أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 42 - صـ 608

جلسة 11 من إبريل سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم البنا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف أبو النيل نائب رئيس المحكمة وأحمد جمال الدين عبد اللطيف ومحمد حسين مصطفى وبهيج حسن القصبجي.

(90)
الطعن رقم 12765 لسنة 59 القضائية

(1) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إيراد الحكم واقعة الدعوى بما يتضمن تعيين المجني عليه باسمه الثلاثي وحديثاً عن الطاعنين على انفراد. مفاده أن إشارته إلى المجني عليه بصيغة المؤنث وإلى الطاعنين بصيغة المفرد. خطأ مادي.
(2) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي.
وزن أقوال الشهود. لمحكمة الموضوع بغير معقب.
أخد المحكمة بأقوال الشهود. مفاده. إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
- الجدل الموضوعي. في وزن أدلة الدعوى. غير جائز أمام النقض.
(3) إثبات "خبرة" "شهود". نقض "أسباب. الطعن. تحديدها" "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
وجه الطعن يجب لقبوله أن يكون واضحاً محدداً.
(4) محكمة الدرجة الثانية "إجراءات نظرها الدعوى والحكم فيها". إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "شهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
محكمة الدرجة الثانية. لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى هي لزوماً لإجرائه.
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. غير جائز.
(5) استئناف "نظره والحكم فيه". تقرير التلخيص. إجراءات "إجراءات المحاكمة". محكمة استئنافية "الإجراءات أمامها". بطلان. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقرير التلخيص. ماهيته؟
وجود نقص أو خطأ في تقرير التلخيص. لا يعيب الحكم.
النعي على تقرير التلخيص لأول مرة أمام النقض. غير جائز.
(6) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محكمة استئنافية "الإجراءات أمامها". استئناف "نظره والحكم فيه". حكم "حجيته". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". تزوير "الادعاء بالتزوير".
ورقة الحكم. تعتبر متممة لمحضر الجلسة في شأن إثبات إجراءات المحاكمة.
الأصل في الإجراءات أنها روعيت.
إثبات الحكم تلاوة تقرير التلخيص. عدم جواز جحد ذلك إلا بالطعن بالتزوير.
(7) معارضة "نظرها والحكم فيها". دعوى جنائية. دعوى مدنية "الادعاء مدنياً أمام قضاء الحكم".
الادعاء مدنياً لأول مرة أثناء نظر المعارضة الابتدائية جائز. علة ذلك؟
(8) محكمة الإعادة. عقوبة "تطبيقها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون" "نظر الطعن والحكم فيه". محكمة النقض "سلطتها".
نقض الحكم بناءً على طعن أي من الخصوم خلاف النيابة العامة. أثره عدم جواز تشديد العقوبة عما قضى به الحكم المنقوض.
لمحكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها. متى كان مبنياً على مخالفة القانون.
1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الضرب التي دان بها الطاعنين وتضمن بيانه لها تعييناً للمجني عليه باسمه الثلاثي كما تضمن حديثاً عن كل من الطاعنين على انفراد مما مفاده أن ما ورد في موضع منه من الإشارة إلى المجني عليه بصيغة المؤنث وإلى الطاعنين بصيغة المفرد كان خطأً مادياً، ولم يكن نتيجة خطأ المحكمة في فهم الواقع في الدعوى مما لا محل معه لما ينعاه الطاعنان في هذا الخصوص.
2 - لما كان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، كما أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها فيه، وهي متى أخذت بأقوالهم فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بتصوير المجني عليه للواقعة اطمئناناً منه لأقواله، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول سلطة محكمة الموضوع في وزن أدلة الدعوى واستنباط معتقدها منها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
3 - لما كان الأصل أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان مؤدى ما حصله الحكم من أقوال المجني عليه من أن الطاعنين ضرباه بالسنج والعصي لا يتعارض مع ما نقله عن التقرير الطبي من إصابة المجني عليه بكدمات وسحجات وخدوش بالجسم هذا إلى أنه لما كان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، وكان الطاعنان لم يبينا أوجه التناقض بين الدليلين القولي والفني التي يدعيان أنهما أثاراها أمام محكمة الموضوع ولم يعرض لها الحكم المطعون فيه، فإن منعاهما في هذا الشأن لا يكون مقبولاً.
4 - لما كان الأصل أن محكمة الدرجة الثانية إنما تحكم على مقتضى الأوراق، وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى هي لزوماً لإجرائه، وكان الثابت من محضر جلسة 15/ 2/ 1987 - آخر جلسات المرافعة - أن الطاعنين لم يطلبا سماع شهود فليس لهما أن ينعيا على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلباه منها ولا تلتزم هي بإجرائه.
5 - لما كان تقرير التلخيص وفقاً للمادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية هو مجرد بيان يتيح لأعضاء الهيئة الإلمام بمجمل وقائع الدعوى وظروفها وما تم فيها من تحقيقات وإجراءات، ولم يرتب القانون على ما يشوب التقرير من نقض أو خطأ أي بطلان يلحق الحكم الصادر في الدعوى، وكان الثابت بمحاضر الجلسات أن الطاعن لم يعترض على ما تضمنه التقرير، فلا يجوز له من بعد النعي عليه بالقصور لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ كان عليه إن رأى أن التقرير قد أغفل الإشارة إلى واقعة تهمة أن يوضحها في دفاعه.
6 - لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قد أثبت به تلاوة تقرير التلخيص، وإذ كانت ورقة الحكم تعتبر متممة لمحضر الجلسة في شأن إثبات إجراءات المحاكمة وكان الأصل في الإجراءات أنها روعيت، ومتى أثبت الحكم تلاوة تقرير التلخيص، فلا يجوز للطاعنين أن يجحدا ما أثبته الحكم من تمام هذا الإجراء إلا بالطعن بالتزوير وهو ما لم يفعلاه، فإن النعي على الحكم بدعوى البطلان لا يكون له محل.
7 - لما كان يجوز الادعاء مدنياً في المعارضة المرفوعة من المتهم أمام محكمة أول درجة لأن المعارضة تعيد القضية إلى حالتها الأولى فلا يحرم المتهم بذلك من إحدى درجات التقاضي، بما لا يصح معه القول بأن المعارضة أضرت بالمعارض وإذ كانت محكمة أول درجة - أثناء نظر المعارضة - قد قبلت الادعاء المدني وقضت بالتعويض المؤقت المطلوب، فإنها لا تكون قد خالفت القانون.
8 - لما كان البين من مطالعة الأوراق أنه سبق لمحكمة ثاني درجة أن أمرت في حكمها الصادر بتاريخ 4/ 6/ 1981 بإيقاف تنفيذ العقوبة المقضى بها على الطاعنة الثانية، ثم طعن المحكوم عليه الأول وحده بطريق النقض وقضى بنقض الحكم بالنسبة له، وأيضاً بالنسبة للطاعنة الثانية وإن لم تكن طرفاً في ذلك الطعن المقدم لأول مرة. ولما كانت المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 إذ نصت على أنه إذا كان نقض الحكم حاصلاً بناءً على طلب أحد الخصوم غير النيابة العامة فلا يضار بطعنه، قد أفادت بأنه لا يجوز لمحكمة الإعادة تشديد أو تغليظ العقوبة التي قضى بها الحكم السابق لمن مسه الطعن إلا إذا كان نقض هذا الحكم حاصلاً بناءً على طعن من النيابة العامة فإذا لم تكن النيابة العامة قد قررت بالطعن على الحكم الصادر بالعقوبة بل ارتضته فصار نهائياً في مواجهتها وحصل الطعن عليه من غيرها من الخصوم، فإن نقض الحكم في هذه الحالة لا يترتب عليه سوى إعادة نظر الدعوى في حدود مصلحة رافعي الطعن، بحيث لا يجوز لمحكمة الإعادة تجاوز أو تغليظ العقوبة التي قضى بها الحكم المنقوض، ولا سند للتفرقة عند إعادة المحاكمة بين من طعن وقبل طعنه وغيره ممن امتد إليه أثر الطعن استثناء عملاً بالمادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، ذلك أنه إذا كان المشرع قد توخى بهذا الاستثناء تحقيق العدالة التي تأبى التفرقة بين مراكز الخصوم المتماثلة عند وحدة الواقعة، فإنه يتعين الالتزام بهذه القاعدة بالنسبة لكافة المتهمين في الدعوى ممن قضي بنقض الحكم لمصلحتهم، ولم تكن النيابة العامة قد قررت بالطعن على الحكم قبلهم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر بما قضى به من تأييد الحكم المستأنف دون أن يأمر بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس المقضى بها على الطاعنة الثانية على نحو ما فعل الحكم الاستثنائي الصادر قبل النقض لأول مرة فإنه يكون قد خالف القانون. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تجيز لهذه المحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه بني على مخالفة القانون، فإنه يتعين تصحيح الحكم المطعون فيه بالقضاء بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس المقضى بها على الطاعنة الثانية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أحدثا عمداً بـ...... الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً، وطلبت عقابهما بالمادة 242/ 1 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح شبرا الخيمة قضت غيابياً عملاً بمادة الاتهام بحبس كل منهما شهراً وكفالة عشرة جنيهات. عارض المحكوم عليهما وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت وقضي في معارضتهما بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه وإلزام المتهمين بأن يؤديا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنفا، ومحكمة بنها الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً للأول وغيابياً للثانية بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارضت المحكوم عليها وقضي في معارضتها بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه مع إيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات.
فطعن...... في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدول محكمة النقض برقم......) وهذه المحكمة قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة للطاعن والمحكوم عليها الأخرى وإحالة القضية إلى محكمة بنها الابتدائية لتفصل فيها من جديد مشكلة من قضاة آخرين. ومحكمة الإعادة قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ...... المحامي عن الأستاذ...... المحامي نيابة عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة الضرب قد شابه الاضطراب والقصور في التسبيب، والإخلال بحق الدفاع، والبطلان، والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه في موضع منه قد تحدث عن المجني عليه بصيغة المؤنث وعن الطاعنين بصيغة المفرد مما ينبئ عن اختلال فكرته عن عناصر الواقعة، كما أنه لم يبين أدلة الثبوت، ولم يشر إلى مواد القانون التي حكم بموجبها، ولم يعرض لما قام عليه دفاع الطاعنين من عدم صحة تصوير المجني عليه وتناقض أقواله مع الدليل الفني المستمد من التقرير الطبي، كما أن المحكمة الاستئنافية لم تستجب لطلب سماع الشهود، فضلاً عن قصور تقرير التلخيص وعدم تلاوته بالجلسة، وأخيراً فقد قبلت المحكمة الادعاء المدني رغم أنه أبدى لأول مرة في مرحلة المعارضة أمام محكمة أول درجة. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية بجريمة الضرب التي دان بها الطاعنين وتتضمن بيانه لها تعييناً للمجني عليه باسمه الثلاثي، كما تتضمن حديثاً عن كل من الطاعنين على انفراد مما مفاده أن ما ورد في موضع منه من الإشارة إلى المجني عليه بصيغة المؤنث وإلى الطاعنين بصيغة المفرد كان خطأ مادياً، ولم يكن نتيجة خطأ المحكمة في فهم الواقع في الدعوى مما لا محل معه لما ينعاه الطاعنان في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان الحكم قد ساق على ثبوت التهمة في حق الطاعنين أدلة مستمدة من أقوال كل من المجني عليه والشاهد ومن التقرير الطبي وأورد بياناً كافياً بمؤدى هذه الأدلة يكشف عن وجه استشهاده بها ويسوغ ما انتهى إليه من قضائه بالإدانة، كما أن الحكم بعد أن ذكر مادة الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها قد أفصح عن أخذه بها مما يكفي بياناً لنص القانون الذي حكم بموجبه، ومن ثم فإن النعي عليه في صدد بيان أدلة الثبوت وبيان النص الذي أنزل بموجبه العقاب يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق، كما أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها فيه، وهي متى أخذت بأقوالهم فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بتصوير المجني عليه للواقعة اطمئناناً منه لأقواله، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول سلطة محكمة الموضوع في وزن أدلة الدعوى واستنباط معتقدها منها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الأصل أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملائمة والتوفيق، وكان مؤدى ما حصله الحكم من أقوال المجني عليه من أن الطاعنين ضرباه بالسنج والعصي لا يتعارض مع ما نقله عن التقرير الطبي من إصابة المجني عليه بكدمات وسحجات وخدوش بالجسم، هذا إلى أنه لما كان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، وكان الطاعنان لم يبينا أوجه التناقض بين الدليلين القولي والفني التي يدعيان أنهما أثاراها أمام محكمة الموضوع ولم يعرض لها الحكم المطعون فيه، فإن منعاهما في هذا الشأن لا يكون مقبولاً، لما كان ذلك. وكان الأصل أن محكمة الدرجة الثانية إنما تحكم على مقتضى الأوراق، وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى هي لزوماً لإجرائه، وكان الثابت من محضر جلسة 15/ 2/ 1987 - آخر جلسات المرافعة - أن الطاعنين لم يطلبا سماع شهود، فليس لهما أن ينعيا على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلباه منها ولا تلتزم هي