أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 42 - صـ 628

جلسة 11 من إبريل سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم البنا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعمار إبراهيم وأحمد جمال عبد اللطيف وبهيج القصبجي.

(92)
الطعن رقم 366 لسنة 60 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. إيداعها".
عدم إيداع الطاعن أسباباً لطعنه، أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره" "إثبات خبرة".
عدم التزام المحكمة بإجابة طلب تحقيق أُبدي أمام هيئة سابقة أو الرد عليه. ما دام مقدمه لم يصر عليه أمامها.
مثال:
(3) إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "خبرة". دفاع "الإخلال عن الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن" ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بإجابة طلب مناقشة الخبير. متى كانت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي حاجة إليه.
(4) إثبات "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة سكوتها عن الرد على دفاع لم يبد أمامها. غير جائز.
مثال:
(5) دفوع "الدفع بنفي التهمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لمحكمة الموضوع تقدير المسائل الواقعية بغير معقب.
مثال لتسبيب سائغ للرد على دفاع الطاعن بنفي صلته بالحادث.
1 - لما كان الطاعن الأول وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه مما يتعين معه القضاء بعدم قبول طعنه شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
2 - لما كان من المقرر أن المحكمة لا تكون ملزمة بإجابة طلب تحقيق أو الرد عليه إلا إذا كان من قدمه قد أصر عليه، وكان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن وإن طلب بجلسة 17/ 11/ 1988 مناقشة الطبيب الشرعي بياناً لكيفية الوفاة، بيد أنه لم يعد إلى التمسك بهذا الطلب أمام الهيئة الجديدة التي نظرت الدعوى وأصدرت الحكم المطعون فيه فلا يكون له أن يطالب هذه الهيئة بإجابة طلب لم يطرحه عليها.
3 - لما كان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم بإجابة الدفاع إلى طلب مناقشة الخبير ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء، وكان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى ما أوضحه تقرير الصفة التشريحية من أن وفاة المجني عليه تعزي إلى إصابته بحروق نارية نشأت من ملامسة الجسم للهب، فإن النعي عليه بعدم استجابته لطلب مناقشة الطبيب الشرعي في كيفية حصول الوفاة يكون غير سديد.
4 - إن ما يتعلق بوعي المجني عليه وقدرته على السير والتكلم بتعقل بعد الحادث والإرشاد عن قاتليه فإن البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً بشأنها أمام محكمة الموضوع ولم تكن من بين الأمور التي طلب مناقشة الطبيب الشرعي فيها، فليس له من بعد أن ينعى سكوتها على الرد على هذا الدفاع الذي لم يبده أمامها.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه - فضلاً عما أورده من أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها من ثبوت الاتهام في حق الطاعن الثاني - قد عرض لما قام عليه دفاعه من نفي صلته بالحادث، وما أثاره من أن المجني عليه ذكر أن من أسهم في ارتكابه مع الطاعن الأول والمتهم الحدث هو شخص يدعى...... وأنه يوجد شخص بهذا الاسم من أبناء قريته، وأطرحه اطمئناناً منه إلى ما ساقه من أدلة الثبوت، وما جاء باعترافات الطاعن الأول والمتهم الحدث بالنسبة له، وإلى أن المجني عليه وإن أخطأ في ذكر اسمه بما قاله من أنه يدعى........، وهو ما يرجع إلى أنه ليس من أهالي بلدته وغير معروف لديه بالاسم، إلا أنه وصف الملابس العسكرية التي كان يرتديها والتي ضبطت بعد ذلك في منزله، فضلاً عن أنه لا دليل على صحة ما ادعاه من وجود شخص آخر ينطبق عليه ما جاء بأقوال المجني عليه، وإذ كان ما أورده الحكم على هذا السياق كافياً وسائغاً في الرد على دفاع الطاعن، فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يعدو أن يكون من قبيل الجدل الموضوعي في مسائل واقعية تملك محكمة الموضوع التقدير فيها بلا معقب عليها من محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: قتلا - وآخر حدث - ..... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن عقدا العزم وبيتا النية على قتله وأعدا لذلك كيروسيناً وعلبة ثقاب واستدرجه المتهم الحدث إلى المكان الذي كمن له فيه المتهمان وما أن ظفرا به حتى سكبا عليه مادة الكيروسين وأشعلوا النار فيه قاصدين من ذلك قتله فحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وأحالتهما إلى محكمة جنايات شبين الكوم لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 231، 232 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن الأول....... وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه مما يتعين معه القضاء بعدم قبول طعنه شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
