أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 42 - صـ 702

جلسة 2 من مايو سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن عميرة ومحمد زايد نائبي رئيس المحكمة وأحمد عبد الرحمن ومحمد طلعت الرفاعي.

(102)
الطعن رقم 292 لسنة 60 القضائية

(1) قتل عمد. قصد جنائي. جريمة "أركانها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والمظاهر والأمارات الخارجية التي تنم عليه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ لاستظهار نية القتل في حق الطاعنين.
(2) سبق الإصرار. ظروف مشددة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
البحث في توافر ظروف سبق الإصرار. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ على استخلاص توافره في حق الطاعنين.
(3) قتل عمد. ترصد. ظروف مشددة. حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
حصول الترصد في مكان خاص بالجاني. لا ينفي توافره.
خطأ الحكم في بيان المكان الذي كمن فيه المتهمان لترقب المجني عليهما. لا يعيبه. طالما أنه غير مؤثر في منطقه أو في النتيجة التي انتهى إليها.
(4) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام".
ابتناء الحكم على أدلة ليس بينها تناسق تام لا يعيبه. ما دام ترادفها وتظاهرها على الإدانة قاضياً لها في منطق العقل بعدم التناقض.
(5) قتل عمد. إثبات "بوجه عام". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في تجزئة التحريات والأخذ بها فيما تضمنته من تواجد المتهمين بمسرح الحادث دون تحديد مطلق الأعيرة منهم.
(6) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة إغفالها الرد على دفاع لم يُتمسك به أمامها. عدم قبوله.
عدم جواز إثارة الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام النقض. علة ذلك؟
(7) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات "بوجه عام".
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليها استقلالاً. كفاية أن يكون الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردتها.
(8) إثبات "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثارة التناقض بين الدليلين القولي والفني لأول مرة أمام النقض غير مقبولة. علة ذلك؟
(9) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله. لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الحقيقية من أقواله بما لا تناقض فيه.
(10) إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". قتل عمد.
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليها استقلالاً. كفاية أن يكون الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردتها.
(11) طعن "الصفة في الطعن". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
اتصال أوجه الطعن بشخص الطاعن. شرط لقبولها.
(12) قتل عمد. ارتباط. عقوبة "عقوبة الجرائم المرتبطة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
بيان الحكم أن الجرائم التي ارتكبها الطاعنان وقعت لغرض واحد ومعاقبته على كل منها بعقوبة واحدة هي المقررة لأشد تلك الجرائم إعمالاً لحكم المادة 32 عقوبات. لا ينال من سلامة إغفال ذكر الجريمة الأشد.
(13) حكم "وضعه وإصداره" "بياناته" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خلو القانون من النص على وجوب تعيين المتهم باسمه في منطوق الحكم.
عدم تحديد الحكم في منطوقه من صدر عليه الحكم حضورياً ومن صدر عليه غيابياً من المتهمين. لا يعيبه. ما دام ذلك واضحاً في مدوناته.
(14) حكم "تسبيبه. بيانات التسبيب". بطلان. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
بيانات تسبيب الأحكام؟ المادة 310 إجراءات.
بطلان حكم الإدانة لعدم إشارته إلى نص القانون الذي حكم بموجبه. مقصور على عدم الإشارة إلى نصوص القانون الموضوعي دون نصوص القانون المدني. أساس ذلك؟
1 - لما كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والمظاهر والأمارات الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ومن ثم فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، ولما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل بقوله "أما عن نية القتل التي هي أمر في نفس الجاني يقصد به إزهاق روح إنسان حي وهي متوافرة في حق المتهمين من إطلاقهم الأسلحة النارية التي أعدوها على المجني عليهما وموالاة ذلك الإطلاق عليهما في مواضع قاتلة منهم ومن اتجاهات عدة وعدم تركهم لهما إلا من بعد سقوطهما وقد غلب على ظنهم مفارقتهما للحياة". وإذ كان ما أورده الحكم من ذلك كافياً وسائغاً في التدليل على ثبوت نية القتل لدى الطاعنين، فإنه لا محل للنعي عليه في هذا الصدد.
