مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والعشرون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1980 إلى آخر فبراير سنة 1981) - صـ 150

(22)
جلسة 9 من ديسمبر سنة 1980

برئاسة السيد الأستاذ المستشار سعد زغلول محمد أبو عوف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الفتاح صالح الدهري وعبد الرؤوف محمد محيي الدين وعلي السيد علي السيد ومحمد أحمد البدري - المستشارين.

الطعن رقم 519 لسنة 22 القضائية

إصلاح زراعي - عقد إيجار أراضي زراعية - التأجير من الباطن.
المادة 33 مكرر (و) من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي معدلاً بالقانون رقم 75 لسنة 1971 - لا ينتهي عقد إيجار الأراضي الزراعية إذا جند المستأجر أو استدعي للخدمة بالقوات المسلحة - يجوز للمستأجر أن يؤجر الأرض للغير خلال مدة التجنيد أو الاستدعاء على أن ينتهي عقد الإيجار من الباطن بنهاية السنة الزراعية التي تنتهي أو الاستدعاء - سريان ذات القاعدة المتقدمة على مالك الأرض الزراعية الذي يؤجر أرضه بسبب تجنيده أو استدعائه للقوات المسلحة - حكمة ذلك - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 7 من يونيه سنة 1976 أوع الأستاذ محمد عصفور المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ عبد الفتاح محمد العراقي تقريراً بالطعن قيد بقلم كتاب هذه المحكمة برقم 519 لسنة 22 قضائية عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 9 من مايو سنة 1976 في الدعوى رقم 457 لسنة 28 ق المقامة من المطعون ضده الأول ضد الطاعن والمطعون ضدهما الثاني والثالث والذي قضى:
أولاً: برفض الدفع بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى وباختصاصه.
ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من اللجنة الاستئنافية بتاريخ 3/ 3/ 1974 المطعون فيه وبفسخ عقود الإيجار المحررة عن الأرض موضوع النزاع ومساحتها 16 ط/ 4 ف وطرد المدعى عليهما الأول والثاني وإلزامهما بمصروفات الدعوى مناصفة بينهما. ولقد طلب الطاعن للأسباب الواردة في تقرير الطعن - الحكم أولاً: بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه - ثانياً: في الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه والحكم برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده بالمصروفات شاملة أتعاب المحاماة.
وقامت هيئة مفوضي الدولة بتحضير الطعن وأودعت تقريراً برأيها انتهى إلى طلب الحكم أولاً - بقبول الطعن شكلاً بالنسبة للمطعون ضدهما الأول والثاني وبعدم قبوله شكلاً بالنسبة للمطعون ضده الثالث رفعه على غير ذي صفة - ثانياً: برفض الطعن بشقيه العاجل والموضوعي وإلزام الطاعن بالمصروفات.
