مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والعشرون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1980 إلى آخر فبراير سنة 1981) - صـ 670

(91)
جلسة 28 من فبراير سنة 1981

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد صلاح الدين السعيد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد محمد عبد المجيد ونصحي بولس فارس وأبو بكر دمرداش أبو بكر، وجبريل محمد جبريل زيادة - المستشارين.

الطعن رقم 629 لسنة 19 القضائية

محكمة تأديبية - حكم - طعن.
العبرة في مجال المحاكمة التأديبية هي بما تحتويه أوراق الدعوى من عناصر عن ثبوت الاتهام أو عدم ثبوته أياً كانت الدلالة التي قد تستفاد من ملف الخدمة - الأمر في شأن ضم بعض الأوراق إلى ملف الدعوى متروك لتقدير المحكمة التأديبية دون معقب عليها من المحكمة الإدارية العليا ما دامت الأوراق المطلوب ضمها ليست حاسمة في موضوع النزاع وأن الأوراق التي اعتمد عليها الحكم في قضائه كافية للفصل في النزاع - أساس ذلك - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 19 من مايو سنة 1973 أودع السيد الأستاذ فهمي ناشد المحامي الوكيل عن الدكتور...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد برقم 629 لسنة 19 ق في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للعاملين بوزارتي الزراعة والإصلاح الزراعي بجلسة 20 من مارس سنة 1973 في الدعوى رقم 8 لسنة 15 ق والقاضي بمجازاة السيد المذكور بعقوبة اللوم. وطلب الطاعن للأسباب الواردة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما أدان فيه الطاعن. وأعلن تقرير الطعن إلى النيابة الإدارية في 21 من مايو سنة 1973 وقدم السيد مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن انتهى فيه، إلى طلب الحكم بقبوله شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 26 من فبراير سنة 1979، وتداول بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر إلى أن قررت الدائرة بجلسة 24 من ديسمبر سنة 1980 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) وحددت لنظره أمامها جلسة 17 من يناير سنة 1981 وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص في أن النيابة الإدارية أقامت الدعوى التأديبية رقم 8 لسنة 15 ق ضد الدكتور.... وكيل منطقة القاهرة البيطرية من الدرجة الثانية بتقرير اتهام أودع سكرتارية المحكمة التأديبية للعاملين بوزارتي الزراعة والإصلاح الزراعي في 23 من أكتوبر سنة 1972 لمحاكمته تأديبياً عما نسب إليه في ذلك التقرير من أنه خلال المدة من منتصف سنة 1970 حتى 24 من يونيه سنة 1972 بالمنطقة البيطرية بالقاهرة أهمل في أداء عمله ولم يحافظ على كرامة الوظيفة طبقاً للعرف العام وسلك في تصرفاته مسلكاً لا يتفق والاحترام الواجب بأن:
1 - لم يقم بموافاة المراقبة العامة للإرشاد بالتقارير اللازمة عن العمل بالمنطقة البيطرية بالقاهرة منذ منتصف سنة 1970.
2 - سب وأهان وكيل الوزارة للشئون البيطرية ومدير عام الشئون البيطرية وزملاءه والعاملين معه بالمنطقة بالألفاظ النابية المثبتة بالمحضر.
وفي أثناء نظر الدعوى التأديبية قدمت النيابة الإدارية مذكرة طلبت فيها استبعاد المخالفة الأولى من قرار الإحالة والاكتفاء بمحاكمة الطاعن عن المخالفة الثانية فقط. كما طالب الطاعن بضم ملف خدمته إلى أوراق الدعوى للتدليل على كفايته وامتيازه.
وبجلسة 20 من مارس سنة 1973 أصدرت المحكمة التأديبية حكمها المطعون فيه قضى بمجازاة الطاعن بعقوبة اللوم عن الاتهامين اللذين تضمنها تقرير الاتهام دون أن تستجب إلى طلب النيابة الإدارية استبعاد المخالفة الأولى من مجال المحاكمة التأديبية استناداً إلى نص المادة (40) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 التي تجيز للمحكمة أن تتصدى سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب النيابة الإدارية للفصل في أي مخالفة تأديبية لم ترد في قرار الإحالة إذا كانت عناصر المخالفة ثابتة في الأوراق بشرط أن تمنح العامل أجلاً مناسباً لتحضير دفاعه إذا طلب ذلك. كما لم تستجب المحكمة إلى طلب الطاعن ضم ملف خدمته استناداً إلى أنه ليس ثمة صلة بين موضوع الاتهامين المنسوبين إليه وما قد يكون في ملف خدمته من تقارير كفاية أو امتياز إذ العبرة في مقام المحاكمة التأديبية هي بما تضمنته أوراق الموضوع عن الوقائع محل المسألة إثباتاً أو نفياً، وأقامت المحكمة قضاءها فيما يتعلق بالاتهام الأول، على أنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن مدير عام المراقبة العامة للإرشاد البيطري أرسل كتابه رقم 2387 المؤرخ في 16 من فبراير سنة 1971 إلى مدير الشئون البيطرية بمنطقة القاهرة بشأن تخلف مفتش الإرشاد البيطري بمحافظة القاهرة عن كتابة تقاريره لمدة تزيد على ستة أشهر كاملة متصلة وطلب التنبيه عليه بضرورة تسجيل ما قام به من أعمال وإرسال جميع تقاريره المتأخرة والوقوف على مدى نشاطه الإرشادي طوال تلك المدة. وقد تأشر على هذا الكتاب بتاريخ 17 من فبراير سنة 1971 بالعرض على الدكتور...... مفتش الإرشاد البيطري بالمنطقة، ووقع السيد المذكور على هذا الكتاب بالعلم في ذات التاريخ وقالت المحكمة إنه لما كان المخالف قد أقر في التحقيق بأن الإرشاد البيطري جزء من عمله فإن ما نسب إليه من التقصير في كتابة التقارير الإرشادية مثار الاتهام يكون ثابتاً في حقه، ولا يعفيه من المسئولية عن ذلك ما تذرع به من كثرة الأعمال التي يقوم بها أو ما تعلل به من أنه وإن كان يقوم بأعمال الإرشاد البيطري في المنطقة إلا أنه لا يشغل وظيفة مفتش الإرشاد بصفة رسمية وليس مسئولاً بالتالي عن كتابة التقارير الإرشادية سالفة الذكر أو إرسالها إلى المراقبة العامة بمقولة إنه لم يعد يشغل تلك الوظيفة بعد أن صدر قرار وزاري في 18 من أكتوبر سنة 1968 بإسناد وظيفة مفتش دواجن إليه. لا مقنع في ذلك لأن القرار الوزاري الصادر في 18 من أكتوبر سنة 1968 المشار إليه قد أضاف عملاً جديداً إلى إعمال الطاعن كمفتش إرشاد التي كانت مسندة إليه بمقتضى القرار الوزاري رقم 131 الصادر في 13 من يونيه سنة 1966 وآية ذلك عدم اعتراضه على كتاب المراقبة العامة للشئون البيطرية رقم 2387 المؤرخ في 16 من فبراير سنة 1971 سالف الذكر. وقالت المحكمة فيما يتعلق بالاتهام الثاني الذي نسب فيه إلى الطاعن أنه سب وأهان وكيل الوزارة للشئون البيطرية وزملاءه والعاملين معه بالمنطقة بالألفاظ النابية المثبتة بالمحضر أنه لا وجه لما ذهب إليه الطاعن من بطلان هذا الاتهام لعدم ذكر عبارات السب والإهانة المنسوبة إليه في ذات تقرير الاتهام ما دامت هذه العبارات ثابتة في التحقيقات وأحال إليها تقرير الاتهام. وبعد أن استعرضت المحكمة دفاع الطاعن وأقوال الشهود انتهت إلى ثبوت هذا الاتهام في حقه بالنسبة إلى ما نسب إليه من سب وإهانة كل من الدكتور....... الطبيب بالإدارة العامة للشئون البيطرية بالقاهرة والدكتور..... مفتش بيطري الأوبئة بالقاهرة. وأشارت فيما يتعلق بالدكتور..... إلى