مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والعشرون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1980 إلى آخر فبراير سنة 1981) - صـ 3

(1)
جلسة 8 من نوفمبر سنة 1980

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد صلاح الدين السعيد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد محمد عبد المجيد ونصحي بولس فارس ومحمد عزيز أحمد علي وأبو بكر الدمرداش أبو بكر المستشارين.

الطعن رقم 767 لسنة 20 القضائية

عاملون بالقطاع العام - تأديب - دعوى - سقوط الدعوى التأديبية.
نص المادة 70 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966 معدلة بالقرار الجمهوري رقم 802 لسنة 1967 على أن تسقط الدعوى التأديبية بمضي سنة من تاريخ علم الرئيس المباشر بوقوع المخالفة وتسقط هذه الدعوى في كل حالة بانقضاء ثلاث سنوات من يوم وقوع المخالفة وتنقطع هذه المدة بأي إجراء من إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وتسري المدة من جديد ابتداء من آخر إجراء - مقتضى ذلك سريان أحكام السقوط ذاتها سواء تم توقيع الجزاء بواسطة المحكمة التأديبية عن طريق الدعوى التأديبية أم بواسطة السلطة الرئاسية - أساس ذلك - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 30 من مايو سنة 1974 أودع الأستاذ الدكتور محمد عصفور المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ ...... (الطاعن) قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 767 لسنة 20 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للزارعة بجلستها المنعقدة في 2 من إبريل سنة 1974 في الدعوى رقم 125 لسنة 7 القضائية المرفوعة من السيد/ (الطاعن) ضد السيد/ رئيس مجلس إدارة المؤسسة المصرية العامة للائتمان الزراعي والتعاوني الذي قضى برفض الدفعين بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وبعدم قبولها وباختصاصها وفي الموضوع برفضها وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم مجدداً بإلزام المؤسسة المطعون ضدها بأن تؤدي للطاعن مبلغ 382.455 مليمجـ والمصاريف شاملة أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وبعد أن تم إعلان تقرير الطعن إلى ذوي الشأن على النحو المبين في الأوراق أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 23 من يناير سنة 1980 وفيها صحح الحاضر عن الطاعن شكل الطعن بتوجيهه إلى السيد رئيس مجلس إدارة البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي باعتبار أن هذه المؤسسة قد حلت محل المؤسسة المدعى عليها، وفي 23 من إبريل سنة 1980 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الرابعة - وحددت لنظره أمامها جلسة 24 من مايو سنة 1980 وتدوول نظر الطعن حتى جلسة 4 من أكتوبر سنة 1980.
وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن عناصر المنازعة تتحصل في أنه في 29 من يوليه سنة 1973 أقام السيد/ (الطاعن) الدعوى رقم 125 لسنة 7 القضائية أمام المحكمة التأديبية للزراعة ضد السيد رئيس مجلس إدارة المؤسسة المصرية العامة للائتمان الزراعي والتعاوني وطلب الحكم بإلزام هذه المؤسسة بأن تدفع له تعويضاً قدره 382.455 جنيه والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وذكر شرحاً لدعواه أنه قام بكل جدارة بتنفيذ شتى الأعمال الهندسية المنوطة به خلال ستة عشر عاماً ومنح مكافآت مالية تشجيعاً له ولم يوقع عليه خلالها أي جزاء ثم بسبب خلافه مع آخر وقعت عليه جزاءات بدون وجه حق منها جزاء وقع عليه في 2 من يناير سنة 1966 بخصم عشرة أيام من مرتبه وإبعاده عن مجاله الفني عن مخالفة مزعومة في عملية رصف شوارع قويسنا التي كلف بالإشراف عليها في 11 من ديسمبر سنة 1966، إذ نسب إليه مهندس المؤسسة مخالفة كيدية نفاها بتقرير من خبير استشاري وبمحضر التسليم والتسلم وقد رأى قسم التحقيقات بالمؤسسة مجازاته عنها بخصم يومين فقط من مرتبه، ولكن السيد مدير الشئون القانونية اقترح مجازاته بخصم عشرة أيام من مرتبه وإبعاده عن عمله الفني ووافقه السيد رئيس المؤسسة على ذلك وعندما تظلم أحيل الموضوع إلى الإدارة الهندسية بوزارة الزراعة التي رأت توافر المخالفة استناداً إلى المكاتبات دون إجراء معاينة.
وأشار المدعي إلى أن هذا القرار جاء مخالفاً للقانون وقد ترتب عليه عدم ترقيته في عام 1968 بالرغم من حصوله على درجات الامتياز سنوياً وذكر أنه وإن كان لم يطعن على هذا القرار في الميعاد إلا أن من حقه أن يطالب بتعويض عنه واستند في ذلك إلى:
1 - أنه سبق له أن تقدم بتقرير عن مخالفات في عملية إنشاء مواسير شادر استانى بالإسكندرية الذي كان مهندس المؤسسة يعمل فيها، وهذا هو السبب الحقيقي الذي دفع هذا المهندس إلى نسبة المخالفة له.
2 - أن قسم الإدارة والسكرتارية رأى إعادة التحقيق في المخالفة المنسوبة له لأن هذا القسم رأى أن الظروف الخاصة بالشكوى كانت نتيجة خلافات شخصية.
3 - إن المخالفات المنسوبة إليه تنقضها المعاينة على الطبيعة. وأضاف المدعي أنه وجهت إليه مخالفة أخرى مزعومة عن عملية فتحات التهوية بشونة روفيه بالإسكندرية بدعوى عدم وجوده معظم الأيام في هذه العملية وسفره للقاهرة كل يوم خميس من كل أسبوع وعودته يوم الاثنين، وجوزي عنها في 7 يوليه سنة 1970 بخصم يوم من مرتبه وحرمانه من بدل السفر المستحق له عن أيام الجمعة والسبت والأحد من كل أسبوع في الفترة من 10 من إبريل سنة 1967 حتى 3 من أغسطس سنة 1968 وقال إن هذا الجزاء مخالف للقانون ومن حقه أن يطالب بتعويض عنه وأسس ذلك على:
1 - أنه لم يجر معه أي تحقيق في هذا الموضوع.
2 - أنه كان موجوداً طوال المدة المذكورة وقد أيد ذلك فرع الإسكندرية بكتابه رقم (7712) المؤرخ في 16 من ديسمبر سنة 1967.
3 - إن سبب ادعاء مهندس المؤسسة عدم وجوده خلال المدة المذكورة هو وجود خلاف شخصي بينه وبين المهندس المذكور. وانتهى المدعي إلى تحديد عناصر التعويض المطالب به بالأيام المخصومة من مرتبه وبدل السفر عن المدة من 28 من أغسطس سنة 1967 حتى 24 من سبتمبر سنة 1967 وفرق العلاوة من الدرجة الخامسة إلى الدرجة الرابعة وفرق صندوق ترك الخدمة.
وبجلسة 2 من إبريل سنة 1974 حكمت المحكمة برفض الدفعين بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وبعدم قبولها وباختصاصها وفي الموضوع برفضها، وأقامت حكمها على أساس أن المحاكم التأديبية تختص بالفصل في دعاوى التعويض عن القرارات التأديبية وأن دعوى التعويض عن قرار الجزء لا تسقط إلا بانقضاء مدة التقادم العادي وقالت بالنسبة للموضوع أنه ثبت إهمال السيد/ (الطاعن) في الإشراف على ما تم رصفه من شوارع مستودعات قويسنا في الفترة التي نيط به الإشراف عليها ومن ثم فإنه يعتبر مسئولاً من الناحية الفنية عن عدم تنفيذ المواصفات الواردة بعقد العملية وعلى ذلك تكون الجهة الإدارية قد أقامت قرار مجازاته بخصم عشرة أيام من مرتبه عن ذلك الإهمال، على أسباب مقبولة تنتجه قانوناً.
وذكرت المحكمة بالنسبة للمخالفة المسندة للمدعي من عدم وجوده معظم الأيام أثناء تنفيذ عملية فتحات التهوية بشونة روفيه في الفترة من 15 من إبريل سنة 1967 حتى 3 من أغسطس سنة 1967 أنها ثابتة من أقوال السيدين...... و...... وطبقاً لما جاء بكتاب فرع الإسكندرية رقم 9602 المؤرخ في 10 من فبراير سنة 1968، وأنه لا يغير من ذلك ما ورد بكتاب فرع الإسكندرية رقم 7712 المؤرخ في 16 من ديسمبر سنة 1967 وذلك لأن هذا الكتاب كان بمناسبة الاستفسار عن وجود المدعي بالعملية في الفترة من 3 من أغسطس سنة 1967 حتى 29 من أغسطس سنة 1967 وعلى ذلك يكون قرار مجازاته بخصم يوم من مرتبه قد صادف محلاً وبني على أساس مستمد من أصول تنتجه. وخلصت المحكمة إلى تخلف ركن الخطأ في جانب الإدارة عند إصدارها القرارين المشار إليهما وانتهت إلى انتفاء مسئوليتها عن تعويض المدعي وقضت برفض الدعوى.
ومن حيث إن الطاعن نعى على الحكم المطعون أنه جانب الصواب فيما قضى به من رفض الدعوى وأقام طعنه أولاً على أن الجزاءين مثار الدعوى وقعا عليه بعد أن كانت المخالفات موضوع هذين الجزاءين سقطت بالتقادم بمضي سنة على تاريخ وقوعها إعمالاً للمادة 59 من القرار 3309 لسنة 1966 الأمر الذي يصبح معه الجزاءين منعدمين تماماً. وأردف الطاعن في مذكرته المقدمة لجلسة 27 من فبراير سنة 1980 أنه لا يجوز وفقاً لأحكام قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 اتهام العامل بعد 15 يوماً من اكتشاف الحادث كما لا يجوز توقيع عقوبة بعد ثلاثين يوماً من تاريخ ثبوت المخالفة بإنهاء التحقيق، وأنه لما كانت الجهة الإدارية لم تلتزم حكم هذين الميعادين فإن الجزاءين قد شابهما البطلان وسقط الحق في توقيعهما كما استند الطاعن في تعييب الحكم بالنسبة للجزاء الأول الخاص بالإهمال في الإشراف على عملية رصف شوارع مستودع قويسنا إلى الأسباب الآتية:
1 - أن المحكمة أخطأت حينما لم تلتفت إلى أن أي قصور من المقاول أثناء سريان العمل لا قيمة له لأن العبرة بالاستلام النهائي للعملية بالسمك المطلوب وهو 20 سم.
2 - أنه يوجد تناقضات حقيقية في تجديد سمك الطبقة المقال أنها كانت مخالفة وذلك لأنه جاء بتقرير 20 من ديسمبر سنة 1966 أن سمك الطبقة الخرسانية الأولى 17 سم في حين أن التقرير الثاني المؤرخ في 14 من أكتوبر سنة 1967 قرر أن سمك الطبقة 12 سم، كما أن الملاحظ الذي حل محل الطاعن قرر في التحقيق أن السمك كان 15 سم وعلى ذلك فإن التناقض في تحديد السمك يؤكد أن الأمر كله مصطنع والغرض منه إلقاء الشبهات على الطاعن.
3 - أنه لم يتم أخذ مقاسات الطبقة المقال بأنها تقل عن 20 سم أمام الطاعن كما لم يثبت ذلك بمحضر يبين فيه ما تم من إجراءات.
4 - أن إشراف الطاعن على تنفيذ عملية رصف الشوارع استمر ستة أيام فقط من 12 من ديسمبر حتى 19 من ديسمبر سنة 1966 في حين أن العملية استغرق تنفيذها ستة أشهر، وعلى ذلك لا يمكن أن يكون المقاول قد قام بعمل خمسة شوارع خلال مدة إشرافه المذكورة.
5 - أن المهندس لم يقم بالإبلاغ عن هذه الواقعة المفتراة إلا في 14 من أكتوبر سنة 1967 ولم يحقق معه إلا في 8 من يناير سنة 1968 أي بعد مرور عام على الواقعة إن كانت موجودة.
6 - أن المهندس كان قد قدم تقريراً في 20 من ديسمبر سنة 1966 أي بعد ترك الطاعن للعملية في 19 من ديسمبر سنة 1966 وقرر فيه أن طبقة الخرسانة سمكها 12 سم وهو ما برره الطاعن من أن المهندس قاس أطراف العملية أثناء التنفيذ عند نهاية الصب اليومي وهو ما أثبته الخبير الاستشاري في تقريره.
7 - أن مدير الهندسة بوزارة الزراعة تصور خطأ أن قول الطاعن أن أطراف الرصف يقل سمكها على 20 سم ينصرف إلى الرصف بعد تمامه.
