مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والعشرون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1980 إلى آخر فبراير سنة 1981) - صـ 395

(55)
جلسة 25 من يناير سنة 1981

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد ثابت عويضة نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة حسن عبد الوهاب عبد الرازق ويحيى عبد الفتاح سليم البشرى وعبد الفتاح محمد إبراهيم صقر ومحمد محمود الدكروري المستشارين.

الطعن رقم 287 لسنة 24 القضائية

( أ ) دعوى - عريضة الدعوى - تصحيح شكل الدعوى - محاماة.
الأصل وفقاً لحكم المادة 55 من القانون المحاماة رقم 61 لسنة 1968 أنه لا يجوز للمحامين العاملين بالهيئات العامة والمؤسسات والوحدات الاقتصادية التابعة لها وشركات القطاع العام مزاولة أي عمل من أعمال المحاماة لغير الجهات التي يعملون بها - توقيع المدعي على صحيفة الدعوى التي أقامها لرعاية شئونه الخاصة باعتباره محامياً بإحدى الهيئات - بطلان العريضة في هذه الحالة - قيامه بتصحيح شكل الدعوى - وذلك باختصامه من رأي اختصامهم في دعوى عن طريق صحيفة معلنة تتضمن تكليفاً بالحضور أمام المحكمة التي تنظر الدعوى وفقاً لحكم المادة 117 من قانون المرافعات - يترتب على ذلك تصحيح العيب الذي تحتوي عليه صحيفة افتتاح الدعوى - أساس ذلك:
(ب) قرار إداري - نفاذه.
إذا كان من شأن القرار الإداري ترتيب أعباء مالية جديدة على عاتق الخزانة العامة فإن أثره لا يتولد حالاً ومباشرة إلا إذا كان ذلك ممكناً وجائزاً قانوناً أو إذا أصبح كذلك بوجود الاعتماد المالي الذي يستلزمه تنفيذه لمواجهة هذه الأعباء فإن لم يوجد الاعتماد أصلاً كان تحقيق هذا الأثر غير ممكن قانوناً - عدم تحويل بعض الوظائف بموازنة بعض المؤسسات العامة يترتب عليه عدم استحقاق شاغليها للفئات المالية المقررة لهذه الوظائف - أساس ذلك - مثال:


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 23/ 3/ 1978 أودعت إدارة قضايا الحكومة نائبة عن وزير المالية ورئيس لجنة تصفية المؤسسة العامة لاستزراع وتنمية الأراضي ورئيس مجلس إدارة شركة مريوط الزراعية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدول المحكمة برقم 287 لسنة 24 ق ضد جمال حسن مجاهد في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 1/ 2/ 1978 في الدعوى رقم 440 لسنة 29 ق والذي قضى بأحقية المدعي في إرجاع أقدميته في الفئة الخامسة إلى 1/ 7/ 1964 وصرف الفروق المالية المترتبة على ذلك عن الخمس سنوات السابقة على 19/ 6/ 1972 وإلزام شركة مريوط الزراعية بالمصروفات. وطلبت الطاعنة للأسباب الواردة في تقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه حتى يفصل في موضوعه وإلزام المدعي مصروفات هذا الطلب، وبقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المدعي وإلزامه بالمصروفات عن الدرجتين. وقد أعلن تقرير الطعن إلى المدعي في يوم 11/ 4/ 1978 وعقبت هيئة مفوضي الدولة على الطعن بتقرير بالرأي القانوني مسبباً ارتأت به الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول دعوى المدعي شكلاً لبطلان عريضتها أصلاً. واحتياطياً برفض الدعوى، وإلزام المدعي في جميع الأحوال بالمصروفات. وقد تحدد لنظر الطعن جلسة 28/ 4/ 1980 أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التي حكمت بجلسة 9/ 6/ 1980 بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإلزام المدعي بمصروفات هذا الطعن كما قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) التي نظرت الطعن بجلسة 30/ 11/ 1980 وسمعت ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن وقررت إرجاء إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل على ما يتبين من أوراق الطعن في أن المدعي أقام الدعوى رقم 2680 لسنة 26 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة ضد المؤسسة العامة لاستزراع وتنمية الأراضي وطلب فيها الحكم بأحقيته في تسوية حالته في الفئة الخامسة اعتباراً من 1/ 7/ 1964 وصرف الفروق المالية من 1/ 7/ 1965 وإلزام الحكومة بالمصروفات. وقال المدعي في شرح الدعوى إنه كان يشغل وظيفة محقق قانوني بمؤسسة استزراع وتنمية الأراضي وقد اعتمدت جداول تقييم وظائفها في 4/ 1/ 1965 وقيمت وظيفة المدعي وهي وظيفة محقق قانوني بالفئة الخامسة من 1/ 7/ 1964. ولذلك يستحق المدعي الفئة الخامسة من 1/ 7/ 1964 مع صرف الفروق من 1/ 7/ 1965.
وبجلسة 4/ 6/ 1973 قررت محكمة القضاء الإداري إحالة الدعوى إلى المحكمة الإدارية لوزارة استصلاح الأراضي. وقيدت الدعوى بالمحكمة الإدارية لوزارة المالية والاقتصاد والزراعة والتموين واستصلاح الأراضي برقم 843 لسنة 20 ق وبجلسة 12/ 2/ 1974 قضت تلك المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها بحالتها وبغير رسوم إلى المحكمة الإدارية بالإسكندرية مع إبقاء الفصل في المصروفات. وقيدت الدعوى بالمحكمة الإدارية بالإسكندرية برقم 342 لسنة 21 ق التي قضت فيها بجلسة 21/ 4/ 1975 بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى، وأمرت بإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري (دائرة الإسكندرية) للاختصاص حيث قيدت برقم 440 لسنة 29 ق. وبصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية في 23/ 3/ 1977 اختصم المدعي كلاً من وزير المالية ورئيس لجنة تصفية المؤسسة المصرية العامة لاستزراع وتنمية الأراضي ورئيس مجلس إدارة شركة مريوط الزراعية.
وعقبت شركة مريوط الزراعية على الدعوى فقالت إنه لم يصدر أي قرار بتسكين المدعي كما لم يتم تمويل الوظائف التي تضمنها مشروع ميزانية المؤسسة التي كان المدعي يتبعها من سنة 1965 إذ لم ترد في مشروع الميزانية فئات حالية لمواجهة مقتضيات تقييم وتعادل الوظائف بالمؤسسة، كما أنه بإدماج هيئة التحرير في مؤسسة استزراع وتنمية الأراضي صدر تقييم جديد لوظائف المؤسسة واعتمد التقييم الجديد من اللجنة التشريعية.
وبجلسة 1/ 2/ 1978 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه بأحقية المدعي في إرجاع أقدميته في الفئة الخامسة إلى 1/ 7/ 1964 مع صرف الفروق المالية عن الخمس سنوات السابقة على 19/ 6/ 1972 أي من 19/ 6/ 1967، وجاء في أسباب الحكم أن المدعي حصل على درجة الليسانس في الحقوق سنة 1958 وعين بوظيفة أمين سر بوزارة العدل في الدرجة السادسة من درجات القانون رقم 210 لسنة 1951 في 27/ 6/ 1961 ثم عين بوظيفة محقق قانوني في المؤسسة العامة لهيئة مديرية التحرير في الدرجة السادسة من 4/ 11/ 1963 وردت أقدميته في تلك الدرجة إلى 27/ 6/ 1961 بعد ضم مدة خدمته السابقة بوزارة العدل وقد قامت المؤسسة بإعداد جداول وظائف العاملين فيها واعتمدت تلك الجداول من مجلس الوزراء في 4/ 1/ 1965 وأصدرت المؤسسة تنفيذاً لذلك قراراً تنفيذياً في 1/ 12/ 1965 بتسكين العاملين فيها كل في الوظيفة التي تتوافر فيه شروط شغلها. وتضمن القرار تسكين المدعي في وظيفة محقق قانوني بالفئة الخامسة. وهذه التسوية صحيحة قانوناً ولا يجوز أن يضار المدعي من جراء عدم تنفيذها ولذلك يستحق المدعي تسوية حالته في الفئة الخامسة من 1/ 7/ 1964 مع صرف الفروق عن الخمس سنوات السابقة على 19/ 6/ 1972 تاريخ إقامة الدعوى.
