أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 42 - صـ 1143

جلسة 7 من نوفمبر سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ محمد الصوفي عبد الجواد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد زايد وحسين الشافعي نائبي رئيس المحكمة ومحمد طلعت الرفاعي ومحمد عادل الشوربجي.

(158)
الطعن رقم 6763 لسنة 59 القضائية

(1) رشوة. جريمة "أركانها". موظفون عموميون. محكمة الموضوع "سلطتها".
عدم قيام جريمة عرض الرشوة. إذا كان العمل المراد القيام به أو الامتناع عنه لا يدخل في اختصاص الموظف العام ولم يزعم هذا الأخير أنه من اختصاصه.
القول بتوافر الاختصاص بالعمل الذي عرضت الرشوة من أجل القيام به أو عدم توافره. موضوعي.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كفاية أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة كي تقضي بالبراءة. حد ذلك؟
(3) إثبات "بوجه عام". حكم "بيانات حكم البراءة" "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
كون إحدى دعامات حكم البراءة معيبة. لا يقدح في سلامته متى كان قد أقيم على دعامة أخرى تحمله.
مثال.
(4) رشوة. نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون" "الحكم في الطعن". محكمة النقض "سلطتها".
القضاء بمصادرة المبلغ المضبوط رغم تبرئة المطعون ضده من جريمة عرض الرشوة على موظف عام.
خطأ في القانون. يوجب نقض الحكم نقضاً جزئياً وتصحيحه.
1 - من المقرر أن جريمة عرض الرشوة المنصوص عليها في المادة 109 مكرراً من قانون العقوبات أنه لا جريمة في الأمر إذا كان العمل المراد القيام به أو الامتناع عنه لا يدخل في اختصاص الموظف العام ولم يزعم هذا الأخير أنه من اختصاصه، وكان القول بتوافر الاختصاص بالعمل الذي عرضت الرشوة من أجل القيام به أو عدم توافره هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
2 - من المقرر أنه يكفي في المحاكمات الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي تقضي بالبراءة ما دام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الاتهام، وكانت المحكمة، قد خلصت إلى ارتيابها في أقوال شاهدي الإثبات وعدم الاطمئنان إليها ورجحت دفاع المتهم وهو ما يدخل في سلطتها بغير معقب عليها فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الخصوص ينحل في حقيقته إلى جدل موضوعي لا يثار لدى محكمة النقض.
3 - لما كان لا يقدح في سلامة الحكم القاضي بالبراءة أن تكون إحدى دعاماته معيبة فإن ما تثيره الطاعنة نعياً على الحكم إطراحه أقوال شاهدي الإثبات استناداً إلى أنه لا يتصور أن يترك المجتمعون من أعضاء مجلس الدفاع أوراقاً ذات قيمة تكون مطمعاً للصحفي المتهم يعرض من أجلها الرشوة رغم ما قرره المطعون ضده بتحقيقات النيابة من أنه سعى للحصول على أية أوراق حتى ولو كانت تحمل خطوطاً أو رسومات غير مفهومة لأن ذلك - بفرض صحته - غير منتج لأن الدعامة الأخرى التي أوردها الحكم متمثلة فيما انتهى إليه صائباً من عدم اختصاص المجني عليه - العريف...... بالعمل الذي عرضت الرشوة من أجل القيام به والذي لا تقوم الجريمة إلا بتوافره تكفي وحدها لحمل قضائه.
4 - لما كانت المحكمة قد قضت ببراءة المطعون ضده من جريمة عرض الرشوة على موظف عام ومع ذلك قضت بمصادرة المبلغ المضبوط فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون مما يعيب حكمها ويوجب نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء ما قضى به من مصادرة المبلغ المضبوط.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه عرض رشوة على موظف عمومي للإخلال بواجبات وظيفته وذلك بأن سلم...... العريف بشرطة حرس الوزراء والمعين للخدمة بالجامعة العربية مبلغ خمسة جنيهات على سبيل الرشوة مقابل تسليمه بعض الأوراق المتخلفة من الاجتماعات السرية لمجلس الدفاع العربي ولكن الموظف العمومي لم يقبل الرشوة منه. وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم مما أسند إليه ومصادرة المبلغ المضبوط.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بتبرئة المطعون ضده من جريمة عرض الرشوة قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه استند في قضائه إلى القول بعدم اختصاص المجني عليه بالعمل الذي عرضت الرشوة من أجل القيام به، رغم مخالفة ذلك لما تقتضيه أعمال وظيفته من المحافظة على أسرار الاجتماع، وأطرح الدليل المستمد من أقوال شاهدي الإثبات بقالة أنه من غير المتصور أن يترك المجتمعون من أعضاء مجلس الدفاع العربي أوراقاً ذات قيمه يمكن أن تكون مطمعاً لصحفي دون أن يبين سنده في ذلك، ودون أن يفطن إلى ما قرره المطعون ضده من أنه سعى إلى الحصول على أية أوراق تصلح لإجراء تحقيق صحفي حتى ولو كانت تحمل خطوطاً أو رسومات غير مفهومة هذا إلى أن الحكم مع قضائه بالبراءة قد قضى بمصادرة المبلغ المضبوط الذي لم ينكر المطعون ضده ملكيته، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان من المقرر في جريمة عرض الرشوة المنصوص عليها في المادة 109 مكرراً من قانون العقوبات أنه لا جريمة في الأمر إذا كان العمل المراد القيام به أو الامتناع عنه لا يدخل في اختصاص الموظف العام ولم يزعم هذا الأخير أنه من اختصاصه، وكان القول بتوافر الاختصاص بالعمل الذي عرضت الرشوة من أجل القيام به أو عدم توافره هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة. ولا يصح النعي على المحكمة أنها قضت ببراءة المتهم بناءً على احتمال ترجح لديها ما دام ملاك الأمر كله يرجع إلى وجدان قاضيها، وما يطمئن إليه طالما أنه أقام قضاءه على أسبابه تحمله لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد صرح "بأن الثابت من الأوراق أن العريف..... يعمل بحراسة الوزراء ومعين للحراسة بالجامعة العربية يوم الحادث وليس من اختصاصه جمع الأوراق من قاعة الاجتماعات بمجلس الدفاع العربي ولا تطمئن المحكمة إلى ما ردده الشاهد الثاني من أنه يكلف العريف المذكور أحياناً بهذا العمل ذلك أن المحكمة تستشعر أن هذا القول كان يهدف إضفاء اختصاص لا وجود له لذلك العريف" وكان ما أورده الحكم تدليلاً على عدم اختصاص العريف..... بجمع الأوراق المتخلفة عن الاجتماع سائغاً ويتلاءم مع ما حصله الحكم من أقوال ذلك العريف من أنه معين للحراسة خارج قاعة الاجتماعات وإذ رتب الحكم على ذلك انتفاء الجريمة المسندة إلى المطعون ضده وقضي ببراءته منها فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون خاصة وأن الطاعنة لم تثر في أسباب طعنها أن العريف......... قد زعم لنفسه الاختصاص بالعمل الذي عرضت الرشوة من أجل القيام به كما خلت مدونات الحكم مما يفيد توافر هذا الزعم، لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفي في المحاكمات الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي تقضي بالبراءة ما دام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الاتهام، وكانت المحكمة، قد خلصت إلى ارتيابها في أقوال شاهدي الإثبات وعدم الاطمئنان إليها ورجحت دفاع المتهم وهو ما يدخل في سلطتها بغير معقب عليها فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الخصوص ينحل في حقيقته إلى جدل موضوعي لا يثار لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا يقدح في سلامة الحكم القاضي بالبراءة أن تكون إحدى دعاماته معيبة فإن ما تثيره الطاعنة نعياً على الحكم إطراحه أقوال شاهدي الإثبات استناداً إلى أنه لا يتصور أن يترك المجتمعون من أعضاء مجلس الدفاع أوراقاً ذات قيمة تكون مطمعاً للصحفي المتهم يعرض من أجلها الرشوة رغم ما قرره المطعون ضده بتحقيقات النيابة من أنه سعى للحصول على أية أوراق حتى ولو كانت تحمل خطوطاً أو رسومات غير مفهومة لأن ذلك - بفرض صحته - غير منتج لأن الدعامة الأخرى التي أورها الحكم متمثلة فيما انتهى إليه صائباً من عدم اختصاص المجني عليه - العريف....... بالعمل الذي عرضت الرشوة من أجل القيام به والذي لا تقوم الجريمة إلا بتوافره تكفي وحدها. لحمل قضائه. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد قضت ببراءة المطعون ضده من جريمة عرض الرشوة على موظف عام ومع ذلك قضت بمصادرة المبلغ المضبوط فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون مما يعيب حكمها ويوجب نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء ما قضى به من مصادرة المبلغ المضبوط.