مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والعشرون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1980 إلى آخر فبراير سنة 1981) - صـ 325

(47)
جلسة 10 من يناير سنة 1981

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد صلاح الدين السعيد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد محمد عبد المجيد ونصحي بولس فارس ومحمد عزيز أحمد علي وعادل عبد العزيز بسيوني - المستشارين.

الطعن رقم 390 لسنة 24 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - فصل بغير الطريق التأديبي - محكمة القضاء الإداري - اختصاص - حكم - نهائية الحكم.
نص المادة التاسعة من القانون رقم 28 لسنة 1974 بشأن إعادة العاملين المفصولين بغير الطريق التأديبي إلى وظائفهم على اختصاص محكمة القضاء الإداري بالفصل في مشروعية القرارات الصريحة أو الضمنية الصادرة برفض طلبات إعادة العاملين المفصولين بغير الطريق التأديبي إلى الخدمة وبالنظر في المنازعات المتعلقة بتسوية معاشاتهم أو مكافأتهم - حكم المحكمة في هذا الشأن نهائي غير قابل للطعن فيه أمام أية جهة - مؤدى ذلك أن حصانة أحكام محكمة القضاء الإداري من الطعن فيها أمام المحكمة الإداري العليا لا تنصرف إلا إلى الأحكام التي تقضي في أصل موضوع الطلب دون سواها - خروج الأحكام الصادرة بعدم اختصاص إحدى اللجان المشكلة بإحدى الوزارات لبحث طلبات الإعادة إلى الخدمة المقدمة من العاملين المفصولين بغير الطريق التأديبي عن نطاق هذه الحصانة باعتبار أن مثل هذا الحكم لا تنتهي به الخصومة على الوجه الذي عناه المشرع عند إسباغ الحصانة عليها بالحظر المذكور..... أساس ذلك - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 7 من مايو سنة 1978 أودع الأستاذ الدكتور محمد عصفور المحامي قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا بالنيابة عن السيد/ ..... تقرير طعن قيد بجدول المحكمة تحت رقم 390 لسنة 24 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة الإسكندرية) بجلسة 12 من إبريل سنة 1978 في الدعوى رقم 621 لسنة 30 ق المقامة من الطاعن ضد السادة رئيس الجمهورية ورئيس مجلس إدارة الشركة المساهمة لتجارة وتصدير الأقطان ووزير التجارة بصفاتهم والذي قضى برفض الدفع بعدم اختصاص، المحكمة بنظر الدعوى وباختصاصها وبقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه وبعدم اختصاص لجنة بحث طلبات المفصولين بغير الطريق التأديبي بوزارة التجارة بنظر طلب المدعي إعادته إلى الخدمة وألزمت المدعي بالمصروفات وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبقبول الدفع بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية محلياً بنظر الدعوى والحكم ببطلان قرار إحالة الدعوى إليها وبطلان الحكم المطعون فيه والقضاء باختصاص لجنة بحث طلبات العاملين المفصولين بغير الطريق التأديبي بوزارة التجارة ولائياً بنظر طلب الطاعن بإعادته إلى الخدمة وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة لنظرها والفصل في موضوعها مع إلزام المطعون ضدهم متضامنين بالمصروفات مع حفظ كافة حقوق الطاعن الأخرى. وبعد إعلان تقرير الطعن عقبت هيئة مفوضي الدولة على الطعن بتقرير بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 23 من إبريل سنة 1980 وبجلسة 11 من يونيه سنة 1980 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) لنظره بجلسة 28 من يونيه سنة 1980 وبجلسة 8 من نوفمبر سنة 1980 سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق في أن المدعي السيد/ ........ أقام الدعوى رقم 89 لسنة 29 ق ضد السادة/ رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس إدارة الشركة المساهمة للتجارة وتصدير الأقطان وزير التجارة بصفاتهم بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 31 من أكتوبر سنة 1974 طلب فيها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار لجنة بحث تظلمات الفصل بغير الطريق التأديبي بوزارة التجارة الصادرة في 18 من سبتمبر سنة 1974 وإعادته إلى عمله بالشركة المساهمة لتجارة وتصدير الأقطان مع ما يترتب على ذلك من آثار في حالته ومرتبه وإلزام المدعى عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقال بياناً للدعوى إنه صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 1900 لسنة 1968 متضمناً تعيينه بالشركة المساهمة لتجارة وتصدير الأقطان بالفئة الثالثة بمرتب شهري قدره 61 ج وبعد أن مارس عمله كمحام للشركة أخطرته بخطابها المؤرخ في 29 من مارس سنة 1969 بإنهاء عمله اعتباراً من هذا التاريخ لأن وزارة التجارة الخارجية أفادتها بسحب قرار رئيس الجمهورية بتعيينه الأمر الذي ترتب عليه فصل المدعي من عمله بغير الطريق التأديبي بمقولة سحب قرار التعيين الذي لا يجوز سحبه بعد ستين يوماً من إصداره وبإجراء أقل مرتبة من القرار المسحوب مما يقطع بأن ذلك الإجراء لم يكن سحباً لقرار التعيين وإنما كان فصلاً بغير الطريق التأديبي وأضاف المدعي أنه أرسل في 15 من يوليه سنة 1974 برقيتين إلى وزير التجارة طالباً إعادته إلى عمله طبقاً لأحكام القانون رقم 28 لسنة 1974 كما أرسل له في اليوم التالي خطاباً بذات الطلب، غير أن لجنة بحث تظلمات العاملين المفصولين بغير الطريق التأديبي أصدرت قرارها في 18 من سبتمبر سنة 1974 بعدم قبول طلبه شكلاً لتقديمه بعد الميعاد وأخطر المدعي بهذا القرار في 19 من أكتوبر سنة 1974 وقال المدعي إن القرار المذكور لم يحالفه الصواب من الناحيتين الواقعية والقانونية، ومؤداه رفض إعادته إلى الخدمة ولذلك فهو يطعن عليه للأسباب الآتية:
1 - أن اللجنة استثارت الدفع بعدم القبول وقررته من تلقاء نفسها وهو أمر غير جائز لعدم تعلق هذا الدفع بالنظام العام.
2 - أن اللجنة لو أتاحت للمدعي فرصة إبداء دفاعه لقدم لها صورتي البرقيتين المرسلتين منه في 15 من يوليه سنة 1974 إلى وزير التجارة "بمراعاة أن كلاً من قانون المرافعات والقانون رقم 28 لسنة 1974 لم يرتب أي جزاء على عدم تقديم الطلب بخطاب موصى عليه إذ أن المهم هو إفصاح العامل المفصول عن رغبته في إعادته إلى عمله بأنه وسيلة خلال المهلة القانونية دون أن يترتب على ذلك أي بطلان أو عدم قبول.
3 - أن موطن المدعي هو برديس محافظة سوهاج وبها محل إقامته حسب الواضح من بطاقته العائلية ومن ثم فإن ميعاد تقديم الطلب يمتد أربعة أيام لبعد برديس عن القاهرة أكثر من خمسمائة كيلو متر، وبالتالي يكون خطابه في 16 من يوليه سنة 1974 بطلب إعادته إلى الخدمة قد قدم في الموعد القانوني.
4 - أن المدعي فصل من عمله بغير الطريق التأديبي وكان على اللجنة إعادته إلى الخدمة طبقاً لنص المادة الأولى من القانون رقم 28 لسنة 1974 الذي تعرضت أعماله التحضيرية لمختلف التسميات التي كانت تطلقها الإدارة على صور الفصل كالسحب والإنهاء.
وأودعت إدارة قضايا الحكومة ملف الطلب المقدم من المدعي إلى اللجنة المشكلة، طبقاً لأحكام القانون رقم 28 لسنة 1974 بشأن إعادة العاملين المدنيين المفصولين بغير الطريق التأديبي إلى وظائفهم وطلبت إدارة قضايا الحكومة إحالة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية وبجلسة 17 من يونيه سنة 1976 قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى دائرة محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية للاختصاص فأحيلت الدعوى إلى هذه المحكمة وقيدت بجدولها تحت رقم 621 لسنة 20 ق وردت الشركة المساهمة لتجارة وتصدير الأقطان على الدعوى بأنها أبلغت في 13 من فبراير سنة 1969 بقرار رئيس الجمهورية رقم 1900 لسنة 1968 بتعيين بعض المهنيين الذين كانوا متفرغين في الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات وقد تضمن القرار المشار إليه تعيين المدعي بالشركة في الفئة المالية الثالثة وبمرتب 61 جنيهاً شهرياً وعقب استلام المدعي لعمله بها صدر في 29 من مارس سنة 1969 قرار الشركة بإنهاء خدمته تنفيذاً لكتاب رئاسة الجمهورية بإعادة القرار الجمهوري رقم 1900 لسنة 1968 المشار إليه وسحبه وعدم تنفيذه وأضافت الشركة أن قرار إنهاء خدمة المدعي صدر في ظل العمل بأحكام لائحة العاملين بالقطاع العام رقم 3309 لسنة 1966 ولم يكن قد مضى على المدعي أكثر من شهر في خدمتها للحكم على صلاحيته وكفاءته وقضاء فترة الاختيار فأقام المدعي الدعوى رقم 491 لسنة 1972 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية (الدائرة العمالية) طالباً صرف مرتبه وحكم برفضها في 12 من ديسمبر سنة 1972 وصار الحكم نهائياً، كما أقام الدعوى رقم 54 لسنة 28 ق أمام محكمة القضاء الإداري طلب فيها إلغاء قرار سحب القرار الجمهوري رقم 1900 لسنة 1968 سالف الذكر وما يترتب على ذلك من آثار، وقد أحيلت هذه الدعوى إلى دائرة محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية للاختصاص وقيدت بجدولها تحت رقم 318 لسنة 31 ق وقالت الشركة إن المدعي تقدم بعد ذلك إلى وزير التجارة بطلب إعادته إلى العمل طبقاً للقانون رقم 28 لسنة 1974 وعرض طلبه على اللجنة المشكلة بوزارة التجارة طبقاً لأحكام ذلك القانون فقررت اللجنة في 18 من سبتمبر سنة 1974 عدم قبول الطلب شكلاً لتقديمه بعد الميعاد، وأضافت الشركة أن القانون رقم 28 لسنة 1974 قد حدد في مادته الأولى طائفة العاملين الذين يسري في شأنهم وهم العاملون الذين فصلوا بغير الطريق التأديبي ولا ينطبق هذا الوصف على المدعي، كما أن هذا القانون قد استلزم أن يكون طلب الإعادة إلى الخدمة بطريق البريد الموصى عليه بعلم وصول وذلك خلال ستين يوماً من تاريخ العمل به ومن ثم فلا يعتد بالبرقية التي أرسلها المدعي خلال الميعاد كما لا يعتد بكتابه المرسل بعلم الوصول في 16 من يوليه سنة 1974 لإرساله بعد الميعاد ويكون طلبه لذلك غير مقبول شكلاً ولا يجوز للمدعي أن يستند إلى ميعاد المسافة المنصوص عليه في قانون المرافعات لأن ذلك الميعاد مقصور على أوراق المحضرين وفي الإعلانات القضائية وعرائض الدعاوى ولا يسري على طلبات الإعادة إلى الخدمة طبقاً لأحكام القانون رقم 28 لسنة 1974 المشار إليه فضلاً عن أن الشركة قدمت المستندات القاطعة بإقامة المدعي بالجيزة. وقالت الشركة إن قرار رئيس الجمهورية رقم 1900 لسنة 1968 ليس قراراً إدارياً لصدوره في مسألة تتعلق بأحد العاملين بشخص من أشخاص القانون الخاص ومن ثم فإن العدول عن هذا القرار لا يتقيد بوقت ولا يعتبر قراراً إدارياً بالسحب كما لا يمكن القول بأن هذا السحب إنهاء لخدمة المدعي بغير الطريق التأديبي وانتهت الشركة إلى طلب الحكم أصلياً أولاً (بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية وثانياً الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة واعتبار قرار لجنة البت في التظلمات الصادرة في 18 من سبتمبر سنة 1974 سليماً فيما قضى به واحتياطياً أولاً بفتح باب المرافعة في الدعوى لتضم إليها الدعوى رقم 318 لسنة 31 ق لوحدة الموضوع والخصوم والمستندات وليصدر فيها حكم واحد وثانياً فتح باب المرافعة لإدخال الممثل القانوني للاتحاد الاشتراكي العربي ليقدم ما يدل على تسوية وضع المدعي وتعويضه وزملائه طبقاً لما جاء بكتاب أمانة مجلس الوزراء المؤرخ 31 من يناير سنة 1978.
