مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والعشرون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1980 إلى آخر فبراير سنة 1981) - صـ 58

(8)
جلسة 18 من نوفمبر سنة 1980

برئاسة السيد الأستاذ المستشار سعد زغلول محمد أبو عوف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الرؤوف محمد محيي الدين وعلي السيد علي السيد والدكتور وليم سليمان قلاده ومحمد أحمد البدري المستشارين.

الطعن رقم 760 لسنة 24 القضائية

دعوى - إجراءات الدعوى - حكم.
الإجراءات المتبعة أمام القضاء الإداري - الإجراءات الإدارية إجراءات إيجابية يوجهها القاضي وتختلف عن الإجراءات المدنية والتجارية التي يهيمن عليها الخصوم - النظام القضائي بمجلس الدولة يأبى النظام الإجرائي الذي تجرى عليه المحاكم المدنية في حالة تخلف الخصوم عن حضور الجلسات - الأثر المترتب على ذلك: لا يجوز إعمال الأثر الذي رتبه الشارع على عدم حضور الخصوم أمام المحاكم المدنية في مجال الدعوى الإدارية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 19/ 8/ 1978 أودع الأستاذ حسين علام المحامي صحيفة هذا الطعن سكرتارية المحكمة بصفته وكيلاً عن الطاعن وذلك في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 845 لسنة 29 قضائية بجلسة 21/ 5/ 1978 فيما قضى به من قبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرارين الصادر أولهما من لجنة فض المنازعات الزراعية بتاريخ 4/ 9/ 1974 - والثاني من اللجنة الاستئنافية للفصل في المنازعات الزراعية بتاريخ 21/ 1/ 1975 واستمرار العلاقة الإيجارية بين المدعي والمدعى عليه مع إلزام الأخير بالمصروفات. وقد انتهى الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم مجدداً بتأييد قرار اللجنة الاستئنافية للفصل في المنازعات الزراعية بمركز نجع حمادي رقم 26 لسنة 1974 الصادر في 21/ 1/ 1975 والمؤيد للقرار رقم 4 لسنة 1974 الصادر من لجنة الفصل في المنازعات الزراعية بناحية (هو) مركز نجع حمادي بجلسة 4/ 8/ 1974 مع إلزام المطعون ضده الأول المصروفات القضائية ومقابل أتعاب المحاماة بحكم مشمول بالنفاذ المعجل وبلا كفالة. وقد أعلن الطعن إلى المطعون ضده الأول في 31/ 8/ 1978 وإلى المطعون ضده الثاني في 24/ 8/ 1978.
وقد تم تحضير الطعن أمام هيئة مفوضي الدولة وأعدت تقريراً بالرأي القانوني رأت فيه الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد وفي الموضوع برفضه وإلزام الطاعن بالمصروفات والأتعاب.
وبعد اتخاذ الإجراءات القانونية تم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 4/ 6/ 1980 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 7/ 10/ 1980، وفيها وفي الجلسات التالية استمعت المحكمة إلى أقوال الطرفين وملاحظاتهما وقررت النطق بالحكم بجلسة 11/ 11/ 1980 ثم تقرر مد أجل الحكم لجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم التالي وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطاعن يطلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وتأييد قرار اللجنة الاستئنافية للفصل في المنازعات الزراعية بمركز نجع حمادي رقم 26 لسنة 1974 الصادر في 21/ 1/ 1975 المؤيد للقرار رقم (4) لسنة 1974 الصادر من لجنة الفصل في المنازعات الزراعية بناحية (هو) مركز نجع حمادي بجلسة 4/ 9/ 1974 بفسخ عقدي الإيجار المؤرخين 15/ 5/ 1967، 2/ 2/ 1968 مع إلزام المطعون ضده الأول بالمصروفات والأتعاب. ويركن في ذلك إلى أن المطعون ضده الأول تخلف عن الوفاء بالإيجار المستحق عن سنة 73/ 74 الزراعية على قطعتي