مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والعشرون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1980 إلى آخر فبراير سنة 1981) - صـ 260

(38)
جلسة 28 من ديسمبر سنة 1980

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد ثابت عويضه نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة يوسف شلبي يوسف وعزيز بشاي سيدهم ويحيى عبد الفتاح سليم البشرى ومحمد محمود الدكروري - المستشارين.

الطعن رقم 772 لسنة 25 القضائية

اختصاص - ما يدخل في اختصاص القضاء الإداري - توصيات مجلس السلكين الدبلوماسي والقنصلي.
توصية مجلس السلكين الدبلوماسي والقنصلي المنشأ بالقانون رقم 166 لسنة 1954 وتعديلاته بإرجاء النظر في نقل أحد أعضاء السلكين للعمل بالخارج - اعتماد هذه التوصية من وزير الخارجية، أو مرور شهر على تاريخ رفعها إليه دون اعتمادها - اعتبارها في هذه الحالة قراراً إدارياً - أساس ذلك أنه ليس من شك في أن هذه التوصية إنما تؤثر في المركز القانوني لعضو السلك تأثيراً حاسماً لما يترتب على تنفيذها من حجب العمل في الخارج عنه ولو بصفة مؤقتة إلى أن يتم العدول عنها - المنازعة في شأن هذه التوصية لا تعتبر منازعة في قرار تأديبي لعدم تضمنها أي جزاء تأديبي من الجزاءات المقررة قانوناً بنظام أعضاء السلك وإنما تدخل في عموم معنى المنازعات الإدارية التي يختص بنظرها مجلس الدولة وفقاً لحكم الفقرة الرابعة عشرة من المادة العاشرة من قانون المجلس الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 23/ 5/ 1979 أودعت إدارة قضايا الحكومة نائبة عن نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية بصفته تقرير طعن قيد بجدول المحكمة برقم 772 لسنة 25 ق ضد/ فوزي بخيت حسن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري، دائرة الجزاءات بجلسة 12/ 4/ 1979 في الدعوى رقم 1956 لسنة 31 ق المقامة من المطعون ضده والذي قضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وباختصاصها بنظرها وبرفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً بقبولها وبإلغاء القرار الصادر، من مجلس شئون أعضاء السلكيين الدبلوماسي والقنصلي فيما تضمنه من التوصية بإرجاء، النظر في نقل المدعي وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام وزارة الخارجية بالمصروفات وطلبت الطاعنة للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه بكافة مشتملاته والحكم أصلياً بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى واحتياطياً بعدم قبول الدعوى ومن باب الاحتياط الكلي، برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده بالمصروفات عن الدرجتين. وقد أعلن تقرير الطعن إلى المدعي في مواجهة جهة الإدارة في 3/ 7/ 1979 وعقبت هيئة مفوضي الدولة على الطعن بتقرير بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً. وقد تحدد لنظر الطعن جلسة 13/ 2/ 1980 أمام دائرة فحص الطعون الدائرة الرابعة التي قررت بجلسة 12/ 3/ 1980 إحالة الطعن إلى دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا الدائرة الثانية للاختصاص بنظره وذلك بجلسة 14/ 4/ 1980 وقد نظرت دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة الطعن الماثل بالجلسة المذكورة وقررت بجلسة 12/ 5/ 1980 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) التي نظرت الطعن بجلسة 23/ 11/ 