مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والعشرون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1980 إلى آخر فبراير سنة 1981) - صـ 187

(28)
جلسة 20 من ديسمبر سنة 1980

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد صلاح الدين السعيد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد محمد عبد المجيد ونصحي بولس فارس ومحمد عزيز أحمد علي وجبريل محمد جبريل زيادة - المستشارين.

الطعن رقم 133 لسنة 25 القضائية

( أ ) طعن في الأحكام - ميعاد - انقطاع سير الخصومة.
حكم المادة 213 من قانون المرافعات الذي أحالت إليه المادة الثالثة من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 في شأن الإجراءات التي لم يرد بها نص في قانون مجلس الدولة على أن ميعاد الطعن في الأحكام لا يجرى إلا من تاريخ إعلان الحكم إذا حدث سبب من أسباب انقطاع سير الخصومة وصدر الحكم دون اختصام من يقوم مقام الخصم الذي توفي أو فقدت أهليته للخصومة - وزالت صفته - نتيجة ذلك: سريان ميعاد الطعن في هذا الشأن من تاريخ العلم اليقيني به سواء بإعلانه أو بأي وسيلة أخرى - أساس ذلك - تطبيق.
(ب) انقطاع سير الخصومة - حكم - بطلان.
وفاة أحد الخصوم يترتب عليه بقوة القانون انقطاع سير الخصومة من تاريخ تحقق هذا السبب ما دامت الدعوى غير مهيأة للفصل في موضوعها ولا يستأنف سيرها بعد ذلك إلا باتخاذ إجراء من الإجراءات المنصوص عليها قانوناً - لا يصح اتخاذ أي إجراء من إجراءات نظر الدعوى ومن باب أولى صدور حكم فيها أثناء فترة الانقطاع وفي غيبة من يقوم مقام الخصم الذي توفي وإلا وقع باطلاً بنص القانون - أساس ذلك - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 14 من يناير سنة 1979 أودع الأستاذ مهاب كامل المحامي بصفته وكيلاً عن السيدة/ ......... عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر/ ..... و..... و..... و..... من المرحوم/ ........ بموجب قرار الوصاية في القضية رقم 47 لسنة 1977 الصادر من محكمة أرمنت للأحوال الشخصية. وأودع قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن ضد شركة السكر والتقطير المصرية عن الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة الصناعة بجلسة 21 من نوفمبر سنة 1976 في الدعوى رقم 33 لسنة 5 القضائية المقامة من/ ........ (مورث الطاعنين) ضد شركة السكر والتقطير المصرية - والذي قضى ببطلان عريضة الدعوى لعدم توقيعها من محام.
وطلبت الطاعنة - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص المحكمة التأديبية لوزارة الصناعة وإحالتها بحالتها إلى المحكمة التأديبية بأسيوط مع إلزام المطعون ضدها المصروفات.
وبعد أن أعلن تقرير الطعن إلى الشركة المطعون ضدها بتاريخ 20 من فبراير سنة 1979 عقبت هيئة مفوضي الدولة بتقرير مسبب بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية المختصة.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 9 من يناير سنة 1980، وبجلسة 9 من يوليه سنة 1980 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) لنظره بجلسة 15 من نوفمبر سنة 1980 وبعد أن سمعت المحكمة في هذه الجلسة ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أنه بتاريخ 14 من مارس سنة 1971 أقام/ ........ مورث الطاعنين - الدعوى رقم 33 لسنة 5 القضائية أمام المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة الصناعة ضد شركة السكر والتقطير المصرية طالباً الحكم بإلغاء القرار الصادر من الشركة بفصله من الخدمة وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الشركة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال بياناً لدعواه إنه لم تثبت إدانته في التحقيق الإداري باعتراف الشركة كما أن اللجنة الثلاثية قررت بتاريخ 16 من يناير سنة 1971 عدم الموافقة على فصله لمخالفته للقانون ورغم ذلك صدر قرار نائب رئيس مجلس الإدارة بتاريخ 16 من فبراير سنة 1971 بفصله من عمله دون وجه حق.