وبجلسة 12 من إبريل سنة 1978 حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وباختصاصها وبقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه وبعدم اختصاص لجنة بحث طلبات المفصولين بغير الطريق التأديبي بوزارة التجارة بنظر طلب المدعي إعادته إلى الخدمة وإلزام المدعي بالمصروفات وأقامت المحكمة قضاءها على أن محكمة القضاء الإداري هي المختصة وحدها بالطعون الموجهة إلى القرارات التي تصدرها اللجان المشكلة طبقاً للقانون رقم 28 لسنة 1974 وإذ كان المدعي قد تقدم إلى اللجنة المشكلة بوزارة التجارة طالباً إعادته إلى الخدمة وأصدرت اللجنة قرارها بعدم قبوله شكلاً للتقدم به بعد الميعاد وهو ما يتضمن رفض إعادته إلى الخدمة فإن، طعن المدعي على هذا القرار بطلب إلغائه يكون من اختصاص محكمة القضاء الإداري وحدها وفقاً لصريح نص المادة التاسعة من القانون المذكور ومن ثم يكون الدفع بعدم اختصاص هذه المحكمة ولائياً بنظر الدعوى تأسيساً على أن المدعي ليس ممن فصلوا بغير الطريق التأديبي هو دفع في غير محله يتعين رفضه - وقالت المحكمة إن الثابت أن المدعي بعد أن عين بالشركة المدعى عليها من بين من عينوا بالقرار الجمهوري رقم 1900 لسنة 1968 سحب هذا القرار برمته وقامت الإدارة باسترداده من جميع الجهات التي وزع عليها وتبعاً لذلك أنهيت خدمة المدعي بقرار من الشركة ومن ثم فإن إنهاء خدمة المدعي لم يكن بغير الطريق التأديبي وإنما كان تنفيذاً لمقتضى سحب، القرار الجمهوري الصادر بتعيينه ومؤدى ذلك ألا تختص لجنة المفصولين بغير الطريق التأديبي المشكلة طبقاً للقانون رقم 28 لسنة 1974 بنظر الطلب المقدم من المدعي بعودته إلى عمله ويقتصر حقه على المنازعة في سلامة إنهاء خدمته من الشركة وفقاً للقواعد وبالحدود المقررة في قانون العمل باعتباره مكملاً للائحة العاملين بالقطاع العام التي خضع لها وأضافت المحكمة أنه لما كانت اللجنة المشكلة بوزارة التجارة لنظر طلبات الموظفين المفصولين بغير الطريق التأديبي قد نظرت طلب المدعي لإعادته إلى الخدمة بالشركة المدعى عليها وانتهت إلى إصدار قرارها المطعون فيه بعدم قبول الطلب شكلاً لتقديمه بعد الميعاد فإنها تكون قد خطأت في تطبيق القانون إذ كان يتعين عليها أن تنتهي إلى عدم اختصاصها بنظر الطلب وهو أمر سابق على تعرضها لشكل الطلب وهو ما يتعين معه الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه وبعدم اختصاص اللجنة بنظر ذلك الطلب.
ومن حيث إن الطعن يقوم على بطلان الحكم المطعون فيه لابتنائه على إجراءات باطلة بمقولة إن محكمة القضاء الإداري (دائرة الإسكندرية) غير مختصة بنظر الدعوى وأن القرار الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بإحالة الدعوى إليها جاء مخالفاً للقانون ذلك أن الدفع بعدم الاختصاص المحلي والدفع بإحالة الدعوى إلى محكمة أخرى وسائر الدفوع المتعلقة بالإجراءات يجب إبداؤها قبل إبداء أي طلب أو دفاع في الدعوى وإلا سقط الحق فيما لم يبد منها عملاً بالمادة 108 من قانون المرافعات ولما كانت الحكومة أو الشركة المدعى عليها لم تبد الدفع بعدم الاختصاص أو بالإحالة أثناء، تحضير الدعوى أمام هيئة مفوضي الدولة أو قيد به بجلسة المرافعة المنعقدة في 13 من مايو سنة 1976 فإن الدفع يسقط ويكون قرار محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بإحالة الدعوى إلى دائرة المحكمة بالإسكندرية قراراً باطلاً يمتد بطلانه إلى سائر الإجراءات التي لحقته بما فيها الحكم المطعون فيه، فضلاً عن عدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بنظر الدعوى باعتبار أن القرار المطعون فيه صدر بالقاهرة ومن ثم تكون، محكمة القضاء الإداري بالقاهرة هي المختصة محلياً بنظر الطعن فيه بصرف النظر عن أطراف النزاع كذلك فقد خالف الحكم المطعون فيه القانون رقم 28 لسنة 1974 وأخطأ في تفسيره وتأويله كما أخطأ في التكييف القانوني لقرار إنهاء عمل المدعي ذلك أن، القانون المذكور ينطبق على كل الحالات التي تم فيها فصل العاملين المدنيين بغير اتباع الطريق التأديبي خلال الفترة التي حددها وأن حالات سحب قرار التعيين تتدرج في الحالات التي عناها القانون، فضلاً عن مضي أكثر من ستين يوماً على صدور القرار الجمهوري بتعيين المدعي دون أن يلحقه سحب ومن ثم يكون قد تحصن ويكون التكييف الصحيح لقرار إنهاء خدمة الطاعن بعد نهاية المدة المذكورة هو قرار بالفصل بغير اتباع الطريق التأديبي تختص اللجنة المشكلة طبقاً لأحكام القانون رقم 28 لسنة 1974 بنظر طلب من صدر بشأنه لإعادته إلى الخدمة. وعقبت الجهة الإدارية على الطعن وطلبت الحكم بعدم جواز الطعن في الحكم المطعون فيه استناداً إلى حكم المادة 9 من القانون المشار إليه ومؤداه أن محكمة القضاء الإداري تختص بالفصل في القرارات الصادرة برفض طلب الإعادة إلى الخدمة وأية قرارات صادرة من هذه اللجان سواء فيها ما تعلق بالاختصاص أو ما تعلق بالشكل ومواعيد تقديم الطلب، وأن تقف الطعون في هذه القرارات أمام هذه المحكمة التي تصدر فيها أحكاماً نهائياً غير قابلة للطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن.
ومن حيث إن تحديد دائرة الاختصاص المحلي لمحاكم مجلس الدولة يقوم - على ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة على اختصاص الجهة الإدارية بالمنازعة أي اتصالها بها موضوعاً وهذا الضابط هو الذي يتفق مع طبائع الأشياء ومع حسن سير المصلحة العامة إذ أن الجهة الإدارية المختصة بالنزاع هي بطبيعة الحال التي تستطيع الرد على الدعوى بإعداد البيانات وتقديم المستندات الخاصة بها وكذلك بتسوية المنازعة صلحاً أو بتنفيذ الحكم في ميزانيتها عند الاقتضاء.
ومن حيث إن المدعي قد أنهيت خدمته بالشركة المساهمة لتجارة وتصدير الأقطان بقرارها الصادر في 29 من مارس سنة 1969 تنفيذاً لما أخطرته به من سحب القرار الجمهوري الصادر بتعيينه، فتقدم بطلب إعادته إلى عمله بها طبقاً لأحكام القانون، رقم 28 لسنة 1974 تقرر عدم قبوله، فأقام دعواه مثار هذا الطعن أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة مختصماً فيها رئيس الجمهورية والشركة المذكورة ووزير التجارة وبهذه المثابة فإن تلك الشركة تكون من الجهات صاحبة الصفة قانوناً في الاختصام في هذه المنازعة وهي بحكم اتصالها بهذه المنازعة موضوعاً باعتبار أنها هي الجهة التي يتبعها المدعي وهي التي أصدرت قرار إنهاء خدمته التنفيذي وعليها تنعكس آثار الحكم في طلب المدعي فإنها من ثم أقدر على الرد على الدعوى بإعداد البيانات وتقديم المستندات اللازمة للفصل فيها وإذ كان مقر الشركة المذكورة في مدينة الإسكندرية، فإن دائرة محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية تكون مختصة بنظر الدعوى ولا ترتب والأمر كذلك في إحالة الدعوى إليها ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بمقولة عدم اختصاص تلك المحكمة بنظر الدعوى غير قائم على أساس سليم. ولا حجة فيما أثارة المدعي في تقرير طعنه من أن قرار إحالة الدعوى إلى المحكمة المذكور صدر بناء على طلب من الحكومة بعد أن سقط حقها فيها طبقاً لحكم المادة 108 من قانون المرافعات المدنية والتجارية لعدم إبدائه أمام هيئة مفوضي الدولة أثناء تحضير الدعوى أو بجلسة المحكمة المنعقدة في 13 من مايو سنة 1976 لا حجة في ذلك لأن سكوت المدعي عن الاعتراض عما أبداه الحاضر عن إدارة قضايا الحكومة من طلب إحالة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية للاختصاص - في الظروف التي تم فيها - تعتبر موافقة على هذا الطلب تجيز للمحكمة إعمالاً لحكم المادة 111 من قانون المرافعات المدنية والتجارية أن تأمر بإحالة الدعوى إلى محكمة الإسكندرية بمراعاة أن هذه المحكمة هي التي يقع في دائرة اختصاصها موطن الشركة المدعى عليها وأنه سبق لمحاكم الإسكندرية أن نظرت منازعات، متعلقة بموضوع المنازعة الماثلة في الدعاوى رقم 491 لسنة 1972 عمال كلي الإسكندرية و318 لسنة 31 ق قضاء إداري بالإسكندرية والتي قيدت برقم 1641 لسنة 1978 عمال كلي الإسكندرية وقد تأكدت موافقة المدعي على قرار إحالة الدعوى مثار هذا الطعن بأن محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية باشرت نظرها إلى أن أصدرت فيها حكمها دون ثمة اعتراض من جانب المدعي وفضلاً عما تقدم فإن الدفع بعدم الاختصاص المحلي لمحاكم مجلس الدولة على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من الدفوع المتعلقة بالنظام العام التي تثار في أية حالة كانت عليها الدعوى بل وللمحكمة من تلقاء نفسها أن تبحث في اختصاصها فإن ثبت لها عدم وجوده، لها أن تقضي بعدم اختصاصها من تلقاء نفسها ولا يجوز والأمر كذلك لأي من أطراف الخصوم صراحة أو ضمناً أو للمحكمة ذاتها الخروج على قواعد توزيع الاختصاص بين محاكم مجلس الدولة باعتبار أن هذه القواعد على ما سلف بيانه من النظام العام وبهذه المثابة لا يسوغ إعمال حكم المادة 108 مرافعات سالف الذكر والذي يحكم قواعد توزيع الاختصاص بين محاكم القضاء العادي - لتعارضه مع نظام توزيع الاختصاص بين محاكم مجلس الدولة.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم جواز نظر الطعن بمقولة إن الحكم المطعون فيه نهائي ومن ثم لا يجوز الطعن فيه بالتطبيق لحكم المادة 9 من القانون رقم 28 لسنة 1974 بشأن إعادة العاملين المفصولين بغير الطريق التأديبي إلى وظائفهم فالثابت أن الحكم المطعون فيه قد صدر في الدعوى التي أقامها المدعي طعناً على القرار الصادر من اللجنة المشكلة بوزارة التجارة لبحث طلبات الإعادة إلى الخدمة المقدمة من العاملين المفصولين بغير الطريق التأديبي والذي قضى بعدم قبول الطلب المقدم، من المدعي شكلاً لتقديمه بعد الميعاد والثابت من استعراض القانون المشار إليه أن المادة الأولى منه تنص على أن "يعاد إلى الخدمة العاملون المدنيون الذين لا تنظم شئونهم الوظيفية قوانين خاصة وأنهيت خدمتهم عن غير الطريق التأديبي بالإحالة إلى الاستيداع أو إلى المعاش أثناء الاستيداع أو بالفصل من الوظائف بالجهاز الإداري للدولة أو الهيئات العامة أو المؤسسات العامة أو الوحدات الاقتصادية التابعة لأي منها في الفترة من تاريخ العمل بالقانون رقم 31 لسنة 1963 حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 10 لسنة 1972 وذلك طبقاً للأحكام الواردة في الأعداد التالية "ونصت المادة 2 على أن" يشترط للإعادة إلى الخدمة ما يأتي:
1 - عدم بلوغ العامل السن المقررة للتقاعد قانوناً وقت إعادته إلى الخدمة.
2 - ثبوت قيام إنهاء الخدمة بغير الطريق التأديبي على غير سبب صحيح.
وتعتبر الأسباب غير صحيحة إذا ثبت أنه لم يكن قد قام بالعامل عند إنهاء خدمته سبب يجعله في حالة من الحالات المنصوص عليها في المادة الأولى من القانون رقم 10 لسنة 1972، بشأن الفصل عن غير الطريق التأديبي "وقضت المادة 3 بأنه يجب أن يقدم العامل المفصول إلى الوزير المختص طلباً للعودة إلى الخدمة بطريق البريد الموصى عليه مصحوباً بعلم الوصول، مرفقاً به ما يراه من الأوراق المؤيدة له خلال ستين يوماً من تاريخ العمل بهذا القانون وتحال هذه الطلبات ومرفقاتها وملف خدمة الطالب وكافة المستندات، المتعلقة بموضوع الطلب إلى اللجنة المختصة خلال أسبوعين على الأكثر من تاريخ تقديمه" ونصت المادة 4 على أن "تشكل في كل وزارة لجنة أو أكثر بقرار من الوزير المختص....... وتختص هذه اللجان بالنظر في طلبات الإعادة إلى الخدمة في الوزارة والجهات التابعة لها أو الخاضعة لإشرافها بالتطبيق لأحكام هذا القانون. وتفصل اللجنة في هذه الطلبات بعد الاطلاع على ملف خدمة الطالب وما يقدم إليها من أوراق ومستندات متعلقة بقرار إنهاء الخدمة والأسباب التي بني عليها وذلك خلال ستين يوماً من تاريخ إحالة الطلبات إليها وتصدر قرارات اللجنة مسببة وتبلغ إلى الوزير المختص، وإلى الطالب بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول، وقضت المادة 5 بأن "تصدر قرارات اللجنة نهائية ونافذة في الطلبات المقدمة من العاملين الذين كانوا يشغلون عند فصلهم فئات وظائف من المستوى الأول والثاني والثالث أو ما يعادلها ولا تكون قرارات اللجنة نافذة في الطلبات المقدمة من العاملين الذين كانوا يشغلون عند إنهاء خدمتهم وظائف الإدارة العليا أو ما يعادلها إلا بعد اعتماد هذه القرارات من رئيس الجمهورية ويعتبر انقضاء ستين يوماً على إخطار الطالب بقرار اللجنة دون صدور قرار باعتماده في حكم القرار الصادر برفض إعادته إلى الخدمة" وقضت المادة 9 بأنه "يجوز الطعن في القرار الصادر برفض الإعادة إلى الخدمة خلال ستين يوماً من تاريخ إخطار الطالب بالقرار أو من تاريخ اعتبار الإعادة مرفوضة قانوناً طبقاً للمادة الخامسة وتختص محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة دون غيرها بنظر هذه الطعون والمنازعات المتعلقة بتسوية المعاشات أو المكافآت طبقاً لأحكام هذا القانون وتنظر المحكمة في هذه الدعاوى على وجه السرعة ويجب عليها الفصل فيها خلال ستة شهور على الأكثر من تاريخ رفعها إليها ويكون حكم المحكمة نهائياً غير قابل للطعن فيه أمام أية جهة" وقد جاء هذا النص استثناء مما نص عليه قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 في المادة 23 منه على جواز الطعن في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أمام المحكمة الإدارية العليا في الأحوال التي يكون فيها الحكم المطعون فيه مبنياً على مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وفي حالة وقوع بطلان في الحكم وفي حالة صدور الحكم على خلاف سابق حاز قوة الشيء المحكوم فيه.
ومن حيث إنه يبين من استقراء النصوص السالفة أن المشرع لم تتجه إرادته في القانون رقم 28 لسنة 1974 إلى إلغاء طريق الطعن المنصوص عليه في المادة 23 من قانون مجلس الدولة على إطلاقه، إذ لم يضمنه ثمة نصاً ناسخاً صريحاً أو ضمنياً بهذا الإلغاء وإنما اقتصر في المادة التاسعة منه على النص على اختصاص محكمة القضاء الإداري بالفصل في مشروعية القرارات الصريحة أو الضمنية الصادرة برفض طلبات إعادة العاملين المفصولين بغير الطريق التأديبي إلى الخدمة وبالنظر في المنازعات المتعلقة بتسوية معاشاتهم أو مكافآتهم طبقاً لأحكام القانون رقم 28 لسنة 1974 وبأن يكون حكم المحكمة نهائياً غير قابل للطعن فيه أمام أية جهة وذلك حسماً للمنازعات على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لهذا القانون ومؤدى ذلك أن حصانة أحكام محكمة القضاء الإداري من الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا لا تنصرف إلا إلى الأحكام التي تقضي في أصل موضوع الطلب ذاته وهي التي عناها المشرع في المادة التاسعة سالفة الذكر دون سواها حين عنى بالنص على اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الطعن في القرارات الصادرة برفض طلب الإعادة إلى الخدمة وبهذه المثابة تخرج الأحكام الصادرة بعدم اختصاص اللجنة - كما هو الشأن في المنازعة مثار الطعن الماثل عن نطاق هذه الحصانة باعتبار أن مثل هذا الحكم لا تنتهي به الخصومة على الوجه الذي عناه المشرع عند إسباغ الحصانة عليه بالحظر المذكور الذي جاء استثناء من القاعدة العامة التي قررتها المادة 23 من قانون مجلس الدولة سالفة الذكر وهي جواز الطعن في أحكام محكمة القضاء الإداري بإطلاق أمام المحكمة الإدارية العليا والذي يتعين من ثم تفسيره تفسيراً ضيقاً دون ثمة توسع.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه صادراً في دعوى إلغاء قرار اللجنة المشكلة بوزارة التجارة لبحث طلبات الإعادة إلى الخدمة المقدمة من العاملين المفصولين بغير الطريق التأديبي وإذ قضى هذا الحكم بعدم اختصاص اللجنة بنظر طلب المدعي إعادته إلى الخدمة فإن الحكم الصادر في هذه المنازعة لا يكون بمنأى عن الطعن فيه أمام المحكمة الإدارية العليا ومن ثم يكون الدفع بعدم جواز نظر الطعن لنهائية الحكم المطعون فيه غير مستند على أساس سليم من القانون ويتعين بالتالي رفضه.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 31 من ديسمبر سنة 1968 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 1900 لسنة 1968 متضمناً تعيين بعض الأشخاص الواردة أسماؤهم بالكشوف المرافقة له في المؤسسات العامة والشركات المبينة قرين أسمائهم وذلك بالمرتبات والفئات المحددة أمام تلك الأسماء وقد شمل القرار المذكور تعيين المدعي بالشركة المساهمة لتجارة وتصدير الأقطان في الفئة الثالثة وبمرتب شهري قدره 61 ج - وقد أبلغ هذا القرار إلى الشركة المذكورة وأخطر به المدعي في 12 من مارس سنة 1969 وتسلم المدعي عمله بها وفي 20 من مارس سنة 1969 تلقت وزارة التجارة الكتاب رقم 1898 سري جداً بتوقيع سكرتير عام الحكومة تضمن ما يأتي... إلحاقاً للقرار الجمهوري رقم 1900 في 31 من ديسمبر 1968 بشأن تعيين بعض الأفراد المهنيين الذين تفرغوا للعمل السياسي في منظمات الاتحاد الاشتراكي في وظائف القطاع العام بالرجا التكرم بسحب القرار المشار إليه وإعادته للسكرتارية العامة للحكومة" وقد أبلغت وزارة التجارة الشركة المساهمة لتجارة وتصدير الأقطان بصورة من هذا الكتاب وطلبت من الشركة اتخاذ اللازم مع سحب القرار المشار إليه وعدم تنفيذه وإعادته فقامت الشركة بإصدار قرارها بإنهاء خدمة المدعي بها اعتباراً من 29 من مارس سنة 1969 وقد أقام المدعي الدعوى رقم 491 لسنة 1972 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية (الدائرة العمالية) بطلب إعادته إلى الخدمة وصرف مرتبه وصدر الحكم برفض هذه الدعوى في 12 من ديسمبر سنة 1972 وصار هذا الحكم نهائياً فأقام المدعي الدعوى رقم 54 لسنة 28 ق أمام محكمة القضاء الإداري ضد رئيس الجمهورية ورئيس مجلس إدارة الشركة المساهمة لتجارة وتصدير الأقطان ووزير التجارة طلب فيها إلغاء سحب القرار الجمهوري رقم 1900 لسنة 1968 وما يترتب على ذلك من آثار في حالة المدعي ومرتبه وإلزام المدعى عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقد أحيلت هذه الدعوى إلى دائرة محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية وقيدت بجدولها تحت رقم 318 لسنة 31 ق وقضى فيها بعدم اختصاص المحكمة بنظرها وإحالتها إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية وقيدت أمامها برقم 1641 لسنة 1978 عمال كلي الإسكندرية وبجلسة 7 من فبراير سنة 1979 قررت المحكمة شطبها ولم يتم تجديدها حتى 10 من نوفمبر سنة 1980 على ما يبين من الشهادة الصادرة من محكمة الإسكندرية الابتدائية، في التاريخ المذكور المقدمة من المدعي. وبعد صدور القانون رقم 28 لسنة 1974 بشأن إعادة العاملين المدنيين المفصولين بغير الطريق التأديبي إلى وظائفهم أرسل المدعي في 15 من يوليه سنة 1974 برقيتين إلى وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية أوضح فيهما أنه عين بالقرار الجمهوري رقم 1900 لسنة 1968 ثم فصل بغير الطريق التأديبي والتمس إعادته إلى العمل طبقاً لأحكام القانون المذكور وعرض طلبه على اللجنة المختصة كما أرسل في ذات التاريخ طلباً إلى وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية التمس فيه عرض طلبه على لجنة نظر التظلمات من الفصل بغير الطريق التأديبي لإعادته إلى العمل طبقاً للقانون رقم 28 لسنة 1974، وقد وصل هذا الطلب إلى وزارة التجارة طبقاً لما هو مؤشر عليه به في 17 من يوليه سنة 1974 وقد عرض هذا الطلب على اللجنة المشكلة بوزارة التجارة والمختصة بنظر طلبات العاملين المدنيين المفصولين بغير الطريق التأديبي إلى وظائفهم. وفي 18 من سبتمبر سنة 1974 قررت اللجنة عدم قبول الطلب شكلاً لتقديمه بعد الميعاد وأخطر المدعي بقرار اللجنة فأقام دعواه مثار هذا الطعن في 31 من أكتوبر سنة 1974 طلب فيها إلغاء قرار اللجنة المشار إليها وإعادته إلى العمل بالشركة المساهمة لتجارة وتصدير الأقطان مع ما يترتب على ذلك من آثار في حالته ومرتبه وفي 12 من إبريل سنة 1978 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بإلغاء القرار المطعون فيه وبعدم اختصاص لجنة بحث طلبات المفصولين بغير الطريق التأديبي بوزارة التجارة بنظر طلب المدعي إعادته إلى الخدمة.
ومن حيث إن هدف القانون رقم 28 لسنة 1974 سالف الذكر على ما يبين من نصوصه هو تصحيح أوضاع العاملين المدنيين المفصولين بغير الطريق التأديبي والتسوية بينهم في المعاملة طبقاً لقواعد موحدة وقد حددت المادة الأولى من القانون المذكور والسالف الإشارة إليها العاملين الذين تنطبق عليهم أحكامه وهم العاملون المدنيون بالجهاز الإداري للدولة أو الهيئات العامة أو المؤسسات العامة أو الوحدات الاقتصادية - التابعة لأي منها والذين انتهت خدمتهم من غير الطريق التأديبي ويشمل ذلك على ما أوضحته المذكرة الإيضاحية للقانون الإحالة إلى الاستيداع أو إلى المعاش أثناء الاستيداع أو بصدور قرار بالفصل عن غير الطريق التأديبي الذي قد يتم بصدور قرار صريح بالفصل عن غير الطريق التأديبي أو بسحب قرار التعيين بعد صدوره سليماً ومطابقاً للقانون على أن يكون انتهاء الخدمة بغير الطريق التأديبي بأي من هذه الأسباب قد تم خلال المدة من 11 من مارس سنة 1963 تاريخ العمل بالقانون رقم 31 لسنة 1963 حتى 8 من يونيه سنة 1972 تاريخ العمل بالقانون رقم 10 لسنة 1972 وتقضي المادة الأولى من القانون رقم 28 لسنة 1974 المشار إليه بأن يعاد هؤلاء العاملون إلى الخدمة طبقاً للأحكام، الواردة به.
