطعون فيه من وقائع الدعوى وظروفها كافياً في الدلالة على أن الطاعن كان يعلم بما يحويه المخبأين السريين في الرداء الحذاء اللذين كان يرتديهما فإن الحكم يكون قد رد على دفاع الطاعن في هذا الشأن بما يدحضه ما دام هذا الذي استخلصه الحكم لا يخرج من موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي.
6 - من المقرر أن القانون رقم 182 لسنة 1960 والمعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 إذ عاقب في المادة 33 منه على جلب المواد المخدرة فقد دل على أن المراد بجلب المخدر هو استيراده بالذات أو بالواسطة ملحوظاً في ذلك طرحه وتداوله بين الناس سواء كان الجالب قد استورد لحساب نفسه أو لحساب غيره متى تجاوز بفعله الخط الجمركي قصداً من الشارع إلى القضاء على انتشار المخدرات في المجتمع الدولي. وهذا المعنى يلابس الفعل المادي المكون للجريمة ولا يحتاج في تقريره إلى بيان ولا يلزم الحكم أن يتحدث عنه استقلال إلا إذا كان الجوهر المجلوب لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصي أو دفع المتهم بقيام قصد التعاطي لديه أو لدى من نقل المخدر لحسابه وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها يشهد له. يدل على ذلك فوق دلالة المعنى اللغوي والاصطلاحي للفظ الجلب أن المشرع نفسه لم يقرن نصه على الجلب بالإشارة إلى القصد منه بعكس ما أستنه في الحيازة أو الإحراز لأن ذلك يكون ترديداً للمعنى المتضمن في الفعل مما يتنزه عنه الشارع إذ الجلب بطبيعته لا يقبل تفاوت القصود ولا كذلك حيازة المخدر أو إحرازه.
7 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن المخدر المجلوب 2.235 كيلو جراماً من جوهر الحشيش أخفاها الطاعن في مخبأين داخل ردائه وحذائه ودخل بها ميناء القاهرة الجوى قادماً من سوريا فإن ما أثبته الحكم من ذلك هو الجلب بعينه كما هو معرف به في القانون بما يتضمنه من طرح الجوهر في التعامل. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر. فإن يكون قد أصاب صحيح القانون وانتفت عنه قالة القصور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه جلب جوهراً مخدراً (حشيشاً) إلى جمهورية مصر العربية قبل الحصول على تصريح كتابي من الجهة الإدارية المختصة. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للمواد 1/ 1 و2 و3 و33/ أ و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 80 لسنة 1966 والبند 12 من الجدول رقم 1 الملحق، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجناية جلب المخدرات، قد انطوى على الإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون، وشابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب - ذلك بأن المحكمة عولت في حكمها على أقوال شاهدي الإثبات في التحقيقات دون أن تجري بنفسها تحقيقاً في الدعوى، وندبت في الجلسة محامياً للدفاع عن الطاعن بغير موافقة هذا الأخير، وترافع المحامي المنتدب دون إلمام بالقضية ودون أن يثبت في محضر الجلسة أنه اطلع على الأوراق - كما أن المحكمة لم تلتفت إلى بطلان محضر ضبط وتفتيش الطاعن لعدم توقيعه من معاون المباحث، وأطرحت بأسباب غير سائغة دفاع الطاعن بأنه لا يعلم بوجود المخدر في الرداء والحذاء اللذين كان يرتديهما وقت الضبط، ولم يدلل الحكم على توافر القصد الجنائي لدى الطاعن على جلب المخدر. وأن كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة الأركان القانونية لجريمة جلب المخدر التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال مأمور أول جمرك ميناء القاهرة الجوي والمساعد الإداري بالجمرك ومن تقرير المعامل الكيماوية وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولم ينازع الطاعن في أن لها أصلها الثابت في الأوراق. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث، وكان الثابت في محضر جلسة المحاكمة أن النيابة والدفاع اكتفيا بأقوال الشاهدين الواردين بالتحقيقات والمحكمة أمرت بتلاوتها وتليت ولم يثبت أن الطاعن قد اعترض على ذلك فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماعهما. لما كان ذلك، وكان الثابت في محضر الجلسة أن المحكمة ندبت محامياً للدفاع عن الطاعن وترافع المحامي مدافعاً عنه بما هو مدون في محضر الجلسة ولم يثبت أن الطاعن اعترض على ذلك أو أبدى طلباً ما في هذا الشأن وكان من المقرر أنه إذا لم يحضر المحامي الموكل عن المتهم وندبت المحكمة محامياً آخر ترافع في الدعوى، فإن ذلك لا يعد إخلالاً بحق الدفاع ما دام لم يبد المتهم اعتراضاً على هذا الإجراء ولم يتمسك أمام المحكمة بطلب تأجيل نظر الدعوى حتى يحضر محاميه الموكل، فإن ما يثيره الطاعن بطعنه في هذا الشأن لا يكون له محل ولا وجه لما يتحدى به الطاعن من أن المحامي المنتدب لم يكن عالماً بوقائع الدعوى إذ أن استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يوحي به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع ببطلان القبض والتفتيش إنما هو من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا يجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم يكن قد دفع بها أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم تحمل مقوماته نظراً لأنه يقتضى تحقيقاً تنأى عنه وظيفة محكمة النقض. وإذ كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع بما يثيره في طعنه من بطلان تفتيشه وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام ذلك البطلان فإنه لا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين وقائع الدعوى وظروفها بما يكفي للدلالة على علم الطاعن بجوهر المخدر وذلك في قوله: "وقد شكلت لجنة لتفتيش المتهم ذاتياً وتفتيش أمتعته وقد أسفر ذلك التفتيش عن العثور على كيس من البلاستيك مخيط بين بطانة الجاكتة التي يرتديها تبين أن به مادة داكنة اللون تشبه الحشيش - كما ضبط بتخويف فروتي الحذاء الذي ينتعله بالكعب على كمية أخرى من نفس المادة....... وحيث إن المحكمة لا تعول على إنكار المتهم بأنه لم يكن يعلم بأن ما يحمله وضبط معه هو مخدر الحشيش هذا الذي يعد من قبيل الدفاع المرسل الذي قصد به التخلص من الاتهام". وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن العلم بجوهر المخدر طالما كان ما أوردته في حكمها من وقائع وظروف يكفي للدلالة على توافره، وكان ما ساقه الحكم المطعون فيه من وقائع الدعوى وظروفها كافياً في الدلالة على أن الطاعن كان يعلم بما يحويه المخبأين السريين في الرداء الحذاء اللذين كان يرتديهما، فإن الحكم يكون قد رد على دفاع الطاعن في هذا الشأن بما يدحضه ما دام هذا الذي استخلصه الحكم لا يخرج من موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون رقم 182 لسنة 1960 والمعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 إذ عاقب في المادة 33 منه على جلب المواد المخدرة فقد دل على أن المراد يجلب المخدر هو استيراده بالذات أو بالواسطة ملحوظاً في ذلك طرحه وتداوله بين الناس سواء كان الجالب قد استورد لحساب نفسه أو لحساب غيره متى تجاوز بفعله الخط الجمركي قصداً من الشارع إلى القضاء على انتشار المخدرات في المجتمع الدولي. وهذا المعنى يلابس الفعل المادي المكون للجريمة ولا يحتاج في تقريره إلى بيان ولا يلزم الحكم أن يتحدث عنه استقلال إلا إذا كان الجوهر المجلوب لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصي أو دفع المتهم بقيام قصد التعاطي لديه أو لدى من نقل المخدر لحسابه وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها تشهد له. يدل على ذلك فوق دلالة المعنى اللغوي والاصطلاحي للفظ الجلب أن المشرع نفسه لم يقرن نصه على الجلب بالإشارة إلى القصد منه بعكس ما أستنه في الحيازة أو الإحراز لأن ذلك يكون ترديداً للمعنى المتضمن في الفعل مما يتنزه عنه الشارع إذ الجلب بطبيعته لا يقبل تفاوت القصود ولا كذلك حيازة - المخدر أو إحرازه - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن المخدر المجلوب 2.235 كيلو جراماً من جوهر الحشيش أخفاها الطاعن في مخبأين داخل ردائه وحذائه ودخل بها ميناء القاهرة الجوى قادماً من سوريا، فإن ما أثبته الحكم من ذلك هو الجلب بعينه كما هو معرف به في القانون بما يتضمنه من طرح الجوهر في التعامل. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإن يكون قد أصاب صحيح القانون وانتفت عنه قالة القصور. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.