مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والعشرون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1980 إلى آخر فبراير سنة 1981) - صـ 276

(40)
جلسة 3 من يناير سنة 1980

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد نور الدين العقاد وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة نبيل أحمد سعيد وعبد المعطي زيتون ومحمد فؤاد شعراوي وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.

الطعن رقم 856/ 1060 لسنة 19 القضائية

دعوى - إعلان - إعلان تاريخ الجلسة - عيب شكلي - حكم - بطلان.
نص الفقرة الثانية من المادة 30 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 على أن يبلغ قلم كتاب المحكمة تاريخ الجلسة إلى ذوي الشأن ويكون ميعاد الحضور ثمانية أيام على الأقل ويجوز في حالة الضرورة تقصيره إلى ثلاثة أيام - إغفال هذا الإجراء أو إهدار مواعيده إذا لم يتسن تدارك الإغفال أو تصحيحه أو إفساح المواعيد وقوع عيب شكلي في الإجراءات والإضرار بصالح الخصم الذي وقع هذا الإغفال في حقه الأمر الذي يؤثر في الحكم ويترتب عليه بطلانه شكلاً - أساس ذلك - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 10 من يوليو سنة 1973 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن وزير التعليم العالي بصفته، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 856 لسنة 19 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 24 من يونيو سنة 1973 في الدعوى رقم 1255 لسنة 25 القضائية المقامة من الطاعن ضد السيدين 1 - محمد الجوهري محمود حبيب 2 - الجوهري محمود الجوهري حبيب والذي قضى بإلزام المدعى عليهما بأن يدفعا للمدعي بصفته مبلغ 8381.092 جنيه والفوائد التعاونية عن هذا المبلغ بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 16 من مايو سنة 1971 حتى تمام السداد مع إلزامهما متضامنين المصروفات المناسبة لما قضى به ورفض ما عدا ذلك من الطلبات. وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه بإلزام المطعون ضدهما متضامنين بأن يدفعا للطاعن بصفته مبلغ 9051.579 جنيه والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين. وأعلن تقرير الطعن إلى السيد/ الجوهري محمود الجوهري حبيب في 24 من يوليو سنة 1973 وإلى السيد محمد الجوهري محمود الجوهري حبيب في 30 من ديسمبر سنة 1974.
وفي يوم الثلاثاء الموافق 21 من أغسطس سنة 1973 أودع الأستاذ أحمد محمد بهجت المحامي نيابة عن السيد/ محمد الجوهري محمود قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1090 لسنة 19 القضائية عن ذات الحكم المشار إليه. وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم الطعين وإلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. مع حفظ كافة حقوق الطاعن الأخرى. وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده في 2 من سبتمبر سنة 1973.
وعقبت هيئة مفوضي الدولة على الطعنين بتقرير بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم أولاً: بقبول الطعنين شكلاً.
ثانياً: بالنسبة إلى الطعن رقم 856 لسنة 19 القضائية برفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة المصروفات.
ثالثاً: بالنسبة إلى الطعن رقم 1090 لسنة 19 القضائية.
( أ ) بصفة أصلية إلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى لمحكمة القضاء الإداري للفصل فيها وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
(ب) بصفة احتياطية بتعديل الحكم المطعون فيه بإلزام السيد/ محمد الجوهري محمود بجزء من نفقات بعثته يحسب على أساس المدة التي أخل فيها بتنفيذ التزامه بخدمة جامعة أسيوط وقدرها حوالي 11 يوم و8 شهور و4 سنوات وإلزام الطاعن المصروفات المناسبة لما قضى به.