ومن حيث إنه متى كان ذلك وكان الثابت أن المدعي عين بالشركة المساهمة لتجارة وتصدير الأقطان بقرار رئيس الجمهورية رقم 1900 لسنة 1968 الصادر في 31 من ديسمبر سنة 1968 وقد أبلغ المدعي بهذا القرار في 12 من مارس سنة 1969 واستلم عمله بالشركة وتنفيذاً لكتاب سكرتير عام الحكومة رقم 1898 سرى جداً المؤرخ في 20 من مارس سنة 1969 بطلب سحب القرار المشار إليه وإعادته إلى السكرتارية العامة للحكومة وهو الكتاب الذي أبلغته وزارة التجارة إلى الشركة المذكورة وطلبت منها اتخاذ اللازم مع سحب ذلك القرار وعدم تنفيذه، قامت الشركة بإنهاء خدمة المدعي بها اعتباراً من 29 من مارس سنة 1969 ومن ثم تكون خدمة المدعي بالشركة قد انتهت تنفيذاً لمقتضى سحب قرار رئيس الجمهورية الصادر بتعيينه ولما كان إنهاء الخدمة عن غير الطريق التأديبي في حكم القانون رقم 28 لسنة 1974 آنف الذكر قد جاء من العموم والشمول بحيث ينطوي على كل أنواع إنهاء الخدمة - عدا ما كان منها عن الطريق التأديبي - بما فيها سحب قرار - التعيين وهو الأمر الذي أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لهذا القانون صراحة فيما نصت عليه من أن إنهاء الخدمة عن غير الطريق التأديبي يشمل سحب قرار التعيين بعد صدوره سليماً ومطابقاً للقانون ولما كان الأمر كذلك وكانت خدمة المدعي بالشركة المساهمة لتجارة وتصدير الأقطان قد انتهت بسبب سحب قرار تعيينه دون سبب مقبول على ما سيأتي بيانه، فإن المدعي والأمر كذلك يكون من المخاطبين بالقانون رقم 28 لسنة 1974 وباعتبار أن خدمته قد أنهيت عن غير الطريق التأديبي خلال المجال الزمني لسريان أحكامه ومن ثم تنطبق عليه هذه الأحكام. وإذ تقدم المذكور بطلب إعادته إلى الخدمة والتمس عرض، طلبه على اللجنة المشكلة بوزارة التجارة للنظر في طلبات الإعادة إلى الخدمة بالتطبيق لأحكام ذلك القانون، فإن هذه اللجنة تكون مختصة ببحث هذا الطلب والفصل فيه ويكون الحكم المطعون فيه، قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله بقضائه بعدم اختصاص اللجنة بنظر طلب المدعي إعادته إلى الخدمة ويتعين لذلك الحكم بإلغائه.
ومن حيث إن المادة الثالثة من القانون رقم 28 لسنة 1974 قد اشترطت أن يقدم العامل المفصول إلى الوزير المختص طلباً للعودة إلى الخدمة بطريق البريد الموصى عليه بعلم الوصول خلال ستين يوماً تبدأ من 17 من مايو سنة 1974 اليوم التالي لنشر القانون بالجريدة الرسمية ولما كان المدعي يقيم ببرديس محافظة سوهاج مما يستتبع أن يزاد ميعاد مسافة قدره أربعة أيام على الميعاد المقرر لتقديم طلب الإعادة إلى الخدمة وذلك طبقاً لحكم المادة 16 من قانون المرافعات المدنية والتجارية وإذ أرسل المدعي طلب إعادته إلى الخدمة والتمس عرضه على اللجنة المشكلة بوزارة التجارة وفقاً لأحكام القانون رقم 28 لسنة 1974 ووصل هذا الطلب إلى وزارة التجارة في 17 من يوليه سنة 1974 على ما سلف بيانه، فإن الطلب يكون والأمر كذلك قد قدم في الميعاد القانوني ويكون قرار تلك اللجنة بعدم قبول طلب المدعي شكلاً لتقديمه بعد الميعاد مخالفاً للقانون ويتعين لذلك الحكم بإلغائه ولا حجة فيما أثارته الشركة من أن المدعي يقيم في الجيزة وليس ببرديس بمحافظة سوهاج، ذلك أن الثابت من الملف الخاص بطلب المدعي إعادته إلى الخدمة والمقدم من إدارة قضايا الحكومة بجلسة تحضير الدعوى المنعقدة في 21 من إبريل سنة 1975 - أن الشركة المذكورة أخطرت المدعي بكتابها رقم 294 المؤرخ في 29 من مارس سنة 1969 بإنهاء خدمته بها على عنوانه ببرديس جرجا كما أخطره رئيس لجنة بحث طلبات العاملين المفصولين بغير الطريق التأديبي بقرار اللجنة بعدم قبول طلبه شكلاً وذلك بالكتاب رقم 2331 المؤرخ في 8 من أكتوبر سنة 1974 الموجه إلى المدعي على عنوانه ببرديس كذلك قدم المدعي كتاب، الشركة رقم 2223 المؤرخ في 26 من يونيه سنة 1969 الموجه إليه على العنوان المذكور تطالبه فيه بسرعة موافاتها بإقرار الذمة المالية، كما قدم صورة بطاقته العائلية رقم 24226 الصادرة من مكتب سجل مدني البلينا بمحافظة سوهاج في 27 من مايو سنة 1974 ثابت بها محل إقامته ببرديس ومن شأن كل ذلك تأكيد إقامة المدعي ببرديس محافظة سوهاج ودحض ما قالت به الشركة من أن المدعي يقيم بالجيزة. كذلك لا حجة فيما ذهبت إليه الشركة المدعى عليها من أن مواعيد المسافة المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية مقصورة على أوراق المحضرين وما إليها ولا يسري على طلبات الإعادة إلى الخدمة طبقاً لأحكام القانون رقم 28 لسنة 1974 المشار إليه لا حجة في ذلك لأن طلب الإعادة بوصفه تظلماً إدارياً يجمع بين طبيعة التظلم الإداري من حيث الإفصاح بالشكوى من التصرف الإداري الصادر بسحب قرار تعيين المدعي وبين التظلم القضائي من حيث إنه هو السبيل الوحيد الذي رسمه القانون إلى الالتجاء إلى القضاء طلباً للانتصاف إذا لم تستجب اللجنة إلى إعادته للخدمة، فمن ثم تسري في شأنه الأحكام المنصوص عليها في قانون المرافعات. المدنية والتجارية المتعلقة بالمواعيد المقررة للحضور أو لمباشرة إجراء ما والتي تسري في شأن التظلمات الإدارية على ما جرى عليه القضاء الإداري.
