مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1957 إلى آخر يناير سنة 1958) صـ 191

(23)
جلسة 30 من نوفمبر سنة 1957

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.

القضية رقم 6 لسنة 3 القضائية

قواعد الإنصاف - قرار مجلس الوزراء في 30/ 1/ 1944 - حملة شهادة الدراسة الثانوية قسم ثانٍ - من كان منهم في أقل من الدرجة الثامنة عند العمل بهذه القواعد يمنح تلك الدرجة بصفة شخصية مع تسوية حالتهم بافتراض أنهم عينوا بماهية 7.5 ج زيدت بمقدار 500 م كل سنتين "مع مراعاة مايو" إلى أن بلغت عشرة جنيهات - يعمل بهذا التدرج في العلاوات في حدود الفترة السابقة على نفاذ تلك القواعد - مثال.
إن قواعد الإنصاف الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 30 من يناير سنة 1944 تنص على أن "حملة شهادة الدراسة الثانوية القسم الثاني لا يعين أحد منهم في درجة أقل من الثامنة، ومن كانوا في الخدمة في درجة أقل من الثامنة منحوا هذه الدرجة بصفة شخصية وسويت حالتهم على أساس افتراض أنهم عينوا ابتداءً بماهية 7.500 ج زيدت بمقدار 500 م كل سنتين "مع مراعاة مايو" إلى أن بلغت عشرة جنيهات". ويظهر من ذلك أن من كان في الخدمة في درجة أقل من الثامنة منح هذه الدرجة بصفة شخصية وسويت حالته بالافتراض وبالتدرج سالف الذكر إلى أن تبلغ ماهيته عشرة جنيهات، ويعمل هذا التدرج بالعلاوات (بمراعاة أول مايو) في حدود الفترة الزمنية السابقة على نفاذ قواعد الإنصاف، فما يستجد من علاوات بحلول مواعيدها بعد ذلك لا تحسب في التدرج؛ إذ جرت عبارات قواعد الإنصاف في هذا الخصوص بلغة الماضي، مما يتعين معه قصر التطبيق في حدود الدائرة الزمنية السابقة على نفاذ تلك القواعد. وغني عن البيان أنه يفيد من تلك القواعد في الخصوص المتقدم عند توافر شروطها حملة هذه الشهادة، فمن كان منهم في أقل من الدرجة الثامنة عند نفاذ تلك القواعد منح تلك الدرجة، ويدرج مرتبه على الأساس وبالشروط السالف إيضاحها، أما من كان قد بلغ الدرجة الثامنة وقتذاك، كما هو الحال بالنسبة للمدعي، فلا يبقى له إلا الإفادة من تدرج العلاوة حتى يصل المرتب إلى عشرة جنيهات إن كان لذلك محل. فإذا ثبت أن المدعي ما كان يستحق بالتدرج المذكور سوى علاوة دورية في مايو سنة 1942 فلا يصل بها مرتبه إلى الحد المذكور، وأن العلاوة التالية لا يستحقها إلا في مايو سنة 1944، أي بعد نفاذ قواعد الإنصاف، فلا تحسب إذن في التدرج الافتراضي على مقتضى تلك القواعد؛ إذ تاريخ حلول العلاوة يتعدى الفترة الزمنية السابق إيضاحها، وهي التي تنسحب على التحديد إلى ما قبل نفاذ تلك القواعد دون ما يحل بعد ذلك من علاوات، بل يخضع في هذا الشأن للقواعد العامة.