2 - من المقرر أن البحث عن توافر ظروف سبق الإصرار من إطلاقات محكمة الموضوع وتستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا تتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج وكان الواضح من مدونات الحكم أنه استظهر أن الضغينة في نفوس المتهمين قد ولدت أثراً دفعهم إلى ارتكاب الجريمة بعد تفكير ورؤية وتدبير فإن استخلاصه لظروف سبق الإصرار يكون سليماً وصحيحاً في القانون.
3 - لما كان ما أورده الحكم تدليلاً على توافر ظروف الترصد كافياً وسائغاً ولا ينفيه أن يكون الترصد في مكان خاص بالجناة أنفسهم ولا يعيب الحكم من بعد خطؤه - في موضع منه - في بيان المكان الذي كمن فيه المتهمان الثالث والرابع طالما أنه غير مؤثر في منطقه أو النتيجة التي انتهى إليها.
4 - إن ابتناء الحكم على أدلة ليس بينها تناسق تام لا يعيبه ما دام ترادفها وتظاهرها على الإدانة قاضياً لها في منطق العقل بعدم التناقض.
5 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تجزئ التحريات وتأخذ بها فيما تضمنته من تواجد المتهمين بمسرح الحادث دون تحديد مطلق الأعيرة منهم هذا فضلاً عن أن هذا الخلاف لا يؤثر في عقيدة المحكمة باعتبار أن المتهمين جميعاً فاعلين أصليين طبقاً للمادة 39 من قانون العقوبات ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الصدد يكون غير سديد.
6 - لما كان البين من محاضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين لم ينازع في الوقت الذي حدده شاهد الإثبات استناداً إلى حالة التيبس الرمي والزرقة الرمية بجثة المجني عليه الأول على نحو ما يدعيه في أسباب طعنه ومن ثم فلا يقبل منهما النعي على المحكمة إغفالها الرد عليه ما دام أنهما لم يتمسكا به أمامها ولا يجوز لهما من بعد إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه من تحقيق موضوعي يخرج عن وظيفة هذه المحكمة.
7 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وتقصيها في كل جزئية منها والرد عليها رداً صريحاً وإنما يكفي أن يكون الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي عولت عليها في حكمها.
8 - لما كان البين في محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يثيرا شيئاً عن التناقض بين الدليلين القولي والفني في شأن مسافهة الإطلاق واستقرار أحد المقذوفات بأمعاء أحد المجني عليهما ومن ثم فلا يسوغ لهما إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام هذه المحكمة لأنه دفاع موضوعي.
9 - من المقرر أن تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
10 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم.
11 - الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن فإن ما يثيره الطاعنان نعياً على الحكم من خطأ في مصادرة السلاح المملوك للمتهم الثالث لا يكون مقبولاً.
12 - لما كان الحكم قد بين الجرائم التي ارتكبها الطاعنان المستوجبة لعقابهما وأنها ارتكبت لغرض واحد مما يوجب الحكم على كل منهما بعقوبة واحدة هي المقررة لأشد هذه الجرائم وكان الحكم قد قضى على كل منهما بعقوبة واحدة عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات فإنه يكون قد أعمل حكم هذه المادة ولا يؤثر في سلامته أنه أغفل ذكر الجريمة الأشد.
13 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد بين أسماء المتهمين وبين الحاضر منهم والغائب ولم يرد في القانون نص يوجب على القاضي تعيين المتهم باسمه في منطوق الحكم ومن ثم فلا يعيب الحكم عدم تحديده في منطوقه من صدر عليه الحكم حضورياً ومن صدر عليه الحكم غيابياً ما دام ذلك واضحاً من مدوناته.
14 - لما كان قانون الإجراءات الجنائية إذا نص في الفقرة الأخيرة من المادة 310 على أن كل حكم بالإدانة يجب أن يشير إلى نص القانون الذي حكم بموجبه فقد أبانت بوضوح أن البطلان مقصور على عدم الإشارة إلى نصوص القانون الموضوعي على اعتبار أنه من البيانات الجوهرية لتي تقتضيها قاعدة شرعية الجرائم والعقوبات أما إغفال الإشارة إلى نصوص القانون المدني المتعلقة بالدعوى المدنية فإنه لا يبطل الحكم ويضحى النعي عليه لهذا السبب غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين - وآخرين حكم عليهما غيابياً - بأنهم - أولاً: - قتلوا عمداً..... مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وعقدوا العزم على ذلك وأعدوا لهذا الغرض أسلحة نارية معمرة بالذخيرة وترصدوا له بالمكان الذي أيقنوا سلفاً مروره فيه وما أن ظفروا به حتى أطلقوا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجنايات أخرى هي أنهم في المكان والزمان سالفي الذكر (1) قتلوا..... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وعقدوا العزم على ذلك وأعدوا لهذا الغرض الأسلحة النارية سالفة الذكر وتوجهوا إليه في المكان الذي أيقنوا سلفاً مروره فيه وما أن ظفروا به حتى أطلقوا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. (2) قتلوا عمداً مع سبق الإصرار والترصد...... بأن بيتوا النية على قتله وعقدوا العزم على ذلك وأعدوا لهذا الغرض الأسلحة النارية سالفة الذكر وتوجهوا إليه في المكان الذي أيقنوا سلفاً وجوده فيه وما أن ظفروا به حتى أطلقوا عليه عيارين ناريين قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. (3) شرعوا في قتل...... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن أطلقوا عليه أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتل المجني عليه سالف الذكر عمداً مع سبق الإصرار والترصد فحاد أحدها وأصاب المجني عليه بالإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج. ثانياً: أحرزوا أسلحة نارية مششخنة مما لا يجوز الترخيص به بحيازتها أو إحرازها. ثالثاً: أحرزوا ذخيرة مما تستعمل في الأسلحة سالفة الذكر حالة كونها مما لا يجوز الترخيص بحيازتها وإحرازها. وأحالتهم إلى محكمة جنايات أسيوط لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، وادعت كل من.....، ...... مدنياً قبل المتهمين متضامنين بمبلغ مائتين وواحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للمتهمين الأول والرابع (الطاعنان) عملاً بالمواد 230، 231، 232، 234/ 2 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26،/ 2، 5، 30 من القانون رقم 394 سنة 1954 المعدل والبند (ب) من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق مع إعمال المواد 32/ 2، 17، 30/ 2 من قانون العقوبات أولاً: بمعاقبتهما بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشر سنة لما أسند إليهما وأمرت بمصادرة الأسلحة المضبوطة. ثانياً: في الدعوى المدنية بإلزام المتهمين الأربعة متضامنين بأن يؤدوا إلى المدعيتين بالحق المدني مبلغ مائتين وواحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت باعتبار أن ما نسب إليهم هو قتل...... عمداً مع سبق الإصرار والترصد المقترن بجناية قتل...... عمداً مع سبق الإصرار والترصد وإحراز أسلحة نارية مششخنة وذخيرة بدون ترخيص.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنان ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذا دانهما بجرائم القتل العمد المقترن مع سبق الإصرار والترصد وإحراز الأسلحة النارية والذخيرة بغير ترخيص قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق والخطأ في تطبيق القانون والبطلان ذلك أن ما أورده الحكم بياناً لنية القتل لا يكفي لاستظهارها، واستخلاص توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد من أمور لا تتجهما ورغم تمسك الدفاع بانتفائهما، وجمع بين صورتين متناقضتين للدعوى ذلك أنه في بيانه لها وتحصيله لأقوال الشاهد..... أورد أن المتهمين الأربعة أطلقوا النار صوب المجني عليهما ثم حصل تحريات الشرطة في أن المتهمين الأول والثاني فقط هما اللذان أطلقاً النار على المجني عليهما بينما وقف المتهمان الثالث والرابع يشدان من أزرهما، وعول على هذين الدليلين رغم اختلافهما في تحديد مطلق الأعيرة، كما تردد في تحديد المكان الذي كمن فيه المتهمان الثالث والرابع بين منزل أولهما والثاني، وقد أثار الطاعنان دفاعاً قام على المنازعة في الوقت الذي حدده شاه الإثبات لوقوع الحادث استناداً إلى ما أثبته تقرير الصفة التشريحية من أن جثة المجني عليه الأول وجدت في حالة التيبس الرمي والزرقة الرمية بها والتي لا تظهر عادة إلا بمرور أكثر من يوم رغم أن تشريح الجثة تم بعد تسع عشر ساعة فقط من الوقت الذي حدده الشاهد لارتكاب الجريمة ولم يعرض الحكم لهذا الدفاع ولم يعن بتحقيقه رغم جوهريته، كما أنهما نازعا في المكان الذي قرر شاهد الإثبات أن الحادث وقع فيه واستدلا على ذلك بعدم العثور على طلقات فارغة - رغم كثرتها على حد قول الشاهد - أثناء المعاينة وعدم وجود آثار الإطلاق على حوائط وأبواب المنازل المحيطة بمكان الحادث وعدم وجود آثار دماء إلا أن الحكم قد أطرح هذا الدفاع برد غير سائغ لم يتناول فيه كل ما ساقه الطاعنان دليلاً على صدقه، ولم يعرض الحكم لما أثاره الدفاع عما ورد بتقرير الصفة التشريحية ومن وجود مقذوف استقر في أمعاء المجني عليه وهذا لا يتأتى إلا إذا كان الإطلاق من مسافة لا تقل عن خمسة وعشرين متراً وهو ما يتناقض مع قول الشاهد من أن مسافة الإطلاق كانت بين ثلاثة أو أربعة أمتار، هذا فضلاً عن أن ما خلص إليه الحكم من انتفاء التناقض بين أقوال الشاهد في تحقيقات النيابة وأثناء المعاينة في خصوص تحديد مسار المجني عليهما واتجاههما قبل الحادث يخالف الثابت بالأوراق، هذا إلى أن الحكم أطرح أوجه الدفاع المبداة من الطاعنين قولاً منه بعدم اطمئنانه إليها دون بيان ماهيتها واجتزأ بعضها ورد عليها بما لا يصلح رداً. وأخطأ الحكم في قضائه بمصادرة السلاح المملوك للمتهم الثالث رغم أنه مرخص له بحيازته وإحرازه، وأعمل حكم المادة 32 من قانون العقوبات دون أن يبين أياً من الجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما هي الأشد، ولم يحدد في منطوقه بالاسم من صدر عليه الحكم حضورياً ومن صدر عليه الحكم غيابياً، وأخيراً فقد قضى الحكم في الدعوى المدنية بإلزام الطاعنين بالتعويض المؤقت - بالتضامن مع باقي المحكوم عليهم - دون الإشارة إلى نص المادة 169 من القانون المدني. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم القتل العمد المقترن مع سبق الإصرار والترصد وإحراز الأسلحة النارية والذخيرة بغير ترخيص التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولا يمارى الطاعنان في أن لها أصل ثابت بالأوراق. لما كان ذلك وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والمظاهر والأمارات الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ومن ثم فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، ولما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل بقوله "أما عن نية القتل التي هي أمر في نفس الجاني يقصد به إزهاق روح إنسان حي وهي متوافرة في حق المتهمين من إطلاقهم الأسلحة النارية التي أعدها على المجني عليهما وموالاة ذلك الإطلاق عليهما في مواضع قاتلة منهم ومن اتجاهات عدة وعدم تركهم لهما إلا من بعد سقوطهما وقد غلب على ظنهم مفارقتهما للحياة". وإذ كان ما أورده الحكم من ذلك كافياً وسائغاً في التدليل على ثبوت نية القتل لدى الطاعنين، فإنه لا محل للنعي عليه في هذا الصدد، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر سبق الإصرار في قوله: "أنه لما كان سبق الإصرار الذي هو أمر نفسي يضمره الجاني وتنم عنه أمارات خارجية قد ثبت في حق المتهمين وذلك أخذاً من سابق الخلافات بينهم والمجني عليهما والشاهد بسبب اتهام الأخير في إصابة والد الأوليين منهما ومن اجتماع كلمتهم على إعداد وسائل الاعتداء القاتلة بطبيعتها - الأسلحة النارية المششخنة - وحشوها بذخائر عدة ومن توجههم إلى مكان الحادث بغية إطلاقها على المجني عليه فيه". كما استظهر توافر ظرف الترصد بقوله "وحيث إنه عن ظرف الترصد