وبعد اتخاذ الإجراءات القانونية عرض الطعن على دائرة فحص الطعون وحكمت الدائرة بجلسة 4 يونيو سنة 1980 برفض طلب وقف تنفيذ الحكم وإلزام الطاعن بمصروفات هذا الطلب وقررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 28/ 10/ 1980 وفي تلك الجلسة سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بالمحضر وقررت إرجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل في أن السيد/ عبد الفتاح محمد العراقي (الطاعن) تقدم بطلب إلى رئيس لجنة الفصل في المنازعات الزراعية بهورين ضد السيد/ أحمد السيد علي لاشين (المطعون ضده الثاني) قيد برقم 65 لسنة 1968 في 7/ 5/ 1968 وأوضح فيه أنه يستأجر من الأخير قطعة أرض مساحتها فدانين وطلب تحرير عقد باعتباره واضع يد ولديه عقد إيجار وأنه بسؤال الطالب أمام اللجنة في 12/ 5/ 1968 قررت أنه يستأجر هذه المساحة منذ أربع سنوات ولديه عقد إيجار عرفي لعام 67/ 1968 وبسؤال السيد/ أحمد السيد لاشين ذكر أن الأرض المشار إليها ليست ملكه وإنما هي ملك علي السيد لاشين (المطعون ضده الأول) وأن وضع يد السيد/ عبد الفتاح محمد العراقي كان على سبيل الرهن وليس الإيجار وأنه قام بتحرير عقد إيجار حتى لا يتعرض له أخيه مالك الأرض حتى تنتهي الزراعة وأضاف أنه يستأجر من أخيه المذكور مساحة 16 ط/ 4 ف تشمل مساحة الأرض موضوع النزاع التي سلمها إلى الطاعن وأن مساحة الأرض المذكورة قد باعها محمود يونس لاشين لأربعة أشخاص من بينهم هو وأخيه علي السيد لاشين وقد قسمت الأرض بينهم بمقتضى تراضي عرفي مثبت به الحدود وقدم إلى اللجنة عقد إيجار بمساحة 16 ط/ 4 ف يبدأ من 30/ 9/ 1966 وينتهي في أكتوبر سنة 1969 ومؤرخ 30/ 9/ 1966 (بحد يخالف حد تحرير العقد ذاته) ومسجل بالجمعية في 14/ 5/ 1968 برقم 316 وبسؤال يوسف السباعي ويوسف السباعي نصار شاهدا الطلب باعتبارهما جيران الأرض محل النزاع قرر الأول أن الطالب يستأجر من أحمد السيد لاشين من أربع سنوات في الرأس البحرية وثلاث سنوات في الرأس القبلية وقرر الثاني أن الطالب يزرع الأرض لمدة أربع سنوات وأنه سمع أنه يزرع فداناً على سبيل الإيجار وفداناً على سبيل الرهن وبسؤال عبد المجيد لاشين ومحمد مرسي شاهدا أحمد السيد لاشين أيدا هذا الأخير في أقواله السابقة وقد قررت اللجنة في 2/ 6/ 1968 أن تنسخ صورتين من العقد العرفي الذي يحمله المدعي والمعترف به من المدعى عليه أمام اللجنة وموقع عليه منه وإخطار المدعى عليه بالتوقيع على الصورتين وفي حالة امتناعه عن التوقيع يقوم المشرف الزراعي بالتوقيع بدلاً منه ويسجل بالجمعية مستنداً في ذلك إلى اعتراف المدعى عليه وشهوده بأن المدعي قائم بزراعة فدانين بحوض البرباط لمدة سنة كاملة ابتداء من سنة 1967 وتنتهي في أكتوبر سنة 1968 بموجب عقد لم يسجل بالجمعية.
وقد قام أحمد السيد لاشين باستئناف هذا القرار حيث قيد برقم 83 لسنة 1968 وبجلسة 3/ 2/ 1969 قضت اللجنة الاستئنافية للفصل في المنازعات الزراعية ببركة السبع بقبول التظلم شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد القرار المتظلم منه.