إجراءات الطعن

في 10 من نوفمبر سنة 1956 أودع رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية بجلسة 25 من سبتمبر سنة 1956 في الدعوى رقم 5200 لسنة 2 ق المرفوعة من محمد علي موسى ضد وزارة الحربية، والذي قضى "بأحقية المدعي في العلاوتين الدوريتين المستحقتين في أول مايو سنة 1946 وفي أول مايو سنة 1948 بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من يناير سنة 1944، وما يترتب على ذلك من آثار، مع عدم صرف ما انقضى عليه من الفروق المالية أكثر من خمس سنوات ميلادية سابقة على 17 من مارس سنة 1954، وبرفض ما عدا ذلك من الطلبات". وطلب رئيس هيئة المفوضين، للأسباب المبينة بصحيفة الطعن، الحكم "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه، ورفض الدعوى، وإلزام المدعي بالمصروفات". وقد أعلن الطعن إلى وزارة الحربية في 18 من نوفمبر سنة 1956، وإلى المطعون عليه في 5 من ديسمبر سنة 1956. وعين لنظره جلسة 12 من أغسطس سنة 1957، ثم جلسة 2 من نوفمبر سنة 1957، وفيها سمعت المحكمة الإيضاحات على الوجه المبين بالمحضر، وأرجئ إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه قدم تظلماً إلى اللجنة القضائية أودع سكرتيريتها في 17 من مارس سنة 1954، قال فيها إنه حاصل على شهادة إتمام الدراسة الثانوية القسم الخاص (التوجيهية) سنة 1939، وعين بوزارة الحربية في 20 من مارس سنة 1940، وسويت حالته بالتطبيق لقواعد الإنصاف، فافترض تعيينه بماهية قدرها سبعة جنيهات ونصف من تاريخ تعيينه، ومنح علاوتين الأولى من 1/ 5/ 1942 والثانية من 1/ 5/ 1944 بلغت بهما ماهيته 500 م و8 ج، وأضاف المدعي أنه حرم من العلاوتين المستحقتين في 1/ 5/ 1946 و1/ 5/ 1948، بحجة أنه معين في ظل كادر سنة 1939 الذي يحدد مرتب الدرجة الثامنة بثمانية جنيهات، رغم مخالفة ذلك لقواعد الإنصاف التي تقضى بمنح علاوة قدرها 500 م إلى أن تبلغ الماهية عشرة جنيهات، والتي ألغت القيد الوارد بكادر سنة 1939، وأنه يستحق إعانة اجتماعية طبقاً لكتاب وزارة المالية الدوري رقم ف 234 - 1/ 302 الصادر بتاريخ 6/ 9/ 1944 ولم تمنح له؛ حيث إنه رزق ثلاثة أولاد في المدة من سنة 1947 إلى سنة 1950. وطلب المتظلم استحقاقه في تسلسل علاواته حتى يبلغ راتبه عشرة جنيهات، مع صرف الفروق المستحقة له من 1/ 5/ 1946 وأحقيته في الإعانة الاجتماعية المستحقة له. وبمناسبة صدور القانون رقم 147 لسنة 1954 أحيل التظلم بحالته إلى المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية بالتطبيق لأحكامه. وأجابت وزارة الحربية على الدعوى بأن الفقرة (ز) من المادة الثانية من الأحكام المؤقتة الواردة بكادر سنة 1939 تنص على أن الموظفين ورؤساء المدارس الإلزامية يمنحون علاوة دورية كل سنتين أو ثلاث سنوات بحسب الحالة حتى تبلغ ماهياتهم 96 جنيهاً سنوياً. وتقضي أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 16/ 10/ 1949 بمنح علاوة دورية في أول مايو سنة 1949 لموظفي الدرجتين الثامنة والسابعة الذين يتقاضون ماهية تقل عن عشرة جنيهات في الشهر، وكانوا قد أمضوا لغاية 3/ 4/ 1949 سنتين أو أكثر دون علاوة عادية، بحيث لا تزيد الماهية مع العلاوة الممنوحة على عشرة جنيهات شهرياً، ثم منح الموظف بعد ذلك علاوة دورية كل سنتين بفئات كادر سنة 1939 وفي حدود ربط درجاته. وقد منح المدعي علاوات دورية حتى بلغ راتبه 96 جنيهاً سنوياً، ثم منح علاوة دورية من 1/ 5/ 1949 كل سنتين. أما بالنسبة للعلاوة الاجتماعية للأولاد فإن البرلمان لم يوافق على منحها. وانتهت وزارة الحربية إلى طلب رفض الدعوى. وفي 25 من سبتمبر سنة 1956 أصدرت المحكمة الإدارية حكمها "بأحقية المدعي في العلاوتين