1980 وسمعت ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن وقررت إرجاء إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل على ما يبين من أوراق الطعن في أن المدعي أقام الدعوى رقم 1956 لسنة 31 ق أمام محكمة القضاء الإداري في 11/ 9/ 1977 ضد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية وطلب فيها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار التوصية الصادر من مجلس شئون السلكيين في 16/ 1/ 1977 والمبلغ له في 9/ 5/ 1977 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة بالمصروفات. وقال المدعي شرحاً لدعواه إنه التحق بخدمة وزارة الخارجية في 18/ 12/ 1960 بوظيفة سكرتير ثان ثم رقي إلى وظيفة سكرتير أول ونقل بعد ذلك إلى ديوان عام الوزارة في سنة 1967 في إدارة السلك الدبلوماسي والتفتيش ورقي سنة 1969 إلى وظيفة مستشار ونقل إلى سفارة مصر بالفلبين سنة 1970 ثم نقل في سنة 1972 إلى الخرطوم وهناك لم يعتد بتصرفات السفير...... السيئة وطلب نقله إلى ديوان عام الوزارة التي رأت نقله إلى منروفيا في يونيه سنة 1975 حيث رقي إلى وظيفة وزير مفوض في يناير سنة 1976 ثم نقل إلى الديوان العام. ويقول المدعي إنه نموذج مشرف لرجال السلك السياسي ومع ذلك فقد أبلغ في يوم 5/ 5/ 1977 بتوصية أصدرها بشأنه مجلس شئون السلكين بجلسته المنعقدة في 16/ 1/ 1977 تقضي "بالتوصية إرجاء النظر في نقلكم في الوقت الحاضر نظراً لما نسب إليكم في تقاريركم السرية ومنذ التحاقكم بالعمل بالوزارة من ملاحظات" وتسلم المدعي كتاباً من إدارة شئون السلكين يتضمن هذه التوصية وملخص لما كتبه عن المدعي رؤساؤه الذين عمل معهم أ - رئيس أول - كتب عن المدعي أنه ضعيف التفكير، سيء التصرف في الأزمات وليس له القدرة على الحكم على الأمور أهوج مندفع + دائم الشكر في نفسه والتمجيد في رؤسائه غير حريص في نقل الأحاديث ويميل إلى الكذب ب - رئيس ثان كتب عن المدعي أنه تنقصه الخبرة في الشئون السياسية وغير لماح - جـ - رئيس ثالث كتب عن المدعي أنه أهوج مندفع كثير الشكر في نفسه دائم التمجيد في رؤسائه بدون داع يعتقد أن هذا التملق يفيده ليست لديه أية كياسة كما أنه غير لماح د - رئيس رابع كتب عن المدعي أنه حصل على درجة ضعيف وأنه شخصية غريبة. بخيل إلى درجة الشح - يحكم تصرفاته كلها هذا البخل فينسى كرامته وكرامة وظيفته لا يصلح لرئاسة بعثة دبلوماسية ولا يصلح للعمل في السلك الدبلوماسي وكتب عنه رئيس خامس أنه حصل على درجة ضعيف في الأمانة والدقة والوضوح في نقل أحاديث مستوى وأسلوب المعيشة لا يتناسب مع وظيفته وسمعته وقد ورد بشأنها أنه يتطفل على الناس بالزيارة في أوقات غير مناسبة وأنه كثير التحدث عن نفسه وعن علاقاته الخاصة وأنه يكسر تعليمات أمن البعثة ويقول المدعي أن ملاحظات الرئيس الأول ترجع إلى سنة 1963 والرئيس الثاني إلى سنة 1965 والرئيس الثالث إلى سنة 1969 ومع وجودها فقد نقلته الوزارة في سنة 1970 إلى الفلبين وفي سنة 1972 إلى الخرطوم وإلى منروفيا من يونيه سنة 1975 إلى سبتمبر سنة 1976 الأمر الذي يستفاد منه أن الوزارة لم تعتد بهذه الملاحظات وناقش المدعي ملاحظات رؤسائه عنه وقال عن ملاحظات الرئيس الأول وهو سفير مصر في الكويت....... إنه لم يحدث خلال مدة عمله في الكويت بصفته مشرفاً على الأعمال القنصلية أية أزمات حتى يمكن وصفه بأنه - أي المدعي - يسئ التصرف إزاء الأزمات وكان اختصاصه فقط بالشئون