مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والعشرون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1980 إلى آخر فبراير سنة 1981) - صـ 681

(92)
جلسة 28 من فبراير سنة 1981

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد نور الدين العقاد وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد عبد الرازق خليل ونبيل أحمد سعيد وعبد المعطي زيتون ومحمد فؤاد شعراوي - المستشارين.

الطعن رقم 527 لسنة 25 القضائية

دعوى - دعوى إثبات حالة - هيئة مفوضي الدولة - تقرير - حكم - بطلان.
دعوى إثبات الحالة دعوى مستقلة قائمة بذاتها لا غنى عن وجوب تحضيرها وتقديم تقرير فيها من قبل هيئة مفوضي الدولة، - لا سبيل إلى الخلط بينها وبين طلب وقف تنفيذ القرار الإداري ذلك أنه لئن جمعت بينهما ظروف الاستعجال التي لا محيص عن وجوب توافرها في كليهما إلا أن طلب وقف التنفيذ لا يتمحص أبداً دعوى مستقلة قائمة بذاتها أساس ذلك - تطبيق: صدور حكم في دعوى إثبات الحالة قبل أن تقوم هيئة مفوضي الدولة بتهيئتها للمرافعة وتقديم تقريرها فيها - الحكم قد شابه بطلان جوهري.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 5 من إبريل سنة 1979 أودعت هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 527 لسنة 25 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 6 من فبراير سنة 1979 في الدعوى رقم 334 لسنة 32 القضائية المقامة من السيد/ محمود فهمي التلاوى ضد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي والذي قضى بعدم قبول الدعوى وإلزام المدعي المصروفات. وطلبت الطاعنة للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى وإحالتها إلى خبير لأداء المهمة التي بينها المدعي مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وأعلن تقرير الطعن حيث مثل الطرفان أمام المحكمة على الوجه المبين بالأوراق.
وعقبت هيئة مفوضي الدولة على الطعن بتقرير بالرأي القانوني مسبباً استمسكت فيه بطلباتها المبينة بتقرير الطعن.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 15 من ديسمبر سنة 1980 حيث تقرر إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) التي عين لنظره أمامها جلسة 24 من يناير سنة 1981 وفيها تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم. وقد صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة على ما يبين من الأوراق تحصل في أنه بعريضة مودعة قلم كتاب محكمة قصر النيل الجزئية بتاريخ 6 من نوفمبر سنة 1976 أقام السيد/ محمود فهمي التلاوى دعواه رقم 2110 لسنة 1976 ضد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي طالباً الحكم بصفة مستعجلة بندب خبير لإثبات حالة الأرض المبينة بصحيفة الدعوى والمنشآت المقامة عليها وقيمتها ومدة بقائها، وبجلسة 24 من مارس سنة 1977 قضت المحكمة بعدم اختصاص القضاء المستعجل ولائياً بنظر الدعوى وإلزام المدعي المصروفات. وإذا استأنف المدعي هذا الحكم قضى في الاستئناف رقم 268 مدني مستأنف كلي الجيزة بجلسة 24 من مايو سنة 1977 بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم اختصاص القضاء المستعجل ولائياً بنظر الدعوى وإلغاء ما قضت به محكمة أول درجة بشأن المصاريف مع إحالة الدعوى بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري المختصة بنظرها، حيث مثلت الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري وقيدت برقم 334 لسنة 32 القضائية وقضى بعدم قبولها بجلسة 6 من فبراير سنة 1979 وإلزام المدعي المصروفات. وأقامت المحكمة قضائها على ما استظهرته من صحيفة الدعوى من أن المدعى عليه أصدر قراراً بإزالة وضع يد المدعي إدارياً من الأرض المبينة بصحيفة الدعوى وأن المدعي يخشى من تنفيذ هذا القرار ولذا يطلب إثبات الحالة، ولئن كان المدعي لم يحدد الغرض الذي من أجله يطلب إثبات الحالة إلا أنه لا يخرج عن طلب تهيئة دليل لرفع دعوى إلغاء قرار الإزالة أو دعوى التعويض عنه مما يدخل في الاختصاص الولائي لمجلس الدولة طبقاً للبندين خامساً وعاشراً من المادة 10 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة. وإذ كان طلب إثبات الحالة من الطلبات المستعجلة بطبيعتها وبحكم المادتين 133 و134 من قانون الإثبات فإن شأنه بهذه المثابة شأن طلب وقف تنفيذ القرار الإداري الذي لا تقبل الدعوى به على استقلال ما دام غير مرتبط بدعوى موضوعية سواء بطلب إلغاء قرار الإزالة أو بطلب التعويض عنه وفقاً لأحكام المادة 49/ 1 من القانون رقم 47 لسنة 1972 المشار إليه.
ومن حيث إن الطعن الماثل قوامه أن الحكم الطعين خالف حكم القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أن دعوى إثبات الحالة بحسبان ما تقضي به المادتان 133 و134 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية، دعوى قائمة بذاتها قوامها المصلحة المحتملة، وهي بهذه المثابة وكدعوى مستقلة لا يجوز تقييد رفعها بشرط أو إجراء لم يرد به نص في قانون مجلس الدولة أو قانون المرافعات والقوانين المكملة له والذي أحال إليه قانون مجلس الدولة فيما لم يرد به نص خاص، ولا وجه إلى الخلط بين هذه الدعوى وبين طلب وقف التنفيذ والذي لا تقبل الدعوى به على استقلال ما دام غير مرتبط بدعوى موضوعية لاختلاف دعوى إثبات الحالة عن طلب وقف التنفيذ محلاً وسبباً وغاية مضافاً إلى أنه قد ورد في شأن طلب وقف التنفيذ وحظر قبوله ما لم يقترن بدعوى الإلغاء نص صريح لا يسوغ امتداده إلى طلب إثبات الحالة، الأمر الذي يقتضى من أجله جميعاً إلغاء الحكم المطعون فيه والتصدي لموضوع الدعوى.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة تعتبر أمينة على المنازعة الإدارية وعاملاً أساسياً في تحضيرها وتهيئتها للمرافعة وفي إبداء الرأي القانوني المحايد فيها إذ ناط قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بالهيئة تحضير الدعوى وتهيئتها للمرافعة على أن يودع المفوض تقريراً فيها يحدد وقائع الدعوى والمسائل التي يثيرها النزاع ويبدي رأيه مسبباً، ويتفرع عن ذلك أن الدعوى الإدارية لا يسوغ الحكم فيها إلا بعد أن تقوم هيئة مفوضي الدولة بتحضيرها وتهيئتها للمرافعة وتقديم تقرير بالرأي القانوني مسبباً فيها، ومن ثم فإن الإخلال بهذا الإجراء الجوهري على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة يترتب عليه بطلان الحكم الذي يصدر في الدعوى.
ومن حيث إن دعوى إثبات الحالة دعوى مستقلة قائمة بذاتها لا غنى عن وجوب تحضيرها وتقديم تقرير فيها من قبل هيئة مفوضي الدولة، ولا سبيل إلى الخلط بينها وبين طلب وقف تنفيذ القرار الإداري، ذلك أنه لئن جمعت بينهما ظروف الاستعجال التي لا محيص عن وجوب توافرها في كليهما، إلا أن طلب وقف التنفيذ لا يتمحض أبداً دعوى مستقلة قائمة بذاتها ولا يقبل الادعاء به بصريح نص المادة 49 من قانون مجلس الدولة المشار إليه ما لم يرتبط بدعوى موضوعية يطلب في صحيفتها وقف التنفيذ وهذه الدعوى الأصلية دون طلب وقف التنفيذ المقترن بها هي التي تستلزم لها إجراءات تحضير الدعوى من قبل هيئة المفوضين. أما دعوى إثبات الحالة كدعوى مستقلة لم يرد في شأنها مثل القيد المنصوص عليه في المادة 49 المشار إليها فلا معدى عن وجوب تحضيرها - شأن سائر الدعاوى - من قبل هيئة مفوضي الدولة تحضيراً يوائم طبيعتها ولا يخل بطابع الاستعجال الذي لا ينفك عنها.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الحكم الطعين صدر في الدعوى قبل أن تقوم هيئة مفوضي الدولة بتهيئتها للمرافعة وتقديم تقريرها فيها ومن ثم شابه بطلان جوهري على وجه يقتضي القضاء بإلغائه وإعادة الدعوى للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى من دوائر محكمة القضاء الإداري بعد أن تقدم هيئة مفوضي الدولة تقريرها فيها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى.