أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 42 - صـ 771

جلسة 9 من مايو سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن عميرة ومحمد زايد نائبي رئيس المحكمة وأحمد عبد الرحمن. ومحمد طلعت الرفاعي.

(111)
الطعن رقم 465 لسنة 60 القضائية

(1) مواد مخدرة. مسئولية جنائية. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مناط المسئولية في جريمة إحراز وحيازة جواهر مخدرة. ثبوت. اتصال الجاني بالمخدر بالذات أو بالواسطة بأية صورة عن علم وإرادة.
القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة الجوهر المخدر. قوامه العلم بكنه المادة المخدرة. تحدث الحكم عنه استقلالاً غير لازم متى كان ما أورده كافياً في الدلالة عليه.
(2) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إحالة الحكم في إيراد أقوال شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
حق محكمة الموضوع في الإعراض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق في أقوالهم - عدم التزامها بالإشارة إلى هذه الأقوال طالما لم تستند إليها.
(4) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره" محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
(5) تفتيش "إذن التفتيش إصداره. بياناته. تنفيذه". مأمور الضبط القضائي. قبض. مواد مخدرة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا يعيب إذن التفتيش عدم تعيينه مكاناً يجرى التفتيش في نطاقه.
صدور أمر من النيابة العامة بتفتيش شخص. لمأمور الضبط القضائي المندوب لإجرائه تنفيذه عليه أينما وجده. شرط ذلك؟
(6) تفتيش "إذن التفتيش". دفوع "الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط. دفاع موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناءً على الإذن رداً عليه.
(7) مواد مخدرة. إجراءات "إجراءات التحقيق". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "خبرة".
تشكيك الطاعن بأن المخدر المضبوط غير ما تم تحليله. جدل في حق محكمة الموضوع في تقدير الدليل. غير جائز.
(8) إجراءات "إجراءات التحقيق". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة.
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح سبباً للنعي على الحكم.
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها. غير مقبول
(9) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بعدم صحة الواقعة وتلفيق التهمة. موضوعي. لا يستأهل رداً خاصاً.
(10) حكم "بياناته" "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة.
إشارة الحكم إلى أن القانون الذي دان الطاعن بمقتضاه قد عُدَّل دون ذكر رقم القانون الأخير. لا يعيبه. أساس ذلك؟
مثال.
(11) مواد مخدرة. مصادرة. نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون". "أسباب الطعن. ما يقبل منها". نظر الطعن والحكم فيه".
نص المادة 42 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل. وجوب تفسيره على هدى القاعدة المنصوص عليها في المادة 30 عقوبات.
إغفال القضاء بمصادرة السيارة المضبوطة رغم ثبوت استخدام المطعون ضده لها في ارتكاب جريمة حيازة المخدر المضبوط. خطأ في القانون. يوجب النقض والتصحيح.
1 - إن مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر المخدرة هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدرات اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأي صورة عن علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة الجوهر المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحوزه أو يحرزه في المواد المخدرة وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أورده في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحوزه أو يحرزه من المواد المخدرة.
2 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحول في بيان أقوال الشاهد إلى ما أورده عن أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
3 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به، وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها.
4 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
5 - لا يعيب إذن التفتيش أنه لم يعين مكاناً يجرى التفتيش في نطاقه لما هو مقرر من أنه متى صدر أمر من النيابة العامة بتفتيش شخص كان لمأمور الضبط القضائي المندوب لإجرائه أن ينفذه عليه أينما وجده ما دام المكان الذي جرى فيه التفتيش واقعاً في دائرة اختصاص من أصدر الأمر بمن نفذه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ويضحى منعى الطاعن في هذا الصدد لا محل له.
6 - من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناءً على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها وكان ما رد به الحكم على الدفع سالف الذكر سائغاً في إطراحه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله.
7 - لما كان مما أثاره الطاعن من دفاع استناداً إلى الفرق في وزن المخدر إنما قصد به تشكيك المحكمة في أن ما تم ضبطه غير ما تم تحليله. وكانت المحكمة بما أوردته رداً على هذا الدفاع قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أن ما تم ضبطه هو ما جرى تحليله ومن ثم فإن ما يثير الطاعن في هذا الخصوص إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا تجوز مجادلتها أو مصادرتها في عقيدتها في هذا الشأن.
8 - لما كان تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم كما أنه لا يحق للطاعن أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلبه منها وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن وأن عاب على التحقيقات قصورها إلا أنه لم يطلب من المحكمة استكمالها ومن ثم فلا يقبل منه إثارة شيء من ذلك أمام محكمة النقض.
9 - إن الدفع بعدم صحة الواقعة وتلفيق التهمة من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها، بما يفيد إطراحها فإن ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم في هذا الصدد - يكون غير مقبول.
10 - لما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى إدانة الطاعن طبقاً للمواد 1، 2، 37، 38، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 وتعديلاته في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها والبند رقم 103 من الجدول رقم 1 الملحق به وعنى بالإشارة إلى أنه قد عدل ومن ثم فليس بلازم أن يشير إلى القانون رقم 45 لسنة 1984 الذي أجرى هذا التعديل لأن ما استحدثه من أحكام قد اندمج في القانون الأساسي وأصبح من أحكامه منذ بدء سريانه وبالتالي يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
11 - إن المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قد نصت على أنه "يحكم في جميع الأحوال بمصادرة الجواهر المخدرة أو النباتات المضبوطة الوارد ذكرها في الجدول رقم 5 وكذلك الأدوات ووسائل النقل المضبوطة التي تكون قد استخدمت في ارتكاب الجريمة" وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أنه يجب تفسير هذا النص على هدي القاعدة المنصوص عليها في المادة 30 من قانون العقوبات التي تحمي حقوق الغير حسن النية. لما كان ذلك وكانت مدونات الحكم المطعون فيه قد أثبتت استخدام المطعون ضده للسيارة المضبوطة في ارتكاب جريمة حيازة المخدر المضبوط ولم ينازع الطاعن فيما أورده الحكم من أنه مالك للسيارة المضبوطة - ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بمصادرتها على خلاف ما توجبه المادة 42 سالفة البيان يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بالقضاء بمصادرة السيارة المضبوطة بالإضافة إلى العقوبات المقضى بها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة...... بأنه حاز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "هيروين" وذلك في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 27، 38، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 وتعديلاته والبند رقم 103 من الجدول رقم (1) الملحق بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس عشرة سنة وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن الحيازة كانت بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي.
فطعن كل من المحكوم عليه والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

أولاً: - عن الطعن المقدم من المحكوم عليه:
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذا دانه بجريمة حيازة جوهر مخدر وبغير قصد الاتجار، أو التعاطي، أو الاستعمال الشخصي، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والبطلان، ذلك أنه لم يبين واقعة الدعوى بياناً كافياً واستدل على توافر ركنيها المادي والمعنوي بما لا ينتجها ولم يورد مؤدى أقوال الرائد...... واكتفى في بيانها بالإحالة إلى أقوال العقيد......، ولم يعرض لأقوال شهود النفي سواء من سمع منهم بجلسة المحاكمة أو من سئل بالتحقيقات رغم وضوح دلالتها في نفي التهمة عنه، وأطرح ما دفع به من بطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات وعدم تحديده مكاناً لإجرائه وبطلان التفتيش لعدم جدية التحريات وعدم تحديده مكاناً لإجرائه وبطلان التفتيش ذاته لأنه تم قبل صدور الإذن به بما لا يصلح رداً، كما أطرح ما قام عليه دفاعه من وجود فرق ملحوظ بين وزن المخدر بمحضر الضبط ووزنه بتقرير المعمل الكيماوي وافترض أن الضابط قد وزن المخدر ملفوفاً على خلاف ما يستفاد من محضر الضبط من أن الضابط قد وزن المخدر صافياً ولم يعرض لدلالة الفرق بين وزن المخدر ملفوفاً في الحالتين، والتفت عما أثاره من قصور في التحقيقات وأغفل الرد ما دفع به من عدم صحة الواقعة وتلفيق التهمة وأخيراً فإن الحكم لم يشر إلى أن القانون رقم 182 لسنة 1960 الذي دان الطاعن به قد عدل بالقانون رقم 45 لسنة 1984 مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله أنها "تتحصل في أن التحريات السرية التي قام العقيد...... مفتش النشاط الخارجي بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات قد دلته على أن...... من أهالي ناحية....... محافظة أسيوط - يحرز ويحوز المواد المخدرة بمدينة القاهرة مستخدماً في ذلك سيارته رقم..... وقد أذنت له النيابة العامة لمخدرات القاهرة في...... الساعة الواحدة ظهراً بسراي النيابة له أو من ينتدبه أو من يعاونه من مأموري الضبط القضائي المختصين بضبط وتفتيش...... وسيارته الملاكي المار ذكرها لضبط ما يحوزه أو يحرزه من مواد مخدرة في غير الأحوال المصرح بها قانوناً لمرة واحدة خلال ثلاثة أيام من ساعة وتاريخ إصدار الإذن - وأنه قام بتنفيذ الإذن فأعد عدة أكمنة متصلة لاسلكياً برجاله وبالسيارات بأحد الشوارع المجاورة بشارع...... وأثناء سيره مع الرائد...... المفتش بالإدارة بإحدى سيارات الإدارة بشارع العزيز المصري بالقرب من مستشفى منشية البكري شاهد المأذون بتفتيشه....... قادماً وهو يقود سيارته المأذون بتفتيشها من ناحية شارع جسر السويس فتتبعه وتوقفت السيارة على أحد جانبي الشارع وإذ هم بالنزول منها أسرع إليه ومعه الرائد....... وقام بالقبض عليه وهو يقف بجوار باب سيارته الأيسر الأمامي وفتشه فعثر معه على مبلغ 600 جنيه بجيب جلبابه الأيمن ثم فتش السيارة فعثر أسفل الكرسي الأمامي الأيسر وهو مقعد القيادة على لفافة من ورق الجرائد وعثر بداخلها على كيس من النايلون الشفاف بداخله كيسين من النايلون الشفاف كل كيس يحتوي على كمية من مسحوق مخدر الهيروين وقد اعترف الجاني بملكيته للنقود المضبوطة معه وأنكر صلته بالمخدر وقام بضبط الواقعة وكانت ساعة الضبط والتفتيش الساعة 2.45 مساء يوم 30/ 9/ 1987 وقد تبين من تقرير معامل الطب الشرعي أن المخدر المضبوط لجوهر الهيروين وأن زنته بدون لفافة الجرائد 422.30 جم "أربعمائة واثنين وعشرين جراماً وثلاثون سنتجرام". وقد أورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال ضابطي إدارة مكافحة المخدرات ومن تقرير معامل الطب الشرعي وهي أدلة سائغة تتوافر بها كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وتؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولم ينازع الطاعن في أن لها معينها الصحيح من الأوراق. لما كان ذلك. وكان مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر المخدرة هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأي صورة عن علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة الجوهر المخدرة يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلا عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحوزه أو يحرزه من المواد المخدرة. وإذ كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بانتفاء هذا العلم وكان ما أورده الحكم بياناً لواقعة الدعوى على السياق المتقدم كافياً في الدلالة على حيازة الطاعن للمخدر المضبوط وعلى علمه بكنهه، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قصور في التسبيب أو فساد في الاستدلال يكون غير سديد. لما كان ذلك. وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالها متفقة مع ما استند إليه الحكم منها وكان الطاعن لا يجادل في أن أقوال الرائد..... متفقة مع أقوال العقيد...... التي أحال عليها الحكم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك. وكان لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به، وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات وأطرحه بقوله "أما ما دفع به محامي المتهم من بطلان إذن النيابة بمقولة عدم جدية التحريات فمردود بأن التحريات التي قام بها العقيد...... والتي أثبتها في محضره المؤرخ 30/ 9/ 1987 الساعة 11 صباحاً قد تناولت اسم المتهم....... وبلدته ورقم سيارته...... وماركة بيچو وقد اطمأنت إليها النيابة العامة وأن هذه التحريات تطمئن إليها المحكمة وتسوغ للنيابة العامة إصدار الإذن بالضبط والتفتيش ولا ينال من هذه التحريات أنها لم تذكر سكن المأذون له لأنها لم تتضمن أن المأذون له يخفي المخدرات في مسكنه وإنما ركزت هذه التحريات على شخص المأذون له وسيارته وقد تضمنتها التحريات بكل دقه إذ ذكرت رقم السيارة ذكراً نافياً للجهالة وذكرت ماركة السيارة بأنها بيچو ومن ثم فإن هذه التحريات لا ينالها أي عوار ومن أجل ذلك يكون الدفع غير سديد. وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. ولا يعيب إذن التفتيش أنه لم يعين مكاناً يجرى التفتيش في نطاقه لما هو مقرر من أنه متى صدر أمر من النيابة العامة بتفتيش شخص كان لمأمور الضبط القضائي المندوب لإجرائه أن ينفذه عليه أينما وجده ما دام المكان الذي جرى فيه التفتيش واقعاً في دائرة اختصاص من أصدر الأمر ومن نفذه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ويضحى منعى الطاعن في هذا الصدد لا محل له. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع الخاص بصدور إذن النيابة العامة بعد الضبط والتفتيش في قوله "أما ما دفع به محامي المتهم من التشكيك في أن الضبط والتفتيش قد تما قبل صدور الإذن فمردود أيضاً بأن الأوراق والتحقيقات قد خلت مما يؤكد هذا القول بل أن التحقيقات تدحض هذا الوجه من أوجه الدفاع فلا يوجد تلاحق زمني شديد بين ساعة وتاريخ محضر التحريات وبين ساعة وتاريخ إذن النيابة وبين ساعة وتاريخ الضبط والتفتيش الذي تم ومن ثم يكون هذا الوجه من أوجه الدفاع غير سديد" لما كان ذلك. وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناءً على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها وكان ما رد به الحكم على الدفع سالف الذكر سائغاً في إطراحه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح ما قام عليه دفاع الطاعن من اختلاف وزن المخدر المضبوط بقوله "أمام ما نادى به محامي المتهم بشأن وزن المخدر المضبوط والفرق بين وزن الضابط ووزن معامل الطب الشرعي فإن الثابت من محضر ضبط الواقعة أنه قد وزن المخدر المضبوط على ميزان غير حساس فجاء وزنها خمسمائة جرام ومفاد محضره أنه قد تم الوزن بورق الجرائد والأكياس إذ لم يذكر الضابط أنه قد وزن المادة صافية بينما جاء بنتيجة معامل الطب الشرعي أن وزن المادة بالأكياس ولفافة الجرائد 445 جرام ووزنها بالأكياس وبدون لفافة الجرائد 422.30 جم أربعمائة اثنين وعشرين جراماً وثلاثون سنتجرام وهذا الفرق الذي ينادي به محامي المتهم لا يشكك في الواقعة وصحتها وثبوتها في حق المتهم" لما كان ذلك. وكان ما أثاره الطاعن من دفاع استناداً إلى الفرق في وزن المخدر إنما قصد به تشكيك المحكمة في أن ما تم ضبطه غير ما تم تحليله. وكانت المحكمة بما أوردته رداً على هذا الدفاع قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أن ما تم ضبطه هو ما جرى تحليله ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا تجوز مجادلتها أو مصادرتها في عقيدتها في هذا الشأن. لما كان ذلك. وكان تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم كما أنه لا يحق للطاعن أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلبه منها وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن وإن عاب على التحقيقات قصورها إلا أنه لم يطلب من المحكمة استكمالها ومن ثم فلا يقبل منه إثارة شيء من ذلك أمام محكمة النقض لما كان ذلك وكان الدفع بعدم صحة الواقعة وتلفيق التهمة من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها، بما يفيد إطراحها فإن ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم في هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى إدانة الطاعن طبقاً للمواد 1، 2، 37، 38، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 وتعديلاته في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها والبند رقم 103 من الجدول رقم 1 الملحق به وعنى بالإشارة إلى أنه قد عدل ومن ثم فليس بلازم أن يشير إلى القانون رقم 45 لسنة 1984 الذي أجرى هذا التعديل لأن ما استحدثه من أحكام قد اندمج في القانون الأصلي وأصبح من أحكامه منذ بدء سريانه وبالتالي يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ثانياً: عن الطعن المقدم من النيابة العامة:
حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذا دان المطعون ضده بجريمة إحراز مخدر، قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه أغفل القضاء بمصادرة السيارة المضبوطة والتي استخدمت في ارتكاب الجريمة في حين أن المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها توجب القضاء بمصادرتها مما يعيبه ويستوجب نقضه وتصحيحه.
وحيث إن المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قد نصت على أنه "يحكم في جميع الأحوال بمصادرة الجواهر المخدرة أو النباتات المضبوطة الوارد ذكرها في الجدول رقم 5 وكذلك الأدوات ووسائل النقل المضبوطة التي تكون قد استخدمت في ارتكاب الجريمة" وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أنه يجب تفسير هذا النص على هدي القاعدة المنصوص عليها في المادة 30 من قانون العقوبات التي تحمي حقوق الغير حسن النية. لما كان ذلك وكانت مدونات الحكم المطعون فيه قد أثبتت استخدام المطعون ضده للسيارة المضبوطة في ارتكاب جريمة حيازة المخدر المضبوط ولم ينازع الطاعن فيما أورده الحكم من أنه مالك للسيارة المضبوطة - ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بمصادرتها على خلاف ما توجبه المادة 42 سالفة البيان يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بالقضاء بمصادرة السيارة المضبوطة بالإضافة إلى العقوبات المقضى بها.