الدوريتين المستحقتين له في أول مايو سنة 1946 وفي أول مايو سنة 1948 بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من يناير سنة 1944، وما يترتب على ذلك من آثار، مع عدم صرف ما انقضى عليه من الفروق المالية أكثر من خمس سنوات ميلادية سابقة على 17 من مارس سنة 1945، وبرفض ما عدا ذلك من الطلبات". وأسست قضاءها على أنه يبين من تقصى قواعد إنصاف ذوي المؤهلات من الموظفين أن مجلس الوزراء أصدر في 30 من يناير سنة 1944 قراراً تنظيمياً عاماً بتقدير قيم المؤهلات العلمية على نطاق واسع وذلك بتحديد درجة وراتب لكل مؤهل؛ وهي بهذه المثابة تعتبر معدلة للمرتبات المحددة في كادر سنة 1939 الذي صدر أيضاً بموجب قرار من مجلس الوزراء. وأن قواعد الإنصاف تقضي بتسوية حالة حملة شهادة إتمام الدراسة الثانوية بمنحهم ماهية ابتدائية قدرها 500 م و7 ج شهرياً من بدء التعيين تزاد بالعلاوات الدورية وقدرها 500 م كل سنتين إلى أن يصل الراتب إلى 120 ج سنوياً؛ فتكون بهذه المثابة قد ألغت الفقرة (ز) من الأحكام المؤقتة الواردة بكادر سنة 1939 والتي تقف بمرتبات الموظفين المعينين في الدرجات الثامنة والسابعة عند 96 جنيه سنوياً. وبذلك يكون ما قامت به الوزارة من حرمان المدعي من العلاوتين المستحقتين له في 1/ 5/ 1946 و1/ 5/ 1948 استناداً إلى نص الفقرة (ز) سالفة الذكر لا يقوم على سند من القانون.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن أحكام قواعد الإنصاف تنصرف إلى الخدمة السابقة لتاريخ صدورها في 30 من يناير سنة 1944، وقد جرت عباراتها بلغة الماضي، فلا يستساغ من صراحة نصوصها محاولة الخروج بها عن الدائرة الزمنية المرسومة لها في التطبيق، بل يجب الرجوع في غير هذه الحدود إلى القواعد العامة المعمول بها، وهي التي كان ينطوي عليها وقتذاك كادر سنة 1939، وهي لا تسمح للمطعون عليه بعلاوة أخرى بعد علاوة أول مايو سنة 1944، والواقع أنها لا تسمح له حتى بهذه العلاوة الأخيرة، وتكون التسوية التي أجرتها معه الإدارة، وقد بلغ نهاية مربوط الدرجة، أكثر مما ترخص به أحكام القانون.
ومن حيث إنه قد بان من ملف خدمة المطعون عليه أنه حاصل على شهادة إتمام الدراسة الثانوية القسم الخاص (التوجيهية) سنة 1939، وعين بالقرار الوزاري رقم 8 الصادر في 18 من مارس سنة 1940 في وظيفة مستخدم من الدرجة التاسعة (36 - 72 ج) بمصلحة الحدود بماهية 60 ج سنوياً اعتباراً من تاريخ إلحاقه بالعمل بالمصلحة المذكورة، وتم ذلك بعقد لمدة سنة قابل للتجديد. وفي 6 من مارس سنة 1941، صدر القرار الوزاري رقم 5 بتعيينه كاتباً في الدرجة الثامنة (72 - 120 ج) على ربط وظيفة دائمة بالميزانية نقلاً من الدرجة التاسعة، وفي 26 من يوليه سنة 1943 صدر القرار الوزاري رقم 15 بمنحه العلاوة السنوية الدورية وقدرها ستة جنيهات. وفي 27 من أكتوبر سنة 1945 صدر القرار الوزاري رقم 23 بتعيينه بإدارة التجنيد نقلاً من مصلحة الحدود بدرجته وماهيته التي كان يتقاضاها في ذلك التاريخ وقدرها منذ أول مايو سنة 1944 (500 م و8 ج). وفي أول إبريل سنة 1950 رقي إلى الدرجة السابعة وبلغت ماهيته عشرة جنيهات شهرياً. وفي 30 من يونيه سنة 1952 بلغت ماهيته 11 ج، ثم حصل في اليوم الأول من شهر مايو سنة 1953 على علاوة مقدارها 500 م و1 ج في التاريخ عينه بعد المعادلات (500 م و13 ج) [النشرة المدنية الأسبوعية الصادرة في 5 من إبريل سنة 1954]. ثم حصل في 16 من يوليه سنة 1955 على ثلاثة أرباع العلاوة وقدرها 125 م و1 ج فأصبحت ماهيته بعد العلاوة 125 م و14 ج، ثم صارت بعد رد ربع العلاوة في أول مايو سنة 1955 15 ج في الشهر، وفي 10 من سبتمبر سنة 1955 رقي إلى الدرجة السادسة وأصبحت ماهيته 17 ج شهرياً.
