مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1957 إلى آخر يناير سنة 1958) صـ 70

(9)
جلسة 23 من نوفمبر سنة 1957

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

القضية رقم 654 لسنة 2 القضائية

حكم - تناقض أسبابه مع منطوقه - مخالفته للقانون - إلغاؤه.
متى ثبت أن منطوق الحكم لا يتفق في نتيجته مع الأسباب؛ إذ قضى بتسوية حالة المدعي بالتطبيق للقواعد التي قررها قانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953، مع أنه ذكر في الأسباب أنه لا يفيد من تلك القواعد، فإن أسباب الحكم المذكور تكون قد تناقضت مع منطوقه؛ ومن ثم يكون قد بني على مخالفة القانون، ويتعين القضاء بإلغائه.


إجراءات الطعن

في 5 من مارس سنة 1956 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 5 من يناير سنة 1956 في القضية رقم 2522 لسنة 7 القضائية المرفوعة من وزارة الصحة العمومية ضد علي عباس علي، والقاضي "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه، وتسوية حالة المدعى عليه بالتطبيق لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953، وإلزام الحكومة بالمصروفات". وطلب للأسباب الواردة في عريضة الطعن "الحكم بقبول هذا الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من تسوية حالة المدعي بالتطبيق لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953، ثم القضاء برفض التظلم". وقد أعلن الطعن للحكومة في 24 من مايو سنة 1956 وللمدعي في 31 منه، وعين لنظره جلسة أول يونيه سنة 1957، وفيها سمعت الإيضاحات على الوجه المبين بالمحضر، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 15 منه، ثم قررت فتح باب المرافعة لجلسة 26 من أكتوبر سنة 1957 للسبب المبين بالمحضر، وأرجئ النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة ، حسبما يبين من الأوراق، تتحصل في أن المدعي قدم تظلماً إلى اللجنة القضائية المختصة طالباً تسوية حالته بمنحه الدرجة والمرتب المقررين لمؤهله الدراسي الحاصل عليه، وهو دبلوم المدارس الصناعية في عام 1945 من بدء تعيينه في الحكومة في أول ديسمبر سنة 1946 وذلك بالتطبيق لقواعد الإنصاف، فأجابته اللجنة إلى طلبه بقرارها الصادر في 26 من فبراير سنة 1953، فطعنت الوزارة في هذا القرار طالبة إلغاءه على أساس أن قواعد الإنصاف مقصور أثرها على الموظفين الموجودين في الخدمة والحاصلين على مؤهلاتهم قبل 9 من ديسمبر سنة 1944. وبجلسة 5 من يناير سنة 1956 قضت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه، وتسوية حالة المدعي بالتطبيق لأحكام قانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953، وألزمت الحكومة بالمصروفات - هذا في حين أن المحكمة ذهبت في أسباب حكمها إلى أن المدعي لا يفيد من أحكام القانون رقم 371 لسنة 1953؛ لأنه من المستخدمين الخارجين عن الهيئة، كما أنه لا يفيد من قواعد الإنصاف؛ لأنها تعتبر ملغاة بالقانون رقم 371 لسنة 1953 السالف الذكر والمعدل بالقانون رقم 151 لسنة 1955.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد تناقضت أسبابه مع منطوقه تناقضاً تاماً على وجه أصبحت فيه الأسباب لا تحمل المنطوق، وإذ كان الثابت أن المدعي من المستخدمين الخارجين عن الهيئة فلا يفيد من أحكام قانون المعادلات طبقاً للقانون رقم 151 لسنة 1955، فإن النتيجة التي كان يجب أن تؤدي إليها هذه الأسباب هي إلغاء قرار اللجنة القضائية ورفض التظلم، لا إلغاء قرار اللجنة وتسوية حالة المدعي بالتطبيق لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 المشار إليه، كما قضى منطوق الحكم المطعون فيه؛ ومن ثم فقد وقع بطلان في الحكم المطعون فيه، وتكون قد قامت به الحالة الثانية من أحوال الطعن في الأحكام أمام هذه المحكمة المنصوص عليها في المادة 15 من قانون مجلس الدولة.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أن المحكمة استعرضت حالة المدعي وخلصت إلى أن أحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 هي الواجبة التطبيق دون قواعد الإنصاف التي أصبحت ملغاة بصدور قانون المعادلات الدراسية، ثم صدر القانون رقم 151 لسنة 1955 معدلاً لأحكامه تعديلاً أصبح من موجبه أن المدعي لا يفيد من التقدير الذي قدره القانون لمؤهله؛ لأنه من الموظفين الخارجين عن الهيئة، كما وأنه لا يفيد من قواعد الإنصاف؛ لأنها تعتبر ملغاة كما سلف ذكره، وذكرت في أسباب الحكم أيضاً أنه لذلك يتعين إلغاء قرار اللجنة القضائية، مع إلزام الحكومة بالمصروفات؛ لأن المدعي كان على حق وقت تظلمه بالاستناد إلى قواعد الإنصاف التي حظرت تعيين الموظف في أقل من الدرجة المقررة لمؤهله، ولم يغير من وجهة النظر هذه إلا صدور القانون رقم 371 لسنة 1953 المشار إليه. ولكن بدلاً من أن يتفق منطوق الحكم في نتيجته مع الأسباب فتقضي برفض الدعوى، قضت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار اللجنة القضائية، وبتسوية حالة المدعي بالتطبيق لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 التي ذكرت في أسباب حكمها أنه لا يفيد منها؛ وبهذه المثابة تكون أسباب الحكم قد تناقضت مع منطوقه؛ ومن ثم يكون قد بني على مخالفة القانون، ويتعين القضاء بإلغائه.
ومن حيث إنه فضلاً عن أن الحكم المطعون قد شابه البطلان لتناقض الأسباب مع المنطوق، فإن النتيجة التي انتهى إليها قد خالفت القانون، ذلك أن هذه المحكمة سبق أن قضت بأن قواعد الإنصاف الصادرة في 30 من يناير سنة 1944 والتي امتد أثرها حتى 9 من ديسمبر سنة 1944 مقصورة الأثر على الموظفين الموجودين في خدمة الحكومة والذين حصلوا على مؤهلاتهم حتى هذا التاريخ الأخير، كما قضت بأن الموظفين الذين يفيدون من قانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953 مفسراً بالقانون رقم 78 لسنة 1956 هم الموظفون المعينون على وظائف دائمة داخل الهيئة أو على اعتمادات مقسمة إلى درجات دون الموظفين المعينين على وظائف مؤقتة والمستخدمين الخارجين عن الهيئة أو عمال اليومية.
ومن حيث إن الثابت من ملف خدمة المدعي أنه حصل على دبلوم المدارس الصناعية نظام الخمس سنوات في عام 1945، والتحق بخدمة الوزارة في أول ديسمبر سنة 1946 في وظيفة مساعد معمل في الدرجة الأولى خارج الهيئة؛ ومن ثم فهو لا يفيد من قواعد الإنصاف؛ لأنه عين في خدمة الحكومة بعد 9 من ديسمبر سنة 1944، كما لا يفيد من أحكام قانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953 - مفسراً بالقانون رقم 78 لسنة 1956 - لأنه معين في وظيفة خارج الهيئة، كما تبين من خطاب وزارة الصحة للمحكمة المؤرخ 29 من يونيه سنة 1957 برقم 152 أنه لم تتم في حق المدعي تسوية تلقائية قبل صدور القانون 151 لسنة 1955.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد بني على مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، فيتعين لذلك إلغاؤه، والقضاء برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.