مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والعشرون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1980 إلى آخر فبراير سنة 1981) - صـ 289

(42)
جلسة 4 من يناير سنة 1981

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد ثابت عويضه نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عزيز بشاي سيدهم وحسن عبد الوهاب عبد الرازق ويحيى عبد الفتاح سليم البشرى ومحمد محمود الدكروري - المستشارين.

الطعن رقم 660 لسنة 24 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - المعاش - قانون - نفاذه - أثر مباشر.
المادة 104 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 تقضي بأنه إذا توفي صاحب المعاش كان للمستحقين الحق في تقاضي المعاش وفقاً للأنصبة والأحكام المقررة بالجدول رقم 3 المرافق اعتباراً من أول الشهر الذي حدثت فيه الوفاة - المقصود بعبارة أول الشهر الذي حدثت فيه الوفاة أن تقع الوفاة في ظل العمل بالقانون المذكور والقول بغير ذلك يجعل للقانون المذكور أثراً رجعياً لا يستند إلى نص صريح في القانون - أثر ذلك - استمرار العمل بالأنصبة المعمول بها للمستحقين وفقاً للقوانين السابقة على تاريخ العمل بالقانون رقم 79 لسنة 1975 حتى تاريخ العمل به إذ يتعين تعديلها وفقاً للجداول المرفقة به اعتباراً من هذا التاريخ دون سريان هذا التعديل على الماضي طالما أن الوفاة قد حدثت قبل العمل بالقانون المشار إليه.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 19/ 6/ 1977 أودع الأستاذ عبد الحميد سليم المحامي بصفته وكيلاً عن السيدة/ فوزية محمد حسني قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدول المحكمة برقم 660 لسنة 23 ق ضد وزير المالية ورئيس الهيئة العامة للتأمين والمعاشات في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري دائرة التسويات بجلسة 18/ 4/ 1977 في الدعوى رقم 1276 لسنة 28 ق المقامة من المدعية (الطاعنة) والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع باستحقاق المدعية لثلثي المعاش المستحق عن المرحوم والدها باعتبارها الابنة الوحيدة وذلك وفقاً لأحكام قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 مع إلزامها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وطلبت الطاعنة للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه والحكم بأحقية الطاعنة في صرف معاش والدها بأكمله ومن الشهر التالي لوفاته وما يترتب على ذلك من آثار وفروق وإلزام الحكومة بالمصروفات والأتعاب وقد أعلن تقرير الطعن إلى الحكومة في 13/ 7/ 1977 وعقبت هيئة مفوضي الدولة على الطعن بتقرير بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وإلزام الطاعنة بالمصروفات والأتعاب وقد حدد لنظر الطعن جلسة 23/ 6/ 1980 أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التي قررت بتلك الجلسة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) التي نظرته بجلسة 14/ 12/ 1980 وسمعت ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن وقررت إرجاء إصدار الحكم في الطعن لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر من محكمة القضاء الإداري دائرة التسويات بجلسة 18/ 4/ 1977 ومن ثم كان ميعاد الطعن فيه ينتهي في يوم 17 من يونيه سنة 1977 الذي تصادف أن كان يوم الجمعة العطلة الأسبوعية ومن ثم امتد ميعاد الطعن إلى اليوم التالي وهو يوم السبت الموافق 18 من يونيه سنة 1977 وتصادف أن كان عيد الجلاء فامتد ميعاد الطعن طبقاً لحكم المادة 18 من قانون المرافعات إلى أول يوم عمل بعد العطلة الرسمية وهو يوم الأحد الموافق 19/ 6/ 1977 ومتى كان الثابت أن صحيفة الطعن أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا يوم الأحد الموافق 19/ 6/ 1977 مستوفاة أوضاعها القانونية فإن الطعن يكون قد استوفى أوضاعه القانونية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من أوراق الطعن تتحصل في أن المدعية أقامت الدعوى رقم 1276 لسنة 28 ق أمام محكمة القضاء الإداري وطالبت في ختامها الحكم بأحقيتها في تسوية المعاش المستحق لها بحيث يكون 55.016 جنيه وقالت في شرح الدعوى إن والدها المرحوم محمد حسني نجم كان يعمل بالفنون الجميلة وأحيل إلى المعاش وكان يتقاضى معاشاً مقداره 55.016 جنيهاً شهرياً وقد توفي إلى رحمة الله في 28/ 12/ 1969 ومن تاريخ الوفاة استمرت المدعية تصرف معاش والدها كاملاً ثم خفض المعاش إلى 30.400 جنيه بنقص مقداره 24.616 جنيه وتقول المدعية إن من حقها صرف معاش والدها كاملاً دون نقص ثم قدمت المدعية مذكرة جاء فيها أنه إذا ترك المستحق في المعاش ولداً واحداً استحق ثلثي المعاش ومؤدى ذلك أنها وهي بنت وحيدة للمتوفى تستحق ثلثي المعاش وبذلك تكون الحكومة قد جانبت الصواب فيما ذهبت إليه من تحديد معاش المدعية بما يوازي نصف معاش المرحوم والدها وذلك طبقاً لحكم المادة 104 من القانون رقم 79 لسنة 1975.
وبجلسة 18/ 4/ 1977 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها بأحقية المدعية في ثلثي المعاش المستحق عن المرحوم والدها طبقاً لأحكام القانون رقم 79 لسنة 1975 وأقامت هذا القضاء على أساس أن المدعية تحصل على نصف معاش المرحوم والدها محمد حسني نجم المتوفى في سنة 1969 باعتبارها المستحقة الوحيدة طبقاً لأحكام القانون رقم 50 لسنة 1963 - وتقضي المادة 104 من القانون رقم 79 لسنة 1975 باستحقاق المستحقين عن صاحب المعاش الأنصبة المقررة في الجدول رقم "3" المرافق للقانون وتستحق الابنة الوحيدة ثلثي معاش والدها وفقاً للبند "6" من الجدول المذكور وقد عمل بالقانون المذكور من 1/ 9/ 1975 وحكمت المحكمة بإلزام المدعية بمصروفات الدعوى لأن المدعية وقت رفع الدعوى في 13/ 8/ 1974 لم تكن على حق في طلباتها المقضى بها إذ استحدث القانون رقم 79 لسنة 1975 حق الابنة الوحيدة في ثلثي المعاش المقرر لوالدها صاحب المعاش.
وتنعى الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ذلك أنه - أي الحكم - لم يبين تاريخ أحقية المدعية في ثلثي المعاش المستحق عن والدها وتقضي المادة 104 باستحقاق هذا المعاش من أول الشهر الذي حدثت فيه الوفاة وعلى ذلك تستحق المدعية ثلثي معاش والدها من تاريخ وفاة والدها. وقد أخطأ الحكم المطعون فيه إذ ألزم المدعية بالمصروفات ذلك أن المدعية لم تخسر الدعوى كما أن الحكم الصادر لصالح المدعية حكم كاشف للحق وقد كسبت المدعية الدعوى حسب طلباتها الختامية وقد كان يتعين على المحكمة أن تحقق دفاع المدعية فيما ادعته من أنها كانت تصرف معاش والدها كاملاً إذ قد يكون صرف هذا المعاش مصدره تقرير معاش استثنائي أو غير ذلك.
ومن حيث إن القانون رقم 50 لسنة 1963 في شأن التأمين والمعاشات لموظفي الدولة ومستخدميها وعمالها المدنين ينص في المادة 29 منه على أنه إذا توفي صاحب المعاش كان للمستحقين عنه الحق في تقاضي معاشات وفقاً للأنصبة والأحكام المقررة بالجدول رقم "3" المرافق اعتباراً من أول الشهر الذي حدثت فيه الوفاة. ويقصد بالمستحقين 1، 2، 3، 4 الأرامل والمطلقات وغير المتزوجات من بناته وأخواته وطبقاً للجدول رقم (3) كانت البنت الوحيدة تستحق نصف معاش صاحب المعاش في حال عدم وجود أرملة أو أرامل ولو وجد معها والد صاحب المعاش وكان المعاش المستحق لوالد المدعية صاحب المعاش الأصلي 52.185 جنيه وإعانة غلاء بواقع 2.678 جنيه ولذلك فإنه على أثر وفاة والد المدعية في 18/ 12/ 1969 سوى معاش المدعية بوصفها ابنته والمستحقة الوحيدة في معاش والدها فاستحقت معاشاً مقداره 26.092 جنيه طبقاً لحكم المادة 29 من القانون رقم 50 لسنة 1963 وأحكام الجدول رقم 3 المرافق للقانون وزيد معاش المدعية بواقع 10% اعتباراً من 1/ 10/ 1971 طبقاً للقانون رقم 62 لسنة 1971 كما صرف للمدعية المعاش المستحق لها وفقاً لأحكام القانون رقم 1 لسنة 1962 عن ثلاثة أشهر بواقع 55.039 جنيه عن كل شهر. وبينما كانت المدعية تصرف المعاش المستحق لها عن المرحوم والدها صحيحاً وطبقاً لأحكام القانون الصحيحة بواقع النصف من معاش المرحوم والدها وأقامت الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري في 13/ 8/ 1974 بطلب الحكم لها بأحقيتها في كامل المعاش المستحق، لوالدها بواقع 55.036 جنيه شهرياً وفي أثناء نظر الدعوى صدر القانون رقم 79 لسنة 1975 في شأن التأمين الاجتماعي ونصت المادة 204 منه على أنه إذا توفي صاحب المعاش كان للمستحقين عنه الحق في تقاضي المعاش وفقاً للأنصبة والأحكام المقررة بالجدول رقم "3" المرافق اعتباراً من أول الشهر الذي حدثت فيه الوفاة وتنص أحكام الجدول رقم (3) المرافق للقانون المذكور باستحقاق الولد الواحد - في حالة عدم وجود أرملة أو أرمل - ولو وجد معه والد أو والدين لصاحب المعاش 2/ 3 ثلثي المعاش الذي كان مستحقاً لصاحب المعاش وتقضي المادة السابعة من قانون إصدار القانون رقم 79 لسنة 1975 بالعمل به اعتباراً من أول الشهر التالي لتاريخ نشره وإذ نشر القانون المذكور في 28/ 8/ 75 فإنه يعمل به اعتباراً من 1/ 9/ 1975 - ومؤدى ما تقدم أن المدعية تستحق ثلثي المعاش المقرر للمرحوم والدها طبقاً لأحكام القانون رقم 79 لسنة 1975 واعتباراً من تاريخ العمل به في 1/ 9/ 1975 وليس من ريب أن المدعية لا تستحق ثلثي المعاش المقرر للمرحوم والدها اعتباراً من أول الشهر الذي حدثت فيه وفاته - كطلبها في الدعوى والطعن وذلك أن المقصود بعبارة "أول الشهر الذي حدثت فيه الوفاة" الواردة في المادة 104 من القانون رقم 79 لسنة 1975 أن تقع الوفاة في ظل العمل بالقانون رقم 79 لسنة 1975 والقول بغير ذلك يجعل للقانون المذكور أثراً رجعياً غير مستند إلى حكم نص صريح في القانون وعلى ذلك تستحق المدعية نصف المعاش المقرر للمرحوم والدها من أول الشهر الذي حدثت فيه وفاته ثم تستحق ثلثي المعاش المقرر للمستحق الأصلي اعتباراً من 1/ 9/ 1975 إعمالاً للأثر الحال المباشر للقانون رقم 79 لسنة 1975 الذي عمل به لأول مرة في 1/ 9/ 1975 وإذ لم يكن للمدعية أصل حق في طلبها صرف كامل المعاش المقرر للمرحوم والدها عند رفعها الدعوى في 13/ 8/ 1974 وقد تقرر أحقيتها في صرف ثلثي ذلك المعاش لأول مرة بمقتضى القانون رقم 79 لسنة 1975 اعتباراً من تاريخ العمل به في 1/ 9/ 1975 - فإن ما قضى به الحكم المطعون فيه من إلزام المدعية بالمصروفات يكون صحيحاً في حكم القانون إذ أجازت المادة 158 من قانون المرافعات الحكم بإلزام الخصم الذي كسب الدعوى بالمصروفات متى كان الحق مسلماً به من المحكوم عليه أو كانت الدعوى بشأنه قد رفعت بلا موجب كما هو الشأن في هذه الخصومة حيث رفعت الدعوى قبل العمل بالقانون الذي أنشأ الحق المقضى به لأول مرة وليس صحيحاً ما ذهبت إليه الطاعنة من أنها كانت تصرف معاش والدها كاملاً لأن الثابت من الأوراق أنها منذ وفاة المرحوم والدها كانت تصرف نصف المعاش المقرر له على الوجه السابق بيانه بالأرقام وإذ قضى الحكم المطعون فيه بأحقية المدعية في ثلثي المعاش المستحق عن المرحوم والدها باعتبارها ابنته والمستحقة الوحيدة في معاشه طبقاً لأحكام القانون رقم 79 لسنة 1975 مع إلزامها بالمصروفات فإن ذلك الحكم - في كل ما قضى به - يكون قد صادف وجه الحق وصحيح أحكام القانون ويكون الطعن فيه في غير محله، وعلى غير أساس سليم من القانون - الأمر الذي يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعنة مصروفات الطعن.