ومن جهة أخرى فقد تقدم علي السيد لاشين بطلب إلى لجنة الفصل في المنازعات الزراعية بهورين ضد أحمد السيد لاشين وعبد الفتاح محمد العراقي قيد برقم 69 لسنة 1968 في 11/ 6/ 1968 جاء فيه أن المدعى عليه الأول قد استأجر منه مساحة 16 ط/ 4 ف بحوض البرباط بزمام هورين أوضح حدودها بموجب عقد إيجار مؤرخ 30/ 9/ 1966 مسجل بالجمعية، وقد قام المذكور بتأجير جزء من هذه المساحة من باطنه إلى عبد الفتاح محمد العراقي حسبما هو ثابت من الطلب المقيد برقم 65 لسنة 1968 كما تأخر المستأجر أحمد السيد لاشين في سداد إيجار سنتي 1967، 1968 الزراعيتين مما يستتبع فسخ العقد وطردهما من الأرض وبسؤال أحمد السيد لاشين أقر بأنه يستأجر مساحة 16 ط/ 4 ف من علي السيد لاشين وأنه لم يؤجر من الباطن إلى عبد الفتاح العراقي الذي كان يضع يده على بعض المساحة على سبيل الرهن وبسؤال عبد الفتاح العراقي أقر بأنه يستأجر الأرض من أحمد السيد لاشين منذ سنوات طويلة ولا يعرف لها مالكاً سواه وأنه في حالة تقديم علي السيد لاشين عقد ملكيته للعين المؤجرة فإنه يقبل تحرير عقد الإيجار معه وأن الطلب المعروض (69 لسنة 1968) لا يعدو أن يكون تحايلاً من الأخوين علي وأحمد السيد لاشين بقصد تصويره كمستأجر من الباطن ليتم طرده والدليل على ذلك أن عقد الإيجار بين الأخوين لم يسجل بالجمعية إلا بعد أن تقدم هو بالطلب رقم 65 لسنة 1968 وأضاف أنه عند حصر الأطيان تقدم أحمد السيد لاشين بطلب يثبت ملكيته دون إخوته لهذه الأطيان وأنه يمكن الرجوع إلى صراف الناحية للاطلاع على الإقرارات... وبجلسة 24 من نوفمبر سنة 1968 قررت اللجنة رفض الطلب واستندت في ذلك إلى أن اللجنة قد اطلعت على إقرار الملكية عند صراف الناحية والموقع عليه من ملاك الأرض فلم تجد بإقرار المدعي ما يثبت ملكيته لهذه القطعة وأنه بفحص حيازة المدعى عليه الأول ( أحمد السيد لاشين) وإقرار ملكيته تبين أنه يملك مساحة 16 ط/ 4 ف بحوض البرباط ضمنها مساحة 2 ف المؤجرة للمدعى عليه الثاني (عبد الفتاح العراقي) وأن المدعي (علي السيد لاشين) لم يقدم عند نظر الطلب رقم 65 لسنة 1968 أي عقود أو تراضي يثبت ملكيته لعين النزاع - ولقد تظلم علي السيد لاشين من هذا القرار أمام اللجنة الاستئنافية للفصل في المنازعات الزراعية ببركة السبع حيث قيد التظلم برقم 109 لسنة 1968 وبجلسة 27/ 1/ 1969 قررت اللجنة قبول التظلم شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد القرار المستأنف.
ولقد تقدم علي السيد لاشين إلى لجنة الفصل في المنازعات الزراعية بهورين بطلب قيد برقم 257 لسنة 1973 ضد أحمد السيد لاشين وعبد الفتاح محمد العراقي وبسؤال مقدم الطلب قرر أنه أجر مساحة 11 س/ 16 ط/ 4 ف بحوض البرباط إلى أحمد السيد لاشين بموجب عقد مسجل بالجمعية برقم 316 في 14/ 5/ 1968 وكان هذا التأجير بسبب استدعائه للخدمة بالقوات المسلحة وأنه لما كانت خدمته بالقوات المسلحة قد انتهت فإنه يطلب استرداد هذه المساحة طبقاً لأحكام القانون رقم 175 لسنة 1971 وأضاف أن أحمد السيد لاشين قام بتأجير مساحة 2 ف من الباطن إلى عبد الفتاح العراقي وطلب تسليمه الأرض محل النزاع وأن البند/ 15 من العقد المبرم بينه وبين أحمد السيد لاشين ينص على تعهد الأخير بإخلاء العين بعد انتهاء استدعاء المالك للاحتياط. وبسؤال أحمد السيد لاشين قرر أنه يستأجر مساحة 11 س/ 16 ط/ 4 ف بحوض البرباط من المدعي ولم يقم بالتأجير من الباطن للمدعى عليه من المدعي ولم يقم بالتأجير من الباطن للمدعى عليه الثاني وإنما رهن له مساحة 8 ط بحوض الملقة وسلمه 2 ف لمدة سنة كسداد لمبلغ 50 جنيهاً من قيمة الدين وسدد الباقي وقدره 50 جنيهاً نقداً واسترد الكمبيالة المحررة عليه بمبلغ 100 جنيه وسدد للمذكور عقد إيجار ووقع عليه طبقاً لما جرى عليه العمل بين الفلاحين سداداً لهذا الدين وبسؤال عبد الفتاح محمد العراقي كرر أقواله السابقة وأضاف أن ما يستند إليه مقدم الطلب من رغبته في استرداد الأرض بعد انتهاء خدمته بالقوات المسلحة فإنه لا مجال لبحثه إلا إذا ثبت أنه مستأجر من الباطن وهو ما سبق رفضه وأنه لا يجوز نظر الطلب لسابقة الفصل فيه.
