مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والعشرون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1980 إلى آخر فبراير سنة 1981) - صـ 172

(25)
جلسة 13 من ديسمبر سنة 1980

برئاسة السيد الأستاذ المستشار سعد زغلول محمد أبو عوف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الفتاح صالح الدهري وعبد الرؤوف محمد محي الدين وعلي السيد علي السيد ومحمد أحمد البدري - المستشارين.

الطعن رقم 348 لسنة 23 القضائية

دعوى - عوارض سير الدعوى - ترك الخصومة - عقد الصلح.
المادة 549 من القانون المدني - عقد الصلح - تعريفه - المادة 141 وما بعدها من قانون المرافعات المدنية والتجارية - ترك الخصومة - شروطه - تقديم محضر الصلح من المطعون ضدها هو بمثابة قبول لترك الخصومة - الترك ينتج آثاره بإلغاء جميع إجراءات الخصومة بما في ذلك صحيفة الدعوى - الحكم بإثبات ترك الطاعنة للخصومة - تطبيق.


إجراءات الطعن.

في يوم الأحد الموافق 3/ 4/ 1977 أودع الأستاذ عبد الملك عازر المحامي قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم/ 348 لسنة 23 ق عليا - في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (هيئة العقود الإدارية والتعويضات) بتاريخ 20/ 2/ 1977 في الدعوى رقم 982 لسنة 29 ق الذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه والصادر من اللجنة الاستئنافية للمنازعات الزراعية بكفر الزيات بجلستها المنعقدة في 8 من ديسمبر سنة 1973 وما يترتب عليه من آثار مع إلزام المدعى عليهما الأولين بالمصروفات.
قامت هيئة مفوضي الدولة بتحضير الطعن وتهيئته للمرافعة وأودعت تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة المصروفات.
وبعد اتخاذ الإجراءات القانونية عرض الطعن على دائرة فحص الطعون - وبجلسة 4/ 6/ 80 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 7/ 10/ 1980 وفي هذه الجلسة وفي الجلسات التالية سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن وقررت النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما هو مستخلص من الأوراق في أن المطعون ضدها الأولى (السيدة/ دولت عبد السلام هاشم) كانت قد أجرته مساحة 6 س 20 ط/ 4 ف من الأراضي الزراعية بزمام كفر خشا مركز كفر الزيات إلى والدها المرحوم/ محمد عبد السلام هاشم منذ سنة 1960 بدون عقد إيجار - وبتاريخ 25/ 8/ 1972 حررت معه عقداً أودع بالجمعية التعاونية الزراعية بالناحية في ذات التاريخ تحت رقم/ 308. وبعد وفاة والدها تبين لها أن والدها كان قد أجر 10 ط/ 2 ف من هذه المساحة إلى المدعو سيد أحمد أبو زيد عميش بموجب عقد مؤرخ 30/ 9/ 1971 أودع بالجمعية التعاونية الزراعية برقم/ 193 بذات التاريخ - وأن هذا الأخير تنازل عن حيازته لتلك المساحة في 11/ 12/ 1971 إلى السيدتين/ عظيمة وعزيزة علي يوسف جازيه (الطاعنة والمطعون ضدها الثانية) وأودع هذا التناول بالجمعية التعاونية الزراعية رقم 172 - الأمر الذي دفع المالكة إلى الالتجاء إلى لجنة الفصل في المنازعات الزراعية بالقرية طلباً لفسخ عقد الإيجار الأصلي وما تبعه من عقود من الباطن وطرد المستأجرين من الباطن - وبجلسة 7/ 4/ 1972 قررت اللجنة طرد المدعى عليهما من الأرض - فتظلمت السيدة/ عظيمة علي يوسف من هذا القرار إلى اللجنة الاستئنافية للفصل في المنازعات الزراعية (التظلم رقم 64 لسنة 1973) التي قررت بجلسة 7/ 4/ 1973 إلغاء قرار لجنة القرية - فأقامت المالكة الدعوى رقم 3618 لسنة 1973 مدني كلي طنطا أمام محكمة طنطا الابتدائية ضد السيدتين عظيمة وعزيزة علي يوسف. وبجلسة 5/ 2/ 1975 قضت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص حيث قيدت بجدول هذه المحكمة برقم 982 لسنة 29 قضائية.
