أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 42 - صـ 647

جلسة 11 من إبريل سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ د. عادل قورة، وحسن عميرة ومحمد زايد ومحمد حسام الدين الغرياني نواب رئيس المحكمة.

(94)
الطعن رقم 370 لسنة 60 القضائية

(1) إثبات "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع، ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". "قتل عمد".
تحديد وقت الوفاة بناءً على حالة التيبس الرمي، مسألة فنية بحت المنازعة فيه، دفاع جوهري. وجوب تحقيقه عن طريق المختص فنياً. مخالفة ذلك: يعيب الحكم بالقصور والإخلال بحق الدفاع.
سكوت الدفاع عن طلب دعوة أهل الفن صراحة لتحديد وقت وقوع الحادث الذي ينازع فيه. لا يقدح في اعتبار دفاعه جوهرياً يتضمن المطالبة الجازمة بتحقيقه والرد عليه.
حدود سلطة المحكمة في تقرير القوة التدليلية لعناصر الدعوى؟
(2) نقض "أثر الطعن" "نطاق الطعن".
اتصال وجه الطعن الذي نقض الحكم استناداً إليه بطاعن آخر. يوجب نقض الحكم بالنسبة إليه أساس وعلة ذلك؟
1 - لما كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين الأول والثاني قد أثار أن القتل لم يحدث في الوقت الذي حددته شاهدتا الإثبات واستشهد بما ورد في تقرير الطب الشرعي من أن جثتي المجني عليهما كانتا في حالة تيبس رمي. لما كان ذلك، وكان الدفاع الذي أبداه الطاعنان الأول والثاني في الدعوى المطروحة - على ما سلف بيانه - يعد دفاعاً جوهرياً لتعلقه بالدليل المقدم فيها والمستمد من أقوال شاهدتي الإثبات ومن تقرير الصفة التشريحية، وهو دفاع قد ينبني عليه - لو صح - تغير وجه الرأي في الدعوى مما كان يقتضي من المحكمة أن تواجه مسألة تحديد وقت الوفاة وهي مسألة فنية بحت وأن تتخذ ما تراه من الوسائل لتحقيقها بلوغاً إلى غاية الأمر فيها بتحقيق هذا الدفاع الجوهري عن طريق المختص فنياً، أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون معيباً بالقصور فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع، ولا يقدح في هذا أن يسكت الدفاع عن طلب دعوة أهل الفن صراحة، ذلك بأن منازعة الطاعنين الأول والثاني في تحديد الوقت الذي وقع فيه الحادث وحدثت فيه الوفاة يتضمن في ذاته المطالبة الجازمة بتحقيقه والرد عليه بما يفنده، ولا يرفع هذا العوار ما أورده الحكم من رد قاصر لا يغني في مقام تحديد وقت وقوع الحادث، ذلك أنه إذا كان الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث إلا أن هذا مشروط بأن تكون المسألة المطروحة ليست من المسائل الفنية البحت التي لا تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقها لإبداء الرأي فيها كما هو الحال في الدعوى المطروحة.
2 - لما كان العيب الذي شاب الحكم وبني عليه النقض بالنسبة للطاعنين الأول والثاني يتصل بالطاعن الثالث الذي لم يثر هذا الدفاع أمام محكمة الموضوع ولا يحق له بالتالي أن يثيره لأول مرة أمام محكمة النقض، ونظراً لوحدة الواقعة ولحسن سير العدالة فإنه يتعين كذلك نقض الحكم بالنسبة إليه عملاً بحكم المادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات الطعن أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: المتهمون الثلاثة: قتلوا..... و...... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتل الأول وأعدوا لهذا الغرض الأسلحة النارية المضبوطة وكمنوا له بالقرب من مسكنه وترصدوه حال خروجه منه ووقوفه مع المجني عليه الثاني وما أن ظفروا بهما حتى أطلقوا عليهما أعيرة نارية من الأسلحة التي يحملونها قاصدين من ذلك إزهاق روحهما فأحدثوا بهما الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتهما على النحو المبين بالأوراق. المتهم الأول: 1 - أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً (بندقية آلي). 2 - أحرز ذخائر مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه المتهم الثاني: (1) أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخن (طبنجة حلوان). (2) أحرز ذخائر مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه، المتهم الثالث: - (1) أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً (طبنجة إيطالي) (2) أحرز ذخائر مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه. وأحالتهم إلى محكمة جنايات طنطا لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى والدا المجني عليهما مدنياً قبل المتهمين بمبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 231، 232 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 1 - 2، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبندين أ، ب من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق بالقانون الأول مع تطبيق المادتين 32/ 2، 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً عما أسند إليهم وبمصادرة المضبوطات وفي الدعوى المدنية بإلزام المحكوم عليهم بأن يؤدوا للمدعيين بالحقوق المدنية........ و....... مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وإحراز أسلحة نارية وذخائر مما تستعمل في تلك الأسلحة بغير ترخيص قد شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع ذلك بأن الطاعنين أثاروا في دفاعهم لدى محكمة الموضوع أن المجني عليهما قتلا في وقت مغاير للوقت الذي حددته شاهدتا الإثبات، واستندوا في دفاعهم إلى ما دل عليه تقرير الطب الشرعي من مشاهدة الجثة في دور التيبس الرمي وهو ما يقطع بأن الحادث وقع في وقت آخر غير ذلك الذي حددته الشاهدتان، وعلى الرغم من جوهرية هذا الدفاع فإن المحكمة لم تعن بتحقيقه والرد عليه بما يفنده مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين الأول والثاني قد أثار أن القتل لم يحدث في الوقت الذي حددته شاهدتا الإثبات واستشهد بما ورد في تقرير الطب الشرعي من أن جثتي المجني عليهما كانتا في حالة تيبس رمي لما كان ذلك، وكان الدفاع الذي أبداه الطاعنان الأول والثاني في الدعوى المطروحة - على ما سلف بيانه - يعد دفاعاً جوهرياً لتعلقه بالدليل المقدم فيها والمستمد من أقوال شاهدتي الإثبات ومن تقرير الصفة التشريحية، وهو دفاع قد ينبني عليه - لو صح - تغير وجه الرأي في الدعوى مما كان يقتضى من المحكمة أن تواجه مسألة تحديد وقت الوفاة وهي مسألة فنية بحت وأن تتخذ ما تراه من الوسائل لتحقيقها بلوغاً إلى غاية الأمر فيها بتحقيق هذا الدفاع الجوهري عن طريق المختص فنياً، أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون معيباً بالقصور فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع، ولا يقدح في هذا أن يسكت الدفاع عن طلب دعوة أهل الفن صراحة، ذلك بأن منازعة الطاعنين الأول والثاني في تحديد الوقت الذي وقع فيه الحادث وحدثت فيه الوفاة يتضمن في ذاته المطالبة الجازمة بتحقيقه والرد عليه بما يفنده، ولا يرفع هذا العوار ما أورده الحكم من رد قاصر لا يغني في مقام تحديد وقت وقوع الحادث، وذلك بقوله "ولا يفوت المحكمة أن تسجل أنها وإذ أخذت بأدلة الثبوت المذكورة آنفة البيان، فإن مفاد ذلك أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها" ذلك أنه إذا كان الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث إلا أن هذا مشروط بأن تكون المسألة المطروحة ليست من المسائل الفنية البحت التي لا تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقها لإبداء الرأي فيها كما هو الحال في الدعوى المطروحة. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب نقضه والإحالة دون حاجة لبحث سائر أوجه الطعن. ولما كان العيب الذي شاب الحكم وبني عليه النقض بالنسبة للطاعنين الأول والثاني يتصل بالطاعن الثالث الذي لم يثر هذا الدفاع أمام محكمة الموضوع ولا يحق له بالتالي أن يثيره لأول مرة أمام محكمة النقض، ونظراً لوحدة الواقعة ولحسن سير العدالة فإنه يتعين كذلك نقض الحكم بالنسبة إليه عملاً بحكم المادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.