وبجلسة 28/ 6/ 1973 أصدرت اللجنة قرارها بفسخ عقود الإيجار المحررة على أرض المدعي وطرد المدعى عليهما من الأطيان المملوكة للمدعي وتسليمها إليه واستندت اللجنة في ذلك إلى أنه قد ثبت لها فعلاً قيام المدعى عليه الأول برهن مساحة الفدانين للمدعى عليه الثاني حيث إن العرف السائد في القرية أن الرهن يتم بتحرير كمبيالة وعقد إيجار عرفي ضماناً للمبلغ وهذا العقد الذي استندت إليه اللجنة في قرارها بتحرير عقد إيجار بين المدعى عليه الأول والمدعى عليه الثاني في تسجيل العقد المبرم بينهما عن مساحة 16 ط/ 4 ف والذي نوه عنه وكيل المدعى عليه الثاني، لكون اللجنة من الناحية وتعلم مدى الخلافات القائمة بين المدعي والمدعى عليه الأول والقائمة بقضايا المحاكم والذي لم تستطع اللجنة التأكد منه من قبل وقد ثبت للجنة أن المدعي لم يعلم بهذه العلاقة الإيجارية الأخيرة وقت حصولها، وأن المدعي يستند في طلب طرد المدعى عليهما إلى كونه قد جند في 1/ 6/ 1965 وبعد تجنيده مباشرة أجر مساحة 16 ط/ 4 ف إلى المدعى عليه الأول أحمد السيد لاشين الذي قام بتسجيل عقد الإيجار بالجمعية بتاريخ 14/ 5/ 1968 أي بعد تجنيده، وقد قدم المدعي ما يفيد انتهاء تجنيده في 1/ 2/ 1973 سنداً إلى القانون رقم 75 لسنة 1971.
وقد تظلم عبد الفتاح محمد العراقي من هذا القرار أمام اللجنة الاستئنافية للفصل في المنازعات الزراعية ببركة السبع - وقيد تظلمه برقم 37 لسنة 1973 وبجلسة 3 من مارس سنة 1974 قررت اللجنة بالإجماع قبول التظلم شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار لجنة أول درجة بالنسبة لعقد الإيجار المتعلق بالمتظلم فقط وبرفض طلب المتظلم ضده بالنسبة للمساحة التي يستأجرها المتظلم.
وحيث إن السيد/ علي السيد لاشين أقام الدعوى رقم 457 لسنة 28 بصحيفة أودعت سكرتارية محكمة القضاء الإداري في 16/ 3/ 1974 ضد:
1 - أحمد السيد لاشين.
2 - عبد الفتاح محمد عراقي.