الأرض المؤجرتين إليه بموجب عقدي الإيجار سالفي الذكر، ومساحتهما 6 ط/ 1 ف، 20 س/ 15 ط/ 1 ف كائنتين بناحية (هو) مركز نجع حمادي محافظة قنا، مما يخوله فسخ عقدي الإيجار المشار إليهما وفقاً لما انتهى إليه قرار لجنة فض المنازعات الزراعية المؤيد من اللجنة الاستئنافية، وخلافاً لما انتهى إليه الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن المطعون ضده الأول يطلب الحكم أصلياً بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد بمقولة إن الحكم المطعون فيه صدر بجلسة 21/ 5/ 1978 في حين أن الطاعن أودع صحيفة الطعن بتاريخ 19/ 8/ 1978 بعد انقضاء ميعاد الستين يوماً المقررة كموعد لرفع الطعن كما طلب احتياطياً الحكم برفض الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه وإلزام الطاعن المصروفات والأتعاب استناداً إلى أن الأجرة المدعى بها تم سدادها فعلاً للطاعن بموجب المستندات التي قدمت أمام محكمة القضاء الإداري وصدر على أساسها الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد، فقد أبدى الطاعن في عريضة طعنه وبمذكراته وبمحاضر الجلسات أن الحكم المطعون فيه بني على إجراء باطل من إجراءات التقاضي بعدم إعلانه بجلسة المرافعة أمام محكمة القضاء الإداري مما ترتب عليه عدم حضوره أمام هذه المحكمة أو إبداء أي دفاع أثناء نظر الدعوى مما يجعل ميعاد الطعن مفتوحاً فلا يبدأ إلا من تاريخ إعلانه بالحكم المطعون فيه عملاً بنص المادة 213 من قانون المرافعات التي تنص على أنه "يبدأ ميعاد الطعن في الحكم من تاريخ صدوره ما لم ينص القانون على غير ذلك. ويبدأ هذا الميعاد من تاريخ إعلان الحكم إلى المحكوم عليه في الأحوال التي يكون فيها قد تخلف عن الحضور في جميع الجلسات المحددة لنظر الدعوى ولم يقدم مذكرة بدفاعه...". وذكر الطاعن بياناً لذلك أنه طبقاً لنصوص قانون مجلس الدولة تقوم هيئة مفوضي الدولة خلال ثلاثة أيام من تاريخ إيداع التقرير برأيها القانوني في الدعوى بعرض ملف الأوراق على رئيس المحكمة لتعيين تاريخ الجلسة التي تنظر فيها الدعوى على أن يبلغ قلم كتاب المحكمة تاريخ الجلسة إلى ذوي الشأن وأردف الطاعن أنه لم يعلن بالجلسة المحددة لنظر الطعن ولم يخطر بأي إعلان يدعوه للحضور لجلسة المرافعة أمام محكمة القضاء الإداري، وبهذا يكون الحكم قد بني على إجراء باطل، وقد ترتب على عدم إعلانه بالحضور أمام تلك المحكمة عدم حضوره أي من جلسات المرافعة أمامها أو تقديم مذكرة بدفاعه، ولم يعلن كذلك بالحكم المطعون فيه، ومن ثم يكون ميعاد الطعن مفتوحاً ويكون الدفع بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد غير قائم على أساس صحيح حرى بالرفض.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة الأوراق أن الدعوى رقم 845 لسنة 29 قضاء إداري التي صدر فيها الحكم المطعون فيه نظرت أمام المحكمة بجلسة 4/ 5/ 1975 وحضر فيها وكيل المدعى عليه - وهو الطاعن في الطعن الماثل - وأودع حافظة بمستنداته. وقرر أن الأرض موضوع النزاع تسلمها المالك ونفذ حكم الطرد بالفعل، وفي هذه الجلسة قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير فيها بشقيها العاجل والموضوعي، وتداولت الدعوى أمام هيئة مفوضي الدولة لعدة جلسات حضرها وكيل المدعى عليه وأبدى ما لديه من دفاع في هذه الجلسات وفي مذكرته المقدمة لجلسة 3/ 1/ 1977 ثم حجزت الدعوى بجلسة 10/ 3/ 1977 لإعداد تقرير بالرأي القانوني فيها وصرحت الهيئة للطرفين بتقديم مستندات ومذكرات خلال أسبوعين، وعقب إعداد التقرير بالرأي القانوني تحدد لنظر الدعوى أمام المحكمة بجلسة 29/ 1/ 1978، وأخطر كل من المدعي والمدعى عليه لتكليفهما بالحضور لهذه الجلسة بموجب الكتابين رقمي 328، 329 المؤرخين 11/ 1/ 1978، ويتضح من الاطلاع على دفتر أرشيف الإخطارات المرسلة من محكمة القضاء الإداري إلى الخصوم، وعلى كشف الإرساليات المسجلة والتي طالب الطاعن بضمها، أن الإخطارين المشار إليهما قيدا بدفتر أرشيف الصادر الخاص بالمدة من 1/ 1/ 1978 إلى 1/ 2/ 1978 تحت رقم 328، 329 مسلسل بتاريخ 11/ 1/ 1978، ثم قيدا بكشف الإرساليات المسجلة المسلمة إلى هيئة البريد برقم 328، 329 مسلسل بتاريخ 12/ 1/ 1978 وسجلا بهذا الدفتر تحت رقم 153، 154 في نفس التاريخ وإذ تقضي المادتان 29، 30 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة بأن تقوم هيئة مفوضي الدولة خلال ثلاثة أيام من تاريخ إيداع التقرير برأيها القانوني في الدعوى بعرض ملف الأوراق على رئيس المحكمة ليعين تاريخ الجلسة التي تنظر فيها الدعوى، ويبلغ قلم كتاب المحكمة تاريخ الجلسة إلى ذوي الشأن، والثابت مما سلف تقدميه أنه قد اتبع في شأن إخطار الطاعن بميعاد الجلسة المحددة لنظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري كافة الإجراءات المرسومة في القانون لذلك، وبهذه المثابة فلا وجه للنعي على هذه الإجراءات بالبطلان. ولا وجه لاستناد الطاعن إلى نص المادة 213 من قانون المرافعات التي تجعل الطعن في الحكم من تاريخ إعلانه إلى المحكوم عليه في حالة تخلفه عن الحضور في جميع الجلسات المحددة لنظر الدعوى ولم يقدم مذكرة بدفاعه، فمن المسلم طبقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة أن الإجراءات المتبعة أمام القضاء الإداري بصفة عامة تتميز بخصائص ذاتية تغاير تلك المأخوذ بها أمام القضاء العادي أهمها أن الإجراءات الإدارية إجراءات إيجابية يوجهها القاضي، وهي بهذه السمة تفترق عن الإجراءات المدنية والتجارية التي يهيمن الخصوم على تسيير الجانب الأكبر منها، ولهذا فإن النظام القضائي لمجلس الدولة يأبى فيما يتعلق بحضور ذوي الشأن بالجلسات الأخذ بالنظام الإجرائي الذي تجرى عليه المحاكم المدنية في حالة غياب الخصوم عن حضور الجلسات المحددة لنظر دعاواهم ومن ثم لا يجوز إعمال الأثر الذي رتبه الشارع على عدم حضور الخصوم أمام المحاكم المدنية في مجال الدعوى الإدارية، لأن النظام القضائي الإداري يعتد في المقام الأول بتحضير الدعوى وتهيئتها للفصل فيها وفقاً لإجراءات ألزم القانون هيئة مفوضي الدولة القيام بها قبل طرح المنازعة على القضاء، إذ يقوم هذا النظام أساساً على مبدأ المرافعات التحريرية في مواعيد محددة منضبطة يستطيع ذوو الشأن فيها أن يقدموا مذكراتهم مع مستنداتهم، كما يقوم على تحضير الدعوى من هيئة مفوضي الدولة وليس من حق ذوي الشأن أن يصروا أمام المحكمة على طلب المرافعة الشفوية وإنما لرئيس المحكمة أن يطلب إليهم أو إلى مفوض الدولة ما يراه من إيضاحات. وترتيباً على ما تقدم، ولما كانت المادة 44 من القانون رقم 47 لسنة 1972 سالف الذكر تنص على أن ميعاد رفع الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا ستون يوماً من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه، وكان الثابت من الأوراق أن هذا الحكم صدر بتاريخ 21/ 5/ 1978 في حين لم يرفع الطعن إلا بتاريخ 19/ 8/ 1978 بعد انقضاء ما يجاوز ستين يوماً على صدور الحكم فإن الطعن والحالة هذه يكون مقدماً بعد الميعاد وغير مقبول شكلاً وهو ما يتعين الحكم به.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بنص المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد وألزمت الطاعن المصروفات.