مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والعشرون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1980 إلى آخر فبراير سنة 1981) - صـ 385

(54)
جلسة 25 من يناير سنة 1981

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد ثابت عويضة نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة حسن عبد الوهاب عبد الرازق ويحيى عبد الفتاح سليم البشرى وعبد الفتاح محمد إبراهيم صقر ومحمد محمود الدكروري - المستشارين.

الطعن رقم 599 لسنة 19 القضائية

( أ ) عاملون مدنيون بالدولة - المعاش - عدم استحقاق المرتدة للمعاش.
القانون رقم 37 لسنة 1929 ومن بعده القانون رقم 50 لسنة 1963 بشأن المعاشات يعتمد في صرف المعاش للأرملة على قيام الزوجية قبل الوفاة على ما هو ظاهر من نصوصه مما يقتضي صحة العقد بها شرعاً وقانوناً - اعتناق إحدى المسيحيات الدين الإسلامي وفقاً للثابت من الإشهاد الشرعي بإسلامها - تزوجها بعد ذلك بأحد المسيحيين ثم وفاته. عدم استحقاقها في ميراثه أو معاشه إذ أن المرتدة عن الإسلام تطبق عليها أحكام الشريعة الإسلامية ذات الولاية العامة إعمالاً لما نصت عليه المادة الأولى من القانون رقم 462 لسنة 1955 ولا تنطبق عليها شريعة الأقباط الأرثوذكس إذ أنها بإسلامها التزمت بأحكام الإسلام ومن بينها أحكام الردة والمرتدة أو المرتد لا دين له ولا ملة ولا يقر على ردته ولا على الدين الذي انتقل - إليه زواج المرتدة بغيرها باطل سواء كان من تزوجته مسلماً أو مسيحياً أو يهودياً أو بلا ملة - بطلان علاقة الزواج ينفي قيام رابطة الزوجية التي هي الأساس لاستحقاق الأرملة المعاش - أساس ذلك.
(ب) دستور - حرية العقيدة - الردة.
القول بأن قانون المواريث قد خلا من نص يقضي بحرمان المرتد من الميراث وأن في حرمان المرتد من الإرث ما يعتبر مخالفة للدستور وحرية العقيدة مردود بأن هناك فرق بين حرية العقيدة التي كفلها الدستور وبين الآثار التي تترتب على هذا الاعتقاد من الناحية القانونية - خلو قانون المواريث من النص على حرمان المرتد لا يقصد به مخالفة أحكام القرآن أو السنة أو الأحكام التي اتفق عليها فقهاء المسلمين ومنها عدم انعقاد زواج المرتد أو المرتدة وعدم إرثه من غيره أو عدم إرث غيره منه وهذه الأحكام هي التي يتعين الرجوع إليها طالما أن قانون المواريث لم ينظم أحكام ميراث المرتد أو المرتدة إعمالاً لقواعد النظام العام إعمالاً لأحكام المادتين 6، 7 من القانون رقم 462 لسنة 1955.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 13 من مايو سنة 1973 أودع الأستاذ حنانا روز المحامي بصفته وكيلاً بالانتداب عن السيدة/ لوسي باتش اميل قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد - بجدولها برقم 599 لسنة 19 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 8 من مايو سنة 1972 في الدعوى رقم 240 لسنة 22 ق المرفوعة من رئيس جامعة القاهرة بصفته ضدها والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلزام المدعى عليها بأن تدفع للمدعي بصفته مبلغ 1666.162 ج قيمة ما صرف إليها كمعاش عن المرحوم الدكتور سامي جرجس صليب عن الفترة من 2/ 5/ 1963 - حتى 31/ 12/ 1966 وكذلك قيمة منحة الثلاثة شهور المقررة بالقانون رقم 1 لسنة 1962 وألزمتها المصروفات ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات "وطلبت الطاعنة قبول الطعن شكلاً حيث إنها - تقدمت في 3/ 6/ 1972 بطلب الإعفاء من رسمه رقم 311 لسنة 18 ق وقبل في 14/ 3/ 1973 - وأودعت صحيفة الطعن خلال الستين يوماً التالية، وفي الموضوع وللأسباب الواردة بالتقرير الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه المصروفات والأتعاب. وأعلن الطعن في 21 من مايو سنة 1973 وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً قالت فيه برفض الطعن وعرض على دائرة فحص الطعون فنظرته، وقررت بجلسة 12 من مايو سنة 1980 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا وهذه المحكمة عينت لنظره جلسة 23 من نوفمبر سنة 1980 وفيها وفي الجلسة التالية في 7 من ديسمبر سنة 1980 نظرت الطعن على ما هو مبين بالمحضر فسمعت إيضاحات ذوي الشأن وقررت إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم مع مذكرات لمن يشاء خلال الأجل المبين بقرارها، فقدمت الطاعنة مذكرة استمسكت فيها بطعنها، وبهذه الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع هذه المنازعة تتحصل - على ما يبين من أوراق الطعن - في أن المطعون ضده كان قد أقام في 13 من نوفمبر سنة 1967 الدعوى رقم 240 لسنة 21 ق أمام محكمة القضاء الإداري ضد الطاعنة - طالباً الحكم بإلزامها بأن تدفع له بصفته مبلغ 1666.162 جنيهاً (ألف وستمائة وستة وستين جنيهاً ومائة واثنين وستين مليماً) والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد مع إلزامها المصروفات "وذلك لما جاء في صحيفتها من أنها كانت متزوجة بالدكتور سامي جرجس صليب ولما توفي حصلت على معاش شهري من الجامعة قدره 22.272 جنيهاً ابتداء من 2/ 5/ 1963 طبقاً للقانون رقم 37 لسنة 1929 عدل إلى 30.629 جنيهاً شهرياً من 1/ 8/ 1963 طبقاً للقانون رقم 50 لسنة 1963 وبتاريخ 19 من يونيه سنة 1966 صدر حكم محكمة استئناف القاهرة للأحوال الشخصية في القضية رقم 36 لسنة 83 ق المرفوعة منها ضد كمال جرجس صليب وآخرين عن الحكم الصادر من محكمة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية في الدعوى رقم 111 لسنة 1964، والذي قضى بأنها لا تعتبر زوجة شرعاً لشقيقهم سامي جرجس صليب ولا ترثه لأن زواجها منه باطل بطلاناً مطلقاً باعتبارها مسلمة ارتدت وبعرض موضوع استحقاقها المعاش على إدارة الفتوى والتشريع بمجلس الدولة انتهت في كتابها رقم 1/ 2/ 281 في 8/ 1/ 1967 إلى عدم أحقيتها في المعاش الذي صرف لها عنه مع استرداد ما سبق صرفه إليها دون وجه حق استناداً إلى أن مفاد نصوص المواد 26 و28 و41 من القانون رقم 37 لسنة 29 ق الخاص بالمعاشات الملكية أنه يشترط لاستحقاق الأرملة للمعاش من أن تكون زوجة شرعية للموظف أو مستحق المعاش وقت الوفاة بحيث إذا طلقت منه قبل الوفاة لا تستحق أي معاش، وإذا لم يكن هناك أصلاً رابطة زواج شرعية قائمة بينهما، فإنه من باب أولى لا تستحق المعاش وزواج المرتد باطل، على ما تضمنه الحكم المشار إليه. ومن ثم لا ينتج أثراً لعدم اعتداد المشرع به. فلا يكون له من أثر بالنسبة إلى قوانين المعاشات فلا تعتبر السيدة/ لوسي باتشى اميل أرملة للدكتور المذكور لبطلان زواجها منه بعد ردتها ولا تستحق لذلك معاشاً عنه، وردت المدعى عليها على الدعوى فطلبت رفضها لأن ما اتجهت إليه الفتوى سالفة الذكر كان نتيجة ترتيبها على الحكم الصادر في الدعوى وراثة عدم استحقاقها معاشاً عن المتوفى، في حين أن الحكم المذكور لا يمس المعاش ومن الجائز أن يكون الشخص غير وارث ومع ذلك يستحق معاشاً فلا يجب الخلط بين الإرث وبين المعاش فهما مختلفات والمبدأ الذي أخذت به الفتوى مخالف للدستور لأن قواعد الردة لا تتلاءم مع الدستور وحرية الأديان، وروح العصر، ولهذا حذف من القانون رقم 77 لسنة 1943 الفقرة الخاصة، بمنع إرث المرتد وهو ما يقطع بأن المشرع لا يعتبر حالة الارتداد مانعاً من موانع الإرث والمادة 46 من القانون رقم 50 لسنة 1963 تمنع جهة الإدارة من تخفيض المعاش نتيجة حكم قضائي بعد مضي سنتين على ربطه فمن باب أولى لا يجوز قطعه، وأضافت بمذكرة لاحقة أنه سبق أن قضى في الدعوى رقم 55 لسنة 7 ق من محكمة القضاء الإداري بإلغاء قرار برفض تغيير اسم المرتد وأخيراً فإنها أوضحت عند نظر المنازعة في الإعلام الشرعي أن زوجها كان على استعداد لاعتناق الإسلام قبل وفاته، وأن الزوجية مستمرة ولم يحدث أي حكم بالتطليق وما كان يحق الحكم به قبل عرض الإسلام على الزوج. وبجلسة 8 من مايو سنة 1972 قضت محكمة القضاء الإداري في الدعوى بإجابة المدعي بصفته إلى طلباته فيها، وأقامت قضاءها هذا - على أنه "يبين من أوراق - الدعوى أن المدعى عليها لوسي باتشى اميل، كانت متزوجة من الدكتور سامي جرجس صليب الأستاذ المساعد بكلية الطب ولما توفي في أول مايو سنة 1963 تقدمت بإعلام وراثته على أنها أرملته وعلى ذلك ربط معاش شهري من 2/ 5/ 1963 ظلت تصرفه حتى 31/ 12/ 1966 إذ تقدمت شقيقة المتوفى انجيل جرجس صليب، للجامعة بصورة رسمية من الحكم الصادر في الاستئناف رقم 36 لسنة 83 ق وطلبت بأحقيتها في معاش شقيقها هذا بدلاً من المدعى عليها مستندة في ذلك إلى أن المدعى عليها ليست زوجة بل أجنبية عنه كما هو ثابت بالحكم المشار إليه فعرضت الجامعة الأمر على إدارة الفتوى والتشريع المختصة فأفتت بتاريخ 8/ 1/ 1967 بعدم أحقيتها في المعاش الذي يصرف إليها مع استرداد ما صرف إليها فقامت الجامعة بقطع المعاش عنها وطالبت في هذه الدعوى بإلزامها برد ما سبق صرفه إليها. ويبين من استقراء نصوص القانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية أنه يشترط لاستحقاق الأرملة معاشاً عن زوجها المتوفى أن تكون زوجة شرعاً للموظف أو مستحق المعاش قبل الوفاة والحكم الصادر في الدعوى رقم 111 لسنة 1964 من محكمة الأحوال الشخصية والمرفوع عنه من قبل المدعى عليها الاستئناف رقم 36 لسنة 83، الذي قضي فيه من محكمة الاستئناف بالقاهرة، الدائرة 13 للأحوال الشخصية، بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً - يثبت منه أن المدعى عليها في "الدعوى الماثلة تعتبر أجنبية عن الدكتور سامي جرجس وأن زواجها منه يعتبر باطلاً بطلاناً مطلقاً، ولا يترتب عليه أثر لكونها مرتدة عن دين الإسلام. وهذا الحكم صدر من جهة مختصة في مسائل الأحوال الشخصية ويحوز الحجية، وهو عنوان الحقيقة فيما قضى بحيث لا يجوز مناقشته أو مناقشة ما ورد به من أسباب تتصل بمنطوقه بحيث لا يقوم إلا بها. ومن ثم فإن صفة الزوجية قبل وفاته تنتفي نفياً قاطعاً بمقتضى هذا الحكم فتعتبر لذلك أجنبية عنه ولا تستحق عنه أي معاش ولا يكون لما ورد بأوجه دفاعها الثلاثة أي أساس إذ أن عدم استحقاقها للمعاش يقوم على أنها أجنبية عنه وليس على أنها من غير الورثة أما ما أوردته من أنه لا يجوز للإدارة أن تمس المعاش المقرر لها طبقاً لنص المادة 46 من القانون رقم 50 لسنة 1963 فإن مفاد هذه المادة أن تقوم المنازعة في المعاش بين الهيئة العامة للتأمين والمعاش وبين صاحب الشأن، وهي لا تعتبر صاحبة شأن في مدلول هذه المادة باعتبارها أجنبية عن المتوفى، فلا يجديها التمسك بها، فضلاً عن أن الثابت من الأوراق أن أحد ورثته أقام الدعوى رقم 111 لسنة 1964 أحوال شخصية طالباً الحكم باعتبارها أجنبية عنه وكان رفع هذه الدعوى قبل مضي السنتين المشار إليهما في المادة المذكورة والحكم الصادر فيها مؤيداً بحكم الاستئناف في الاستئناف رقم 36 لسنة 1968 كاشف عن أسباب لم تكن قائمة أمام جهة الإدارة عند تسوية المعاش، وتنفيذ مقتضاه يقتضي إعادة توزيع المعاش على مستحقيه بعد أن قضى باعتبارها أجنبية عن المتوفى وهو ما يؤثر في أساس ربط المعاش ويهدم سبب الاستحقاق الذي قام عليه الربط فتكون الإدارة عندما قطعت المعاش عنها طبقت حكم القانون ومن ثم تكون الدعوى على أساس مما يتعين معه إلزامها برد ما صرف إليها كمعاش إضافة إلى منحة الثلاثة شهور التي صرفت لها المقررة بالقانون رقم 1 لسنة 1962 أما عن الفوائد القانونية فقد جرى القضاء الإداري في حالة ما إذا قضى لموظف باستحقاقه لمبلغ قبل جهة الإدارة أن يقضى له بأصل المبلغ دون فوائد، وترى المحكمة عدم الحكم بالفوائد في هذه الدعوى أخذاً بالمساواة بحيث لا يقضي إلا بأحقية الإدارة في استرداد ما صرف دون وجه حق. وفي هذا الحكم طعنت المدعى عليها (المحكوم ضدها) أمام المحكمة الإدارية العليا بطعنها هذا طالبة الحكم بإلغائه ورفض، دعوى جامعة القاهرة ضدها.
ومن حيث إن هذا الطعن بني على القول بأن الحكم المطعون فيه خالف القانون عندما قضى بإلزام الطاعن برد ما قبضته من المعاش عن زوجها إذ أنه، أولاً: فإن المادة 46 من القانون رقم 50 لسنة 1963 تمنع أي منازعة في المعاش بعد مضي سنتين من تاريخ الإخطار بربط المعاش بصفة نهائية وتمنع تخفيض المعاش حتى لو صدر حكم نهائي فمن باب أولى لا يجوز قطع المعاش ولا يمكن أن يقول أحد أن هناك أي قيد على هذا النص الصريح العام وثانياً - وبخصوص قواعد الرد فإن الدستور يقضي في المادة 46 منه على أن الدولة تكفل حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية فمن حق أي إنسان أن يعتنق الدين الذي يراه وثالثاً - فإن الطاعنة عندما اعتنقت الدين الإسلامي كان ذلك بقصد الحصول على الطلاق من زوجها الذي حاول دفعها إلى الفساد وبعد الطلاق عادت ورجعت إلى دينها الأصلي فهل هذه هي الردة التي عناها فقهاء الشريعة في العهود القديمة.
ومن حيث إن هذه الأسباب التي قام عليها الطعن جميعها، على غير أساس، ذلك أن، استحقاق أرملة الموظف المعاش عنه في حكم القانون رقم 37 لسنة 29 ق الذي يحكم مع القانون رقم 50 لسنة 1963 واقعة الدعوى يعتمد قيام الزوجية قبل الوفاة على ما هو ظاهر من نصوصه مما يقتضي صحة العقد بها شرعاً وقانوناً وإشهاد الوارثة الصادر في 15/ 6/ 1963 الذي تقدمت به الطاعنة لصرف المعاش عن الدكتور سامي جرجس صليب باعتبارها على ما تضمنه زوجة له حجة في خصوص الوفاة والوراثة ما لم يصدر حكم شرعي على خلافه على ما نصت عليه المادة 361 من - لائحة ترتيب المحاكم الشرعية (تحقيق الوفاة والوارثة يكون حجة في خصوص الوفاة والوراثة ما لم يصدر حكم شرعي على خلاف هذا التحقيق) وإذ صدر الحكم في الدعوى رقم 111 لسنة 1964 المرفوعة من كمال جرجس صليب ضد الطاعنة والمؤسسة العامة للتأمين والمعاشات وباقي الورثة أمام محكمة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية بجلسة 8/ 3/ 1966 بما يخالف هذا الإشهاد إذ أبطله فيما تضمنه من اعتبارها زوجة للمتوفى المذكور لبطلان زواجها منه بعد ردتها عن الإسلام وتأيد هذا القضاء بحكم محكمة استئناف القاهرة للأحوال الشخصية بجلسة 19/ 6/ 1966 في الاستئناف المرفوع من الطاعنة ضده حيث قضى بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً - فإن هذا الحكم النهائي الصادر من جهة القضاء العادي المختصة بالفصل في هذه المسألة الأولية "انعقاد الزوجية أو عدمه" وهي من مسائل الأحوال الشخصية التي يعتمد عليها البحث في استحقاق المعاش أساس ثبوت علاقة الزوجية لمن تقول بها وهو تبع لصحة انعقادها يكون له حجيته أمام جهة الإدارة عند تحديد المستحقين عن المتوفى، في المعاش الذي يتقرر عنه وكذلك أمام جهة القضاء الإداري، عند فصلها في المنازعة التي تثور في الخصوص ومن ثم لا يجوز العودة إلى الجدل فيما فصل فيه، في صريح منطوقه وأسبابه التي قام عليها إذ لا سبيل إلى مخالفته في شيء من ذلك. ثم إن هذا القضاء صحيح لأسبابه التي أقام عليها النتائج التي انتهى إليها وهي تتناول الرد على كل ما أثارته الطاعنة سواء أمام محكمة القضاء الإداري أو في طعنها هذا. إذ ورد بها "أنه بالنسبة إلى طلبها التحقيق لإثبات إسلام الزوج - فإن في أدلة الدعوى ما يكفي لتكوين اقتناع المحكمة بأنه توفي وهو مسيحي الديانة (شهادة وفاته) والقول بإسلام المورث لا يسعفها في طلبها طالما أنه لم يثبت عودتها للإسلام قبل الوفاة فاختلاف الدين مانع من الإرث ولا توارث بين المسلم وغير المسلم توارث كتابياً أو غير كتابي...." وإذ الثابت من الإشهاد الشرعي المؤرخ 12/ 1/ 1957 أنها كانت مسيحية ثم هداها الله للإسلام وأشهدت على نفسها أنها اعتنقت الدين الإسلامي الحقيقي ونطقت بالشهادتين وتبرأت من كل دين يخالف الدين الإسلامي ويبين من وثيقة زواجها المؤرخة 27/ 8/ 1958 أنها تزوجت بالمورث (سامي جرجس) القبطي الأرثوذكسي باعتبارها قبطية أرثوذكسية فمن ثم تكون قد ارتدت عن الإسلام بإرادتها الحرة لتتزوج بالمورث، والمرتد في فقه الشريعة الإسلامية هو من ترك دين الإسلام سواء أكان مسلماً منذ نشأته أو دخل الإسلام بعد أن كان يدين بدين آخر سواء أكان سماوياً أو غير سماوي أو لا ديني، وفي هذا رداً على تساؤلها في الطعن عن حقيقية كونها ممن يصدق عليها وصف المرتد، طبقاً لما هو مقرر في الشريعة الإسلامية وهي القانون العام في مسائل الأحوال الشخصية" ومن ذلك خلص الحكم إلى وأنها وقد ارتدت عن الإسلام تطبق عليها أحكام الشريعة الإسلامية ذات الولاية العامة إعمالاً لما نصت عليه المادة (1) من القانون رقم 462 لسنة 1955 ولا ينطبق عليها شريعة الأقباط الأرثوذكس، لأنها بإسلامها التزمت بأحكام الإسلام، ومن بينها أحكام الردة وكما أنها إذ دخلت دين الإسلام وتبرأت من الأديان الأخرى ارتضت أحكام الشريعة الإسلامية وطبقاً لمذهب أبي حنيفة فنكاح المرتد والمرتدة باطل وارتداد أحدهما يقتضي فسخ الزوجية فسخاً عاجلاً بلا توقف على قضاء القاضي والمرتدة لا يجوز أن يتزوجها أحد، مسلماً كان أو كتابياً أو مرتد أو مشركاً ولا يعترف بديانتها التي ارتدت إليها، ولا تقر ردتها وهذه القاعدة من النظام العام لا يجوز مخالفتها أو الخروج على أحكامها وقد حصرت المادة 7 من قانون المواريث رقم 77 لسنة 1943 أسباب الإرث في الزوجية والعصبية والنسبية بمعنى أنه يتحتم أن تقوم وتثبت الزوجية من الوارث والمورث فإذا ما أهدرت الزوجية لأي سبب انعدم الإرث بها وتوارث غير المسلمين بعضهم من بعض، كما هو مذهب جمهور الفقهاء لا يشمل المرتد إذ أجمعوا على أن المرتد، رجلاً كان أو امرأة لا يرث من غيره سواء كان غيره مسلماً أو مرتداً.. وعدم إرثه من المسلم لأنه لا توارث بين المسلم وغير المسلم، وعدم إرثه من غير المسلم لأن المرتد لا دين له ولا ملة ولا يقر على ردته، ولا على الدين الذي انتقل إليه....." وبالنسبة لما قال به الحاضر عن المدعي من أن قانون المواريث لا ينص على اعتبار الردة من موانع الإرث، وأن فيها ما يخالف الدستور وحرية العقيدة فمردود بأنه وأن قانون المواريث صدر خالياً من الفقرة الخاصة بإرث المرتد، إلا أن العمل في كل ما يتعلق بإرث المرتد وأحكامه يكون طبقاً لأرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة لما جاء في المذكرة الإيضاحية له ولقانون الوصية، من أنه في الأحوال التي لا يوجد لها حكم فيها تطبق المحاكم القول الأرجح من مذهب أبي حنيفة، عملاً بالمادة 280 من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1931 وليس فيما تقدم ما يخالف أحكام الدستور أو أي مساس بحرية العقيدة أو المساواة بين الأفراد في الحقوق والواجبات ذلك أن هناك فرقاً بين حرية العقيدة، وبين الآثار التي تترتب على هذا الاعتقاد من الناحية القانونية فكل فرد حر في اعتناق الدين الذي يشاء في حدود النظام العام أما النتائج التي تترتب على هذا الاعتقاد فقد نظمتها القوانين ووضعت أحكامها فالمسلم تطبق عليه أحكام الشريعة الخاصة به والذمي تطبق عليه أحكام أخرى تختلف باختلاف المذهب أو الطائفة في حدود القوانين والنظام العام، وتطبيق القوانين الخاصة في كل طائفة تبعاً لما تدين به، وليس فيه تمييزاً بين المواطنين ولكن فيه إقرار بحرية العقيدة وتنظيم لمسائل الأحوال الشخصية في حدودها وحدود الدين ولا مشاحة في أن الشريعة الإسلامية تضمنت أحكاماً متعلقة بالأحوال الشخصية متعلقة بالنظام العام لا يمكن إهدارها أو إغفالها مثل حكم المرتد. وقد أشار المشرع إلى قاعدة النظام العام، وأوجبت مراعاته فنص في المادة 6 من القانون رقم 462 لسنة 1955 على أنه بالنسبة إلى المنازعات المتعلقة بالمصريين غير المسلمين المتحدي الطائفة والملة، الذين لهم جهات قضائية وقت صدور هذا القانون فتصدر الأحكام في نطاق النظام العام طبقاً لشريعتهم - كما نصت المادة 7 على أنه لا يؤثر في تطبيق الفقرة الثانية من المادة المتقدمة تغيير الطائفة والملة بما يخرج أحد الخصوم من طائفة وملة إلى أخرى إلا إذا كان التغيير إلى الإسلام فتطبق الفقرة الأولى من المادة 6 من هذا القانون وتأسيساً على ذلك تكون أحكام الشريعة الإسلامية فيما يتعلق بالمرتد في الإسلام هي الواجبة التطبيق والإعمال باعتبارها قاعدة متعلقة بالنظام العام على ما سبق بيانه وليس فيها مساساً بحرية العقيدة أو المساواة بين الموطنين" ومن ثم فالمدعى عليها وقد ارتدت عن الإسلام - يعتبر زواجها بالمورث باطلاً..... إلخ" وهذه الأحكام التي التزمها الحكم هي ما جرى عليه قضاء محكمة النقض أيضاً من بعده، ومن ذلك أحكامها في الطعن رقم 37 لسنة 22 ق أحوال شخصية بجلسة 21/ 4/ 1965 ورقم 28 لسنة 33 ق أحوال شخصية بجلسة 19/ 1/ 1966 ورقم 20 لسنة 34 ق أحوال شخصية بجلسة 30/ 3/ 1966) إذ هي في الخصوص مستقرة على أن "الشريعة الإسلامية هي القانون العام في مسائل الأحوال الشخصية وعملاً بالمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادر بها القانون رقم 78 لسنة 1931 تصدر الأحكام فيها طبقاً لما هو مدون بهذه اللائحة ولأرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة، وذلك فيما عدا الأحوال التي وردت بشأنها قوانين خاصة ومنها قانون الوصية وقانون المواريث، تضمنت قواعد مخالفة للراجح من الأقوال فتصدر الأحكام فيها طبقاً لتلك القواعد، ومؤدى ذلك أنه ما لم تنص تلك القوانين على قواعد خاصة تعين الرجوع إلى أرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة والتزامها، وهو لا يجوز معه القول بأن سكوت القانون أو خلوه من النص في مسألة من مسائل الأحوال الشخصية، إنما أراد به أن يخالف نصاً في القرآن الكريم أو السنة الصحيحة أو حكماً اتفق عليه فقهاء المسلمين. ومن هذه الأحكام عدم انعقاد زواج المرتد أو المرتدة، وعدم إرثه من غيره أو من إرث غيره منه، إذ أن الردة وهي الرجوع عن دين الإسلام لها آثارها، ومن أحكامها أنه "ليس لمرتد أن يتزوج أصلاً لا بمسلم ولا بغير مسلم وأنها لو اعترضت على الزواج رفعته وإذا قارنته تمنعه من الوجود، وفقه الحنيفة