ومن حيث إن قواعد الإنصاف الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 30 من يناير سنة 1944 تنص على أن "حملة شهادة الدراسة الثانوية القسم الثاني لا يعين أحد منهم في درجة أقل من الثامنة، ومن كانوا في الخدمة في درجة أقل من الثامنة منحوا هذه الدرجة بصفة شخصية وسويت حالتهم على أساس افتراض أنهم عينوا ابتداءً بماهية 500 و7 ج زيدت بمقدار 500 م كل سنتين (مع مراعاة مايو) إلى أن بلغت عشرة جنيهات". ويظهر من ذلك أن من كان في الخدمة في درجة أقل من الثامنة منح هذه الدرجة بصفة شخصية وسويت حالته بالافتراض وبالتدرج سالف الذكر، إلى أن تبلغ ماهيته عشرة جنيهات، ويعمل هذا التدرج بالعلاوات (بمراعاة أول مايو) في حدود الفترة الزمنية السابقة على نفاذ قواعد الإنصاف، فما يستجد من علاوات بحلول مواعيدها بعد ذلك لا تحسب في التدرج؛ إذ جرت عبارات قواعد الإنصاف في هذا الخصوص بلغة الماضي، مما يتعين معه قصر التطبيق في حدود الدائرة الزمنية السابقة على نفاذ تلك القواعد، وهذا ما سبق أن قضت به هذه المحكمة.
ومن حيث إنه غني عن البيان أنه يفيد من تلك القواعد في الخصوص المتقدم عند توافر شروطها حملة هذه الشهادة، فمن كان منهم في أقل من الدرجة الثامنة عند نفاذ تلك القواعد منح تلك الدرجة، ويدرج مرتبه على الأساس وبالشروط السالف إيضاحها، أما من كان قد بلغ فعلاً الدرجة الثامنة وقتذاك، كما هو الحال بالنسبة للمدعي، فلا يبقى له إلا الإفادة من تدرج العلاوة حتى يصل المرتب إلى عشرة جنيهات، إن كان لذلك محل. ولكن بتطبيق ذلك في حق المدعي يبين أنه ما كان يستحق بالتدرج المذكور سوى علاوة دورية في مايو سنة 1942 فلا يصل بها مرتبه إلى الحد المذكور، وأن العلاوة التالية لا يستحقها إلا في مايو سنة 1944، أي بعد نفاذ قواعد الإنصاف، فلا تحتسب إذن في التدرج الافتراضي على مقتضى تلك القواعد؛ إذ تاريخ حلول العلاوة يتعدى الفترة الزمنية السابق إيضاحها، وهي التي تنسحب على التحديد إلى ما قبل نفاذ تلك القواعد، دون ما يحل بعد ذلك من علاوات، بل يخضع في هذا الشأن للقواعد العامة.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون، فيتعين إلغاؤه، والقضاء برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاًً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بمصروفاتها.