3 - وزير الإصلاح الزراعي بصفته بالطعن في قرار اللجنة الاستئنافية المشار إليه مستنداً إلى أن ملكيته للأرض ثابتة بمقتضى الحكمين الصادرين في الدعويين رقم 25 لسنة 1970 مدني ببركة السبع واستئنافها رقم 93 لسنة 1972 مدني مستأنف شبين الكوم وأنهما قد تضمنا قيام علاقة الإيجار من الباطن بين المدعى عليه الأول والثاني ومن ثم يكون العقدين الأصلي والعقد الصادر من الباطن باطلين إعمالاً لنص المادة/ 32 من قانون الإصلاح الزراعي.
2 - أن اللجنة قد تجاهلت أعمال القانون رقم 75 لسنة 1974.
3 - أن المدعى عليه الثاني لا يعمل بالزراعة بل إنه تأجر جزارة وبقالة.
ولدى تحضير الدعوى بهيئة مفوضي الدولة دفع الحاضر عن المدعى عليه الثاني بعدم اختصاص القضاء الإداري ولائياً بنظر الدعوى لكونها تدخل في اختصاص القضاء العادي.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها أوصى بالحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع برفضها وإلزام المدعي بالمصروفات وأتعاب المحاماة.
وقد أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها بجلسة 9 من مايو سنة 1976 على النحو المشار إليه وقد استندت المحكمة في رفض الدفع بعدم الاختصاص إلى نص المادة/ 10 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 باختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالنظر في الدعاوى التي ترفع بالطعن في القرارات الصادرة من جهات إدارية ذات اختصاص قضائي وبالنسبة للموضوع فقد استندت إلى أنه ولئن كان المدعي قد سبق أن تقدم إلى لجنة الفصل في المنازعات الزراعية بالطلب رقم 69 لسنة 1968 بطلب فسخ عقد الإيجار وطرد المتظلم ضدهما أحمد السيد لاشين ومحمد العراقي استناداً إلى واقعة التأجير من الباطن وقضى برفض طلبه وتأيد القرار استئنافياً إلا أنه قد تقدم بالطلب رقم 257 لسنة 1973 باسترداد الأرض موضوع الطلب الأول استناداً إلى كونه قد أنهى مدة تجنيده لذلك فإنه أياً كان الرأي بالنسبة لحجية القرارات الصادرة من اللجنة الزراعية في الطلب الأول فإن السبب في الطلبين مختلف الأمر الذي لا يحول دون نظر ذات الموضوع كما أنه بالنسبة لملكية المدعي لمساحة 16 ط/ 4 ف فقد قامت عليها قرينة مستفادة من الحكم الصادر في الدعوى رقم 250 لسنة 1970 مدني بركة السبع التي أقامها المدعي ضد المدعى عليهما الأول والثاني للمطالبة بالأجرة المستحقة عن هذه الأراضي عن السنوات 67/ 68/ 1969 الزراعية وقد جاء في هذا الحكم أن المدعي يمتلك الأطيان المذكورة وأن المدعى عليه الأول قد أجرها منه حيث قام بتأجير مساحة فدانين منها للمدعى عليه الثاني الذي قدم للمحكمة مخالصات صادرة له من المدعى عليه الأول تفيد سداد الأجرة عن السنوات 68، 69، 1970 عن مساحة فدانين وطلب رفض الدعوى ولم يدفع الدعوى بعدم ملكية المدعي للمساحة الكلية للأطيان ومن جهة أخرى فإن المستفاد من الحكم المذكور قيام المدعى عليه الأول بالتأجير للمدعى عليه الثاني أي التأجير من الباطن... ولما كان الثابت أنه قد تم تجنيد المدعي في 25/ 6/ 1965 حسبما يبين من الشهادة الرسمية الصادرة من الوحدة المذكورة.. وأن الثابت من عقد الإيجار عن الأطيان موضوع النزاع أنه قد أبرم بين المدعي والمدعى عليه الأول بتاريخ 30/ 9/ 1966 أي بعد تجنيده وقد نص فيه على أن يتعهد المستأجر بإخلاء العين بعد انتهاء استدعاء المالك للاحتياط وتسليم الأطيان للمالك... وأنه لما كان من حق المدعي استرداد الأطيان موضوع النزاع جميعها بعد انتهاء تجنيده وذلك إعمالاً للعقد والأحكام نصوص القانون 75 لسنة 1971 لأن هذا الحق باسترداد الأطيان يسري في حق المستأجر الأصلي، فمن باب أولى وبحكم اللزوم يسري في حق المستأجر من الباطن... ولما كان القرار الصادر من اللجنة الاستئنافية المشار إليه قد خالف القانون فيما انتهى إليه فمن ثم فهو قرار باطل لمخالفته للقانون ويتعين الحكم بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وأنه لما كان من حق المحكمة التصدي للفصل في موضوع المنازعة الحالية، وكان من حق المدعي استرداد الأطيان موضوع النزاع بعد أن انتهى تجنيده، فمن ثم يتعين الحكم بفسخ عقود الإيجار المحررة عن الأرض موضوع النزاع وطرد المدعى عليهما من الأطيان المذكورة وتسليمها للمدعي وذلك إعمالاً لحكم القانون رقم 75 لسنة 1971.