على أن "المرأة إذا ارتدت ثم تزوجت لا ينعقد لها زواج، وإذا تزوجت ثم ارتدت انفسخ العقد ووجبت الفرقة بين الزوجين بمجرد تحقق سببها وبنفس الردة وبغير توقف على قضاء القاضي. والمرتد لا ملة له، وهو لا يقر على ردته ولا على ما اختاره ديناً له". وفي "تقرير بطلان نكاح المرتد أو المرتدة لعدم انعقاده، وفقاً لهذه الأحكام محافظة على حقوق الله وصيانة لها من العبث وهي لا تتصل بحرية العقيدة ولكن بما رتبه عليها الفقهاء من آثار". ومتى كان ذلك فإن، محكمة القضاء الإداري، لم تخطئ" حين التزمت بهذه الأحكام احتراماً للحكم النهائي المتضمن اعتبار زواج الطاعنة غير منعقد لبطلانه أصلاً، لردتها، وإنفاذاً لحجيته فطبقت مقتضاها على واقع الطلب في الدعوى أمامها وهي ملزمة بما قضى به الحكم، في هذه المسألة الأولية، على ما تقدم ومن ثم، فإن المعاش لا يكون مستحقاً أصلاً وابتداء للطاعنة عن المتوفى، لانتفاء صفة الزوجية ثم الترمل عنها، وسبق ربط المعاش لا يعفي من إعادة تصحيح الوضع، على مقتضى الأحكام المتقدمة بعد إذا بطل، وبأثر رجعي ما تضمنه الإشهاد الصادر من محكمة الوايلى في 15/ 6/ 1963، الذي اعتمد عليه ربط المعاش لها من اعتبارها زوجة له ولا يحول دون ذلك نص المادة 46 من القانون رقم 50 لسنة 1963 بشأن المعاشات وهي تنطبق بنص المادة منه على العاملين بالقانون رقم 37 لسنة 1929 على أنه "لا يجوز لكل من الهيئة العامة للتأمين والمعاشات وصاحبة الشأن المنازعة في قيمة مبلغ التأمين أو المعاش أو المكافأة بعد مضي سنتين من تاريخ الإخطار بربط المعاش بصفة نهائية أو من تاريخ صرف المكافأة أو التأمين، وذلك فيما عدا حالات تسوية التأمين أو المعاش أو المكافأة بالزيادة نتيجة حكم قضائي وكذلك الأخطاء المادية التي تقع في الحساب عند التسوية. كما أنه لا يجوز للهيئة المنازعة في قيمة التأمين أو المعاش أو المكافأة في حالة من صدور قرارات إدارية أو تسوية لاحقة لتاريخ ترك الخدمة يترتب عليها خفض المرتبات التي اتخذت أساساً لتقدير قيمة مبلغ التأمين أو المعاش أو المكافأة، وذلك أنه أياً كان الرأي في خصوص شمول مثل هذا النص للمنازعة في أصل استحقاق المعاش ومقدار قيمته أو اقتصاره على المنازعة في مقداره، فإن المنازعة في ربط المعاش للطاعنة وقعت من ذوي الشأن في خلال السنتين المشار إليهما فيه، إذ ربط المعاش بعد 15/ 6/ 1963 تاريخ صدور الإشهاد الملغى، ورفعت الدعوى، بطلب إبطاله وأعلنت صحيفتها للمدعى عليهم ومنهم الهيئة، وفي 7/ 1 و20/ 2 و4/ 3/ 1965 على ما هو ثابت بالحكم الصادر في الدعوى رقم 111 لسنة 1964 كلي القاهرة المشار إليه وإبطال استحقاق المعاش تبعاً لهذا يعود إلى تاريخ صرفه.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم، يكون الحكم المطعون فيه في محله، ولا مخالفة فيه فيما قضى به للقانون في شيء وطعن الطاعنة عليه غير صحيح من كل وجوهه، ولذلك يتعين رفضه موضوعاً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعنة مصروفات الطعن.