الذي هو ظرف مكاني يراد به تربص الجاني بالمجني عليه فترة من الوقت طالت أو قصرت في مكان يوقن مروره فيه سلفاً رصداً لحركته بقصد الاعتداء على حياته وهو متوفر من إعداد المتهمين لكمينين مختلفين تكون الأول من المتهمين الأول والثاني بمنزل....... وضم الثاني كلاً من المتهمين الثالث والرابع بمنزل المتهم الأخير حاملين الأسلحة النارية محشوة بالذخائر في وضع الإطلاق انتظاراً للمجني عليهما الواقع مسكنها بطريق مكمنهم مع يقينهم الكامل المسبق بأن المجني عليهما لا بد مارين بهما بطريق الكمين" وكان البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات محكمة الموضوع تستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا تتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج وكان الواضح من مدونات الحكم أنه استظهر أن الضغينة التي في نفوس المتهمين قد ولدت أثراً دفعهم إلى ارتكاب الجريمة بعد تفكير وروية وتدبير فإن استخلاصه لظرف سبق الإصرار يكون سليماً وصحيحاً في القانون. كما أن ما أورده الحكم تدليلاً على توافر ظرف الترصد كافياً وسائغاً ولا ينفيه أن يكون الترصد في مكان خاص بالجناة أنفسهم ولا يعيب الحكم من بعد خطؤه - في موضع منه - في بيان المكان الذي كمن فيه المتهمان الثالث والرابع طالما أنه غير مؤثر في منطقه أو النتيجة التي انتهى إليها. لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه اعتنق صورة واحدة للدعوى مؤداها أن المتهمين الأربعة أطلقوا النار على المجني عليهما وكان اعتناق الحكم لهذه الصورة لا يتناقض مع ما أورده من تحريات عول عليها في قضائه تضمنت أن إطلاق النار كان من المتهمين الأول والثاني دون المتهمين الثالث والرابع اللذين اقتصر دورهما على شد أزر زميليهما. ذلك أن ابتناء الحكم على أدلة ليس بينها تناسق تام لا يعيبه ما دام ترادفها وتظاهرها على الإدانة قاضياً لها في منطق العقل بعدم التناقض. هذا فضلاً عن أن من حق محكمة الموضوع أن تجزئ التحريات وتأخذ بها فيما تضمنته من تواجد المتهمين بمسرح الحادث دون تحديد مطلق الأعيرة منهم هذا فضلاً عن أن هذا الخلاف لا يؤثر في عقيدة المحكمة باعتبار أن المتهمين جميعاً فاعلين أصليين طبقاً للمادة 39 من قانون العقوبات ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان البين من محاضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين لم ينازع في الوقت الذي حدده شاهد الإثبات استناداً إلى حالة التيبس الرمي والزرقة الرمية بجثة المجني عليه الأول على نحو ما يدعيه في أسباب طعنه ومن ثم فلا يقبل منهما النعي على المحكمة إغفالها الرد عليه ما دام أنهما لم يتمسكا به أمامها ولا يجوز لهما من بعد إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه من تحقيق موضوعي يخرج عن وظيفة هذه المحكمة لما كان ذلك وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين وأن نازعا في مكان وقوع الحادث إلا أنهما لم يستندا إلى عدم وجود دماء بمكانه على نحو ما ورد بأسباب طعنهما ومن ثم فلا يجوز لهما الاستناد إلى أساس جديد للتدليل على صحة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض، ولما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد رد على منازعة الطاعنين في مكان الحادث استدلالاً بعدم وجود طلقات فارغة فيه وأطرحه بقوله "أما ما أثاره الدفاع عن عدم وجود طلقات فارغة بمكان الحادث فلا ينال من صحة الدليل في الدعوى ذلك أن الثابت أن الواقعة حدثت في زهاء الثالثة والنصف مساء ولم تجر معاينة إلا في التاسعة مساء أي بعد انقضاء خمس ساعات ونصف الساعة ومكان الحادث طريق عمومي عج به جمهور الناس على ما شهد به....... ولم يثبت بالأوراق أن أحداً قد عنى أثر الحادث بالتحفظ على أثاره عقب وقوعه"، وكان ما أورده الحكم رداً على دفاع الطاعنين سائغاً وكافياً لإطراحه ومن ثم فإنه لا محل للنعي على الحكم في هذا الخصوص ولا يعيب الحكم إغفاله الرد على ما استدل به الطاعنان على صحة هذا الدفاع من عدم وجود آثار للمقذوفات بحوائط وأبواب المنازل المحيطة بمكان الحادث. لما هو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وتقصيها في كل جزئية منها والرد عليها رداً صريحاً وإنما يكفي أن يكون الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي عولت عليها في حكمها ولا يعدو أن يكون ما يثيره الطاعنان من هذا الصدد سوى محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة الصحيحة التي ارتسمت في وجدان محكمة الموضوع بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل لدى محكمة النقض. هذا فضلاً عن هذا الدفاع يدحضه الواقع الذي أثبته الحكم في مدوناته نقلاً عن معاينة النيابة - التي لا يمارى الطاعنان في صحة إسناد الحكم بشأنها - من أنه وجد أسفل جثتي المجني عليهما أثار دماء غزيرة. لما كان ذلك وكان البين في محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يثيرا شيئاً عن التناقض بين الدليلين القولي والفني في شأن مسافة الإطلاق واستقرار أحد المقذوفات بأمعاء أحد المجني عليهما ومن ثم فلا يسوغ لهما إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام هذه المحكمة لأنه دفاع موضوعي لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على ما أثاره الدفاع عن تناقض الشاهد..... في تحديد مسار المجني عليهما واتجاههما قبل الحادث وإطراحه بقوله "أما عن قول الدفاع بتناقض الشاهد في بيان وجهة قدوم المجني عليهما واتجاه سيرهما قبل الاعتداء بين ما قرره بالتحقيقات عما ذكره بالمعاينة طالما كان الثابت بالتحقيقات (ص 16) قول الشاهد لمقدم المجني عليهما وسيرهما بالشارع موقع الحادث مروراً بمنزل..... واتجاهاً إلى منزل..... وكان قد بان من الرسم الكروكي لمكان الحادث أن ذلك الاتجاه من الشمال إلى الجنوب وهو ذات القول الذي أصر عليه لدى تصويره للحادث أثناء المعاينة ومن ثم فإن المحكمة تعتقد بعدم التناقض في هذا الصدد بين روايتيه بالتحقيقات وما قرره بالمعاينة" وكان البين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها سلامة ما خلص إليه الحكم في هذا الخصوص فإن النعي عليه بدعوى مخالفة الثابت بالأوراق لا يكون له محل ولا يعيبه أن يكون الشاهد قد تناقض في تسمية الاتجاه الذي قدم منه المجني عليهما لما هو من المقرر أنه تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد تناول بالرد على ما أثاره الدفاع من أوجه دفاع جوهرية وأطرحها بردود سائغة. وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم وكان الطاعنان لا يدعيان أن الحكم قد أغفل الرد على دفاع هام مؤثر في الدعوى فإن ما يثيراه نعياً على الحكم في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك وكان الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن فإن ما يثيره الطاعنان نعياً على الحكم من خطأ في مصادرة السلاح المملوك للمتهم الثالث لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك وكان الحكم قد بين الجرائم التي ارتكبها الطاعنان المستوجبة لعقابهما وأنها ارتكبت لغرض واحد مما يوجب الحكم على كل منهما بعقوبة واحدة هي المقررة لأشد هذه الجرائم وكان الحكم قد قضى على كل منهما بعقوبة واحدة عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات فإنه يكون قد أعمل حكم هذه المادة ولا يؤثر في سلامته أنه أغفل ذكر الجريمة الأشد. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد بين أسماء المتهمين وبين الحاضر منهم والغائب ولم يرد في القانون نص يوجب على القاضي تعيين المتهم باسمه في منطوق الحكم ومن ثم فلا يعيب الحكم عدم تحديده في منطوقه من صدر عليه الحكم حضورياً ومن صدر عليه الحكم غيابياً ما دام ذلك واضحاً من مدوناته. لما كان ذلك وكان قانون الإجراءات الجنائية إذا نص في الفقرة الأخيرة من المادة 310 على أن كل حكم بالإدانة يجب أن يشير إلى نص القانون الذي حكم بموجبه فقد أبانت بوضوح أن البطلان مقصور على عدم الإشارة إلى نصوص القانون الموضوعي على اعتبار أنه من البيانات الجوهرية التي تقتضيها قاعدة شرعية الجرائم والعقوبات أما إغفال الإشارة إلى نصوص القانون المدني المتعلقة بالدعوى المدنية فإنه لا يبطل الحكم ويضحى النعي عليه لهذا السبب غير سديد. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.