ما قرره السيد المذكور من أن الدكتور...... مدير عام الشئون البيطرية بمحافظة القاهرة الذي كان يقوم بتصريف شئون المنطقة البيطرية ريثما يتم تعيين من يخلف الدكتور...... الذي أحيل إلى المعاش في 30 من يناير سنة 1972 في رئاسة المنطقة، قد كلفه بمعاونته في هذا العمل وقد آثار ذلك حفيظة الطاعن الذي كان يطمع في رئاسة المنطقة وجعله يتحامل عليه ويكيل له العدوان. من ذلك أنه وجه إليه مرة عند جلوسه على مكتب الدكتور.... عبارة أنت مين إلى عملك مدير هنا أنت زيي زيك واحنا في درجة واحدة ومحفوظ ما يملكش يعملك مدير قوم اطلع بره المكتب واقعد جنبي هنا "وقال له في مناسبة أخرى حضر فيها أحد الموظفين للحصول على لقاح تحصين للدجاج من الدكتور..... أنت جلنف معندكش ذوق" كما حدث أن طلب الدكتور..... تبليغ إشارة تليفونية في شأن أحد العاملين بالمنطقة وقعها الدكتور....... نيابة عن مدير الشئون البيطرية بالقاهرة، فما كان من الطاعن إلا أن قال له (أنت مش مدير منطقة أنت يا مهزأ مين عملك مدير منطقة)، وأضاف الدكتور....... أنه كان يبلغ الدكتور..... بهذه الاعتداءات وحضر الأخير إلى المنطقة بتاريخ 5 من إبريل سنة 1972 لتصفية الموضوع بينهما وفي أثناء المناقشة قال الطاعن "هو أنا مجنون أو مجرم علشان أقول الكلام ده" فأجابه الدكتور.... "دي الحقيقة" فما كان من الطاعن إلا أن سبه قائلاً "أنا مجرم يا بن الكلب يا بن ستين كلب" وقد شهد بصحة وقوع هذه الاعتداءات من الطاعن على الدكتور..... كل من الدكتور..... الملقح البيطري بمنطقة القاهرة و..... مشرف العلاقات العامة بها و...... الكاتب بمصلحة الطب البيطري، كما شهد كل من الدكتور....... والدكتور...... بأنهما سمعا من العمال والموظفين باعتداءات الطاعن على الدكتور....، مما يكون معه هذا الاتهام ثابتاً في حق الطاعن دون أن ينال من ثبوته ما آثاره الطاعن في دفاعه من أنه كان قد تقدم بشكويين ضد الدكتور.... عن فضيحة نسائية، إذ فضلاً عن عدم جدوى هذا الدفاع في نفي الاتهام فإن هاتين الشكويين لا تعدوان أن تكونا حلقة من حلقات اعتداء الطاعن على الدكتور.... إذا استبان من التحقيق أن المتهم عاد ووافق على شطب قيدهما بالدفتر بعد أن لامه الدكتور.... على قيدها به وأشارت المحكمة فيما يتعلق باعتداء الطاعن بالسب والإهانة على الدكتور....، إلى ما قرره الأخير من اعتداء، الطاعن عليه بألفاظ نابية قالت عنها المحكمة إن الحكم يعف عن ذكرها وقالت إن هذا الاعتداء قد تأيد بشهادة الدكتور..... الطبيب البيطري بوحدة المعصرة كما أشارت إلى ما قرره الدكتور....... من أن الطاعن تعدى عليه في مناسبة أخرى بألفاظ أشد فحشاً وإلى أن هذا الاعتداء قد تأيد بشهادة الدكتور.... مدير قسم الأوبئة البيطرية بوزارة الزراعة، وقالت إنه لا ينال من وجوب مؤاخذة الطاعن عن هذا الاتهام أن المجني عليه تنازل عن شكواه ضده وتصالح معه بشأنها لأن المسألة التأديبية تتم لصالح الوظيفة العامة وما تفرضه واجباتها على الموظف مما لا يتأثر بتصالح ذوي الشأن أو تنازلهم كما هو الحال في بعض الجرائم الجنائية وفيما عدا وقائع السب والإهانة الموجهة إلى كل من الدكتور....... والدكتور...... سالف الإشارة إليها فقد قضت المحكمة بسقوط الدعوى التأديبية بالتقادم فيما يتعلق بما نسب إليه الطاعن من سب وإهانة كل من الدكتور...... وكيل الوزارة للشئون البيطرية والسيد/ .... وكيل المراقبة العامة للإدارة بمصلحة الطب البيطري، كما قضت ببراءته من تهمة سب وإهانة الدكتور....... مدير عام المنطقة البيطرية لعدم مواجهة الطاعن بهذه التهمة في التحقيق.
ومن حيث إن حاصل أسباب الطعن فيما يتعلق بالمخالفة الأولى التي نسب فيها إلى الطاعن أنه لم يقم بموافاة المراقبة العامة للإرشاد بالتقارير اللازمة عن العمل بالمنطقة البيطرية بالقاهرة منذ منتصف عام 1970، أن الطاعن لم يعد يشغل مفتش إرشاد بيطري بعد إذ صدر في شأنه الأمر الإداري رقم 17 بتاريخ 19 من أكتوبر سنة 1968 المتضمن إلغاء ندبه كمفتش بيطري من الدرجة الثالثة ليقوم بعمل الإشراف على مراكز تحصين الدواجن التابعة للمنطقة وأن كتاب الوزارة بشأن تقارير الإرشاد الذي أحيل إلى الطاعن بوصفه مفتش الإرشاد البيطري بالمنطقة ووقع عليه الطاعن بالعلم قد انطوى خطأ على وصف الطاعن بأنه مفتش الإرشاد بالمنطقة لأن الطاعن يشغل وظيفة وكيل مدير المنطقة من الدرجة الثانية ولكنه لم يشأ أن يعترض على ذلك الوصف الخاطئ لعدم إثارة المتاعب فضلاً عن أن ما وقع عليه الطاعن بالعلم لم يكن إلا منشوراً عاماً مبلغاً إلى جميع المحافظات بشأن تقارير الإرشاد المنوه عنها وقد أحيل إليه هذا المنشور لمجرد العلم به مما لا ينطوي على أي تكليف له بعمل تلك التقارير. وإن ما قرره الطاعن في التحقيق من أن الإرشاد البيطري جزء من عمله لا يغير من حقيقة وضعه القانوني على النحو السالف بيانه ولا ينطوي على معنى الإقرار بمسئوليته عن كتابة تلك التقارير لأن الإرشاد البيطري هو عمل كل طبيب بوجه عام بينما المسئولية عن كتابة التقارير مثار الاتهام هي من اختصاص الطبيب الذي يشغل وظيفة مفتش إرشاد بالذات، وقد كان من نتيجة هذا الدفاع الجوهري الذي ساقه الطاعن أن قامت النيابة الإدارية بتكليف من المحكمة التأديبية بالاتصال بالوزارة التي يتبعها الطاعن للتحقيق من مدى اختصاصه بكتابة تلك التقارير وقد أوضحت الوزارة في ردها على النيابة الإدارية أن الطاعن لم يكلف بكتابة التقارير المذكورة وأن ذلك ليس من اختصاصه الأمر الذي طلبت معه النيابة الإدارية في مذكرتها الختامية استبعاد هذا الاتهام من نطاق المحاكمة ولكن المحكمة التأديبية أدانت الطاعن في الاتهام المذكور دون أن تشير إلى الأسباب التي بنت عليها النيابة الإدارية هذا الطلب أو ترد عليها.
ومن حيث إن حاصل أسباب الطعن فيما يتعلق بما قضى به الحكم المطعون فيه من ثبوت ما نسب إلى الطاعن في الاتهام الثاني من أنه سب وأهان كلاً من الدكتور..... و...... وأن عدم ذكر وقائع السب والإهانة في قرار إحالة الطاعن إلى المحاكمة التأديبية ينطوي على تجهيل لهذا الاتهام ويجعله قائماً على وقائع غير محددة الأمر الذي من شأنه أن يشوب الاتهام المذكور بالبطلان وقد كان على المحكمة التأديبية أن تنبه الطاعن إلى الوقائع التي أزمعت محاكمته عنها بصدد هذا الاتهام طبقاً لنص المادة (40) من قانون مجلس الدولة إذ لا يكفي لصحة المحاكمة مجرد الإحالة في تقرير الاتهام إلى ما تضمنه التحقيق من تلك العبارات لأن المادة (34) من قانون مجلس الدولة صريحة في وجوب أن يتضمن قرار الإحالة المخالفات المنسوبة إلى العامل والنصوص القانونية الواجبة التطبيق ولا يمكن أن يكون المقصود بهذا النص ترك الأمر للعامل المتهم والمحكمة في التنقيب عن عبارات السب والوقائع التي تكون الإهانة بحجة أنه لا يهم المحكمة سوى المسلك الوظيفي للعامل من واقع التحقيقات، ومهما يكن من أمر فإن العبارات التي اعتبرتها المحكمة سباً وإهانة للدكتور..... والتي تمثلت في قول الطاعن "أنت مين اللي عملك مدير هنا أنت زيي زيك واحنا درجة واحدة و....... ما يملكش أنه يعملك مدير قوم اطلع بره المكتب واقعد جنبي هنا" وقوله "أنت مين اللى عملك مدير أنت ما عندكش زوق" وقوله "أنت يا مهزأ مين اللي عملك مدير منطقة" هذه العبارات لم يقم عليها دليل إذ نفى العامل أن الطاعن وجه عبارة "يا مهزأ" للدكتور..... وما نسب إلى الطاعن فيما عدا تلك العبارة - لو صح لا يعتبر سباً أو إهانة بل هو تعبير عن الواقع لأن الدكتور....... لم يسند إلى الدكتور...... منصب الرئاسة وإنما كلفه فقط بمعاونته في مهمة معينة بالذات على الطاعون البقري أما ما نسب إلى الطاعن من أنه قال للدكتور....... "أنا مجرم يا بن الكلب يا بن ستين كلب" فهو غير صحيح كذلك وعلى فرض صحته فإن المستفاد من رواية الدكتور...... نفسه أنه هو الذي استفز الطاعن بأن سبه أولاً. وإذا كان الدكتور....... قد شهد ضد الطاعن في هذه الواقعة إلا أن شهادته هذه لا يعتد بها بسبب الضغينة والحقد التي يخفيها الطاعن، وقد استجابت المحكمة التأديبية إلى ما طلبه الطاعن إثباتاً لتحامل الدكتور......... عليه من ضم التحقيق الذي كان قد أجرى مع الطاعن بناء على شكوى الدكتور........ ضده لمجرد أن الطاعن كان قد استدعى الدكتور..... لسؤاله عما نسب إليه في تحقيق كان يجريه الطاعن مما اعتبره الدكتور..... إهانة له ولكن الوزارة لم تضم هذا التحقيق كما أن شهادة الدكتور...... والدكتور...... بأنهما سمعا من العمال والموظفين باعتداءات الطاعن على الدكتور....... شهادة سماعية لا يعتد بها كذلك خصوصاً وأن الدافع إليها سبق قيام الطاعن بإدانتهما في تحقيقات سابقة، وحقيقة الأمر أن الدكتور...... تقوم بشكواه بشأن سب الطاعن وإهانته له رداً على شكويين كان الطاعن قد تقدم بهما ضده يتعلقان بسلوكه مع سيدة من الجيران واستعماله الموتوسيكل الحكومي والعمال في قضاء مصالحه الخاصة، ومع ذلك قالت المحكمة بغير حق أن هاتين الشكويين حلقة في سلسلة اعتداءات الطاعن المتوالية على الدكتور..... في الوقت الذي تضمنت فيه أوراق الدعوى الدليل على أن الدكتور..... هو الذي بدأ الطاعن بالسب حين وصفه بأنه مجرم فضلاً عن سبه المصلحة نفسها حين ذكر أنه لا يطمئن إلى إبداء قوله أمام المصلحة ونعتها بأنها لا تعرف قوانين الدولة وتساعد على البلطجة الوظيفية وأنه ليس الوحيد الذي اعتدى عليه هذا البلطجي يقصد الطاعن مما كان جديراً بأن يحمل المحكمة على التصدي له وإقامة الدعوى التأديبية بشأنه ضد الدكتور....... أما فيما يتعلق بما أخذه الحكم المطعون فيه على الطاعن من أنه سب وأهان الدكتور...... فإن الطاعن لم يواجه بهذا الاتهام ولم يحقق معه بشأنه وقد أدانته المحكمة أخذاً بشهادة الدكتور....... الذي تربطه بالدكتور..... وكيل الوزارة صلة قرابة وقد تنازل الدكتور..... عن شكواه ضد الطاعن التي نسب إليه فيها أنه أشر على كتاب الإرشاد بعبارة نابية وذلك خوفاً من مساءلته جنائياً عن كذبه وافترائه على الطاعن يؤكد ذلك أنه ضمن إقراره بالتنازل عن تلك الشكوى أنها كانت نتيجة لسوء فهم وتفاهم يضاف إلى ما تقدم أن المحكمة التأديبية لم تستجب إلى طلب الطاعن ضم ملف خدمته إلى أوراق الدعوى للاستشهاد به على أنه رقي بالاختيار إلى الدرجة الثانية لحصوله على تقارير بدرجة ممتاز بنسبة 100% لمدة ثلاث سنوات متتالية مما يشهد له بالكفاءة وحسن السير والسلوك وقد اشترك الدكتور....... في التوقيع على هذه التقارير مما يدحض ما قرره في التحقيق، كيداً وتحاملاً على الطاعن، من أن تقدير الطاعن في عمله متوسط ومن أنه مصاب بمرض عقلي.
ومن حيث إنه لا وجه للنعي على الحكم المطعون فيه إذ تصدى للفصل في الاتهام الأول المنسوب فيه إلى الطاعن أنه لم يقم بموافاة المراقبة العامة للإرشاد البيطري بالتقارير اللازمة عن العمل بالمنطقة البيطرية بالقاهرة منذ منتصف سنة 1970 رغم طلب النيابة الإدارية في مذكرتها الختامية استبعاد تلك المخالفة من دائرة الاتهام، ذلك أنه متى اتصلت الدعوى التأديبية بالمحكمة بإيداع تقرير الاتهام سكرتارية المحكمة التأديبية فإنه يكون لها وحدها القول الفصل في الاتهامات المنسوبة إلى العامل على ما جرى به قضاء هذه المحكمة دون أن يكون للنيابة الإدارية أو للجهة الإدارية التي يتبعها العامل أن ينال من ولاية المحكمة في بسط رقابتها على الاتهامات الواردة في تقرير الاتهام بأي إجراء من جانبها ومن ثم يخضع طلب النيابة الإدارية استبعاد هذه التهمة من دائرة الاتهام لتقدير المحكمة حسبما تستظهره من ظروف الدعوى وملابساتها عن مدى ثبوت ذلك الاتهام في حق العامل أو براءته منه.
ومن حيث إنه ليس صحيحاً ما ذكره الطاعن بصدد ذلك الاتهام من أن ما وقع عليه بالعلم في شأن تقارير الإرشاد المنوه عنها هو منشور عام موجه إلى جميع المحافظات لا يتعلق به هو شخصياً ذلك أن المنشور العام الذي يشير إليه الطاعن والذي قدم صورة منه ضمن مستنداته مؤرخ في 17 من فبراير سنة 1967 بشأن ضرورة موافاة المصلحة البيطرية بتقارير خدمات التأمين الأسبوعية على الماشية على مستوى المحافظة، في حين أن الثابت من مذكرة النيابة الإدارية في الدعوى الماثلة ومما أثبته الحكم المطعون فيه أن الذي أحيل إلى الطاعن بوصفه مفتش الإرشاد البيطري المختص بالمنطقة ووقع عليه الطاعن بالعلم في 17 من فبراير سنة 1971 هو كتاب المراقبة العامة للإرشاد البيطري رقم 2387 المؤرخ في 16 من فبراير سنة 1971 بشأن تخلف مفتش الإرشاد البيطري بالمنطقة عن كتابة تقارير الإرشاد وموافاة المراقبة العامة بها لمدة تزيد على ستة أشهر الأمر الذي ينطوي على معنى الإقرار من جانب الطاعن بصفته سالفة الذكر وبمسئوليته واختصاصه بالتالي عن كتابة تلك التقارير وموافاة المراقبة العامة بها مما يدحض ادعاءه بأنه لم يعد مختصاً بذلك بعد إذ صدر في شأن الأمر الإداري المرفق بالأوراق رقم 17 بتاريخ 19 من أكتوبر سنة 1968 بإسناد مهمة الإشراف في مراكز تحصين الدواجن التابعة للمنطقة إليه ويؤكد سلامة ما استخلصه الحكم المطعون فيه من أن الأمر الإداري المشار إليه قد أضاف إلى الطاعن عملاً جديداً بالإضافة إلى عمله الأصلي كمفتش إرشاد خاصة وأن هذا الدفاع الذي أثاره الطاعن حول عدم اختصاصه بأعمال وظيفة مفتش إرشاد نتيجة صدور الأمر الإداري المذكور على ما يبين من مذكرة النيابة الإدارية بنتيجة التحقيق لم يثره الطاعن في التحقيق حيث اقتصر في دفع التهمة عنه بمجرد الاعتذار بضغط العمل، وإنما أثارة لأول مرة، في المذكرة المقدمة منه إلى المحكمة التأديبية بجلسة 29 من يناير سنة 1973 وإذا كانت مذكرة النيابة الإدارية التي طلبت فيها استبعاد هذه المخالفة من دائرة الاتهام قد استندت في ذلك إلى ما أفادتها به الجهة الإدارية من أنه بالاطلاع على ملفات المنطقة البيطرية لم يستدل على وجود أوامر لاحقة لأمر المنطقة رقم 17 الصادر في 19 من أكتوبر سنة 1968 سالف الذكر فليس في ذلك ما يؤثر على سلامة ما استخلصه الحكم المطعون فيه من أن هذا الأمر قد أضاف إلى أعمال الطاعن الموكولة إليه كمفتش إرشاد بموجب الأمر رقم 121 بتاريخ 13 من يونيه سنة 1966 العمل كمفتش دواجن أيضاً.
ومن حيث إنه بالإضافة إلى ما تقدم فإن ما نسب إلى الطاعن في الاتهام الثاني وثبت في حقه بشهادة الشهود على ما أثبته الحكم المطعون فيه يكفي وحده لحمل الجزاء الموقع على الطاعن على أسبابه ذلك أن تطاول الطاعن بالقول على زميله الدكتور..... بعبارات نابية مثل عبارات "أنت جلنف" و" أنت مهزأ" و"يا بن الكلب يا بن ستين كلب" فضلاً عما انطوى على أسلوبه في التعامل مع زميله المذكور بشكل عام وبغض النظر عن عبارات السب والإهانة سالفة الذكر من عدوان على هذا الزميل يتمثل في محاولة استفزازه والتقليل من شأنه بتوجيه عبارات جافة إليه تحمل هذا المعنى مثل قوله "مين عملك مدير هنا" قوله "امشي اطلع بره" يعتبر دون شك خروجاً على مقتضيات الوظيفة العامة وآدابها وما تستوجبه مع التزام جانب اللياقة في معاملة الزملاء أياً كان وجه الخلاف في الرأي أو المنافسة على المناصب أو على بعض المزايا الوظيفية بينهم. ولا وجه لما تمسك به الطاعن من أن العامل...... نفى أنه وجه إلى الطاعن عبارة "أنت مهزأ" إذ فضلاً عن أن العامل المذكور على ما جاء بمذكرة النيابة الإدارية لم ينف صدور تلك العبارة عن الطاعن وإنما قال إنه لا يتذكر ما وجهه الطاعن إلى الدكتور..... من عبارات فإنه يكفي في إثبات هذا الاتهام في حق الطاعن ما شهد به ضده من عدا العامل المذكور ممن سمعت شهادتهم في التحقيق وأقروا بصدور تلك العبارات من الطاعن بل تضمنت شهادتهم وصم الطاعن بالعنف والتهجم على الزملاء وعدم اللياقة في معاملتهم بوجه عام، كما لا يؤثر في ثبوت اعتداء الطاعن على الدكتور..... بالأقوال المشار إليها أن عبارة "أنا مجرم يا بن الكلب يا بن ستين كلب" جاءت رداً على ما اعتقده الطاعن من أن الدكتور...... هو البادئ بالعدوان حينما قال للطاعن "دي الحقيقة" رداً على تساؤل الطاعن "هو أنا مجنون علشان أعمل كده؟ "إذ ليس من المفروض إن صح ما اعتقده الطاعن - أن يرد العدوان بأشد منه على النحو الذي سلكه الطاعن، كما أن عبارة "دي الحقيقة" التي قالها الدكتور..... لم يقم الدليل على أنه قصد بها تأكيد وصم الطاعن بالجنون، ومن المرجح أنه قصد بها تأكيد صدور العمل مثار المناقشة من الطاعن خاصة وأن المناقشة المذكورة تمت في حضور الدكتور...... الذي جاء لتصفية الجو بين الطرفين مما يستبعد معه أن يكون الدكتور.... قد قصد في حضوره مبادرة الطاعن بالعدوان عليه ومع التسليم بما أثاره الطاعن من أن شكوى الدكتور..... ضده بشأن الاعتداءات مثار الاتهام جاءت رداً على شكويين كان الطاعن قد تقدم بهما ضد الدكتور...... بشأن أمور نسائية ومصلحية شائنة نسبها إليه فإن ذلك لا يصلح مبرراً أو عذراً معفياً للطاعن من المسئولية عما ثبت في حقه من اتهام على النحو المتقدم ذكره، مما يكفي بذاته لحمل الجزاء الموقع على الطاعن على أسبابه المبررة له ولا ينال من سلامة الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه من توقيع عقوبة اللوم على الطاعن أن المحكمة استقت عبارات السب سالفة الذكر من التحقيقات دون أن يتضمن تقرير الاتهام ذاته ذكر تلك العبارات ذلك لأن هذا التقرير إذ تضمن تحديد الأشخاص الذين وجهت إليهم العبارات المشار إليها وأحال إلى التحقيق، في شأن تحديد تلك العبارات يكون قد تضمن بياناً كافياً بالمخالفة طبقاً لما تتطلبه المادة 34 من قانون مجلس الدولة سالفة الذكر مما لا محل للنعي عليه بالبطلان كما لا يعيب الحكم المطعون فيه ما أثاره الطاعن بشأن ما عسى أن تكون أوراق الدعوى قد تضمنته من عناصر كانت تصلح أساساً لإقامة الدعوى التأديبية ضد الدكتور..... طبقاً لنص المادة 41 من قانون مجلس الدولة المشار إليه، إذ الأمر في ذلك متروك لتقدير المحكمة التأديبية وأن عدم اتخاذ المحكمة هذا الإجراء ضد الدكتور..... ليس من شأنه أن يعيب حكمها في شأن الطاعن على أي حال. كما لا يعيب ذلك الحكم أخيراً أن المحكمة لم تستجب إلى طلب الطاعن ضم ملف خدمته الذي، يشهد بكفاءته وامتيازه وذلك لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه - وبحق - من أن العبرة في مجال المحاكمة التأديبية هي بما تحويه أوراق الدعوى من عناصر عن ثبوت الاتهام أو عدم ثبوته أياً كانت الدلالة التي قد تستفاد من ملف الخدمة، والأمر في شأن ضم بعض الأوراق إلى ملف الدعوى متروك لتقدير المحكمة التأديبية دون معقب عليها من المحكمة الإدارية العليا ما دامت الأوراق المطلوب ضمها ليست حاسمة في موضوع النزاع كما هو الشأن فيما يتعلق بطلب ضم ملف الخدمة في النزاع الماثل وما دامت الأوراق التي اعتمد عليها الحكم المطعون فيه في قضائه كافية للفصل في الدعوى وحسب الحكم أن يكون قد استخلص النتيجة التي انتهى إليها استخلاصاً سائغاً من تلك الأوراق كما هو الشأن فيما يتعلق بقضاء الحكم المطعون فيه على النحو المتقدم ذكره.
ومن حيث إنه بالإضافة إلى ما تقدم فقد ثبت في حق الطاعن اعتداؤه على الدكتور...... حين زج في نقاشه معه اسم موطن عفة أمه. وهو ما لا يستقيم مع أدب الحديث والخلق الفاضل ويتنافى مع الأعراف الكريمة. وإذا كان الحكم المطعون فيه قد عف عن ترديد عبارة الطاعن أدباً وحياء مكتفياً بالإشارة إلى فحشها وتبوءها، فإنه لا تثريب عليه في هذا الشأن ولا مقنع فيما أثاره الطاعن وهو بصدد نفي اتهامه بشأنها من أنه لم يؤشر بأي عبارة فيها على أية ورقة من أوراق المنطقة البيطرية الموجهة منه إلى الدكتور..... حسبما ادعى هذا الأخير، ذلك لأن الحكم المطعون فيه لم يأخذ على الطاعن أنه أشر بتلك العبارات على أية ورقة من تلك الأوراق وإنما أخذ عليه أنه وجه تلك العبارات إلى الدكتور....... شخصياً بناء على ما قرره الدكتور المذكور وشهد به الدكتور....... ولا تلتفت المحكمة إلى ما ذهب إليه الطاعن من محاولة التشكيك في شهادة الدكتور....... بقولة إنه يمت بصلة القرابة للدكتور........ وكيل الوزارة الذي شهد ضد الطاعن كيداً له وتحاملاً عليه لعدم قيام الدليل على قيام تلك القرابة أو ذلك التحامل. كما لا تلتفت المحكمة إلى ما احتج به الطاعن من أنه لم يواجه بذلك الاتهام في التحقيق إذ المستفاد من مذكرة النيابة الإدارية أنه قد ووجه به ودفعه بأن الأمر لا يعدو أن يكون من قبيل المشادات الكلامية التي لا تصل إلى حد المساس بالدكتور..... أو غيره ممن نسب إليه أنه وجه إليهم عبارات نابية مثل الدكتور...... والسيد/ ......
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه صحيحاً فيما انتهى إليه من مجازاة الطاعن بعقوبة اللوم عما ثبت في حقه من اتهامات على النحو المتقدم ذكره مما يتعين معه الحكم برفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.