ومن حيث إن الطاعن الثاني ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد قد شابه الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأن المدافع عنه طلب من المحكمة استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته في ظروف وفاة المجني عليه الذي سبق له أن حاول الانتحار، وبيان ما إذا كان يمكنه السير والنار مشتعلة في جسمه لمسافة سبعمائة متر وأن يكون بعد ذلك في حالة من الوعي يستطيع معه الإرشاد عن قاتليه، بيد أن المحكمة لم تجب هذا الطلب وتناولته برد غير سائغ، كما أن الطاعن أقام دفاعه على انتفاء صلته بالحادث مستدلاً على ذلك بأن المجني عليه لم يتهمه وإنما ذكر لمأمور المركز وشيخ الخفراء أن من أسهم مع الطاعن الأول والمتهم الحدث في قتله هو جندي يدعى..... بيد أن الحكم لم يمحص هذا الدفاع وأطرحه بقالة أن المجني عليه كان يعنيه بهذا الاسم وهو افتراض لا يسانده دليل خاصة وأنه ليست له شهرة باسم...... وأن من بين أبناء قريته جندي بهذا الاسم، وفضلاً عن أن اسمه الصحيح كان معروفاً للمجني عليه على ما تفيده أقوال المتهم الحدث، وذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما حاصله أن الطاعن الأول الذي كان على علاقة آثمة بزوجة شقيقه المجني عليه عزم على التخلص من هذا الشقيق بقلته، واتفق على ذلك مع الطاعن الثاني والمتهم الحدث، وتنفيذاً للخطة التي وضعوها سوياً قام المتهم الحدث باستدراج المجني عليه إلى مكان الحادث وهناك أمسك به الطاعن الثاني وطرحه أرضاً وسكب عليه الجناة كيروسيناً وأشعلوا النار فيه ثم لاذوا بالفرار فأخذ المجني عليه يجري حتى سقط أمام أحد المنازل، وخف إليه أحد الخفراء النظاميين وهو ما زال على قيد الحياة حيث علم منه بما وقع له وأورد الحكم على ثبوت حصول الواقعة على هذه الصورة أدلة استمدها مما أدلى به المجني عليه قبل وفاته ومن أقوال...... والخفير النظامي..... اللذين خفا إلى مكان سقوط المجني عليه أمام منزل أولهما وسمعا منه بما وقع له، ومن أقوال الشاهد...... الذي حصل في منزله الاتفاق بين الطاعنين والمتهم الحدث على ارتكاب الحادث، ورأى الطاعن الأول ينقد الطاعن الثاني مبلغاً من النقود مقابل إسهامه في الجريمة وسمعه يعده بمبلغ آخر يدفعه له بعد تنفيذها ومن اعترافات الطاعن الأول والمتهم الحدث، ومن تحريات الشرطة ومعاينة مكان الحادث وتقرير الصفة التشريحية الذي نقل عنه الحكم أن وفاة المجني عليه تعزي إلى إصابته بحروق نارية حيوية حديثة منتشرة بالوجه ومقدم ومؤخر العنق والصدر والبطن والإليتين والطرفين العلويين ومقدم ومؤخر الفخديين ومقدم ومؤخر الثلثين العلويين بقرب الساقين، وأن هذه الحروق من ملامسة الجسم للهب. لما كان ذلك وكان من المقرر أن المحكمة لا تكون ملزمة بإجابة طلب تحقيق أو الرد عليه إلا إذا كان من قدمه قد أصر عليه، وكان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن وأن طلب بجلسة 17/ 11/ 1988 مناقشة الطبيب الشرعي بياناً لكيفية الوفاة. بيد أنه لم يعد إلى التمسك بهذا الطلب أمام الهيئة الجديدة التي نظرت الدعوى وأصدرت الحكم المطعون فيه فلا يكون له أن يطالب هذه الهيئة بإجابة طلب لم يطرحه عليها، هذا إلى أنه لما كان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم بإجابة الدفاع إلى طلب مناقشة الخبير ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء، وكان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى ما أوضحه تقرير الصفة التشريحية من أن وفاة المجني عليه تعزي إلى إصابته بحروق نارية نشأت من ملامسة الجسم للهب، فإن النعي عليه بعدم استجابته لطلب مناقشة الطبيب الشرعي في كيفية حصول الوفاة يكون غير سديد، أما فيما يتعلق بوعي المجني عليه وقدرته على السير والتكلم بتعقل بعد الحادث والإرشاد عن قاتليه فإن البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً بشأنها أمام محكمة الموضوع ولم تكن من بين الأمور التي طلب مناقشة الطبيب الشرعي فيها، فليس له من بعد أن ينعى عليها سكوتها على الرد على هذا الدفاع الذي لم يبده أمامها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه - فضلاً عما أورده من أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها من ثبوت الاتهام في حق الطاعن الثاني - قد عرض لما قام عليه دفاعه من نفي صلته بالحادث، وما أثاره من أن المجني عليه ذكر أن من أسهم في ارتكابه مع الطاعن الأول والمتهم الحدث هو شخص يدعى..... وأنه يوجد شخص بهذا الاسم من أبناء قريته، وأطرحه اطمئناناً منه إلى ما ساقه من أدلة الثبوت، وما جاء باعترافات الطاعن الأول والمتهم الحدث بالنسبة له، وإلى أن المجني عليه وإن أخطأ في ذكر اسمه بما قاله من أنه يدعى...... وهو ما يرجع إلى أنه ليس من أهالي بلدته وغير معروف لديه بالاسم، إلا أنه وصف الملابس العسكرية التي كان يرتديها والتي ضبطت بعد ذلك في منزله، فضلاً عن أنه لا دليل على صحة ما ادعاه من وجود شخص آخر ينطبق عليه ما جاء بأقوال المجني عليه، وإذ كان ما أورده الحكم على هذا السياق كافياً وسائغاً في الرد على دفاع الطاعن، فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يعدو أن يكون من قبيل الجدل الموضوعي في مسائل واقعية تملك محكمة الموضوع التقدير فيها بلا معقب عليها من محكمة النقض، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.