وعين لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 16 من إبريل سنة 1979 وفيها تقرر ضم الطعن رقم 1090 لسنة 19 القضائية إلى الطعن رقم 856 لسنة 19 القضائية وإحالتهما إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) التي عين لنظرهما أمامها جلسة 19 من مايو سنة 1979 حيث قررت الجهة الإدارية ترك الخصومة في الطعن رقم 1090 لسنة 19 القضائية. وبعد تداول الطعنين بالجلسات وسماع ما رأت المحكمة سماعه من إيضاحات قررت بجلسة 29 من نوفمبر سنة 1980 إصدار الحكم بجلسة اليوم. وقد صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة على ما يبين من الأوراق تتحصل في أنه بعريضة مودعة قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 16 من مايو سنة 1971 أقام وزير التعليم العالي بصفته الدعوى رقم 1255 لسنة 25 القضائية طالباً الحكم بإلزام المدعى عليهما محمد الجوهري محمود الجوهري حبيب والجوهري محمود الجوهري حبيب متضامنين أداء مبلغ 9051.579 جنيه والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وذهب المدعي بياناً لدعواه إلى أن المدعى عليه الأول أوفد في بعثة علمية لصلح جامعة أسيوط بعد أن وقع بتاريخ 20 من يوليو سنة 1960 مع ضامنه المدعى عليه الثاني تعهداً التزم بموجبه أن يتم دراسته في مدتها المقررة أو أن يغادر البلاد الأجنبية خلال شهر من انتهاء مهمته وأن يخدم الوزارة أو الجامعة التابع لها أو في أية وظيفة أخرى تعرض عليه بالاتفاق مع الوزارة مدة تحسب على أساس سنتين عن كل سنة في البعثة وبحد أقصى سبع سنوات إلا إذا تضمنت شروط البعثة مدة أطول، كما التزم وضامنه برد جميع ما تصرفه عليه الحكومة بصفته عضواً بالبعثة إذا تركها من تلقاء نفسه أو لم يقم بخدمة الحكومة المدة المقررة في التعهد أو فصل لأسباب تأديبية أو تزوج أثناء وجوده بالبعثة بدون إذن سابق من لجنة البعثات. وبتاريخ 16 من أغسطس سنة 1960 سافر المدعى عليه الأول إلى مقر بعثته وحصل على درجة الدكتوراه في يونيو سنة 1964 وعاد إلى أرض الوطن في 30 من سبتمبر سنة 1964. بيد أنه لم يتسلم عمله بجامعة أسيوط إلا في 25 من سبتمبر سنة 1965. وبتاريخ 27 من مايو سنة 1968 أبدت الجامعة أنه انقطع عن عمله أكثر من خمسة عشر يوماً وسافر إلى السعودية دون موافقة الجامعة مما يستوجب إلزامه بنفقات البعثة وأن مجلس الجامعة وافق بجلسة 28 من إبريل سنة 1968 على فصله من الجامعة. وبجلسة 15 من أغسطس سنة 1968 وافقت اللجنة التنفيذية للبعثات على مطالبته وضامنه بنفقات البعثة والتي بلغت جملتها 9051.579 جنيه - ولم يحضر المدعى عليهما أمام المحكمة أو قدما أية مستندات أو مذكرات رداً على الدعوى.
ومن حيث إن محكمة القضاء الإداري أصدرت بجلسة 24 من يونيو سنة 1973 حكمها الطعين وأقامت قضاءها على أن المدعى عليه الأول وقد أخل بتعهده الصادر منه بخدمة الوزارة أو الجامعة كامل المدة المقررة بتعهده كما أخل بنص المادة 31 من القانون رقم 112 لسنة 1959 بشأن تنظيم البعثات، يلتزم ومن ثم برد ما أنفقته عليه الوزارة مدة بعثته، كما يلتزم المدعى عليه الثاني على موجب تعهده بالتضامن والتكافل مع المدعى عليه الأول برد هذه النفقات على نحو ما تضمنه الكشف الرسمي المقدم من الجهة الإدارية بعد استبعاد المصروفات الإدارية المطالب بها وقدرها 670.487 جنيه والتي لا تستقيم على سند قانوني يسوغ الحكم بها.
ومن حيث إن الحاضر عن الحكومة قرر بجلسة 19 من مايو سنة 1979 ترك الخصومة في الطعن رقم 856 لسنة 19 القضائية دون إبداء المطعون ضدهما أية طلبات فيه بما يقتضى له الحكم بإثبات ترك الخصومة في هذا الطعن وإلزام الجهة الإدارية مصروفاته.
ومن حيث إن الطعن رقم 1060 لسنة 19 القضائية قوامه أن الحكم الطعين مشوب بالبطلان ذلك أن الدعوى كان محدداً لنظرها جلسة 3 من يونيو سنة 1973 حال أن الطاعن لم يعلن بالدعوى أو يتصل عمله بها إلا في 2 من يونيو سنة 1973 ومن ثم لم تلتزم في هذا الشأن مواعيد الحضور المقررة كما أهدر ميعاد المسافة الثابت له حق التمتع به بحكم إقامته في الخارج الأمر الذي يغدو معه الحكم الطعين باطلاً متعين الإلغاء، هذا إلى أن اللجنة العليا للبعثات سبق وأن تجاوزت عن مطالبته بنفقات البعثة بما يمتنع معه إعادة إحياء هذه المطالبة، كذا فإنه خدم بجامعة أسيوط ثم جامعة الأزهر نحو الأربع سنوات بما لا يتأتى معه مطالبته بالحد الأقصى من مصروفات البعثة، كما وأن الجامعة وافقت من جانبها على سفره للعمل بالسعودية حيث حصل على إذن عمل هناك من القنصلية المصرية - وقد عقبت الجهة الإدارية بمذكرة استمسكت فيها بأن إدعاء بطلان الحكم لا يستقيم على سند يظاهره ذلك أن الطاعن أعلن في حينه بعريضة الدعوى أما الإخطار بالجلسة وهو الذي تراخى اتصاله بعلمه فلا يستتبع بذاته بطلاناً على ما يقضي به قانون المرافعات غاية الأمر يكون للمعلن إليه حق التأجيل لاستكمال الميعاد...... أما باقي ذرائع الطاعن قدما في الحكم الطعين من حيث الموضوع فمردودة كلها على نحو ما هو ثابت بالأوراق الأمر الذي يقتضى له رفض الطعن.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 16 من مايو سنة 1971 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن وزير التعليم العالي عريضة الدعوى رقم 1255 لسنة 25 القضائية ضد السيدين محمد الجوهري محمود الجوهري حبيب المقيم بالمملكة العربية السعودية والجوهري محمود حبيب، وأعلنت العريضة إلى المدعى عليه الأول بتسليمها إلى النيابة العامة في 7 من يونيو سنة 1971، وقد باشرت هيئة مفوضي الدولة تحضير الدعوى وأعدت تقريراً فيها أمام محكمة القضاء الإداري استظهرت فيه أن المدعى عليه الأول أعلن بالعريضة في موطنه المعلوم بالخارج بتسليم صورتها إلى النيابة العامة لتوصيلها بالطرق الدبلوماسية تطبيقاً لما تقضي به الفقرة التاسعة في المادة 13 من قانون المرافعات المدنية والتجارية وأنه يقتضي التأكد من وصول الإعلان إليه وإخطاره بجلسات المرافعة لإبداء دفاعه قبل أن يصدر الحكم في الدعوى. وإذ أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرها عين لنظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري جلسة 11 من مارس سنة 1973 ولم يحضر أحد من المدعى عليهما وقررت المحكمة تأجيل نظر الدعوى لجلسة 3 من يونيو سنة 1973 لإعلان المدعى عليه الأول بالمملكة العربية السعودية بهذه الجلسة. ولم يتحقق هذا الإعلان بتسليم صورته إلى النيابة العامة إلا بتاريخ 31 من مارس سنة 1973، في حين قررت المحكمة بجلسة 3 من يونيو سنة 1973 والتي لم يمثل بها أي من المدعى عليهما حجز الدعوى للحكم فيها بجلسة 24 من يونيه سنة 1973 والتي صدر فيها الحكم الطعين.
ومن حيث إن المادة 30 من قانون مجلس الدولة الصادرة بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص في فقرتها الثانية على أن "يبلغ قلم كتاب المحكمة تاريخ الجلسة إلى ذوي الشأن ويكون ميعاد الحضور ثمانية أيام على الأقل ويجوز في حالة الضرورة تقصيره إلى ثلاثة أيام"، وحكمة هذا النص واضحة وهي تمكين ذوي الشأن بعد تمام تحضير الدعوى وتهيئتها للمرافعة من الشخوص بأنفسهم أو بوكلائهم أمام المحكمة للإدلاء بما لديهم من إيضاحات وتقديم ما يعن من بيانات وأوراق لاستيفاء الدعوى واستكمال عناصر الدفاع فيها ومتابعة سير إجراءاتها وما إلى ذلك مما يتصل بحق الدفاع ويرتبط بمصلحة جوهرية لذوي الشأن بل وبحسن سير العدالة ذاتها بما يتفق مع طبيعة الخصومة القضائية، ومن ثم يترتب على إغفال هذا الإجراء أو إهدار مواعيده - إذا لم يتسن تدارك الإغفال أو تصحيحه أو إفساح المواعيد، وقوع عيب شكلي في الإجراءات والإضرار بصالح الخصم الذي وقع هذا الإغفال في حقه، الأمر الذي يؤثر في الحكم ويترتب عليه بطلانه شكلاً. وإذ كان الثابت من الأوراق أن الطاعن لم يبلغ بتاريخ الجلسة المعينة لنظر الدعوى وقد قررت المحكمة بجلسة 11 من مارس سنة 1973 تأجيل نظرها لجلسة 3 من يونيو سنة 1973 لإعلانه بالمملكة العربية السعودية بهذه الجلسة. إلا أن هذا الإعلان لم يتحقق بتسليم صورته إلى النيابة العامة إلا بتاريخ 31 من مارس سنة 1973 على وجه يقصر معه ميعاد الحضور المقرر مقروناً بميعاد المسافة القانوني وقدره ستون يوماً لمن يكون موطنه في الخارج عن تمكين الطاعن كمدع عليه في الدعوى ومدين أصلي بالالتزام موضوع المطالبة فيها - من الحضور أمام المحكمة في الجلسة المعنية لنظر الدعوى، ومن ثم فاته الحضور بتلك الجلسة على نحو ما هو ثابت بمحضرها وهي التي حجزت فيها الدعوى للحكم دون أن يتمكن أي من الشخوص الحضور أمام المحكمة واستظهار أوجه دفاعه، وعليه فإن الإجراءات شابها عيب شكلي يبطلها ويؤثر في الحكم بما يستتبع بطلانه على مقتضى الفقرة الثانية من المادة 23 من قانون مجلس الدولة ومما يتعين معه تقرير هذا البطلان وهو ما يقضي الحكم به وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري مجدداً للحكم في موضوعها مع إلزام الجهة الإدارية مصروفات الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً، وفي الموضوع:
أولاً: بإثبات ترك الخصومة في الطعن رقم 856 لسنة 19 القضائية وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
ثانياً: في الطعن رقم 1060 لسنة 19 القضائية ببطلان الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود والتعويضات) للفصل فيها، وألزمت الجهة الإدارية مصروفات الطعن.