مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والعشرون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1980 إلى آخر فبراير سنة 1981) - صـ 115

(17)
جلسة 17 من ديسمبر سنة 1980

برئاسة السيد الأستاذ المستشار سعد زغلول محمد أبو عوف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الفتاح صالح الدهري وعلي السيد علي السيد والدكتور وليم سليمان قلاده ومحمد أحمد البدري - المستشارين.

الطعن رقم 49 لسنة 25 القضائية

دعوى - عواض سير الدعوى - انقطاع سير الخصومة.
حضور الولي الشرعي سير الدعوى وتمثيل ابنته القاصر - بلوغ القاصر سن الرشد أثناء سير الدعوى - مفاد المادة 130 مرافعات أن مجرد وفاة الخصم أو فقده أهلية الخصومة يترتب عليه لذاته انقطاع سير الخصومة - بلوغ سن الرشد لا يؤدي بذاته إلى انقطاع سير الخصومة وإنما يحصل هذا الانقطاع بسبب ما يترتب على البلوغ من زوال صفة من كان يباشر الخصومة عن القاصر - بلوغ القاصرة سن الرشد أثناء سير الدعوى دون أن تنبه هي أو والدها المحكمة إلى التغيير الذي طرأ على حالتها وحضور والدها نيابة عنها - حضور الوالد يكون في هذه الحالة بقبول ورضاء الطاعنة منتجاً لآثاره القانونية - أساس ذلك: تعتبر صفة الوالد ما زالت قائمة على أساس النيابة الاتفاقية بعد أن كانت نيابة قانونية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 7 ديسمبر سنة 1978 أودع الأستاذ جمال الحريري المحامي بصفته وكيلاً عن الدكتور توحيده يس محمود عبد الغفار قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 49 لسنة 25 في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) بجلسة 30 مايو سنة 1978 في الطعن رقم 562 لسنة 19 ق المقدم من الدكتور/ يس محمود عبد الغفار بصفته ولياً طبيعياً على أولاده القصر أحمد وتوحيده وعائشة ضد وزير استصلاح الأراضي بصفته الرئيس الأعلى لإدارة الاستيلاء والهيئة العامة للإصلاح الزراعي ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بصفته ومحمد السيد الزغل بصفته ولياً طبيعياً على ابنه القاصر والذي قضى بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.
وطلب الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم الصادر بجلسة 30/ 5/ 1978 بكافة أجزائه ومشتملاته وإعادة نظر الطعن برمته مرة أخرى استئنافاً لسير الدعوى بعد ما اعتراها من أسباب الانقطاع مع إلزام إدارة الاستيلاء المصروفات. وقدم مفوض الدولة تقريراً ارتأى فيه أن تحكم المحكمة بعدم جواز الطعن وإلزام الطاعن المصروفات.
وبعد اتخاذ الإجراءات القانونية نظر الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) بجلسة 25 مارس سنة 1980 وفيها وفيما تلاها من جلسات سمعت المحكمة إيضاحات الخصوم على النحو الموضح بمحاضر الجلسات ثم قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن وقائع الموضوع تتحصل في أن الدكتور يس محمود عبد الغفار أودع بصفته الولي الطبيعي على أولاده القصر أحمد وتوحيده وعائشة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا في يوم 5 مايو سنة 1973 تقرير طعن قيد بقلم كتاب هذه المحكمة برقم 562 لسنة 19 ق في القرار الصادر في 7 مارس 1973 من اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي برفض الاعتراض رقم 295 لسنة 1971 المقام من الطاعن عن نفسه وبصفته ولياً طبيعياً على أولاده القصر أحمد وتوحيدة وعائشة ضد الهيئة العامة للإصلاح الزراعي ومدير إدارة الاستيلاء بها ومحمد السيد الزغل بصفته ولياً طبيعياً على ابنه القاصر محمد وأبو المكارم محمد الزغل ومحمود الزغل ومصطفى محمد الزغل وطلب الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه وبالاعتداد بالتصرف بالبيع الحاصل بتاريخ 9 يونيو سنة 1969 الصادر منه وبصفته إلى محمد السيد الزغل وآخرين عن قطعة الأرض البور البالغ مساحتها 50 فداناً بناحية القطا مركز إمبابه مع إلزام الهيئة المصروفات.
وتداول نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 19 يناير سنة 1977 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 15 فبراير سنة 1977 وتداول نظر الطعن أمام المحكمة. إلى أن أصدرت المحكمة حكمها بجلسة 30 مايو سنة 1978 بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.