وبجلسة 12 من ديسمبر سنة 1971 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وألزمت المدعي مصاريفها وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة واستندت في قضائها على حكم المحكمة العليا في الدعوى رقم 4 لسنة 1 القضائية بعدم دستورية المادة 60 من لائحة نظام العاملين بالقطاع العام الصادرة بالقرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966.
وقد طعن المدعي في هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 342 لسنة 18 القضائية وقضت هذه المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة الصناعة بنظر الدعوى وإعادتها إليها للفصل في موضوعها.
وبجلسة 21 من نوفمبر سنة 1971 حكمت المحكمة التأديبية المذكورة ببطلان عريضة الدعوى لعدم توقيعها من محام - وهو الحكم محل الطعن الراهن - وأقامت المحكمة قضاءها هذا على أن القوانين المتعاقبة في شأن مجلس الدولة قد أوجبت توقيع العريضة التي تودع سكرتارية محاكم مجلس الدولة من محام مقبول أمام تلك المحاكم متوخية في ذلك مصلحة العدالة باعتبارها أمراً متعلقاً بالنظام العام الأمر الذي لا يجوز الإخلال به أو الخروج عليه وإلا ترتب عليه بطلان العريضة جزاء على مخالفة الإجراء الجوهري الذي أوجبه المشرع.
ومن حيث إن الطاعنة قد نعت على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون وطالبت بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإحالة الدعوى إلى محكمة أسيوط التأديبية للحكم في موضوعها وأسست طعنها على الأسباب الآتية:
أولاً: أنه بالنسبة لميعاد الطعن فإنه وإن كان هذا الميعاد يسري طبقاً للمادة 44 من قانون مجلس الدولة من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه إلا أنه إذا حدث سبب من أسباب انقطاع الخصومة كالوفاة فإن ميعاد الطعن فيه لا يسري إلا من تاريخ إعلان الحكم إلى الورثة وإذا لم يعلن الحكم المطعون فيه إلى ورثة المدعي الذي توفي أثناء نظر الدعوى فإنه بذلك ينفتح ميعاد الطعن أمامهم.
ثانياً: أن انقطاع سير الخصومة يقع بحكم القانون بوفاة أحد الخصوم دون حاجة لصدور حكم بذلك ويترتب على قيام سبب الانقطاع وقف جميع الإجراءات والمواعيد وبطلان ما يتخذ من إجراءات وإذا صدر الحكم المطعون فيه رغم وفاة المدعي بتاريخ 13 من يوليه سنة 1975 أثناء نظر الدعوى فإن الحكم يكون باطلاً.
ثالثاً: أن الحكم المطعون فيه صدر من المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة الصناعة مع أن المحكمة التأديبية بأسيوط هي التي تختص بنظر الدعوى إعمالاً لقرار رئيس مجلس الدولة رقم 148 لسنة 1973 بإنشاء تلك المحكمة وبذلك تكون المحكمة المطعون في حكمها قد اغتصبت سلطات محكمة أخرى مما يوصم حكمها بالبطلان.
رابعاً: أن قانون مجلس الدولة لم ينص على اشتراط توقيع محامي على عريضة دعوى إلغاء قرارات الجزاء أمام المحاكم التأديبية كما أن الهدف من ذلك الشرط هو أن يتولى مباشرة الدعوى أمام المحكمة محام مقبول للمرافعة أمامها وهو ما تحقق بشأن الدعوى حيث حضر محام مع الطاعن وقدم مذكرة عنه. الأمر الذي يقطع بأن الغاية من الإجراء قد تحققت بما لا وجه معه الحكم ببطلان عريضة الدعوى.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قد عقبت على هذا الطعن بتقرير بالرأي القانوني انتهت فيه إلى أن صدور الحكم المطعون فيه بعد تحقق سبب من أسباب انقطاع سير الخصومة بوفاة المدعي قد فوت على الورثة العلم بهذا الحكم وبالتالي فإن ميعاد الطعن فيه يجرى في حقهم من تاريخ العلم اليقيني وهو ما لم يتحقق في تاريخ معين قبل إقامة الطعن مما يتعين معه قبوله شكلاً، ثم تعرضت الهيئة لما قضى به الحكم من بطلان عريضة الدعوى لعدم توقيعها من محام فأشارت في تقريرها إلى ما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا في هذا الشأن من عدم خضوع المحاكم التأديبية لحكم المادة 23 من القانون رقم 55 لسنة 1959 بشأن مجلس الدولة التي أوجبت أن يكون رفع الدعوى أمام مجلس الدولة بعريضة موقعة من محام مقيد بجدول المحامين المقبولين أمام المجلس، ذلك أن المحاكم التأديبية لم تكن في حكم القانون المتقدم من عداد محاكم مجلس الدولة وآية ذلك أن المادة الخامسة من قانون إصدار قانون مجلس الدولة لم تحدد المحامين المقبولين أمام المحاكم التأديبية شأن المحامين المقبولين أمام المحكمة الإدارية العليا ومحكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية فضلاً عن أن جدول المحامين المشتغلين المنصوص عليه في المادة 56 من القانون رقم 61 لسنة 1968 بإصدار قانون المحاماة لا يشتمل على قسم خاص بالمحامين المقبولين أمام المحاكم التأديبية أسوة بالمحاكم الأخرى المحددة في هذا الجدول كما لم تشترط المادة 87 من القانون آنف الذكر أن يكون تقديم صحف الدعاوى أمام المحاكم التأديبية موقعاً عليها من محام. وقد خلصت هيئة مفوضي الدولة بعد استعراض قضاء المحكمة الإدارية العليا في هذا الخصوص إلى طلب إلغاء الحكم المطعون فيه لمخالفته للقانون فيما قضى به من بطلان عريضة الدعوى دون حاجة لبحث أوجه الطعن الأخرى مع إعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية المختصة.
ومن حيث إنه عن طلب قبول الطعن شكلاً فإنه وإن كان الأصل طبقاً للمادتين 23، 44 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 الذي أقيم الطعن في ظله - أن يسري ميعاد الطعن في الأحكام أمام المحكمة الإدارية العليا من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه إلا أنه إعمالاً لحكم المادة 213 من قانون المرافعات الذي أحالت إليه المادة الثالثة من القانون رقم 47 لسنة 1972 في شأن الإجراءات التي لم يرد بها نص في قانون مجلس الدولة المشار إليه - فإن ميعاد الطعن في الأحكام لا يجرى إلا من تاريخ إعلان الحكم إذا حدث سبب من أسباب انقطاع الخصومة وصدر الحكم دون اختصام من يقوم مقام الخصم الذي توفي أو فقد أهليته للخصومة أو زالت صفته. ولما كان الثابت أن مورث الطاعنين قد توفي في 13 من يوليه سنة 1975 أثناء نظر الدعوى أمام المحكمة التأديبية ولم يتخذ أي من ذوي الشأن إجراءات استئناف الخصومة قبل صدور الحكم المطعون فيه، فمن ثم فإن هذا الحكم لم يصدر في مواجهة الورثة وبالتالي لا يسري ميعاد الطعن فيه في حقهم إلا من تاريخ العلم اليقيني به سواء بإعلانه إليهم أو بأية وسيلة أخرى. ولما كان لم يقم بالأوراق ما يفيد أن الطاعنين قد علموا بصدور الحكم المطعون فيه قبل ستين يوماً سابقة على إيداع تقرير الطعن قلم كتاب هذه المحكمة في 14 من يناير سنة 1979 فإن الطعن والحالة هذه يكون مقدماً في الميعاد القانوني ومقبولاً شكلاً من حيث إنه عن طلب الحكم ببطلان الحكم المطعون فيه لصدوره بعد انقطاع سير الخصومة بوفاة المدعي.