وتنعى الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله على أساس أنه لم يصدر قرار بتسكين المدعي في الفئة الخامسة كما جاء في الحكم المطعون فيه، وقد اصطنع القرار الذي تشير إليه المحكمة لخدمة الدعاوى التي أقامها بعض العاملين. وفضلاً عن ذلك فإن هذا القرار بفرض صحته لا يمكن تنفيذه لعدم تمويل الوظائف التي تضمنها كما أن ميزانية المؤسسة لعام 1965 لم ترد بها فئات مالية لمواجهة مقتضيات تقييم وتعادل وظائف المؤسسة وفضلاً عن ذلك فإنه إذ وقع المدعي بصفته محامياً على صحيفة افتتاح الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري فإن صحيفة الدعوى ستكون باطلة من أساسها وتكون الخصومة قد انعقدت غير صحيحة ومخالفة للقانون. ولا يقدح في ذلك أن الصحيفة المعلنة إلى الطاعنين في 7/ 3/ 1977 قد تم التوقيع عليها من أحد المحامين، لأن هذا الإدخال متفرع من أصل إجراءات باطلة ويلحقه البطلان بالتبعية. كما أن إدخال الخصوم تم بإجراءات مخالفة لإجراءات رفع الدعوى أمام مجلس الدولة التي تتم بطلب يقدم إلى قلم كتاب المحكمة وليس بصحيفة معلنة إلى الخصوم طبقاً لحكم المادة 25 من قانون مجلس الدولة، وفي كل الأحوال فإن الخصومة لا تنعقد صحيحة إلا من إعلان الصحيفة الأخيرة وبذلك لا يكون قطع التقادم الخمسي إلا من 7/ 3/ 1977.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن صحيفة افتتاح الدعوى التي قيدت في جدول محكمة القضاء الإداري بالقاهرة برقم 2680 لسنة 26 ق قد تم التوقيع عليها من المدعي نفسه (جمال حسن مجاهد مصطفى) موصوفاً بأنه محام بالمؤسسة العامة لاستزراع وتنمية الأراضي من الفئة الخامسة وقد أودعت صحيفتها في 19/ 6/ 1972 واختصم فيها رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة لاستزراع وتنمية الأراضي. وبصحيفة معلنة في يوم 7/ 3/ 1677 موقع عليها من الأستاذ اسكندر سعد زغلول المحامي بالقاهرة اختصم المدعي كلاً من وزير المالية ورئيس لجنة تصفية مؤسسة استزراع وتنمية الأراضي ورئيس مجلس إدارة شركة مريوط الزراعية. والأصل طبقاً لحكم المادة 55 من قانون المحاماة رقم 61 لسنة 1968 منه لا يجوز للمحامين العاملين بالهيئات العامة والمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها وشركات القطاع العام مزاولة أي عمل من أعمال المحاماة المنصوص عليها في هذا القانون لغير الجهات التي يعملون بها. وإذ وقع المدعي على صحيفة افتتاح الدعوى التي أقامها لرعاية شئونه ومصالحه الخاصة فإنها تكن قد وقعت باطلة لمخالفة ذلك لأحكام قانون المحاماة. إلا أن هذا البطلان قد زال طبقاً لقانون المرافعات - إذ صحح المدعي شكل الدعوى باختصام من يجب اختصامهم من الخصوم ذات الصفة في الدعوى واستدفاع أحمد المحامين المقبولين أمام محكمة القضاء الإداري على صحيفة تصحيح شكل الدعوى المعلنة في 7/ 3/ 1977. ولما كان قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 لم يورد إلا عدداً قليلاً من الإجراءات ونص في المادة الثالثة من قانون إصداره على تطبيق أحكام الإجراءات المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة وتطبيق أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص. ولما كانت المادة 117 من قانون المرافعات تجيز للخصم أن يدخل في الدعوى من كان يصح اختصامه فيها عند رفعها ويكون ذلك بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى فإنه لا تثريب على المدعي إن كان قد لجأ إلى اختصام من رأى اختصامهم في دعواه عن طريق صحيفة معلنة تتضمن تكليفاً بالحضور أمام المحكمة التي تنظر الدعوى في جلسة يوم 23/ 3/ 1977 ويكون هذا الاختصام صحيحاً في حكم القانون، فضلاً عما عقب عليه من تصحيح العيب الذي تحتوي عليه صحيفة افتتاح الدعوى.
ومن حيث إنه عن الموضوع أن الثابت أن وظائف المؤسسة المصرية العامة لاستزراع وتنمية الأراضي لم تمول في ميزانيتها بعد توصيفها وتقييمها في ميزانية السنة المالية 1965. وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن القرار الإداري إذا كان من شأنه ترتيب أعباء مالية جديدة على عاتق الخزانة العامة فإن أثره لا يتولد حالاً ومباشرة إلا إذا كان ذلك ممكناً وجائزاً قانوناً أو حتى أصبح كذلك بوجود الاعتماد المالي الذي يستلزمه تنفيذه لمواجهة هذه الأعباء. فإن لم يوجد الاعتماد أصلاً كان تحقيق هذا الأثر غير ممكن قانوناً، أما إذا وجد وكان غير كاف فإنه يتعين التزام حدوده وعدم مجاوزتها. ومتى كان توصيف وتقييم الوظائف يتم بأداة القرار الإداري فإن العاملين بالمؤسسات العامة والشركات التابعة لها الخاضعين لأحكام القرارين الجمهوريين رقمي 3546 لسنة 1962، 800 لسنة 1963 لا يستمدون حقهم ومركزهم القانوني الذاتي في الفئات المقررة توصيفاً وتقييماً للوظائف التي يشغلونها من أحكام القانون مباشرة، ولكنهم يستمدون هذا الحق الذي لا ينشأ أصلاً ولا يتولد أثره إلا متى أصبح ذلك ممكناً وجائزاً قانوناً بوجود الاعتماد المالي الذي يستلزمه تنفيذه. ومتى كان الثابت أنه لم يعقب اعتماد جداول توصيف وتقييم المؤسسة التي كان المدعي يتبعها تمويل لوظائفها لمواجهة تنفيذ الأعباء المالية الجديدة المترتبة على توصيف وتقييم وظائفها في السنة المالية 1965 لذلك لا يكون للمدعي أصل حق في الفئة الخامسة المقررة لوظيفة محقق قانوني اعتباراً من 1/ 7/ 1964 لعدم نشوء هذا الحق أصلاً تبعاً لعدم تمويل وظائف المؤسسة المذكورة بعد توصيفها وتقييمها وإذ قضى الحكم المطعون فيه بأحقية المدعي في الفئة الخامسة من 1/ 7/ 1964 بإرجاع أقدميته فيها إلى ذلك التاريخ - فإنه أي الحكم المطعون فيه - يكون قد خالف القانون، وتكون دعوى المدعي في غير محلها وعلى غير أساس سليم من القانون الأمر الذي يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض دعوى المدعي، وإلزامه بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى.