مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والعشرون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1980 إلى آخر فبراير سنة 1981) - صـ 589

(80)
جلسة 17 من فبراير سنة 1981

برئاسة السيد الأستاذ المستشار سعد زغلول محمد أبو عوف نائب رئيس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الفتاح صالح الدهري وعبد الرءوف محمد محيي الدين والدكتور وليم سليمان قلاده ومحمد أحمد البدري - المستشارين.

الطعن رقم 431 لسنة 24 القضائية

إصلاح زراعي - استيلاء - أجنبي - مباني.
القانون رقم 15 لسنة 1963 يحظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها - الشروط الواجب توافرها لما يعتبر أرض بناء - القانون رقم 15 لسنة 1963 تكفلت أحكامه ببيان الشروط الواجب توافرها لما يعتبر أرض بناء وهي وحدها التي يرجع إليها في دائرة تطبيق أحكامه دون الأحكام التي ينص عليها القانون رقم 178 لسنة 1952 والقوانين المعدلة له والقرار رقم (1) لسنة 1963 بتفسير المادة الأولى منه - يجب لخروج الأرض من الحظر الوارد بالقانون رقم 15 لسنة 1963 توافر شرطين: إحداهما: أن تقع في نطاق المدن والبلاد التي يسري عليها أحكام القانون رقم 52 لسنة 1940.
والثاني: أن تكون غير خاضعة لضريبة الأطيان - إذا تخلف أحد الشرطين ودخلت الأرض في دائرة الحظر يتعين الاستيلاء عليها قانوناً - تطبيق [(1)].


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 21 مايو سنة 1978 أودع الأستاذ أحمد فراج طايع المحامي بصفته وكيلاً عن السيدة/ ماري ديمتري تاسو أرملة المرحوم اميل عيد اللبنانية الجنسية قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 431 لسنة 24 عليا في القرار الصادر من اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي في الاعتراض رقم 373 لسنة 1973 والذي قررت فيه اللجنة بتاريخ 29 مارس سنة 1978 رفض الاعتراض وطلبت الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وباستبعاد الفيلا والحديقة المحيطة بها المملوكة للطاعنة والكائنة بناحية صفط اللبن مركز إمبابة محافظة الجيزة من قرار الاستيلاء مع إلزام المطعون ضدها المصروفات. وقدم مفوض الدولة تقريراً ارتأى فيه أن تحكم المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة المصروفات.
وبعد اتخاذ الإجراءات القانونية نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية الدائرة الثالثة لنظره بجلسة 23 ديسمبر سنة 1980 وفيها نظر الطعن وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم ومنها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع الموضوع كما تبين من الأوراق تتحصل في أن السيدة/ ماري ديمتري تاسو أرملة المرحوم اميل عيد اللبنانية الجنسية أقامت الاعتراض رقم 373 لسنة 1973 ضد الهيئة العامة للإصلاح الزراعي قالت فيه إنها تمتلك فيلا مكونة من دورين تحيط بها حديقة مساحتها 5 س/ 12 ط/ 2 ف بحوض الإطلاق رقم 7 قطعة 78 بزمام ناحية صفط اللبن مركز إمبابة محافظة الجيزة، وهذه الفيلا والحديقة المحيطة بها داخلة في كردون المدينة وتعتبر أرض مبان وقد سبق لإدارة نزع الملكية أن نزعت من الأرض المملوكة للطالبة المجاورة للفيلا مساحة 19 س/ 3 ف للمنافع العامة وقدرت ثمنها على أنها أرض مبان داخلة في كردون المدينة وليست أرضاً زراعية وكانت المعترضة تقيم في هذه الفيلا ولما نزعت الأرض الأخرى التي كانت تملكها واحتاجت إلى المال اضطرت إلى تأجير الفيلا إلى شركة المشروعات الصناعية بموجب عقد لا يزال سارياً. وقد استولى الإصلاح الزراعي على الفيلا بالتطبيق للقانون رقم 15 لسنة 1963 على الرغم من أن هذه الفيلا وما حولها هي سكن لها وداخلة في كردون المدينة ومن ثم فإنها لا تخضع للقانون المذكور وطلبت استبعاد الفيلا والحديقة من قرار الاستيلاء الصادر من الإصلاح الزراعي.
وقد قررت اللجنة بجلسة 12 ديسمبر سنة 1973 قبول الاعتراض شكلاً وتمهيدياً وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل لبيان ما إذا كانت الفيلا والأرض المحيطة بها موضوع الاعتراض تعتبر من أراضي البناء وذلك على ضوء التفسير التشريعي رقم 1 لسنة 1953 المعدل بالتفسير التشريعي رقم 1 لسنة 1963 مع تحديد مساحة الأرض موضوع النزاع. وقام الخبير بمهمته وأودع تقريره ثم قررت اللجنة بتاريخ 23/ 6/ 1976 إعادة المأمورية للخبير بذات الأمانة للبحث فيما إذا كانت الأرض موضوع النزاع وفقاً للمعايير الموضوعية العامة من أراضي البناء أم لا وقدم الخبير تقريره. وبجلسة 29 مارس سنة 1978 قررت اللجنة رفض الاعتراض وأقامت قرارها على أساس أن الخبير انتهى إلى أن أرض النزاع وما عليها من مبان (فيلا) تقع بناحية صفط اللبن بحوض الإطلاق وهي 22 س/ 9 ط/ 1 ف عبارة عن مسطح القطعة 366 من 178 أصلية بحوض 7 وتم الاستيلاء عليها بالمحضر المؤرخ 2/ 12/ 1963 عملاً بأحكام القانون 15 لسنة 1963 وذكر الخبير أنه عملاً بأحكام هذا القانون لا تعتبر أرض بناء لأنها خاضعة لضريبة الأطيان ومنزرعة فعلاً أما بالنسبة لتطبيق المعايير العامة فإن هذه الأرض غير متصلة بكتلة السكن ولا تقع على شوارع عامة ومن ثم فلا تعتبر أرض بناء.
ومن حيث إن تقرير الطعن ينعى على القرار المطعون فيه القصور في التسبيب ذلك أن اللجنة كانت قد قررت بجلسة 23/ 6/ 1976 إعادة المأمورية للخبير للبحث وفقاً للمعايير الموضوعية العامة من حيث موضع الأرض ومدى اتصالها بكتلة السكن وموقعها وعما إذا كانت على شوارع قائمة وما إذا كانت الأرض موضوع النزاع من أرض البناء من عدمه عند صدور القانون 15 لسنة 1963 وذكر تقرير الطعن أن الخبير لم يقم ببحث العناصر الجديدة التي وردت في قرار اللجنة سالف الذكر ومع ذلك اعتمدت اللجنة على هذا التقرير فجاء قرارها مشوباً بالقصور في التسبيب.
ونعى التقرير أيضاً على القرار الإخلال بحق الدفاع ذلك أن الخبير أبدى رأيه بعد إعادة المأمورية إليه بأنه لا محل لتغيير ما أبداه في تقريره الأول وذلك قبل المعاينة وسجل عليه ذلك وكيل الطاعنة في الكتاب الذي أرسله إليه وتقدم للجنة القضائية طالباً انتداب خبير غيره لمباشرة المأمورية ولكن الخبير لم يتنح عن مباشرة المأمورية. ولم تستجب اللجنة لطلب الطاعنة في شأن تكليف خبير غيره. وبذلك أقرت الخبير على إخلاله بحق دفاع الطاعنة.
ويقوم السبب الثالث للطعن على أنه بالرغم من أن اللجنة القضائية عدلت في قرارها الثاني عما جاء في قرارها الأول إذ أعادت المأمورية للخبير ليبحث المعايير الموضوعية الخاصة بالفيلا إلا أنها عادت إلى التفسير التشريعي الذي ورد في قرارها الأول وهو التفسير رقم 1 لسنة 1953 المعدل بالتفسير رقم 1 لسنة 1963 وقد أخطأت اللجنة في ذلك لأن التفسير التشريعي المذكور خاص بالأراض الفضاء المعدة لإقامة مبان عليها ولا ينصرف إلى الأرض المقام عليها بناء فعلاً كما أن اللجنة لم تبين الأسباب التي دعتها إلى تطبيق التفسير التشريعي بعد عدولها عنه.
ومن حيث إنه من الثابت أن المستولى لديها لبنانية الجنسية فهي بذلك تخضع لأحكام القانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها.
ومن حيث إن المادة الأولى من هذا القانون بعد أن حظرت على الأجانب تملك الأراضي الزراعية وما في حكمها نصت في الفقرة الثانية منها على أنه "ولا تعتبر أرضاً زراعية في تطبيق أحكام هذا القانون الأراضي الداخلة في نطاق المدن والبلاد التي تسري عليها أحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 المشار إليه إذا كانت غير خاضعة لضريبة الأطيان" ولقد قضت هذه المحكمة بأن مفاد ذلك أن القانون رقم 15 لسنة 1963 تكفلت أحكامه ببيان الشروط التي يجب توافرها لما يعتبر أرض بناء وهي وحدها التي يرجع لها في دائرة تطبيق أحكام هذا القانون وذلك دون الأحكام التي أتى بها المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي والقوانين المعدلة له والقرار رقم 1 لسنة 1963 الصادر بتفسير المادة الأولى منه. وعلى ذلك فإنه حتى تخرج الأرض من الحظر الوارد بالقانون رقم 15 لسنة 1963 يتعين أن يتوافر لها شرطان أحدهما أن تقع في نطاق المدن والبلاد التي تسري عليها أحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضي المعدة للبناء والآخر أن تكون غير خاضعة لضريبة الأطيان. فإذا تخلف أحد الشرطين دخلت الأرض في دائرة الحظر الوارد بالقانون المذكور وتعين الاستيلاء عليها وفقاً لأحكامه.
ومن حيث إنه بإنزال حكم هذين الشرطين على واقعة النزاع، فالذي يبين من تقرير الخبير أن المسطح موضوع هذا الطعن لا يدخل في نطاق كردون مدينة خاضعة لأحكام القانون 52 لسنة 1940. كما أن المسطح المذكور مستغل بالزراعة من قبل تاريخ العمل بأحكام القانون رقم 15 لسنة 1963 وإلى تاريخ كتابة التقرير في 14 فبراير سنة 1976 فيما عدا المسطح المقام عليه فيلا المعترضة وملحقاتها. وأن المسطح المذكور جميعه بما في ذلك المسطح المقام عليه الفيلا خاضع لضريبة الأطيان الزراعية من قبل تاريخ العمل بأحكام القانون رقم 15 لسنة 1963 وحتى كتابة التقرير.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم فإن الأرض موضوع النزاع تخرج عن تطبيق أحكام الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون 15 لسنة 1963 وبذلك تكون خاضعة لأحكام الفقرة الأولى منها ويكون القرار الصادر بالاستيلاء عليها صحيحاً. ويكون قرار اللجنة القضائية إذ صدر بذلك سليماً بما يرتب عليه أن الطعن الماثل غير قائم على أساس ويتعين رفضه وإلزام الطاعنة المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعنة المصروفات.


[(1)] هذا المبدأ تأكيداً لما سبق أن قضت به المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 901 لسنة 19 بجلسة 22 من إبريل سنة 1975.