ومن حيث إن مفاد المادة الثانية من القانون رقم 28 لسنة 1974 السالف ذكرها أنه يشترط لإعادة العامل المفصول إلى الخدمة ألا يكون قد بلغ سن التقاعد وقت إعادته إلى الخدمة وأن يثبت قيام إنهاء الخدمة بغير الطريق التأديبي على سبب غير صحيح وتعتبر الأسباب غير صحيحة إذا ثبت أنه لم يكن قد قام بالعامل عند انتهاء خدمته سبب يجعله في حالة من الحالات المنصوص عليها في المادة الأولى من القانون رقم 10 لسنة 1972 بشأن الفصل بغير الطريق التأديبي. وقد حددت المادة الأولى من القانون المشار إليه الأحوال التي يجوز فيها فصل العامل بغير الطريق التأديبي وهي:
1 - إذا أخل بواجبات وظيفته بما من شأنه الإضرار الجسيم بالإنتاج أو بمصلحة اقتصادية للدولة أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة.
2 - إذا قامت بشأنه دلائل جدية على ما يمس أمن الدولة وسلامتها.
3 - إذا فقد أسباب الصلاحية للوظيفة التي يشغلها لغير الأسباب الصحية وكان من شاغلي الإدارة العليا.
4 - إذا فقد الثقة والاعتبار وكان من شاغلي وظائف الإدارة العليا.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المدعي من مواليد 4 من يوليه سنة 1934، وعين بالشركة المساهمة لتجارة وتصدير الأقطان بالدرجة الثالثة وبمرتب شهري قدره 61 ج بمقتضى قرار رئيس الجمهورية رقم 1900 لسنة 1968 الصادر في 31 من ديسمبر سنة 1968 وقد تسلم المدعي عمله محامياً بالشركة المذكورة في مارس سنة 1969 وفي 29 من مارس سنة 1969 أصدرت الشركة قراراً بإنهاء خدمته بها مستندة في ذلك إلى كتاب سكرتير عام الحكومة رقم 1898 سرى جداً المؤرخ في 20 من مارس سنة 1969 والموجه إلى وزارة التجارة متضمناً سحب القرار الجمهوري المشار إليه وطلب الوزارة المذكورة من الشركة اتخاذ اللازم لسحب ذلك القرار وعدم تنفيذه وإعادته ومتى كان ما تقدم وكان الثابت من كتاب أمين عام مجلس الوزراء رقم 207/ 2 جـ 7 المؤرخ في الأول من فبراير سنة 1978 إلى وكيل وزارة التجارة لشئون مكتب الوزير أن قرار رئيس الجمهورية رقم 1900 لسنة 1968 قد تم استرداده من جميع الجهات السابق، إبلاغها به بناء على توجيه من رئيس الجمهورية وذلك بالنسبة لجميع من تضمنهم هذا القرار وليست هناك أسباب خاصة فيما يتعلق بالسيد/ ........ بالذات فإن قرار إنهاء خدمة المدعي من الشركة المساهمة لتجارة وتصدير الأقطان الكبرى يكون الأمر كذلك ليس له ما يبرره ولم يقم على سبب صحيح من الواقع والقانون حيث لم يقم بالمدعي سبب من أسباب إنهاء الخدمة بالتطبيق لحكم القانون رقم 10 لسنة 1972 سالف الذكر.
ومن حيث إنه متى كان ذلك وكانت المادة السادسة من القانون رقم 28 لسنة 74 بإعادة العاملين المدنيين المفصولين بغير الطريق التأديبي إلى وظائفهم - والذي تسري أحكامه على المنازعة الماثلة كما سلف بيانه - تنص على أن تحسب المدة من تاريخ إنهاء خدمة العامل حتى تاريخ الإعادة إليها في تحديد الأقدمية أو مدة الخبرة أو استحقاقه العلاوات والترقيات بالأقدمية التي تتوفر فيه شروطها بافتراض عدم تركه الخدمة.. وتحسب للعامل في المعاش وبدون مقابل المدة من تاريخ إنهاء خدمته حتى إعادته إليها مخصوماً منها المدة المحسوبة قبل العمل بأحكام هذا القانون، وتتحمل الخزانة العامة كافة المبالغ المستحقة عن حساب هذه المدة، كما قضت المادة العاشرة بألا تمس القرارات الصادرة بالإعادة إلى الخدمة تطبيقاً لأحكام هذا القانون القرارات الصادرة بالتعيين أو الترقية في تاريخ سابق عليها. ولا يترتب على تطبيق أحكام هذا القانون صرف أية فروق مالية أو تعويضات عن الماضي أو رد أية مبالغ تكون قد حصلت من قبل العمل بأحكامه. ويبين من ذلك أن القانون رقم 28 لسنة 1974 قد استهدف تصحيح أوضاع العاملين المفصولين بغير الطريق التأديبي طبقاً لأسس وقواعد موضوعية روعي فيها توزيع الأعباء بينهم وبين الدولة ابتغاء المصلحة العامة بأن منحهم المشرع بعض الحقوق وحملهم بعض الالتزامات، فكفل لهم حق العودة إلى الخدمة وحساب المدة من تاريخ إنهائها حتى تاريخ الإعادة إليها في تحديد الأقدمية أو مدة الخبرة أو استحقاق العلاوات والترقيات بالأقدمية التي تتوافر فيهم شروطها بافتراض عدم تركهم الخدمة وقضى بأن تحسب المدة المذكورة في معاشاتهم بدون مقابل على أن تتحمل الخزانة العامة كافة المبالغ المستحقة عنها ومقابل ذلك حظر المشرع صرف أية فروق مالية أو تعويضات عن مدة الفصل.
ومن حيث إنه لما كان ذلك وكان قرار إنهاء خدمة المدعي قد صدر على غير أساس سليم من القانون كما سلف البيان فإنه يتعين الحكم بإلغائه وبإعادة المدعي إلى الخدمة وتسوية حالته وفقاً لأحكام القانون رقم 28 لسنة 1974.
ومن حيث إنه لما تقدم من أسباب فإنه يتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء قرار إنهاء خدمة المدعي وعادته إلى الخدمة وتسوية حالته وفقاً لأحكام القانون رقم 28 لسنة 1974 بإعادة العاملين المدنيين المفصولين بغير الطريق التأديبي إلى وظائفهم وإلزام المدعى عليهم وقد خسروا الدعوى المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء قرار إنهاء خدمة المدعي وإعادته إلى الخدمة وتسوية حالته وفقاً لأحكام القانون رقم 28 لسنة 1974 بشأن إعادة العاملين المدنيين المفصولين بغير الطريق التأديبي إلى وظائفهم وألزمت المدعى عليهم بالمصروفات.