8 - أن الطاعن كان دائماً محل ثقة المؤسسة وأن عمله يتسم بالجدية والاقتدار. واستند الطعن بالنسبة للجزاء الثاني الخاص بعدم وجود الطاعن للإشراف على عملية فتحات التهوية بشونة روفيه بالإسكندرية إلى أسباب الآتية:
1 - أنه يثبت استمرار الطاعن في العمل خلال المدة من 3 من أغسطس سنة 1967 حتى 29 من أغسطس سنة 1967.
2 - أنه لم يوضع نظام لإثبات حضور وانصراف المترددين على أعمالهم في البلاد التي يوفدون إليها.
3 - أن الثابت من كتاب فرع الإسكندرية المؤرخ في 16 من ديسمبر سنة 1967 وجود الطاعن طيلة أيام إشرافه على العملية ولا ينال من هذا الكتاب ما قرره فرع الإسكندرية في 10 من يوليه سنة 1968 لأن ذلك كان مرده إلى مشادة وقعت بين الطاعن وأحد المسئولين بالفرع بسبب عدم سلامة الأعمال في عملية تصريف الأمطار بشادر استنانى.
ومن حيث إنه بالنسبة لعملية رصف شوارع مستودعات قويسنا فالثابت من الأوراق، أن السيد مدير الإدارة والسكرتارية بالمؤسسة المصرية العامة للائتمان الزراعي والتعاوني أرسل في 11 من ديسمبر سنة 1966 كتاباً للسيد/ ....... كلفه فيه بالتوجه في اليوم التالي إلى مستودعات سماد قويسنا للإشراف على عملية رصف الشوارع بها، وبمرور السيد/ ........ مهندس المؤسسة المختص بالعملية اكتشف أن سمك طبقة الخرسانة المصبوبة تحت إشراف السيد/ ........ 12 سم بالمخالفة لمواصفات العملية التي توجب أن يكون سمك هذه الطبقة 20 سم فطلب المهندس المذكور إيقاف العمل وإجراء التحقيق. وبكتاب مؤرخ في 17 من ديسمبر سنة 1966 أخطر السيد/ (الطاعن) بتسليم السيد...... عملية الإشراف على رصف شوارع مستودعات قويسنا والعودة إلى المؤسسة ثم تقدمت الإدارة العامة للشئون الإدارية في 7 من ديسمبر سنة 1967 بمذكرة أثبتت فيها الوقائع المذكورة، وفي 10 من ديسمبر سنة 1967 وافقت الإدارة على إحالة الموضوع إلى قسم التحقيقات الذي بدأ إجراء التحقيق بسماع أقوال السيد/ ..... في 14 من يناير سنة 1968 الذي قرر بأنه كلف بالإشراف على العملية المذكورة في 19 من ديسمبر سنة 1966 وأن السيد المهندس علم على أجزاء الشوارع التي تم صبها بسمك 15 سم تحت إشراف السيد/ ....... (الطاعن) وهي الشوارع أرقام 7، 8، 11 وجزء من رقم 5 وقد قام المقاول بتكسير المواقع التي حددها المهندس المذكور وأعاد صبها بحضوره والسيد المهندس الذي أشر بذلك على كروكي المشروع، كما قرر بأنه عاين المواقع التي حددها السيد المهندس ووجدها مخالفة للمواصفات حيث إنها صبت بسمك 15 سم وأن ما تم تكسيره ليس أطراف أربطة بل في نهاية الشوارع وفي أواسطها. وبسؤال السيد المهندس....... قرر بأنه المختص بالإشراف على العملية المذكورة وأنه قدم تقريراً عقب مروره عليها أثبت فيه حالة الطرق التي تم صبها بالمخالفة للشروط وطلب من قسم الإدارة والسكرتارية سحب الملاحظ (الطاعن) للتحقيق معه وتكليف السيد..... للإشراف على العملية وعقب ذلك قام القسم باستدعاء السيد/ (الطاعن) وكلف السيد/...... بالإشراف على هذه العملية الذي حضر عملية تكسير الأجزاء المخالفة للمواصفات وإعادة صبها. وذكر أن سمك طبقة الخرسانة التي تم صبها بالمخالفة لشروط العقد هو 12 سم وأن الأجزاء المخالفة للمواصفات التي أشرف على تنفيذها السيد/ ........ (الطاعن) في حدود ما بين 60.50% من المساحات التي أشرف عليها المذكور. وأضاف أنه لم يكن هناك جوانب أربطة على الطرق وذلك لأن الأربطة لا تكون إلا في نهاية الصب لاستكمالها في اليوم التالي، وأنه عند اكتشافه المخالفة كان الصب جارياً في أول النهار.
وبسؤال السيد/ (الطاعن) قرر بأنه كلف بالإشراف على العملية المذكورة في 11 من ديسمبر سنة 1966 وأنه قام بتسليم عملية الإشراف على هذه العملية لزميله في 19 من ديسمبر سنة 1966، وقرر بأنه قام بعمل المقاييس اللازمة بمجرد استلامه عمله على أساس سمك الطبقة السفلى 20 سم والطبقة العلوية 10 سم وأن العمل نفذ على هذا الأساس وأنه لا يمكن أن يكون السمك الذي شاهده السيد المهندس أقل من 20 سم وقال إن التقرير الذي وضع في هذا الشأن تم على سبيل التحايل واستند في ذلك إلى أن السيد المهندس أقر في تقريره المؤرخ في 20 من ديسمبر سنة 1966 بأنه وجد سمك الخرسانة 17 سم ثم عاد وأقر بتقريره المؤرخ في 14 من أكتوبر سنة 1967 بأنه وجد سمك الخرسانة 12 سم وبأن ما أخذه من مقاسات من أطراف الأربطة.
وقدم السيد/ (الطاعن) للمحقق محضر إثبات حالة مقدم منه ومن زميله السيد/ ....... وقد أثبت المحقق في مذكرته اطلاعه على هذا المحضر ومسجل أن تاريخ تحريره هو 25 من فبراير سنة 1967 أي بعد تقديم السيد المهندس لتقاريره المثبتة للمخالفة وبعد سحب السيد/ ........ من موقع العملية في 19 من ديسمبر سنة 1966 وخلصت إدارة الشئون القانونية في مذكرتها المؤرخة في 7 من ديسمبر سنة 1968 إلى اقتراح مجازاة السيد/ (الطاعن) بخصم عشرة أيام من مرتبه لإهماله في الإشراف على عملية رصف شوارع مستودعات قويسنا خاصة وأنها من العمليات الكبرى حيث بلغت تكاليفها 16741 جنيهاً، وقد وافق السيد رئيس مجلس إدارة المؤسسة على هذا الجزاء.
ومن حيث إن المستفاد أيضاً من الأوراق بالنسبة لعملية فتحات التهوية بشونة روفيه بالإسكندرية، أن السيد/ (الطاعن) كلف بالإشراف على العملية المذكورة 15 من إبريل سنة 1967 حتى 3 من أغسطس سنة 1967 وفي 31 من أغسطس سنة 1967 أرسل مكتب الأمن بالمؤسسة الشكوى الموجه إليه إلى السيد/ رئيس مجلس الإدارة والتي جاء بها أن السيد/ (الطاعن) الملاحظ استغل الإشراف على العملية المذكورة لكثرة السفر وإطالة مدة بقائه بالإسكندرية لفترة طويلة استغرقت حوالي خمسة شهور تقاضى عنها بدل سفر ومصاريف انتقال بدون وجه حق، وقد تبين لمكتب الأمن أن قيمة العملية 665 جنيهاً وتقاضى السيد/ .... مبلغ 106.800 بدل سفر وقد طلب السيد.... المدير العام بخطابه السري رقم 2992 بتاريخ 4 من أكتوبر سنة 1967 من السيد المهندس...... إيضاح الأمر فأجاب الأخير بأن السيد مدير قسم الإدارة والسكرتارية هو الذي كلف الملاحظ (الطاعن) بالإشراف على العملية دون الرجوع إليه في هذا الشأن وقد رأت إدارة السكريتارية في 19 من فبراير سنة 1968 إجراء تحقيق في شأن عدم وجود السيد/ (الطاعن) معظم أيام المأمورية وسفره للقاهرة يوم الخميس من كل أسبوع وعودته يوم الاثنين وبسؤال السيد/ (الطاعن) قرر بأنه كلف بالإشراف على العملية في الفترة المذكورة حيث حضر السيد المهندس في 3 من أغسطس سنة 1967 وأشر بدفتر الزيارة بأنه أعطى مهلة للمقاول لإتمام العملية وقد تم تشطيب هذه العملية في 29 من أغسطس سنة 1967، وأنه كان موجوداً بصفة مستمرة لحين انتهاء المأمورية في 28 من أغسطس سنة 1967 ودلل على ذلك بما ورد بكتاب فرع الإسكندرية رقم 7712 المؤرخ في 16 من ديسمبر سنة 1967، وأضاف أن النظام المتبع يقضي بعدم توقيع