وبجلسة 20/ 2/ 1977 حكمت محكمة القضاء الإداري بإلغاء القرار الصادر من اللجنة الاستئنافية بجلسة 8/ 12/ 1973 وما يترتب عليه من آثار مع إلزام المدعى عليهما المصروفات استناداً إلى ما ثبت لها من قيام والد المالكة بتأجير المساحة المؤجرة إليه إلى سيد أحمد أبو زيد عميش في 30/ 9/ 71 وقيام هذا الأخير بتأجيرها إلى السيدة/ عظيمة علي يوسف جازية بتاريخ 11/ 12/ 1971 وقامت هذه الأخيرة بدورها بعمل بدل زراعي مع السيدة/ عزيزة علي يوسف جازية عن مساحة 6 ط/ 1 ف من هذه الأطيان - وإذ لم يجد هذا الحكم قبولاً لدى السيدة/ عظيمة علي يوسف جازية فقد تقدمت بالطعن الماثل أمام هذه المحكمة وتداول نظره بالجلسات - وبجلسة 7/ 5/ 1980 قدم الحاضر عن المطعون ضدها الأولى (المالكة) محضر صلح واتفاق مؤرخ 13/ 3/ 1978 بينها وبين الطاعنة وطلبت الطاعنة التأجيل لحضور محاميها. وبجلسة 7/ 10/ 1980 حضر محامي الطاعنة وأنكر وجود صلح. وبجلسة 28/ 10/ 1980 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم لجلسة 16/ 12/ 1980 إلا أنه وأثناء حجز الطعن للحكم تقدم محامي الطاعنة بمذكرة قرر فيها أنه لما كان عقد الصلح الذي قدمته المطعون ضدها والمؤرخ 13/ 3/ 1978 يعتبر منهياً للخصومة في هذا الطعن لذلك فالطاعنة تقرر بترك الخصومة في الطعن وطلبت إثبات ذلك بمحضر جلسة الطعن - وقد وقع على هذه المذكرة الطاعنة ووكيلها.
ومن حيث إن الصلح وفقاً لحكم المادة/ 549 من القانون المدني هو عقد يحسم به الطرفان نزاعاً قائماً أو يتوقيان به نزاعاً محتملاً وذلك بأن ينزل كل منهما على وجه التقابل عن جزء من ادعائه. ومفهوم ذلك أن عقد الصلح تتوافر فيه مقوماته عندما تتجه نية طرفي النزاع إلى حسم النزاع بينهما إما بإنهائه إذا كان قائماً وإما بتوقيه إذا كان محتملاً - وذلك بنزول كل من المتصالحين على وجه التقابل عن جزء من ادعائه فإذا ما تحققت هذه المقومات وقام العقد على أركانه القانونية وهي التراضي والمحل والسبب انعقد الصلح.
ومن حيث إن الترك وفقاً لأحكام المواد/ 141 وما بعدها من قانون المرافعات المدنية - والتجارية يتم بإعلان من التارك لخصمه على يد محضر أو ببيان صريح في مذكرة موقعة من التارك أو من وكيله مع اطلاع خصمه عليها أو بإبدائه شفوياً في الجلسة وإثباته في المحضر وذلك كله طالما أن المدعى عليه لم يكن قد أبدى طلباته فإذا كان قد أبداها فلا يتم الترك إلا بقبوله.
ومن حيث إن تقديم محضر الصلح من المطعون ضدها الأولى على نحو ما سبق بيانه هو بمثابة قبول للترك وبالتالي فإن الترك ينتج آثاره بإلغاء جميع إجراءات الخصومة بما في ذلك رفع الدعوى ومن ثم يتعين الحكم بإثبات ترك الطاعنة للخصومة وإلزام الطاعنة بالمصروفات عملاً بحكم المادة 143 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بإثبات ترك الطاعنة الخصومة وألزمتها المصروفات.