ومن حيث إن الطعن الماثل يستند إلى:
أولاً: قيام علاقة إيجارية صحيحة بين الطاعن والمطعون ضده الثاني حرر عنها عقد إيجار عن مساحة فدانين بقرار نهائي من لجنة الفصل في المنازعات الزراعية ومن ثم لا يجوز للمطعون ضده الأول أن يطلب فسخها لأنه ليس مؤجر وليس بينه وبين الطاعن أي علاقة.
ثانياً: أنه ليس لدى المطعون ضده أي سند لملكيته لمساحة الفدانين محل النزاع في تاريخ سابق على قرار اللجنة بإبرام عقد الإيجار المشار إليه وأنه لا سند فيما جاء في الحكم الصادر في الدعوى رقم 250 لسنة 1970 لأنه لا يعدو أن يكون مطالبة من المطعون ضده الأول للمطعون ضده الثاني بالقيمة الإيجارية وهي منازعة أقيمت بالتواطؤ بينهما بقصد إثبات وجود علاقة إيجارية بينهما بعد أن قضت اللجنة برفض طلب المطعون ضده الأول بطرد الطاعن والمطعون ضده الثاني ومن ناحية أخرى لم يكن الطاعن خصماً في تلك الدعوى، الأمر الذي لا يجوز معه أن يكون للحكم الصادر فيها أية حجية في شأن إسباغ صفة المالك على المطعون ضده الأول.
ثالثاً: أن القرار الصادر من لجنة الفصل في المنازعات الزراعية برفض طلب المطعون ضده الأول بطلب طرد الطاعن لانتفاء العلاقة الإيجارية بينها ولأن الطاعن ليس مستأجراً من الباطن قد أصبح نهائياً حائزاً لحجية الأمر المقضى به ومن ثم لا يجوز للحكم المطعون فيه أن يخالفه.
رابعاً: أنه في مجال تطبيق أحكام المادة/ 33 من القانون رقم 178 لسنة 1952 فإن التأجير قد تم في سنة 1968 ولم يكن بسبب التجنيد الذي تم سنة 1965 وأن عقد إيجار الطاعن لم يتضمن النص على حق المؤجر في استرداد الأرض عند إنهاء التجنيد - كما أنه يبين من استعراض مراحل المنازعات منذ سنة 1968 تؤكد أن المطعون ضده الأول بالتواطؤ مع شقيقه محاولاً طرد الطاعن وفي سبيل ذلك فقد انتحل صفة المالك حتى يستند لحكم المادة 33 ويسترد الأرض بوصفه مجنداً انتهت مدة تجنيده (خامساً) أنه ما كان يجوز للمحكمة أن تتعرض للفصل في موضوع المنازعة لأن ولايتها مقصورة على الإلغاء فكان عليها أن تقف عند هذا الحد وأن تحيل الدعوى على المحكمة المدنية صاحبة الاختصاص حالياً ويكون قيامها بالتصدي للموضوع والقيام بفسخ عقود الإيجار وطرد الطاعن وتسليم الأرض للمطعون ضده الأول يعتبر عدواناً على ولاية القضاء المدني المختص.
وحيث إن المادة/ 33 مكرراً (و) من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي معدلاً بالقانون رقم 75 لسنة 1971 تنص على أن لا ينتهي إيجار الأراضي الزراعية إذا جند المستأجر أو استدعي للخدمة بالقوات المسلحة ويجوز للمستأجر في هذه الحالة أن يؤجر الأرض إلى الغير خلال مدة تجنيده أو استدعائه للخدمة على أن ينتهي عقد الإيجار من الباطن بنهاية السنة الزراعية التي تنتهي فيها مدة التجنيد أو الاستدعاء. ويسري حكم الفقرة السابقة على مالك الأرض الزراعية الذي يؤجر أرضه بسبب تجنيده أو استدعائه في القوات المسلحة.
وحيث إن المشرع قد استهدف بهذا النص ألا يضار المجند أو المستدعى للخدمة بالقوات المسلحة المستأجر للأرض الزراعية - من جراء تجنيده أو استدعائه فأجاز له - على خلاف الأصل - أن يؤجر الأرض الزراعية التي سبق له أن استأجرها قبل تجنيده - إلى الغير خلال مدة التجنيد أو الاستدعاء وتمشياً مع ذات العلة أجاز لمالك الأرض الزراعية أن يؤجر أرضه خلال مدة تجنيده بحيث ينهي عقد الإيجار - خلافاً للأصل - بنهاية السنة الزراعية التي تنتهي فيها مدة التجنيد والاستدعاء.
وحيث إنه بتطبيق تلك الأصول على خصوصية الموضوع المعروض فإنه لما كان الثابت أن المطعون ضده الأول (علي السيد لاشين) قد تقدم إلى لجنة الفصل في المنازعات الزراعية بهورين بالطلب رقم 69 لسنة 1968 في 11/ 6/ 1968 ضد شقيقه أحمد السيد لاشين وعبد الفتاح محمد العراقي على أساس أنه أجر إلى أحمد السيد لاشين مساحة 16 ط/ 4 ف بحوض البرباط بموجب عقد الإيجار المبرم في 30/ 9/ 1966 ومسجل بالجمعية الزراعية وقد قام الأخير بتأجير جزء من هذه المساحة من الباطن إلى عبد الفتاح محمد العراقي كما تأجر المستأجر (أحمد السيد لاشين) عن دفع الأجرة عن السنتين 1967، 1968 الزراعيتين لذلك فقد طلب فسخ العقد وطردهما من الأرض الموضحة الحدود والمعالم بالعقد وبجلسة 24 من نوفمبر سنة 1968 قررت اللجنة رفض الطلب مستندة في ذلك إلى أن اللجنة قد اطلعت على إقرار الملكية لدى الصراف والصادر من الطالب فلم تجد بإقراره ما يثبت ملكيته للعين محل النزاع كما اطلعت على حيازة المدعى عليه الأول (أحمد السيد لاشين) وإقرار ملكيته فتبين أنه يملك مساحة 16 ط/ 4 ف بحوض البرباط تدخل فيها مساحة الفدانين المؤجرة للمدعى عليه الثاني كما تبين للجنة أن المدعي لم يقدم أي مستند يتثبت ملكيته للعين - وقد قام الطالب (المطعون ضده الأول) بالتظلم أمام اللجنة الاستئنافية ببركة السبع حيث قيد التظلم برقم 109 لسنة 1968 وقضت اللجنة بجلسة 27 من يناير سنة 1969 بقبول التظلم شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد القرار المستأنف وبهذا تكون اللجنة قد قضت ابتدائياً واستئنافياً برفض ما ذهب إليه الطالب (علي السيد لاشين) استناداً إلى أنه لم يثبت لديها أنه مالك الأرض محل عقد الإيجار المبرم مع عبد الفتاح محمد العراقي وقد أضحى قرار اللجنة نهائياً بعدم الطعن فيه في الميعاد المقرر قانوناً ويكون حائزاً لقوة الأمر المقضى فيه في خصوصية ما قضت به اللجنة في حدود اختصاصها - ومتى كان ذلك وكان المسلم به أن مناط إفادة المطعون ضده الأول (علي السيد لاشين) من أحكام المادة/ 33 من المرسوم بقانون 178 لسنة 1952 معدلة بالقانون رقم 75 لسنة 1971 رهينة بتحقيق صفته كمالك للأرض المؤجرة لأخيه أحمد السيد لاشين وهو ما تصدت له اللجنة عند نظر الطلب رقم 69 لسنة 1968 ابتدائياً واستئنافياً وانتهت إلى عدم تحققه وأصبح قرارها نهائياً على التفصيل السابق كما أنه لم يتقدم عند نظر الطلب الأخير (257 لسنة 1973) والاستئناف المقدم عنه (برقم 37 لسنة 1973) بأي مستند قاطع يملكه للأرض المؤجرة للاحتجاج به في مواجهة عبد الفتاح محمد العراقي.
وحيث إنه يبين من ذلك أن السيد علي السيد لاشين لم يقدم دليلاً على ما يتمسك به من كونه مالك قطعة الأرض محل عقد الإيجار المبرم مع عبد الفتاح محمد العراقي أمام لجان الفصل في المنازعات الزراعية ابتدائياً واستئنافياً ولا يكفي في هذا المقام ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من إضفاء صفة المالك استناداً إلى القرينة المستفادة من الحكم الصادر في القضية رقم 250 لسنة 1970 مدني بركة السبع التي أقامها علي السيد لاشين ضد أحمد السيد لاشين وعبد الفتاح محمد العراقي للمطالبة بإيجار الأطيان عن السنوات 67، 68، 1969. وما ورد في هذا الحكم من أن علي السيد لاشين يمتلك الأطيان المذكورة وأنه قام بتأجيرها إلى أحمد السيد لاشين إذ أنه فضلاً عن أن الحكم صادر من محكمة غير مختصة ولائياً بنظر الدعوى التي طرحت أمامها - فإنه قد صدر في منازعة زراعية يتعلق بالإيجار فلا يكون له حجية في مجال إضفاء صفة المالك في مواجهة عبد الفتاح محمد العراقي في مجال تطبيق المادة/ 33 من المرسوم بقانون 178 لسنة 1952 المشار إليها.
وحيث إنه استناداً إلى ما تقدم يكون قرار اللجنة الاستئنافية للمنازعات الزراعية ببركة السبع الصادر في 3 من مارس سنة 1974 في التظلم رقم 37 لسنة 1973 (الذي كان محلاً للطعن أمام محكمة القضاء الإداري) وانتهى إلى إلغاء قرار لجنة أول درجة المتظلم منه بالنسبة لعقد الإيجار الخاص بالمتظلم (عبد الفتاح محمد العراقي) وبرفض طلب المتظلم ضده (علي السيد لاشين) بالنسبة للمساحة التي يستأجرها المتظلم يكون قد أصاب وجه الحق ويكون حكم محكمة القضاء الإداري وقد قضى بإلغائه وبفسخ العقود المحررة عن الأرض موضوع النزاع ومساحتها 16 ط/ 4 ف وطرد المدعى عليهما - يكون قد صدر بالمخالفة لأحكام القانون يتعين الحكم بإلغائه والحكم برفض الدعوى - وإلزام المطعون ضدهما الأول والثاني بمصروفات الطعن عملاً بالمادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضدهما الأول والثاني المصروفات.