الملاحظين في دفاتر الزيارة المخصصة لكبار الزوار وأنه لا توجد تعليمات توجب عليه التوقيع في هذه الدفاتر، وأن السيد/ ...... لم يمر على شونة روفيه طوال مدة تنفيذ العملية بها وأن الدليل على ذلك أنه لم يؤشر بدفتر الزيارات بما يفيد ذلك وأن كتاب فرع الإسكندرية المشار إليه يقرر بأنه كان موجوداً للإشراف على هذه العملية في المدة من 3 من أغسطس حتى 27 من أغسطس سنة 1967. وقد ورد في مذكرة الإدارة العامة للشئون القانونية المعدة في هذا الشأن أن السيد/ ...... رئيس مكتب الأسمدة بالإسكندرية ذكر أنه لم يشاهد الملاحظ المذكور إلا مرة واحدة عند التوقيع على المحضر النهائي للعملية، وأنه موضح بدفتر الزيارات بشونة روفيه اسم السيد/ (الطاعن) يوم 15 من إبريل سنة 1967، وأن الدليل على تغيب هذا الملاحظ مستمد من أقوال الموظفين وفقاً لكتاب فرع الإسكندرية رقم 9602 المؤرخ في 10 من فبراير سنة 1968، وانتهى رأي الإدارة القانونية إلى حرمان السيد/ (الطاعن) من بدل السفر المستحق عن أيام الجمعة والسبت والأحد من كل أسبوع في الفترة من 15 من إبريل سنة 1967 حتى 3 من أغسطس سنة 1967 وقد وافق السيد/ رئيس مجلس إدارة المؤسسة على ذلك مع مجازاته بخصم يوم من مرتبه.
ومن حيث إنه عن وجه الطعن الأول بسقوط المخالفات التي استندت إليها المؤسسة المدعى عليها في مجازاة المدعي فإن المادة 70 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966 معدلة بالقرار الجمهوري رقم 802 لسنة 1967 تنص على أن تسقط الدعوى التأديبية بمضي سنة من تاريخ علم الرئيس المباشر بوقوع المخالفة، وتسقط هذه الدعوى في كل حالة بانقضاء ثلاث سنوات من يوم وقوع المخالفة. وتنقطع هذه المدة بأي إجراء من إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وتسري المدة من جديد ابتداء من آخر إجراء. ولما كانت المخالفة الأولى المنسوبة للسيد/ (الطاعن) وهي الخاصة بإهماله في الإشراف على عملية رصف شوارع مستودعات قويسنا قد تمت خلال الفترة من 11 من ديسمبر سنة 1966، 20 من ديسمبر سنة 1966 وخلال هذه الفترة اكتشف السيد المهندس...... هذه المخالفة وطلب إيقاف العمل وتعيين مشرف آخر وإجراء تحقيق، وفي 10 من ديسمبر سنة 1967 - أي قبل انقضاء سنة من تاريخ علم الرئيس المباشر بوقوع المخالفة - أحالت الإدارة الموضوع للتحقيق وسارت إجراءات التحقيق على النحو السالف البيان إلى أن صدر القرار الأول مثار الدعوى في 2 من يناير سنة 1969 بما لا وجه معه للقول بسقوط الدعوى التأديبية لهذا الجزاء بمضي سنة. وبالنسبة للمخالفة الثانية المنسوبة للمذكور والخاصة بعدم وجوده أيام الجمعة والسبت والأحد من كل أسبوع في الفترة من 15 من إبريل سنة 1967 حتى 3 من أغسطس سنة 1967 للإشراف على عملية فتحات التهوية بشونة روفيه بالإسكندرية، فإن إدارة السكرتارية رأت في 19 من فبراير سنة 1968 إجراء التحقيق في هذه المخالفة أي قبل انقضاء سنة من تاريخ علم الرئيس المباشر بها، ومن ثم ينتفي القول بسقوط الدعوى التأديبية بالنسبة لهذه المخالفة أيضاً بمضي سنة من تاريخ علم الرئيس المباشر بوقوع المخالفة. وبناء عليه يكون ادعاء المدعي بانعدام الجزاءين بدعوى سقوط الدعوى التأديبية بمضي سنة غير قائم على أساس سليم.
ومن حيث إنه لا وجه لما أثاره الطاعن من أن حق السلطة الرئاسية في مجازاته بالنسبة للجزاءين سالفي الذكر قد سقطا بالتطبيق لحكم المادة 66 من قانون العمل رقم 91 لسنة 59 لا وجه لذلك لأن المادة 70 من نظام العاملين بالقطاع العام سالفة الذكر وقد نظمت أحكام سقوط الدعوى التأديبية فقد تعين الالتزام بها دون أحكام قانون العمل إعمالاً لحكم المادة الأولى من قرار إصدار النظام المذكور التي تقضي بسريان أحكام قانون العمل فيما لم يرد به نص في هذا النظام. ولا غناء في هذا المقام فيما ذهب إليه الطاعن من أن المادة 70 المشار إليها تنظيم أحكام سقوط الدعوى التأديبية فقط دون الجزاءات التي يوقعها رب العمل مباشرة عن غير طريق رفع الدعوى التأديبية، بما يجب معه الرجوع بشأن أحكام السقوط الخاصة بها لنص المادة 66 من قانون العمل، لا غناء في ذلك لأن النظر في أمر مجازاة العامل تأديبياً سواء بواسطة المحكمة التأديبية عن طريق الدعوى التأديبية أم بواسطة السلطة الرئاسية يعد إجراء تحقيق إداري ينبعان من منطلق واحد هو العمل على سرعة تتبع المخالفات التأديبية وملاحقة المخالفين والبت في أمرهم دون تراخ استقراراً للأوضاع وحرصاً على أن ينتج الجزاء أثره المنشود في ردع المخالف وزجر غيره ممن تسول لهم أنفسهم اقتراف مثل هذه المخالفات ومقتضى ذلك ولازمه أن تسري بالنسبة لكليهما أحكام السقوط ذاتها تحقيقاً لمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص، إذ لا يقبل عقلاً أن يسقط حق السلطة الرئاسية في ممارسة سلطتها التأديبية بمضي أيام قليلة بينما ينفسخ الأمل أمام المحكمة التأديبية لسنة أو لثلاث سنوات حسب الأحوال لإنزال العقاب عن ذات المخالفة. وما يترتب على هذا المنطق من اضطرار السلطة الرئاسية إلى الالتجاء إلى طلب رفع الدعوى التأديبية كلما انقضى الأجل المحدد لها لتوقيع الجزاء على العامل المخالف طالما كان أمد هذه الدعوى ما زال مستمراً.
ومن حيث إنه عن المخالفة الأولى المنسوبة للمدعي وهي إهماله في الإشراف على عملية رصف شوارع مستودعات قويسنا فقد ثبت أنه كان مكلفاً بالإشراف على هذه العملية وبمرور المهندس المختص بالمؤسسة لاحظ أن سمك طبقة الخرسانة التي تم صبها في أجزاء مختلفة من الطرق 12 سم في حين أن الشروط المتعاقد عليها توجب أن يكون سمك الخرسانة 20 سم وعلى أثر ذلك أوقف المهندس العمل وطلب نقل المدعي من الإشراف على هذه العملية وتعيين ملاحظ آخر بدلاً منه، وقام بتحديد الأجزاء المخالفة وطلب من مقاول العملية تكسير هذه الأجزاء وإعادة رصفها طبقاً للشروط المتفق عليها فأتم ذلك فعلاً بحضور الملاحظ السيد/ ..... الذي شهد عملية تكسير تلك الأجزاء بواسطة المقاول وإعادة صبها وعلى ذلك يكون الاتهام المنسوب للطاعن ثابتاً في حقه وبالتالي يكون قرار الجزاء بخصم عشرة أيام من مرتبه مستنداً إلى أساس سليم من القانون. ولا غناء في محضر إثبات الحالة المعد من المدعي ومن السيد/ ....... الذي تقدم به المدعي إلى المحكمة وذلك لأن هذا المحضر أعد في 25 من فبراير سنة 1967 - أي بعد اكتشاف المخالفة وسحب المدعي من الإشراف على العملية وإعادة صب الخرسانة طبقاً للمواصفات المتعاقد عليها على ما قرره كل من المهندس..... والملاحظ..... على ما سلف