القنصلية للرعايا المصريين في الكويت وهذه الشئون وظيفتها لا تكون مجالاً للأزمات كما أنه كان بدرجة سكرتير ثان وكان إلى جانب السفير مستشار وسكرتير أول يسبقان المدعي وهما المسئولون عن الأزمات إن كانت وعن قول السفير أن المدعي دائم التمجيد للرؤساء فإن ذلك مردود بأن السفير كان على خلاف مع الخارجية ولم يكن يطيق أي كلمة طيبة في حق أحد من رؤسائه بالخارجية وكان يعتبر ذلك ذماً وتجريحاً له شخصياً ولو أن المدعي كان دائم التمجيد لرؤسائه لمجد السفير نفسه وكسب رضاءه والخطوة لديه ولكن شيئاً من ذلك لم يحدث وعن قول السفير إن المدعي غير حريص في نقل الأحاديث ويميل إلى الكذب فإن ما يقصده السفير هو ما يتردد عنه هو شخصياً من أحاديث وقد كانت السفارة في عهده منقسمة إلى جهتين جهة السفير وجهة مندوب المخابرات وكان المدعي ملتزماً موقف الحيدة مما أثار عليه حفيظة السفير أما عن أقوال الرئيس الثاني بأن المدعي تنقصه الخبرة في الشئون السياسية فهذا القول غير ذي موضوع لأن عمل المدعي في الكويت كان مقصوراً على الشئون القنصلية ولم يعهد إليه بأي عمل سياسي أما الملاحظات المنسوبة إلى المدعي من رئيس ثالث فقد نقل هذا السفير مجمل عبارات التقرير الأول - والقول بأن المدعي دائم التمجيد في رؤسائه يقصد به فقط تجريح المدعي. وعن الملاحظات المنسوبة إلى المدعي من رئيس رابع هو السفير.... في الخرطوم فقد قرر مجلس السلكين في سنة 1974 إلغاء التقرير الذي أعده السفير المذكور عن المدعي ورفع التقرير الذي وضعه له بعد أن قدم المدعي تقريراً عن تصرفات السفير المذكور السيئة وطلب نقله من الخرطوم إلى ديوان عام وزارة الخارجية بالقاهرة وقد عرض مدير شئون السلكين على المدعي في يونيه سنة 1975 النقل إلى منروفيا في غير دوره كنوع من التعويض عن عدم إكماله مدة العمل في الخرطوم. وهو ما يؤكد أن الوزارة لم تأخذ بملاحظات هذا السفير ويصبح من الغريب أن يأخذ مجلس السلكين بهذا التقرير في التوصية التي أصدرها في يناير سنة 1977، أما عن ملاحظات الرئيس الخامس فقد أدين السفير صاحب هذه الملاحظات وجوزي وهو السفير...... في منروفيا عن مخالفات مالية وشهادات إعفاء جمركية غير صحيحة وملاحظاته فوق ذلك فاسدة. ولا يتسنى للسفير المذكور الحكم على مستوى وأسلوب معيشة المدعي ما دام لم يدخل قط بيته ولو مرة واحدة بل أن السفير المذكور رفض حضور ثلاث حفلات أقامها المدعي في بيته لرجال السلك الدبلوماسي الأجنبي. أما ما نسب إلى المدعي من تطفله بالزيارات في أوقات غير مناسبة فإن مصدر هذا الفهم الخاطئ لدى، السفير...... أنه لا يدرك معنى الحياة الاجتماعية لدبلوماسي وقد كانت للمدعي حفلات لسفير زائير والملحق العسكري الأمريكي أما القول بأنه كثير التحدث عن نفسه وعن علاقاته الخاصة فقول متهافت لا يستحق الرد أما عن كسر تعليمات أمن البعثة فإنه لم يحدث شيء من ذلك بدليل عدم إبلاغ السفير...... بشيء من ذلك للوزارة وخلص المدعي من ذلك إلى أن الملاحظات التي ذكرها كتاب الوزارة واتخذت ذريعة للتوصية التي صدرت في شأنه لا أساس لها وقد أهدرتها الوزارة إهداراً كاملاً حين قررت نقل المدعي إلى الخارج أكثر من مرة وقد أغفل مجلس شئون السلكين التقارير الأخرى التي تشيد به الأمر الذي يدل على أن النية كانت مبيتة لاتخاذ القرار الذي صدر عنه وبغير أسباب تبرره وسبب ذلك خلاف قائم بين المدعي وبين أحد المسئولين وخلص المدعي إلى طلب الحكم له بالطلبات السابق بيانها.
وعقبت وزارة الخارجية على الدعوى فقالت إن النقل إلى الخارج مسألة تنظيمية تنفرد وزارة الخارجية بتقديرها وفقاً لصلاحية العضو للعمل بالخارج نظراً لطبيعة العمل الدبلوماسي وحساسيته وتأثيره المباشر على مصلحة البلاد العليا وأن تقدير عدم صلاحية المدعي للعمل بالخارج خاصة وأنه يشغل وظيفة كبرى تؤهله لرئاسة بعثة دبلوماسية بالخارج وهي وزير مفوض أمر لم ينفرد به رئيس بعثة واحد بل اشترك في هذا الرأي خمس سفراء عمل المدعي معهم في الخارج وأنه بعرض الأمر على مجلس شئون السلكين أوصى بجلسته بتاريخ 16/ 1/ 1977 بإرجاء النظر في نقل المدعي للعمل بالخارج في الوقت الحاضر ومجلس شئون السلكين هو الهيئة التي تختص طبقاً لحكم المادة 13 من القانون رقم 166 لسنة 1954 المعدلة بالقانون رقم 203 لسنة 1957 بالنظر في نقل أعضاء السلكين بالخارج وفقاً لمصلحة العمل كما أن إجماع رؤساء المدعي له مدلوله من اتصاف المدعي بصفات تبرر التوصية بإرجاء النظر من نقله للخارج ولا مجال للتشكيك في ذلك ومن ثم لا تنطوي التوصية على جزاء مقنع وإذا كانت الوزارة قد نقلت المدعي للعمل بالخارج رغم وجود هذه التقارير عنه فإن الغرض من ذلك هو إعطاؤه أكثر من فرصة وحتى يمكنها إعادة اختبار صلاحيته ورغم ذلك فقد ثبت للوزارة عدم صلاحيته للعمل في الخارج رغم إعطائه أكثر من فرصة لتحسين وضعه.
وجاء في كتاب مدير إدارة السلك الدبلوماسي والقنصلي السفير... أن مجلس شئون السلكين قرر في جلسته المنعقدة في 16/ 1/ 1977 التوصية بإرجاء النظر في نقل المدعي في الوقت الحاضر نظراً لما نسب إليه في التقارير السرية ومنذ التحاقه بالعمل بالوزارة من ملاحظات فقد كتب عنه رئيس أول أنه ضعيف التفكير وسيئ التصرف في الأزمات ليست له القدرة على الحكم على الأمور أهوج مندفع دائم الشكر في نفسه وتمجيد رؤسائه غير حريص على نقل الأحاديث ويميل إلى الكذب وجاء في تقرير رئيس ثاني أنه تنقصه الخبرة في الشئون السياسية غير لماح وجاء في تقرير رئيس الثالث أنه أهوج ومندفع كثير الشكر عن نفسه والتمجيد في رؤسائه بدون داع، يعتقد أن هذا التملق يفيد ليست لديه أية كياسة وغير لماح وجاء في تقرير رئيس رابع أن المدعي حصل على درجة ضعيف وهو شخصية غريبة وبخيل إلى درجة الشح ويحكم تصرفاته كلها هذا البخل فيتناسى كرامته وكرامه وظيفته، ولا يصلح لرئاسة بعثة ولا يصلح للعمل في السلك الدبلوماسي وكتب رئيس خامس عن المدعي أنه حصل على درجة ضعيف في الأمانة والدقة والوضوح في نقل الأحاديث وأن مستوى وأسلوب بعثته لا يتناسب مع وظيفة والسمعة وقد ورد بشأنها أنه يتطفل على الناس بالزيارة في أوقات غير مناسبة وأنه كثير التحدث عن نفسه وعن علاقاته الخاصة وأنه يكسر تعليمات أمن البعثة.
وجاء في كتاب وزارة الخارجية إدارة الشئون القضائية المؤرخ في 27/ 11/ 1977 أن النقل إلى الخارج من سلطة الوزارة التقليدية وفقاً لصلاحية العقد للعمل في الخارج والتقارير السنوية التي تحرر عن العضو الدبلوماسي هي الوقاء الذي يشمل كافة عناصر صلاحية العضو ولا مجال للتشكيك فيها ما دامت قد استوفت شكلها وإجراءاتها القانونية وهي تعتمد من مجلس شئون السلكين بما يثبت اقتناع كافة أعضاء المجلس بما ورد فيها وعن عدم صلاحية المدعي للعمل في الخارج فإن هذا الحكم لم يصدر من رئيس واحد بل اشترك فيه خمسة سفراء عمل المدعي معهم وهذا الإجماع له مدلوله وقد منح المدعي رغم هذه التقارير أكثر من فرصة لتحسين حالته ولاختبار صلاحيته ولكنها انتهت إلى عدم صلاحيته للعمل في الخارج رغم إعطائه أكثر من فرصة لتحسين وضعه فقد أجمع السفراء الذين عمل المدعي معهم في الخارج على اتصاف المدعي بصفات تبرر التوصية بإرجاء النظر في نقله إلى الخارج في الوقت الحاضر وهذه التوصية مستمدة من أصول هي تقارير درجة كفاية المدعي التي استخلصت منها وزارة الخارجية النتيجة التي انتهت إليها بشأن المدعي.
ودفعت إدارة قضايا الحكومة بعدم قبول دعوى الإلغاء لعدم وجود قرار إداري نهائي يمكن الطعن عليه لأن توصية مجلس شئون السلكين بإرجاء النظر في نقل المدعي في الوقت الحاضر لما نسب إليه في التقارير السرية ومنذ التحاقه بالعمل بالوزارة من ملاحظات ليست قراراً إدارياً - وإنما هي عمل تحضيري نحو صدور قرار إداري نهائي وهذه التوصية لا تؤثر في المركز القانوني للمدعي. وعن الموضوع طلبت الحكومة الحكم برفض الدعوى لعدم قيامها على أساس سليم من القانون مع إلزام المدعي بالمصروفات في جميع الأحوال.
وبجلسة 12/ 4/ 1979 أصدرت محكمة القضاء الإداري الحكم المطعون فيه وأقامت قضاءها على أساس أن قرار التوصية المطعون عليه قد صدر من مجلس شئون أعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي ورفع إلى وزير الخارجية لاعتماده وليس في الأوراق ما يشير إلى أن وزير الخارجية أعرض على التوصية خلال شهر من تاريخ رفعها إليه وبالتالي تعتبر التوصية معتمدة ونافذة وقد أخطر المدعي بها وبالتالي تختص المحكمة بنظر الطعن فيها بالإلغاء أما عن الموضوع فإن أحكام المادتين 12، 13 من القانون رقم 166 لسنة 1954 تخضع لنظام التقارير السنوية أعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي لغاية سكرتير أول أو قنصل عام من الدرجة الثانية وعلى ذلك لا يخضع شاغلوا وظيفة مستشار وما يعلوها من وظائف لنظام التقارير الدورية وبالتالي تقع باطلة التقارير التي وضعت عن المدعي وهو في وظيفة وزير مفوض ويبطل القرار بالتوصية الصادر من مجلس شئون أعضاء السلكين فيما استند إليه من هذه التقارير الباطلة كما أن مجلس السلكين يقوم اختصاصه على تعيين وترقية ونقل أعضاء السلكين من درجة مستشار فأقل ولا اختصاص له في نقل المدعي وهو وزير مفوض وخلصت المحكمة من ذلك إلى الحكم بإلغاء القرار الصادر من مجلس السلكين بإرجاء نقل المدعي في الوقت الحاضر.
ويقوم الطعن على أساس أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون ذلك أن التوصية المطعون فيها لا تتوافر فيها شروط القرار الإداري النهائي كما أن هذه التوصية لا تتغير طبيعتها بعدم اعتراض الوزير عليها. ومن ناحية أخرى فإن هذه التوصية التي أصدرها مجلس السلكين لا يترتب عليها أي أثر قانوني في مركز المدعي ولا تعتبر قراراً إدارياً كما أن من التقارير التي استند إليها المجلس في إصدار توصيته تقارير كتبت عن المدعي سنتي 63/ 1965 إبان شغله وظيفة أدنى من وظيفة مستشار بالخارجية أما التقارير التي أعدت عن المدعي وأنتجت التوصية المطعون فيها فهي ليست تقارير دورية في مفهوم المادة 13 من القانون رقم 166 لسنة 1954، ولكنها تتضمن تقارير صلاحية وهي تشترك مع عناصر أخرى تسترشد بها الوزارة عند ترشيح عضو السلك الدبلوماسي لتولي الوظائف الرئيسية في الخارج وهي ذات أهمية بالغة وتتصل اتصالاً وثيقاً بالسياسة العليا للدولة وأمنها وسمعتها في الخارج وتترخص الإدارة في تقدير تلك المسائل ما دام تقديرها قائماً على أصول ثابتة في الأوراق وملف الموظف.