ومن حيث إن الطعن الماثل يقوم على أن الطاعنة تقول إنها بلغت سن الرشد في يوم 11 من إبريل سنة 1977. وأنه بالتطبيق للمادة 130 من قانون المرافعات ينقطع سير الخصومة بحكم القانون بزوال صفة من كان يباشر الخصومة. ويترتب على انقطاع الخصومة طبقاً للمادة 132 وقف جميع مواد المرافعات التي كانت سارية في حق الخصوم وبطلان جميع الإجراءات التي تحصل أثناء الانقطاع. ورتبت الطاعنة على ذلك أن الحكم المطعون فيه قد صدر باطلاً إذ أنه في يوم 11/ 4/ 1977 لم يكن الطعن قيد تهيأ للحكم إذ أنه حجز للحكم من جلسة 28/ 3/ 1978 لجلسة 9/ 5/ 1978 وهو إجراء تم بعد أن تحققت أسباب انقطاع سير الخصومة في الطعن ببلوغها سن 21 سنة وقالت الطاعنة أن استمرار الخصومة رغم أسباب الانقطاع الوجوبي قد فوت على الطالبة تقديم ما لديها من مستندات قاطعة في موضوع الطعن لو أنها مكنت من تقديمها لتغير بها وجه الحكم في الطعن. وطلبت الطاعنة قبول هذا الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم الصادر بجلسة 30/ 5/ 1978 بكافة أجزائه ومشتملاته وإعادة نظر الطعن برمته مرة أخرى استئنافاً لسير الدعوى بعد ما اعتراها من أسباب الانقطاع مع إلزام إدارة الاستيلاء المصروفات.
وقدمت الطاعنة مذكرة قالت فيها إن الحكم المطعون فيه هو والعدم سواء ذلك أن الخصومة فيه أصبحت معدومة. وأوردت أسباب الانعدام فذكرت أن الولي الطبيعي لها أقام الطعن رقم 562 لسنة 19 بهذه الصفة.
ولكن الطاعنة بلغت سن الرشد وبذلك زالت النيابة القانونية التي كانت له. وأضافت الطاعنة أنه يتعين عدم الخلط بين الإنابة والوكالة. فهذه الوكالة عقد بينما الإنابة مكنة لا ترتبط بعقد، فالنيابة حلول إرادة النائب محل إرادة الأصيل فالتعبير الذي يصدر من النائب هو تعبير عن إرادته هو وليس عن إرادة الأصيل ومع ذلك فإن التعبير ينصرف إلى الأصيل. فالوكالة لا يتصور قيامها إلا بتلاقي إرادتي الموكل والوكيل فلا يستقيم القول إنها تنشأ دون علم الوكيل. أما الذي يصح أن ينشأ دون حاجة إلى علم الأصيل فهو النيابة. وخلصت الطعنة من ذلك إلى أنها بلغت سن الرشد في 12/ 4/ 1977 فمن ثم تكون الإنابة القانونية قد انقضت وحق لها أن تمثل بنفسها تمثيلاً صحيحاً وحدها وبصفتها الشخصية. وقدمت صورة فوتوغرافية من شهادة ميلادها.
ومن حيث إن المادة 130 من قانون المرافعات تنص على أن "ينقطع سير الخصومة بحكم القانون بوفاة أحد الخصوم أو بفقده أهلية الخصومة أو بزوال صفة من كان يباشر الخصومة عنه من النائبين إلا إذا كانت الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها "ومفاد ذلك أن مجرد وفاة الخصم أو فقده أهلية الخصومة يترتب عليه لذاته انقطاع سير الخصومة أما بلوغ سن الرشد فإنه لا يؤدي بذاته إلى انقطاع سير الخصومة وإنما يحصل هذا الانقطاع بسبب ما يترتب على البلوغ من زوال صفة من كان يباشر الخصومة عن القاصر.
ومن حيث إنه من الثابت أن الطاعنة مثلت في الطعن رقم 562 لسنة 19 ابتداء بواسطة والدها بصفته ولياً شرعياً عليها فإن هذا الطعن يكون قد رفع صحيحاً من الطاعنة ممثلة في والدها. فإذا بلغت سن الرشد أثناء سير الطعن ولم تنبه هي ولا والدها المحكمة إلى التغيير الذي طرأ على حالتها وتركت والدها يحضر عنها بعد البلوغ إلى أن صدر الحكم في الطعن - فإن حضور هذا الوالد يكون في هذه الحالة بقبول الطاعنة ورضائها. ويكون حضور والدها على ما جرى به القضاء والفقه المصريان حضوراً منتجاً لآثاره القانونية ذلك أنها ببلوغها سن الرشد قد علمت بالدعوى ورضيت باعتبار صفة والدها في تمثيلها لا زالت قائمة على أساس من النيابة الاتفاقية بعد أن كانت نيابته عنها نيابة قانونية. ويكون حضور والدها في هذه الحالة برضاها وتظل صفته قائمة في تمثيلها في الخصومة بعد بلوغها سن الرشد وبالتالي ينتج هذا التمثيل كل آثاره القانونية ويكون الحكم الصادر في الطعن كما لو كانت القاصرة قد حضرت بنفسها الخصومة بعد بلوغها. ولا ينقطع سير الخصومة في هذه الحالة لأنه إنما ينقطع بزوال صفة النائب في تمثيل الأصيل وهذه الصفة لم تزل هنا بل تغيرت فقط فبعد أن كانت نيابة والدها عنها قانونية أصبحت اتفاقية. خاصة وأنه إذا استمرت الطاعنة على موقف التجهيل أثناء سير الطعن فإنه ليس لها أن تفيد من خطئها ولا أن تنقض ما تم على يديها، فيكون الحكم قد صدر ضدها في الطعن كما لو كانت قد حضرت بنفسها في الخصومة إلى أن صدر الحكم فيها.
ومن حيث إنه وقد ثبت مما سبق أن الحكم المطعون فيه قد صدر صحيحاً فإن الطعن يكون قد أقيم على غير سند صحيح من القانون متعيناً رفضه وإلزام الطاعنة المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الطعن وألزمت الطاعنة المصروفات.