بإجرائه، لما كان ذلك، وكان تقرير التلخيص وفقاً للمادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية هو مجرد بيان يتيح لأعضاء الهيئة الإلمام بمجمل وقائع الدعوى وظروفها وما تم فيها من تحقيقات وإجراءات، ولم يرتب القانون على ما يشوب التقرير من نقض أو خطأ أي بطلان يلحق الحكم الصادر في الدعوى، وكان الثابت بمحاضر الجلسات أن الطاعن لم يعترض على ما تضمنه التقرير، فلا يجوز له من بعد النعي عليه بالقصور لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ كان عليه إن رأى أن التقرير قد أغفل الإشارة إلى واقعة تهمة أن يوضحها في دفاعه، لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قد أثبت به تلاوة تقرير التلخيص، وإذ كانت ورقة الحكم تعتبر متممة لمحضر الجلسة في شأن إثبات إجراءات المحاكمة وكان الأصل في الإجراءات أنها روعيت، ومتى أثبت الحكم تلاوة تقرير التلخيص، فلا يجوز للطاعنين أن يجحدا ما أثبته الحكم من تمام هذا الإجراء إلا بالطعن بالتزوير وهو ما لم يفعلاه، فإن النعي على الحكم بدعوى البطلان لا يكون له محل، لما كان ذلك، وكان يجوز للمضرور الادعاء مدنياً في المعارضة المرفوعة من المتهم أمام محكمة أول درجة لأن المعارض تعيد القضية إلى حالتها الأولى فلا يحرم المتهم بذلك من إحدى درجات التقاضي، بما لا يصح معه القول بأن المعارضة أضرت بالمعارض، وإذ كانت محكمة أول درجة - أثناء نظر المعارضة - قد قبلت الادعاء المدني وقضت بالتعويض المؤقت المطلوب، فإنها لا تكون قد خالفت القانون. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة الأوراق أنه سبق لمحكمة ثاني درجة أن أمرت في حكمها الصادر بتاريخ 4/ 6/ 1981 بإيقاف تنفيذ العقوبة المقضى بها على الطاعنة الثانية، ثم طعن المحكوم عليه الأول وحده بطريق النقض وقضي بنقض الحكم بالنسبة له، وأيضاً بالنسبة للطاعنة الثانية وإن لم تكن طرفاً في ذلك الطعن المقدم لأول مرة، ولما كانت المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 إذ نصت على أنه إذا كان نقض الحكم حاصلاً بناءً على طلب أحد الخصوم غير النيابة العامة فلا يضار بطعنه، قد أفادت بأنه لا يجوز لمحكمة الإعادة تشديد أو تغليظ العقوبة التي قضى بها الحكم السابق لمن مسه الطعن إلا إذا كان نقض هذا الحكم حاصلاً بناءً على طعن من النيابة العامة، فإذا لم تكن النيابة العامة قد قررت بالطعن على الحكم الصادر بالعقوبة بل ارتضته فصار نهائياً في مواجهتها وحصل الطعن عليه من غيرها من الخصوم، فإن نقض الحكم في هذه الحالة لا يترتب عليه سوى إعادة نظر الدعوى في حدود مصلحة رافعي الطعن، بحيث لا يجوز لمحكمة الإعادة تجاوز أو تغليظ العقوبة التي قضى بها الحكم المنقوض، ولا سند للتفرقة عند إعادة المحاكمة بين من طعن وقبل طعنه وغيره ممن امتد إليه أثر الطعن استثناء عملاً بالمادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، ذلك أنه إذا كان المشرع قد توخى بهذا الاستثناء تحقيق العدالة التي تأبى التفرقة بين مراكز الخصوم المتماثلة عند وحدة الواقعة، فإنه يتعين الالتزام بهذه القاعدة بالنسبة لكافة المتهمين في الدعوى ممن قضي بنقض الحكم لمصلحتهم، ولم تكن النيابة العامة قد قررت بالطعن على الحكم قبلهم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر بما قضى به من تأييد الحكم المستأنف دون أن يأمر بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس المقضى بها على الطاعنة الثانية على نحو ما فعل الحكم الاستئنافي الصادر قبل النقض لأول مرة فإنه يكون قد خالف القانون. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تجيز لهذه المحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه بني على مخالفة القانون، فإنه يتعين تصحيح الحكم المطعون فيه بالقضاء بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس المقضى بها على الطاعنة الثانية.