ومن حيث إن القانون رقم 166 لسنة 1954 في شأن نظام السلكين الدبلوماسي والقنصلي والمعدل بالقانون رقم 548 لسنة 1954 والقانون رقم 203 لسنة 1957 ينص في المادة 12 على أن "ينشأ بديوان الخارجية مجلس دائم يسمى (مجلس شئون أعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي) ويشكل على الوجه الآتي.... ويختص المجلس بالنظر في تعيين وترقية ونقل أعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي من درجة مستشار فأقل وتكون قراراته بأغلبية الآراء.... ويرفع رئيس المجلس قرارات المجلس إلى وزير الخارجية لاعتمادها فإذا لم يعتمدها الوزير ولم يبين اعتراضه عليها خلال شهر من تاريخ رفعها إليه اعتبرت معتمدة وتنفذ أما إذا اعترض الوزير على كل أو بعض من قرارات المجلس".... "وتنص المادة 13 على أن "يقدم رؤساء بعثات التمثيل الدبلوماسي والقنصلي ومديرو الإدارات بوزارة الخارجية من أعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي الذين يعملون معهم تقارير دورية في شهر فبراير من كل سنة على أساس تقدير صلاحية العضو بدرجات نهايتها القصوى مائة درجة ويعتبر العضو ضعيفاً إذا لم يحصل على 60 درجة على الأقل... ويخضع لنظام التقارير السنوية أعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي لغاية من يشغل وظيفة سكرتير أول أو قنصل عام من الدرجة الثانية" والثابت في خصوص هذه الدعوى أن المدعي يشغل وظيفة وزير مفوض وهذه الوظيفة هي الوظيفة التالية لوظيفة مستشار بالخارجية وسابقة على وظيفة سفير. وقد قرر مجلس شئون السلكين بجلسته المنعقدة في 16/ 1/ 1977 التوصية بإرجاء النظر في نقله للعمل بالخارج في الوقت الحاضر نظراً لما نسب إليه في تقاريره السرية منذ التحاقه بالعمل بالوزارة من ملاحظات" وليس من ريب أن هذه التوصية تعتبر قراراً إدارياً لعدم اعتراض وزير الخارجية عليها خلال شهر من تاريخ رفعها إليه وقد ترتب على اعتبار هذه التوصية قراراً إدارياً إبلاغ المدعي بها وبأسبابها تفصيلياً في يوم 9/ 5/ 1977 كما أنه ليس من ريب أيضاً أن هذه التوصية تؤثر في المركز القانوني للمدعي تأثيراً حاسماً لما يترتب على تنفيذها من حجب العمل في الخارج عنه ولو بصفة مؤقتة إلى أن يتم العدول عنها - إن جرى عدول عنها أو قضي بإلغائها. والمنازعة في شأن هذه التوصية لا تدخل في معنى المنازعة في قرار تأديبي لعدم تضمن هذه التوصية توقيع أحد الجزاءات التأديبية التي يجوز قانوناً توقيعها على أعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي ومن ثم تدخل المنازعة في هذه التوصية في عموم معنى المنازعات الإدارية المنصوص عليها في الفقرة الرابعة عشرة من المادة 10 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 ومتى كان المدعي يشغل وقت صدور هذه التوصية وظيفة وزير مفوض فإن مجلس شئون أعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي لا يكون له أصل اختصاص بالنظر في نقله إذ يقتصر اختصاص هذا المجلس على النظر في مسائل تعيين وترقية ونقل أعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي من درجة مستشار فأقل. وإذ صدر القرار المطعون فيه من مجلس شئون أعضاء السلكين حال كونه غير مختص بإصداره قانوناً فإن ذلك القرار يكون مخالفاً للقانون حقيقاً بالإلغاء ومتى كان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلغاء قرار مجلس شئون السلكين الدبلوماسي والقنصلي بإرجاء النظر في نقل المدعي للعمل بالخارج - فإنه - أي الحكم المطعون فيه - يكون قد جاء على حق في قضائه مصادفاً صحيح حكم القانون. ولا يكون الطعن فيه على أساس سليم من القانون الأمر الذي يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وتأييد الحكم المطعون فيه وإلزام الحكومة - الطاعنة - بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية مصروفات الطعن.