بيانه، ولا ينال من قيام هذه المخالفة كذلك ما ذكره السيد المهندس في تقريره المؤرخ في 20 من ديسمبر سنة 1966 من أنه وجد سمك الخرسانة 17 سم ثم تحديده هذا السمك بواقع 12 سم في تقريره المؤرخ في 14 من أكتوبر سنة 1967، وذلك لأن كلاً من السمكين يقل عن السمك المتفق عليه وهو 20 سم وهو ما أكده الملاحظ...... فيما قاله من أن سمك طبقة الخرسانة كان 15 سم فقط في وسط الشوارع ونهاياتها وليس في أطراف أربطة الشوارع كما زعم المدعي وتفاوت سمك طبقة الرصف على النحو السالف البيان إن دل على شيء فإنما يدل على اختلاف سمك هذا الرصف في كل من المناطق التي قيس منها سمك الرصف بما يقطع بأن الرصف فضلاً عن أنه كان أدنى من السمك المقرر فإنه لم يكن مستوياً كذلك. هذا ولم يكن ثمة وجه لإعادة معاينة الرصف على ما أشار إليه المدعي بعد أن تم إصلاحه. وبالبناء على ذلك تكون هذه المخالفة ثابتة في حق المدعي بما لا محل معه للنعي عليها.
ومن حيث إنه عن المخالفة الثانية المنسوبة للمدعي والخاصة بعدم وجوده بالعمل أيام الجمعة والسبت والأحد من كل أسبوع في الفترة من 15 من إبريل سنة 1967 حتى 3 من أغسطس سنة 1967، فقد ثبت من التحقيق المرفق ومن كتاب فرع الإسكندرية رقم 9602 المؤرخ في 10 من فبراير سنة 1968 أن المدعي لم يحضر بالإسكندرية معظم أيام المأمورية إذ كان يسافر للقاهرة يوم الخميس من كل أسبوع ويعود يوم الاثنين. كما قرر السيد/ ... وكيل فرع التموين المساعد بالإسكندرية أن المدعي لم يوقع على دفتر الزيارات بشونة روفيه إلا مرة واحدة في يوم 15 من إبريل سنة 1967 وأنه في بعض الأسابيع كان يحضر بالشونة المذكور لمدة يوم واحد وفي البعض الآخر كان يحضر بعد تغيبه يومين متتاليين بمعنى سفره إلى القاهرة يوم الخميس وحضوره يوم الاثنين التالي ثم يحضر بصفة مستمرة حتى يوم الخميس، كما ذكر السيد...... رئيس مكتب الأسمدة بالإسكندرية أنه لم يشاهد المدعي إلا مرة واحدة عند التوقيع على المحضر النهائي للعملية وعلى ذلك تكون المخالفة المنسوبة إلى المدعي ثابتة في حقه. ولا غناء في كتاب فرع الإسكندرية رقم 7712 المؤرخ في 16 من ديسمبر سنة 1967 الذي يستدل به المدعي على أنه كان يوجد بمقر العملية المذكورة طوال مدة إشرافه عليها لا غناء في هذا الكتاب لأنه كان بمثابة الاستفسار عن وجود المدعي بالعملية في الفترة ما بين 3 من أغسطس سنة 1967، 29 من أغسطس سنة 1967 وهي خلاف الفترة التي صدر قرار الجزاء الثاني مثار طلب التعويض بشأنها والتي تبدأ من 15 من إبريل سنة 1967 وتنتهي في 3 من أغسطس سنة 1967، ولما كان الأمر كذلك فإن القرار مثار الطعن الصادر بمجازاة المدعي بخصم يوم من مرتبه يكون قد بني على أساس سليم.
ومن حيث إنه وقد ثبت مما تقدم أن القرارين المطلوب التعويض عنهما الصادرين بمجازاة المدعي والمشار إليهما آنفاً قد صدرا سليمين متفقين وأحكام القانون، فمن ثم ينتفي ركن الخطأ في جانب الإدارة وتنتفي تبعاً لذلك مسئوليتها عن التعويض المطالب به عنهما وتكون دعوى المدعي والأمر كذلك غير قائمة على أساس سليم متعينة الرفض.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدعوى يكون قد صادف وجه الحق ومن ثم يتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.