مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1957 إلى آخر يناير سنة 1958) صـ 216

(27)
جلسة 30 من نوفمبر سنة 1957

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

القضية رقم 796 لسنة 3 القضائية

طعن - صحيفة الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا - الأصل أن يوقعها رئيس هيئة مفوضي الدولة - عند قيام المانع أو العذر ينحدر هذا الاختصاص إلى من يليه في الهيئة - لرئيس هيئة المفوضين أن يندب أحد معاونيه لاتخاذ سبيل الطعن، سواء وقع هذا الندب كتابة أو شفهاً.
لئن كان قانون تنظيم مجلس الدولة قد ناط في الأصل حق الطعن في أحكام محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية برئيس هيئة مفوضي الدولة، إلا أن ذلك لا يعني أنه يتحتم أن توقع يده كل عريضة طعن تودع سكرتيرية المحكمة الإدارية العليا، حتى لو قام بالرئيس المذكور مانع أو عذر أدى إلى قيام غيره مقامه؛ ذلك أن الاختصاص وإن كان الأصل فيه أن يباشره صاحبه، إلا أن الأصول العامة تقضي عند الضرورة أن ينحدر مباشرة اختصاص الأصيل إلى من يليه، متى قام بالأصيل مانع أو عذر؛ حتى لا يتعطل سير العمل. وقد رددت المادة 49 من قانون مجلس الدولة هذا الأصل العام ونظمته، فقضت بأنه "عند غياب الرئيس (رئيس مجلس الدولة) يحل محله في الاختصاص القضائي بالنسبة إلى المحكمة الإدارية العليا الأقدم فالأقدم من أعضائها، وبالنسبة إلى المحاكم الإدارية وكيل المجلس للقسم القضائي ثم الوكيل المساعد لتلك المحاكم، وفي أعمال هيئة المفوضين وكيل المجلس للقسم القضائي ثم الوكيل المساعد للهيئة ثم الأقدم فالأقدم من مستشاريها"، كما نصت المادة 16 من اللائحة الداخلية لمجلس الدولة على أنه "تعرض كشوف بالأحكام الصادرة من دوائر محكمة القضاء الإداري ومن المحاكم الإدارية خلال أسبوعين من تاريخ صدور الحكم على رئيس هيئة مفوضي الدولة أو من يندبه لذلك من الأعضاء، ويكون كل كشف مشتملاً على ملاحظات المفوض الملحق بالدائرة أو بالمحكمة ورأيه في الطعن في الحكم أو عدمه وأسباب الطعن، كما يرفق به ما يقدم من ذوي الشأن من ملاحظات على الحكم. ويؤشر رئيس الهيئة أو من يندبه بالموافقة على هذه الأحكام أو باتخاذ سبيل الطعن فيها، ويكون الطعن بعريضة مسببة من رئيس الهيئة تقدم إلى سكرتيرية المحكمة الإدارية العليا". وهذا النص ينظم طريقة الإنابة في مباشرة الاختصاص إلى جانب قاعدة الحلول فيه بحكم القانون؛ إذ يخول رئيس هيئة المفوضين ندب أحد معاونيه من أعضاء هيئة المفوضين للتأشير بالموافقة على الأحكام أو باتخاذ سبيل الطعن فيها، سواء أوقع هذا الندب كتابياً أم شفهاً، وهو حكم يجرى على سنن الحرص على انتظام العمل والرغبة في توقي فوات مواعيد الطعن في الأحكام؛ ومن ثم فلا حجة في القول بأن موقع عريضة الطعن هو أحد المستشارين دون رئيس هيئة المفوضين؛ لأنه كان فعلاً عند الطعن في الحكم المطعون فيه أقدم المستشارين الملحقين بهيئة مفوضي الدولة، وهو الذي كان يتعين عليه بهذه الصفة القيام مقام رئيس الهيئة في اختصاصه بحكم الضرورة عند قيام المانع بالرئيس المذكور، وبالتالي يكون هذا الدفع في غير محله متعيناً رفضه.


إجراءات الطعن

في 2 من يونيه سنة 1956 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 796 لسنة 3 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة "ب") بجلسة 4 من إبريل سنة 1957 في الدعوى رقم 229 لسنة 9 القضائية المرفوعة من السيد/ أبو الفتوح أحمد الطوبجي ضد وزارة الأشغال ومصلحة المساحة، القاضي "بإلغاء القرار الصادر في 9 من سبتمبر سنة 1954 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الثالثة، وما يترتب على ذلك من آثار، وبعدم قبول الدعوى بالنسبة لطلب إلغاء القرار رقم 504 الصادر في 9 من نوفمبر سنة 1955، وبإلزام الحكومة المصروفات ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة". وطلب السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة - للأسباب التي استند إليها في طعنه - الحكم "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض دعوى المدعي، مع إلزامه المصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى وزارة الأشغال في 26 من أغسطس سنة 1957، وإلى المطعون عليه في 24 من أغسطس سنة 1957، وعين لنظره أمام هذه المحكمة جلسة 19 من أكتوبر سنة 1957. وقد أودع المطعون عليه سكرتيرية المحكمة في 19 من سبتمبر سنة 1957 مذكرة بملاحظاته، دفع فيها بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة، وطلب في الموضوع تأييد الحكم المطعون فيه، مع إلزام الحكومة بالمصروفات وبمقابل أتعاب المحاماة في كلتا الحالتين. ولم تقدم الحكومة مذكرات بملاحظاتها في الميعاد القانوني. وفي 5 من أكتوبر سنة 1957 أبلغ الطرفان بميعاد الجلسة، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم. وفي 26 من أكتوبر سنة 1957 أودع المطعون عليه مذكرة ثانية بملاحظاته صمم فيها على طلباته.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
( أ ) عن عدم قبول الطعن شكلاً:
من حيث إن الدفع الذي أثاره المدعي يقوم على أن الطعن الحالي لم يقرر به رئيس هيئة مفوضي الدولة كما تقضي بذلك المادة 15 من القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة، وإنما قام بذلك أحد مفوضي الدولة بالنيابة عن رئيس هيئة المفوضين - كما يبين ذلك من صحيفة الطعن - وأنه إذا كانت المادة 15 المشار إليها قد قصرت هذا الحق على رئيس الهيئة المذكورة وتركت استعماله لتقديره المطلق دون حاجة إلى رضاء ذوي الشأن ودون توقف على طلبهم، لم يجز بحال أن ينوب عنه شخص آخر في تقديم الطعن.
ومن حيث إن المادة 15 من القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة قد نصت على أن "لرئيس هيئة مفوضي الدولة من تلقاء نفسه أو بناءً على طلب ذوي الشأن، إن رأى الرئيس وجهاً لذلك، أن يطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية وذلك في الأحوال الآتية..".
ومن حيث إنه لئن كان قانون تنظيم مجلس الدولة قد ناط في الأصل حق الطعن في أحكام محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية برئيس هيئة مفوضي الدولة، إلا أن ذلك لا يعني أنه يتحتم أن توقع يده كل عريضة طعن تودع سكرتيرية المحكمة الإدارية العليا، حتى لو قام بالرئيس المذكور مانع أو عذر يقتضي قيام غيره مقامه؛ ذلك أن الاختصاص وإن كان الأصل فيه أن يباشره صاحبه، إلا أن الأصول العامة تقضي عند الضرورة أن ينحدر مباشرة اختصاص الأصيل إلى من يليه متى قام بالأصيل مانع أو عذر حتى لا يتعطل سير العمل. وقد رددت المادة 49 من قانون مجلس الدولة هذا الأصل العام ونظمته، فقضت بأنه "عند غياب الرئيس (رئيس مجلس الدولة) يحل محله في الاختصاص القضائي بالنسبة إلى المحكمة الإدارية العليا الأقدم فالأقدم من أعضائها، وبالنسبة إلى المحاكم الإدارية وكيل المجلس للقسم القضائي ثم الوكيل المساعد لتلك المحاكم، وفي أعمال هيئة المفوضين وكيل المجلس للقسم القضائي، ثم الوكيل المساعد للهيئة ثم الأقدم فالأقدم من مستشاريها"، كما نصت المادة 16 من اللائحة الداخلية لمجلس الدولة على أنه "تعرض كشوف بالأحكام الصادرة من دوائر محكمة القضاء الإداري ومن المحاكم الإدارية خلال أسبوعين من تاريخ صدور الحكم على رئيس هيئة مفوضي الدولة أو من يندبه لذلك من الأعضاء، ويكون كل كشف مشتملاً على ملاحظات المفوض الملحق بالدائرة أو بالمحكمة ورأيه في الطعن في الحكم أو عدمه وأسباب الطعن، كما يرفق به ما يقدم من ذوي الشأن من ملاحظات على الحكم. ويؤشر رئيس الهيئة أو من يندبه بالموافقة على هذه الأحكام أو باتخاذ سبيل الطعن فيها، ويكون الطعن بعريضة مسببة من رئيس الهيئة تقدم إلى سكرتيرية المحكمة الإدارية العليا". وهذا النص ينظم طريقة الإنابة في مباشرة الاختصاص إلى جانب قاعدة الحلول فيه بحكم القانون؛ إذ يخول رئيس هيئة المفوضين ندب أحد معاونيه من أعضاء هيئة المفوضين للتأشير بالموافقة على الأحكام أو باتخاذ سبيل الطعن فيها، سواء أوقع هذا الندب كتابياً أو شفهاً، وهو حكم يجرى على سنن الحرص على انتظام العمل والرغبة في توقي فوات مواعيد الطعن في الأحكام.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أنه لا حجة في القول بأن موقع عريضة الطعن هو السيد الأستاذ محمد مختار العزبي دون رئيس هيئة المفوضين؛ لأنه كان فعلاً عند الطعن في الحكم المطعون فيه أقدم المستشارين الملحقين بهيئة مفوضي الدولة، وهو الذي كان يتعين عليه بهذه الصفة القيام مقام رئيس هذه الهيئة في اختصاصه بحكم الضرورة عند قيام المانع بالرئيس المذكور؛ ومن ثم يكون هذا الدفع في غير محله متعيناً رفضه.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
(ب) عن الموضوع [(1)]:

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.


[(1)] موضوع هذه القضية ينطوي على مبادئ مماثلة لتلك المقررة بالقضية رقم 878 لسنة 3 ق، المنشورة ببند 1 من هذه المجموعة، ص 3.