فإن المادة 130 من قانون المرافعات تنص على أن "ينقطع سير الخصومة بحكم القانون بوفاة أحد الخصوم.. إلا إذا كانت الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها". كما تنص المادة 132 من هذا القانون على أن "يترتب على انقطاع الخصومة وقف جميع مواعيد المرافعات التي كانت جارية في حق الخصوم وبطلان جميع الإجراءات التي تحصل أثناء الانقطاع" وتنص المادة 133 على أن "تستأنف الدعوى سيرها بصحيفة تعلن إلى من يقوم مقام الخصم الذي توفى.. بناء على طلب الطرف الآخر أو بصحيفة تعلن إلى هذا الطرف بناء على طلب أولئك.. وكذلك تستأنف الدعوى سيرها إذا حضر الجلسة التي كانت محدد لنظرها وارث المتوفى.. وباشر السير فيها". ومؤدى هذه النصوص أن مجرد وفاة أحد الخصوم يترتب عليه بقوة القانون انقطاع سير الخصومة من تاريخ تحقق هذا السبب ما دامت الدعوى غير مهيأة للفصل في موضوعها ولا يستأنف سيرها بعد ذلك إلا باتخاذ إجراء من الإجراءات المنصوص عليها قانوناً. وبالتالي لا يصح اتخاذ أي إجراء من إجراءات نظر الدعوى ومن باب أولى صدور حكم فيها أثناء فترة الانقطاع وفي غيبة من يقوم مقام الخصم الذي توفي وإلا وقع باطلاً بنص القانون.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن مورث الطاعنين قد توفي في 13 من يوليه سنة 1975 أثناء نظر الدعوى محل الطعن الماثل واستمرت المحكمة في نظرها إلى أن أصدرت فيها حكمها المطعون فيه بتاريخ 21 من نوفمبر سنة 1976 دون ثمة إجراء قانوني يفيد استئناف سير الخصومة في مواجهة ورثة المدعي ودون أن تكون الدعوى قد تهيأت للفصل في موضوعها بالتطبيق لحكم المادة 131 من قانون المرافعات المدنية والتجارية حيث تم حجز الدعوى للحكم فيها في 30 من أكتوبر سنة 1979 بعد وفاة المدعي بما يزيد على خمسة عشر شهراً ولم يكن قد أبدى أقواله وطلباته الختامية، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه - وقد صدر بعد تحقق السبب الموجب لانقطاع سير الخصومة وأثناء فترة الانقطاع - يكون قد وقع باطلاً بقوة القانون وبالتالي تحققت فيه إحدى حالات الطعن في الأحكام المنصوص عليها في البند الثاني من المادة 23 من قانون مجلس الدولة مما يتعين معه الحكم بإلغائه وإعادة الدعوى إلى المحكمة المختصة للفصل فيها.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن مورث الطاعنين كان يعمل بوظيفة حارس بمصنع أرمنت بمحافظة قنا التابع لشركة السكر والتقطير المصرية وقد أصدرت الشركة المذكورة قراراً بفصله من العمل لما نسب إليه فأقام الدعوى محل الطعن الراهن أمام المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة الصناعة. ولما كانت المنازعة في شأن هذا القرار قد أصبحت من اختصاص المحكمة التأديبية بمدينة أسيوط إعمالاً لقرار رئيس مجلس الدولة رقم 148 لسنة 1973 فمن ثم فقد تعين إحالة الدعوى إليها للفصل فيها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد لحقه البطلان بحكم القانون لصدوره أثناء انقطاع سير الخصومة على النحو المشار إليه فقد تعين القضاء بإلغائه وإحالة الدعوى إلى المحكمة التأديبية بأسيوط للفصل فيها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإحالة الدعوى إلى المحكمة التأديبية بأسيوط للفصل فيها.