مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والعشرون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1980 إلى آخر فبراير سنة 1981) - صـ 617

(85)
جلسة 22 من فبراير سنة 1981

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد ثابت عويضة نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عزيز بشاي سيدهم وحسن عبد الوهاب عبد الرازق ويحيى عبد الفتاح سليم البشرى وعبد الفتاح محمد إبراهيم صقر - المستشارين.

الطعن رقم 504 لسنة 23 القضائية

( أ ) دعوى - تكييفها - دعوى الاستحقاق.
مطالبة المدعي حساب المدة الباقية من الخدمة من تاريخ إحالته إلى المعاش بغير الطريق التأديبي حتى تاريخ بلوغه السن القانونية في المعاش بوصفها مدة خدمة فعلية - هذه الدعوى لا تعتبر من دعاوى الإلغاء ولا من دعاوى التعويض وإنما تعتبر من دعاوى الاستحقاق وتسوية الحالة والقضاء الكامل: أثر ذلك:
(ب) سلك دبلوماسي وقنصلي - أعضاء السلك - طلب إعادة تسوية المعاش.
المادة 176 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 تقضي بإعادة تسوية المعاشات لمن انتهت خدمتهم من بعض الطوائف قبل 11/ 3/ 1963 ومنهم أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي شريطة تقديم طلب بذلك إلى وزير الخارجية في خلال 90 يوماً من تاريخ العمل بقانون التأمين الاجتماعي - إقامة أحد أعضاء السلك دعوى أمام القضاء قبل صدور القانون المشار إليه طالباً إعادة تسوية معاش على أساس ضم المدة الباقية على بلوغه سن المعاش - رفع الدعوى في هذه الحالة يغني عن تقديم الطلب المشار إليه - أساس ذلك - مثال.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 11/ 5/ 1977 أودع السيد الأستاذ حسين عوض بريقى المحامي بصفته وكيلاً عن السيد الأستاذ محمد عبد الشافي اللبان السفير السابق بوزارة الخارجية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدول المحكمة برقم 504 لسنة 23 ق عليا ضد رئيس الجمهورية ووزير الخارجية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة التسويات) بجلسة 14/ 3/ 1977 في الدعوى رقم 972 لسنة 28 ق المقامة من الطاعن ضد المطعون ضدهما والذي قضى بعدم قبول الدعوى شكلاً وإلزام المدعي بالمصروفات وطلب الطاعن للأسباب الواردة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبتسوية حالة الطاعن طبقاً لما ورد بصحيفة الدعوى والمبينة في صدر هذا الطعن وإعمالاً لأحكام المادة 176 من القانون رقم 79 لسنة 1975، بشأن التأمين الاجتماعي والمادتين 7، 8 من القانون رقم 30 لسنة 1974 بشأن إعادة بعض أعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي إلى وظائفهم مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات عن الدرجتين. وقد أعلن الطعن إلى المطعون ضدهما في 23/ 5/ 1977. وعقبت هيئة مفوضي الدولة على الطعن بتقرير بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن بالمصروفات. وتحدد لنظر الطعن جلسة 28/ 4/ 1980 أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التي نظرت الطعن بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر وقررت بجلسة 23/ 6/ 1980 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) التي نظرت الطعن بجلسة 25/ 1/ 1981 وسمعت ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن وقررت إرجاء إصدار الحكم في الطعن لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أن المدعي أقام الدعوى رقم 972 لسنة 28 ق أمام محكمة القضاء الإداري في 22/ 6/ 1974 ضد رئيس الجمهورية ووزير الخارجية وطلب فيها الحكم باستحقاقه تسوية حالته على أساس حساب المدة الباقية من الخدمة من تاريخ إحالته إلى المعاش حتى بلوغه سن الستين خدمة متصلة مع حساب العلاوات والترقيات التي حصل عليها زملاؤه بالوزارة مع صرف الفروق المالية بين المعاش وما كان يجب أن يحصل عليه من مرتب أو معاش. وقال المدعي في شرح الدعوى أن خدمته بدأت في وزارة الخارجية سنة 1931 وانتهت بالإحالة إلى المعاش في سنة 1961 بالقرار الجمهوري رقم 48 لسنة 1961 الصادر في 14/ 2/ 1961 وكانت خدمته محل للتقدير وقام بمهام ذات خطر وكانت آخر المناصب التي شغلها هي سفير مصر في إيران ومدير الإدارة السياسية ووكيل الوزارة المساعد للشئون السياسية وسفير مصر في سويسرا وكانت جهود المدعي في إيران وسويسرا محل التقدير الكبير من هذين البلدين. وقد رأى المسئولون عن وزارة الخارجية تعيين المدعي وكيلاً للوزارة في سنة 1959 إلا أنهم عدلوا عن ذلك لما رأوه من إلغاء منصب وكيل وزارة الخارجية وإبداله بوظيفة أمين عام الخارجية. وأبرقت الخارجية إلى المدعي بالعودة إلى القاهرة في موعد أقصاه يوم 20/ 12/ 1960. وفي مصر أبلغ المدعي بصدور القرار الجمهوري رقم 48 في 14/ 2/ 1961 بإحالته إلى المعاش بدون إضافة يوم واحد إلى مدة خدمته المحسوبة في المعاش وبدون شكر على جهوده على مدى ثلاثين سنة. وفي 18/ 5/ 1974 صدر القرار الجمهوري رقم 729 لسنة 1974 بمنح المدعي مع آخرين معاشات استثنائية - آخذاً بتوصية اللجنة المشكلة في وزارة الخارجية لبحث الشكاوى المقدمة من المدعي وآخرين على أثر صدور حكم المحكمة العليا بعدم دستورية القانون رقم 31 لسنة 1963. وقد أخطأ القرار الجمهوري المذكور بالنسبة للمدعي في أنه اعتبر المدعي بدرجة وزير مفوض في حين أنه يشغل درجة سفير فوق العادة من سبعة عشر عاماً وفي أنه سوى معاش المدعي على درجة وزير مفوض فوصل معاش المدعي من 96.809 جنيه إلى مائة جنيه شهرياً بزيادة مقدارها 3.191 جنيه في حين رفع معاش السفراء وبعض الوزراء المفوضين إلى مائة وعشر جنيهات ولم يكن في وسع المدعي الطعن بالإلغاء على قرار إحالته إلى المعاش اتقاء التأميم وفرض الحراسات ولأن القانون رقم 31 لسنة 1963 بوضع القيود على حق التقاضي كان يسري على القرارات السابقة عليه حسب أحكام المحكمة الإدارية العليا - وأضاف المدعي أنه يطلب الحكم له بالتعويض عن الأضرار الناتجة عن إحالته إلى المعاش ويتمثل التعويض في حساب المدة الباقية من تاريخ إحالته إلى المعاش وحتى بلوغه سن الستين خدمة متصلة مع حساب الترقيات والعلاوات وصرف الفروق المالية بين المعاش وما كان يجب أن يحصل عليه من مرتب أو معاش.
ودفعت الحكومة بعدم قبول الدعوى استناداً إلى حكم المادة السادسة من القانون رقم 37 لسنة 29 المعدلة بالقانون رقم 545 لسنة 1953 والتي لا تجيز المنازعة في المعاش بقصد تعديله بعد مضي سنة من تاريخ تسليم السركى. وقد أحيل المدعي إلى المعاش بالقرار الجمهوري رقم 48 لسنة 1961 في 13/ 2/ 1961 وأخطر بذلك في 21/ 2/ 1961 ثم ربط المعاش بإذن الربط الصادر في 3/ 4/ 1961 بمقدار 85.122 ج شهرياً إلا أن المدعي لم يرفع الدعوى إلا في سنة 1974 بعد مرور أكثر من ثلاثة عشر عاماً وإذ كانت هذه الدعوى هي منازعة في معاش فإنها تكون غير مقبولة. وأضافت الحكومة أن الدعوى الماثلة تنطوي على الطعن بالإلغاء في القرار الجمهوري الصادر بإحالة المدعي إلى المعاش في 14/ 2/ 1961. والثابت أن المدعي لم يتظلم من القرار الجمهوري سالف الذكر كما أنه لم يلتزم بالميعاد المقرر للطعن بالإلغاء في قانون مجلس الدولة ولم يكن هناك ما يمنع المدعي من الطعن بالإلغاء في القرار الجمهوري الصادر بإحالته إلى المعاش رقم 48 لسنة 1961 إذ لم يكن القانون رقم 31 لسنة 1963 قد صدر بعد. إذ أحيل المدعي إلى المعاش في 14/ 2/ 1961 بينما صدر القانون رقم 31 لسنة 1963 في 4/ 3/ 1963 ولم يكن هناك قيود على حق المدعي في الطعن بالإلغاء في القرار الجمهوري الصادر بإحالته إلى المعاش وقت صدور هذا القرار ومن ناحية ثانية فإن القرار الجمهوري رقم 729 لسنة 1974 بمنح المدعي معاشاً استثنائياً لا يفتح باباً جديداً للطعن على القرار الجمهوري رقم 48 لسنة 1961 بإحالة المدعي إلى المعاش وقد كان المدعي يتقاضى معاشاً قدره 85.122 ج ثم رفع إلى 93.634 ج في 1/ 10/ 79 وقد منح المدعي معاشاً استثنائياً بمقتضى القرار الجمهوري رقم 729 لسنة 1974 الصادر في 18/ 5/ 1974 ليصل معاشه الشهري إلى مائة جنيه. وقرار منح المعاش الاستثنائي صدر استناداً إلى أحكام القانون رقم 71 لسنة 1974 وهو قرار مستقل عن قرار إحالة المدعي إلى المعاش ولذلك فإنه لا يفتح باباً جديداً للطعن على قرار إحالة المدعي إلى المعاش رقم 48 لسنة 61 أما عن الموضوع فقد أحيل إلى المعاش بالقرار الجمهوري رقم 48 لسنة 61 ضمن أربعة عشر عضواً من أعضاء السلك الدبلوماسي ولم يكن ذلك من قبيل التأديب بل كان من قبيل الأعمال الإدارية المتعلقة بالمصلحة العليا للبلاد وكان المدعي عند إحالته إلى المعاش بدرجة سفير وليس بدرجة وزير مفوض وقد منح معاشاً استثنائياً تقديراً لجهوده وطلبت الحكومة احتياطياً الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعي في الحالتين بالمصروفات والأتعاب.
وبجلسة 14/ 3/ 77 صدر الحكم المطعون فيه وقضى بعدم قبول الدعوى شكلاً وأقامت المحكمة هذا القضاء على أساس أن المدعي فصل من الخدمة بالقرار الجمهوري رقم 48 لسنة 1961 في 14/ 2/ 61 وحق المدعي في الطلبات التي أقام بها الدعوى لا يستند إلى قاعدة تنظيمية عامة بل يتعين أولاً التصدي للقرار الجمهوري الصادر بإنهاء خدمة المدعي قبل بلوغ السن القانونية وبحث مدى مشروعيته كما أن إجابة المدعي إلى طلباته يتوقف على صدور حكم بإلغاء القرار الجمهوري المذكور فيما لو ثبت مخالفة ذلك القرار للقانون وعلى ذلك فإن الدعوى في حقيقتها تتضمن طعناً بالإلغاء في القرار الجمهوري سالف الذكر والثابت أن المدعي لم يتظلم من القرار الجمهوري الصادر بإحالته إلى المعاش ولم يلتزم المواعيد المقررة في قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 59 برفع الدعوى بطلب الإلغاء الأمر الذي تكون معه الدعوى غير مقبولة شكلاً ووقت صدور القرار الجمهوري المتضمن إحالة المدعي إلى المعاش في 14/ 2/ 1961 لم تكن هناك موانع قانونية تحول بين المدعي وبين الطعن بالإلغاء في ذلك القرار وذلك حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 31 لسنة 1963.
وخلصت المحكمة من ذلك إلى الحكم بعدم قبول الدعوى شكلاً وإلزام المدعي بالمصروفات.
ويقوم الطعن على أساس أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أن التكييف الصحيح للدعوى أن المدعي كان يهدف منها إلى تعويضه عن الأضرار التي أصابته من جراء قرار إحالته إلى المعاش دون أن يهدف من الدعوى إلى إلغاء ذلك القرار فالدعوى في حقيقتها دعوى تعويض وليست دعوى إلغاء ودعوى التعويض لا تتقيد بالتظلم والمواعيد المقررة لرفع دعوى الإلغاء أما تقدير عناصر التعويض فمتروك لسلطة المحكمة وتقوم مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية المخالفة للقانون إذ توافرت أركان الخطأ والضرر ورابطة السببية أما عناصر الخطأ فإن التقرير الحكومي عن تظلم المدعي وزملائه سنة 1972 يثبت عدم وجود أية أسباب جدية تبرر فصل من شملهم القرار ومنهم المدعي الأمر الذي يقيم ركن الخطأ في حق الإدارة أما عنصر الضرر فقد ترتب على القرار الجمهوري بإحالة المدعي إلى المعاش عدم حساب المدة الباقية له لبلوغ سن المعاش ضمن مدة خدمته وحرمانه من الترقيات والعلاوات فضلاً عن حرمانه من الفروق بين المرتب والمعاش. وعلاقة السببية قائمة بين خطأ الإدارة وما أصاب المدعي من ضرر. والتعويض هو جزاء المسئولية ويشمل ما حاق المدعي من خسارة وما فاته من كسب والسبب الثاني للطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في عدم تطبيق القوانين التي صدرت بشأن تسوية حالة المفصولين بغير الطريق التأديبي وكان يجب عليه تطبيق هذه القوانين إذ صدر القانون رقم 30 لسنة 1974 بشأن إعادة المفصولين من رجال السلكين الدبلوماسي والقنصلي إلى وظائفهم في 9/ 5/ 1974 وهذا القانون لا يسري في حق المدعي لأن أحكامه مقصورة على من فصلوا بغير الطريق التأديبي من تاريخ العمل بالقانون رقم 31 لسنة 1963 حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 10 لسنة 1973 إلا أن بصدور القانون رقم 79 لسنة 1975 أصبح من حق المدعي الإفادة من القانون رقم 30 لسنة 1974 طبقاً لحكم المادة 176 من قانون التأمين الاجتماعي ولم تشترط هذه المادة سوى تقديم الطلب إلى الوزير المختص خلال الفترة المحددة بالمادة 7، 8 من القانون رقم 30 لسنة 1974 وأمعن آثراً من تقديم الطلب إلى الوزير رفع الدعوى إلى المحكمة بطلب تسوية المعاش ولا سيما وأن المدعي حين عمل بالقانون رقم 79 لسنة 1975 في 1/ 9/ 1975 كان قد رفع دعواه من قبل بطلب تسوية معاشه. وعلى ذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون فيما ذهب إليه من تكييف الدعوى على أنها دعوى إلغاء في حين يطلب المدعي تسوية معاشه وكان يجب على المحكمة إعمال أحكام المادة 176 من القانون رقم 79 لسنة 1975 والمادتين 7، 8 من القانون رقم 30 لسنة 1974 وتسوية معاش المدعي على مقتضى أحكامها وهذه التسوية لا تتوقف على صدور حكم في دعوى الإلغاء.
ومن حيث إن التكييف القانوني السليم لدعوى المدعي أنها من دعاوى الاستحقاق وتسوية الحالة والقضاء الكامل ويهدف المدعي منها إلى حساب المدة التي كانت باقية له في الخدمة من تاريخ إحالته إلى المعاش بغير الطريق التأديبي حتى بلوغه سن الستين، بوصفها متصلة بمدة خدمته الفعلية وما يترتب عن ذلك من آثار في حساب المرتب ثم حساب تلك المدة مع آثارها في المرتب ضمن مدة خدمته التي يستحق عنها المعاش قانوناً، وعلى ذلك لا تعتبر هذه الدعوى من دعاوى الإلغاء لأنها لا تتضمن طعناً بالإلغاء على القرار الجمهوري رقم 48 لسنة 1961 الصادر في 14/ 2/ 1961 بإحالة المدعي إلى المعاش بغير الطريق التأديبي كما أنها أي الدعوى - لا تعتبر من دعاوى التعويض عن الأضرار التي أصابت المدعي من جراء صدور القرار الجمهوري سالف الذكر بإحالته إلى المعاش بغير الطريق التأديبي إذ أن المنازعة في دعوى المدعي تدور حول مدى أحقية المدعي في حساب المدة من تاريخ صدور القرار الجمهوري رقم 48 لسنة 1961 في 14/ 2/ 1961، وحتى تاريخ بلوغه سن الستين في المعاش بحسبانها مدة خدمة متصلة بمدة خدمته الفعلية وتنتج ما تنتجه مدة الخدمة الفعلية من ثمار في تدرج المرتب بالعلاوات. وعلى ذلك لا تعتبر طلبات جديدة تبدى لأول مرة أمام المحكمة الإدارية العليا طلب المدعي تسوية معاشه طبقاً لأحكام القانون رقم 30 لسنة 1974 والقانون رقم 79 لسنة 1975 لأن دعوى المدعي من وقت إقامتها أمام محكمة القضاء الإداري في 22/ 6/ 1974 هي في حقيقتها منازعة في معاش وقد أورد المدعي سنداً جديداً لمنازعته في المعاش لأول مرة أمام المحكمة الإدارية العليا، ولا يعتبر ذلك من قبيل إبداء طلبات جديدة في مرحلة الطعن.
ومن حيث إن القانون رقم 30 لسنة 1974 بشأن إعادة بعض أعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي إلى وظائفهم يسري في الأصل طبقاً لحكم المادة الأولى منه وما جرى عليه قضاء هذه المحكمة على أعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي الذين أنهيت خدمتهم عن غير الطريق التأديبي بالإحالة إلى الاستيداع أو إلى المعاش أثناء الاستيداع أو بالنقل أو بالفصل من وظائف السلكين الدبلوماسي والقنصلي في الفترة من تاريخ العمل بالقانون رقم 31 لسنة 1963 في 13/ 3/ 1963 وحتى تاريخ العمل بالقانون رقم 10 لسنة 1972 في 8/ 6/ 1972 - وطبقاً لحكم المادة السادسة من القانون رقم 30 لسنة 1974 تحسب لمن يتقرر عودته إلى الخدمة بوظائف السلكين الدبلوماسي والقنصلي المدة من تاريخ انتهاء خدمته حتى إعادته إلى الخدمة في أقدمية وظائف السلكين وفي استحقاق العلاوات والترقيات التي تتوفر فيمن يعاد إلى الخدمة شروط الأهلية لها بافتراض عدم تركه الخدمة كما تحسب لمن يعود إلى الخدمة في المعاش بدون مقابل المدة من تاريخ انتهاء خدمته حتى إعادته إليها أما أعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي الذين أنهيت خدمتهم عن غير الطريق التأديبي في الفترة من تاريخ العمل بالقانون رقم 31 لسنة 1963 حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 10 لسنة 1972 الذي أدركتهم الوفاة أو سن التقاعد قبل العمل بالقانون رقم 30 لسنة 1974 من تاريخ نشره في 16/ 5/ 1974 فهؤلاء يعاملون بحكم المادة السابعة من القانون رقم 30 لسنة 1974 وتحسب لهم المدة من تاريخ إنهاء الخدمة أو النقل حتى الوفاة أو بلوغ سن التقاعد في المدة المحسوبة في المعاش أو المكافأة بدون مقابل بشرط تقديم طلب بذلك إلى وزير الخارجية خلال تسعين (90) يوماً من تاريخ العمل بالقانون رقم 30 لسنة 1974 في 16/ 5/ 1974 أما من أعيد إلى الخدمة بوظائف السلكين الدبلوماسي والقنصلي قبل نفاذ القانون رقم 30 لسنة 1974 من الأعضاء الذين أنهيت خدمتهم من غير الطريق التأديبي في الفترة من تاريخ العمل بالقانون رقم 31 لسنة 1963 حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 10 لسنة 1972 فتعاد تسوية معاشات أو مكافآت من بلغ منهم سن التقاعد أو توفي بعد إعادته إلى الخدمة طبقاً للأحكام المنصوص عليها في القانون رقم 30 لسنة 1974 إذا كانت أكثر سخاء لهم بشرط تقديم طلب بذلك إلى وزير الخارجية خلال تسعين يوماً من تاريخ العمل بالقانون المذكورة ومتى كان الثابت أن المدعي قد أنهيت خدمته بغير الطريق التأديبي بالقرار الجمهوري رقم 48 لسنة 61 الصادر في 14/ 2/ 1961. قبل أكثر من سنتين كاملتين من تاريخ العمل بالقانون رقم 31 لسنة 1963 في 13/ 3/ 1963 لذلك فإن الأصل أنه لا يفيد من الأحكام الخاصة بإعادة تسوية معاش أعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي الواردة في ذلك القانون والتي تقضي بحساب المدة من تاريخ إنهاء الخدمة أو النقل حتى الوفاة أو بلوغ سن التقاعد في المدة المحسوبة في المعاش أو المكافأة لأن هذا الحكم مقصور على أعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي الذين أنهيت خدمتهم عن غير الطريق التأديبي في هذين السلكين في الفترة من تاريخ العمل بالقانون رقم 31 لسنة 1963 حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 10 لسنة 1972 والمدعي ليس منهم لأنه أحيل إلى المعاش وأنهيت خدمته في السلك السياسي بالقرار الجمهوري رقم 48 لسنة 1961 الصادر في 14/ 2/ 1961.
ومن حيث إنه ولئن كان مما تقدم فإن القانون رقم 79 لسنة 1975 بشأن التأمين الاجتماعي الموحد قد أورد أحكاماً لمعالجة الآثار المترتبة على قصر تطبيق أحكام القانون رقم 30 لسنة 1974 على من أنهيت خدمتهم بغير الطريق التأديبي في الفترة من تاريخ العمل بالقانون رقم 31 لسنة 1963 حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 10 لسنة 1972 من أعضاء السلكين الدبلوماسي القنصلي إذ أدخل في دائرة تطبيق القانون رقم 30 لسنة 1974 لأول مرة أعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي الذين أنهيت خدمتهم بغير الطريق التأديبي قبل العمل بالقانون رقم 31 لسنة 1963 في 11/ 3/ 1963 بشرط تقديم طلب إعادة تسوية المعاش والمكافأة خلال تسعين يوماً من تاريخ العمل بالقانون رقم 79 لسنة 1975 في 1/ 9/ 1975 إذ تنص المادة 176 من القانون رقم 79 لسنة 1975 على أن "تسري أحكام إعادة تسوية المعاشات والمكافآت التي نصت عليها القوانين التالية على من انتهت خدمتهم من الفئات الواردة بها قبل 11/ 3/ 1963 مع عدم صرف فروق مالية قبل العمل بهذا القانون:
1 - القانون رقم 28 لسنة 1974 بشأن إعادة العاملين المدنيين المفصولين بغير الطريق التأديبي.
2 - القانون رقم 30 لسنة 1974 بشأن إعادة العاملين المدنيين بالسلكين الدبلوماسي والقنصلي إلى وظائفهم.
3 - القانون رقم 38 لسنة 1974 بشأن إعادة ضباط هيئة الشرطة الذين فصلوا بغير الطريق التأديبي أو نقلوا إلى وظائف مدنية إلى وظائفهم بهيئة الشرطة وتسري المواعيد التي نصت تلك القوانين على تقديم طلبات إعادة تسوية المعاشات والمكافآت خلالها في شأن الحالات المنصوص عليها بالفقرة السابقة اعتباراً من تاريخ العمل بهذا القانون. وتتحمل الخزانة العامة كافة المبالغ المستحقة نتيجة إعادة التسوية وطبقاً لهذا النص تسري أحكام إعادة تسوية المعاشات والمكافآت التي نص عليها القانون رقم 30 لسنة 1974 على من أنهيت خدمتهم من أعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي قبل العمل بالقانون رقم 31 لسنة 1963 في 11/ 3/ 1963 وذلك بشرط تقديم طلب إعادة تسوية المعاش أو المكافأة في المواعيد المنصوص عليها في القانون رقم 30 لسنة 1974 اعتباراً من تاريخ العمل بالقانون رقم 79 لسنة 1975 في 1/ 9/ 1975 وعلى ذلك يسري في حق المدعي حكم المادة السابعة من القانون رقم 30 لسنة 1974 باعتباره من طائفة أعضاء السلك الدبلوماسي الذين بلغوا سن التقاعد قبل العمل بالقانون رقم 30 لسنة 1974 وهؤلاء يعاد تسوية معاشاتهم على أساس مرتب الدرجة التي يتقرر أحقيته في العودة إليها طبقاً للقواعد والإجراءات الواردة في القانون رقم 30 لسنة 1974 لولا بلوغه سن التقاعد مع حساب المدة من تاريخ إنهاء الخدمة حتى بلوغ سن التقاعد في المدة المحسوبة في المعاش أو المكافأة بدون مقابل بشرط تقديم طلب بذلك إلى وزير الخارجية خلال تسعين يوماً من تاريخ العمل بالقانون رقم 79 لسنة 1975 في 1/ 9/ 1975 أي في الميعاد أقصاه يوم 30/ 9/ 1975 ومتى كان رفع الدعوى بطلب إعادة تسوية المعاش أمعن وأوغل في معنى الطلب والتمسك بالحق من مجرد تقديم طلب إلى وزير الخارجية بإعادة تسوية المعاش فإن الدعوى التي أقامها المدعي أمام محكمة القضاء الإداري في 22/ 6/ 1974 بالمنازعة في المعاش تغني في تطبيق أحكام القانون رقم 79 لسنة 1975 والقانون رقم 30 لسنة 1974 عن تقديم طلب إلى وزير الخارجية من المدعي لإعادة تسوية معاشه على الأسس المنصوص عليها في القانون رقم 30 لسنة 1974 وإذ أنهيت خدمة المدعي بغير الطريق التأديبي من السلك السياسي اعتباراً من 14/ 2/ 1961 بالقرار الجمهوري رقم 48 لسنة 1961 وكان ينازع في المعاش المقرر له قانوناً بموجب الدعوى رقم 972 لسنة 28 ق المقامة منه أمام محكمة القضاء الإداري في 22/ 6/ 1974 على أساس حقه في حساب المدة من 14/ 2/ 1961 إلى تاريخ بلوغه سن التقاعد في حساب المعاش بما يغني عن تقديم طلب بذلك إلى وزير الخارجية لذلك فإنه يستحق إعادة تسوية معاشه على أساس مرتب الدرجة التي يتقرر أحقيته لها لولا بلوغه سن التقاعد مع حساب المدة من تاريخ إنهاء خدمته في 14/ 2/ 1961 حتى بلوغه سن التقاعد في المدة المحسوبة في المعاش بعد استبعاد المدد التي تكون قد حسبت قبل العمل بأحكام القانون رقم 30 لسنة 1974 على أن تتحمل الخزانة العامة كافة المبالغ المستحقة عن حساب هذه المدة وتصرف الفروق المالية المترتبة على التسوية اعتباراً من تاريخ العمل بالقانون رقم 79 لسنة 1975 في 1/ 9/ 1975.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما قضى به من عدم قبول الدعوى شكلاً وإلزام المدعي بالمصروفات - فإنه يتعين الحكم بإلغائه والحكم بأحقية المدعي في إعادة تسوية المعاش المستحق له قانوناً طبقاً لأحكام القانون رقم 79 لسنة 1975 والقانون رقم 30 لسنة 1974 على أساس مرتب الدرجة التي يستحقها لولا بلوغه سن التقاعد وحساب المدة من تاريخ انتهاء خدمته بغير الطريق التأديبي في 14/ 2/ 61 حتى بلوغه سن التقاعد في المدة المحسوبة في المعاش وتتحمل الخزانة العامة بكافة المبالغ المستحقة عن حساب هذه المدة وتصرف الفروق المترتبة على إعادة تسوية المعاش اعتباراً من 1/ 9/ 1975 ويتعين إلزام الحكومة بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية المدعي في إعادة تسوية المعاش المستحق له قانوناً طبقاً لحكم القانون رقم 79 لسنة 1975 على الوجه المبين بالأسباب على أساس مرتب الدرجة التي يستحقها حتى بلوغه سن التقاعد وحساب المدة من تاريخ انتهاء خدمته بغير الطريق التأديبي في 14 من فبراير سنة 1961 حتى بلوغه سن التقاعد في المدة المحسوبة في المعاش وتتحمل الخزانة العامة كافة المبالغ المستحقة عن حساب هذه المدة وتصرف الفروق المترتبة على إعادة تسوية المعاش اعتباراً من أول سبتمبر سنة 1975 وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.