أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 37 - صـ 102

جلسة 13 من يناير سنة 1986

برئاسة السيد المستشار محمد زغلول عبد الحميد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: د منصور وجيه ومحمد فؤاد بدر نائبي رئيس المحكمة، فهمي الخياط، عبد النبي غريب.

(25)
الطعن رقم 2145 لسنة 54 القضائية

(1، 2) قانون "سريان القانون" نظام عام. إيجار. "إيجار الأماكن" "إقامة المستأجر مبنى مكون من أكثر من ثلاث وحدات".
(1) النص التشريعي. سريانه على ما يلي نفاذه من وقائع ما لم ينص القانون برجعية أثره أحكام القانون المتعلقة بالنظام العام. سريانها بأثر فوري على ما لم يكتمل من المراكز القانونية الناشئة قبل نفاذه.
(2) نص المادة 22/ 2 من القانون رقم 36 لسنة 1981. سريان حكمه على حالات البناء التي تتم بعد نفاذه. علة ذلك. مثال.
1 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن من الأصول الدستورية المقررة أن النص التشريعي لا يسري إلا على ما يلي نفاذه من وقائع ما لم ينص القانون خروجاً على هذا الأصل - وفي الحدود التي يجيزها الدستور - برجعية أثره - ولا يغير من هذا الأصل تعلق أحكام القانون بالنظام العام، إذ لا يجاوز أثر ذلك أن تسري أحكامه على ما يستجد من أوضاع ناتجة عن علاقات تعاقدية أبرمت قبل نفاذه ما دامت أثارها سارية في ظله إذ تخضع هذه الآثار لأحكام النظام الجديد تغليباً لاعتبارات النظام العام التي دعت إلى إصداره على حق المتعاقدين في تحديد التزاماتهما وحقوقها التعاقدية، الحالي منها والمستقبل على السواء.
2 - النص في المادتين 22، 29 من القانون رقم 136 لسنة 1981 الصادر في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر والذي نشر بالجريدة الرسمية بتاريخ 30 يوليو 1981 - يدل على أن المشرع قصد إلى سريان الحكم المقرر في الفقرة الثانية من المادة 22 منه على حالات البناء التي تتم بعد نفاذ هذا القانون، وهو ما أفصح عنه تقرير اللجنة المشتركة من لجان الإسكان والمرافق العامة والتعمير ومكتب لجنة الشئون الدستورية والتشريعية في تعقيبه على ذلك النص إذ جاء به ".... التزمت ذات المادة المستأجر الذي يقيم مبنى مملوكاً له يتكون من أكثر من ثلاث وحدات سكنية بأن يكون بالخيار بين أن يترك الوحدة السكنية التي يستأجرها من المالك أو أن يوفر له أو لأحد أقاربه حتى الدرجة الثانية وحدة سكنية ملائمة بما لا يجاوز مثلى أجرة الوحدة التي يستأجرها." ويؤكد ذلك خلو القانون رقم 136 لسنة 1981 من نص على سريان حكم المادة 22 منه بأثر رجعي، فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه على أن الطاعن وإن استأجر من المطعون ضده الشقة التي يسكنها وأقام عقاره قبل صدور القانون سالف الذكر والعمل به يخضع لحكم الفقرة الثانية من ذلك النص بما يوجب عليه أما التخلي للمطعون ضده عن العين المستأجرة أو توفير مكان ملائم له أو لأحد أقاربه حتى الدرجة الثانية بالبناء الذي أقامه بأجرة لا تتجاوز مثلى أجرة شقة النزاع يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه التشكيلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 70 لسنة 1982 مدني كلي الجيزة ضد الطاعن بطلب الحكم بإخلائه من الشقة الموضحة بالصحيفة - وقال بياناً لذلك أن الطاعن استأجر منه الشقة ثم شيد عمارة سكنية من أربعة طوابق تضم سبع شقق منها ثلاثة خالية، وإذ يحق له طبقاً لنص المواد 8، 76 من القانون رقم 49 لسنة 1977 و22/ 2، 25 من القانون رقم 136 لسنة 1981 إخلاء من العين التي يستأجرها وإنذاره بذلك فلم يزعن، فقد أقام الدعوى بطلباته السابقة وبتاريخ 10/ 3/ 1983 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي ما تدون بمنطوق الحكم، ثم قضت في 24/ 11/ 1980 بإخلاء الطاعن من عين النزاع، استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة، وقيد استئنافه برقم 6353 لسنة 100ق، وبتاريخ 23/ 5/ 1984 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعن إما بإخلاء عين النزاع أو البقاء فيها مع توفير مكان مناسب للمطعون ضده أو أحد أقاربه حتى الدرجة الثانية بالمبنى الذي أقامه بأجره لا تجاوز مثلى أجرة شقة النزاع. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، أودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على الحكم في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الأول والثاني للطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إن القانون رقم 136 لسنة 1981 نشر في 30/ 7/ 1981 فلا يجوز تطبيق أحكامه إلا على الوقائع اللاحقة لهذا التاريخ وإذ كان إيجار شقة النزاع مبرماً في 1/ 4/ 1972 وكان الطاعن قد أقام بناءه عام 1975 أي قبل العمل بأحكام القانون سالف الذكر، فإن الحكم المطعون فيه إذ طبق المادة 22 منه على واقعة الدعوى يكون قد أعمل حكمها بأثر رجعي وهو غير جائز.
وحيث إن النعي سديد، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن من الأصول الدستورية المقررة أن النص التشريعي لا يسري إلا على ما يلي نفاذه من وقائع ما لم يقض القانون خروجاً على هذا الأصل - وفي الحدود التي يجيزها الدستور برجعية أثره ولا يغير من هذا الأصل تعلق أحكام القانون بالنظام العام، إذ لا يجاوز أثر ذلك أن تسري أحكامه على ما يستجد من أوضاع ناتجة عن علاقات تعاقدية أبرمت قبل نفاذه ما دامت أثارها سارية في ظله إذ تخضع هذه الآثار لأحكام النظام الجديد تغليباً لاعتبارات النظام العام التي دعت إلى إصداره على حق المتعاقدين في تحديد التزاماتهما وحقوقها التعاقدية، الحالي منها والمستقبل على السواء. لما كان ذلك وكان القانون رقم 136 لسنة 1981 الصادر في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر والذي نشر بالجريدة الرسمية بتاريخ 30 يوليو 1981 مبيناً في المادة 29 منه أن العمل بأحكامه يكون من اليوم التالي لتاريخ نشره وقد نص في الفقرة الثانية من مادته الثانية والعشرين على أن "وإذا أقام المستأجر مبنى مملوكاً له يتكون من أكثر من ثلاث وحدات في تاريخ لاحق لاستئجاره يكون بالخيار بين الاحتفاظ بسكنه الذي يستأجره أو توفير مكان ملائم لمالكه أو أحد أقاربه حتى الدرجة الثانية بالمبنى الذي أقامه بما لا يجاوز مثلي الأجرة المستحقة له عن الوحدة التي يستأجرها منه" مما يدل على أن المشرع قصد إلى سريان الحكم المقرر فيه على حالات البناء التي تتم بعد نفاذ هذا القانون، وهو ما أفصح عنه تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير ومكتب لجنة الشئون الدستورية والتشريعية في تعقيبه على ذلك النعي إذ جاء به "... ألزمت ذات المادة المستأجر الذي يقيم مبنى مملوكاً له يتكون من أكثر من ثلاث وحدات سكنية بأن يكون بالخيار بين أن يترك الوحدة السكنية التي يستأجرها من المالك أو أن يوفر له أو لأحد أقاربه حتى الدرجة الثانية وحدة سكنية ملائمة بما لا يجاوز مثلى أجره الوحدة التي يستأجرها." ويؤكد ذلك خلو القانون رقم 136 لسنة 1981 من نص على سريان حكم المادة 22 منه بأثر رجعي، فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه على أن الطاعن وإن استأجر من المطعون ضده الشقة التي يسكنها وأقام عقاره قبل صدور القانون سالف الذكر والعمل به يخضع لحكم الفقرة الثانية من ذلك النص بما يوجب عليه إما التخلي للمطعون ضده عن العين المستأجرة أو توفير مكان ملائم له أو لأحد أقاربه حتى الدرجة الثانية بالبناء الذي أقامه بأجرة لا تتجاوز مثلى أجرة شقة النزاع يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه بغير ما حاجة للتصدي للسببين الآخرين للطعن.
ولما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه.